تقارير وتحقيقات

تعيد الأرملة الفلسطينية سماهر الأعرج ترتيب بعض أمتعتها القليلة داخل عريشة صغيرة وهي تحمل رضيعة جارتها التي خرجت للتو لتنظيف بعض الأواني وغسل الملابس المكدسة منذ ثلاثة أيام لعدم توفر المياه. تضع سماهر (43 عاما) الفرش والبطانيات متراصة فوق بعضها بعضا، وتعلق الملابس القليلة على مسامير مثبتة في الألواح الخشبية التي تستند إليها العريشة لإتاحة المجال أمام بعض أطفالها السبعة للجلوس واللعب داخل المكان الذي يستخدم للنوم والطبخ أيضا. وقتل الجيش الإسرائيلي زوج سماهر وابنيها الوحيدين، لتبقى وحيدة مع سبع بنات أكبرهن لا تتجاوز 13 عاما. تعمد سماهر إلى تجهيز القليل من الفول المعلب والخبز المعد على فرن من الطين لإطعام أطفالها، بعدما عجزت عن توفير الخضروات التي توزعها المؤسسات الإغاثية، كما أنها لا تملك مالا يُمكنها من شرائه من السوق. تسيطر ملامح الحسرة على وجه سماهر وتمتلئ كلماتها بالحرمان والوجع، في ظل نزوحها برفقة بناتها السبع بعد وفاة زوجها في السابع من مارس آذار متأثرا بجراح أصيب بها جراء قصف مدفعي إسرائيلي خلال محاولتهم الفرار من مدرسة أوت إليها العائلة مع مئات آخرين في خان يونس في يناير كانون الثاني. ولم تقتصر أوجاع الأرملة على فقدان زوجها، لكنها فقدت أيضا ابنها الأكبر محمد (22 عاما) الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في فبراير شباط، وياسين الذي يصغره بستة أعوام والذي قتل قبل شقيقه بشهر في قصف مدفعي، لتتراكم عليها الأحزان وسط نزوح شتت شمل الأسرة ومزقها. تقول سماهر إنها لم تحظ بفرصة للبكاء والحزن، وظلت تبحث عن مكان يمكن أن تنزح إليه مع بناتها حتى عثرت على مخيم مخصص للأيتام في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة. جاءت سماهر إلى هذا المخيم قبل شهر ونصف الشهر تقريبا، بعدما كانت توزع بناتها على عدد من خيام أقاربها وأقارب زوجها. توضح سماهر أن حياة عائلتها في وقت الحرب والنزوح كانت قاسية للغاية في وجود زوجها وابنيها الذين كانوا يجتهدون لتوفير بعض متطلبات الأسرة، لكن أوضاعها انقلبت رأسا على عقب بعد مقتل الزوج والابنين، وبقائها بلا سند مع بناتها الصغار. ووصفت حياتها دون عائل بأنها "عذاب يفاقم معاناة الحرب والنزوح أضعافا مضاعفة"، قائلة إن الحمل ثقيل على الرجال، فكيف يكون حالها وهي وحيدة؟ #### \* الفئات المهمشة والضعيفة بينما اعتبرت الأرملة وجود أماكن نزوح خاصة بالفئات المهمشة والضعيفة بمثابة حبل نجاة لها، فإنها دعت إلى احتضان الأكثر تضررا وفقدا في الحرب مثل الأيتام والأرامل بشكل أكثر تنظيما وأوسع خدمات. وقالت سماهر "الذين يكتوون بغياب المعيل يدركون معنى أن تجد مأوى يحتضنك خلال فترة الحرب المميتة، لذلك أنا وغيري من الأرامل نشعر بقيمة مخيم البركة للأيتام". وأضافت "كنت هائمة على وجهي حتى قدر الله عز وجل لي هذا المكان، المطلوب توفير عشرات المخيمات للحالات المماثلة، ودعمها وتوفير ما تحتاجه هذه الأسر". ويتكون مخيم الأيتام المقام في شارع الرشيد الساحلي في مواصي خان يونس من مجموعة من العرش الموزعة بشكل طولي، وبينها ساحات للعب الأطفال والتي تستخدمها الأمهات كذلك في غسل الملابس والتنظيف. المخيم الذي يحمل اسم البركة أقيم ضمن سلسلة مبادرات خيرية بذات المسمى، ويضم 50 عريشة منفصلة تعيش فيها 70 عائلة، كون بعض الأرامل شقيقات، ولهن 350 طفلا يتيما، وفق مدير المخيم محمود كلخ. وقال كلخ إن المخيم يوفر الإيواء بشكل أساسي، إضافة إلى وجبات الطعام والمياه الصالحة للشرب ومياه الاستخدامات الأخرى، فضلا عن كهرباء محدودة لشحن الهواتف وبطاريات الإضاءة. وأكد أن إنجازه كان تحديا كبيرا "لأنه تم بجهود ذاتية فردية من أهل الخير دون مساندة أي جمعية محلية أو خارجية". ويوضح مدير المخيم، الذي يعمل معلما وناشطا إغاثيا، أن الفكرة جاءت بعدما تقدمت مئات الأرامل بمناشدات لتوفير خيام أو مأوى لهن في ظل ارتفاع تكاليف شراء الخيام، فضلا عن أوضاعهن الاجتماعية التي تحتاج إلى أماكن آمنة وبعيدة عن الزحام. وتوقع كلخ أن تنجح المحاولات خلال الفترة المقبلة في إنشاء مخيم جديد للأيتام أيضا بعد تخصيص قطعة أرض في شمال منطقة المواصي لذلك، ومواصلة العمل على توفير احتياجاته الأساسية، داعيا إلى مساندة هذه الفئة التي تعيش خلال الحرب بلا معيل. ![175399f7-c4f1-4d4a-969b-ad1db0fb7ad5.jpg](https://dx6nmerofdgzj.cloudfront.net/prod/175399f7_c4f1_4d4a_969b_ad1db0fb7ad5_d801b523a1.jpg) ![efd1d45d-9307-4dea-95d2-7dc8c4bae3ba.jpg](https://dx6nmerofdgzj.cloudfront.net/prod/efd1d45d_9307_4dea_95d2_7dc8c4bae3ba_3676ca3d22.jpg)

عودة عناصر حماس للظهور في شمال قطاع غزة رسالة بأن الحركة ما زالت موجودة

بعد أكثر من مئتي يوم على اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بدأت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في نشر قوات شرطة ودفع رواتب جزئية لبعض موظفيها في مدينة غزة وشمال القطاع في المناطق التي انسحبت منها قوات الجيش الإسرائيلي، وفقا لشهود تحدثوا إلى وكالة أنباء العالم العربي (AWP). وتشير عودة حماس إلى الظهور في شمال القطاع إلى أن الحركة ربما ترغب في أن تبعث رسالة بأنها ما زالت موجودة وتمارس دورها على الأرض، على الرغم من الضربات الجوية والبري والبحرية الإسرائيلية التي سوت غالبية مناطق القطاع الأرض وأسفرت عن مقتل ما يقرب من 35 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول. وقالت مصادر ميدانية في شمال غزة لوكالة أنباء العالم العربي إن هناك حضورا للإدارة المدنية التابعة لحماس، ونوعا من فرض للنفوذ الأمني من قبل عناصر مرتبطة بالحركة في بعض مناطق شمال القطاع. وذكرت المصادر أنه يتم توزيع رواتب ومساعدات من خلال بعض الأشخاص المعروفين لدى حماس، فيما يبدو أنها مظاهر سيطرة واضحة للحركة. وقال مصدر أمني فلسطيني في قطاع غزة "المقاومة تتبع سياسة إشغال الجيش الإسرائيلي قدر الإمكان في محاولة ثنيه عن دخول رفح". وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه "أعددنا العدة في رفح، لكن الحفاظ على مقدرات المقاومة أولوية لذلك نعمل في مناطق خان يونس وشمال القطاع بشكل كبير"، مشيرا إلى أن إسرائيل لم تستطع القضاء على قدرات الفصائل الفلسطينية في تلك المناطق. وتابع قائلا "هذا لا يعني أننا نخاف من معركة رفح، بل على العكس نحن في كامل الجهوزية لها، ولن تغير نتيجتها واقع الميدان، ولن ينال (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو أي مكسب من خلالها". وقال المحلل السياسي أحمد رأفت إن مظاهر وجود عناصر أمنية تابعة لحماس هي رسالة من الحركة مفادها أنها ما زالت موجودة وتبسط سيطرتها على الأرض. وأضاف "هذا النشاط الميداني الذي تقوم به عناصر حماس مرهون بالنتائج النهائية للحرب، والذي يحدد إذا ما كانت حماس ستصبح جزءا من الحكم في القطاع في اليوم التالي للحرب أو لا". وتابع قائلا "هناك ضغوط أميركية على إسرائيل للتنازل، وقد يكون جزء منها مرتبطا بسلاح المقاومة وأثمان معينة لعودة حماس لحكم قطاع غزة باتفاق ومن خلال وسطاء". ويرى رأفت أن فكرة اجتياح رفح بدأت تتلاشى. ولجأ ما يقرب من 1.5 مليون فلسطيني إلى المدينة الواقعة على الحدود مع مصر باعتبارها الملاذ الآمن الأخير بعد أن اقتحم الجيش الإسرائيلي كافة مناطق القطاع تقريبا. وتهدد إسرائيل منذ أسابيع باجتياح رفح لملاحقة مقاتلي حماس، لكن مساعيها تواجه تحذيرات دولية بسبب وجود عدد ضخم من المدنيين في البلدة الصغيرة. ومضى رأفت يقول "فكرة اجتياح رفح تعقيداتها كبيرة جدا، والأثمان ستكون كبيرة على المنطقة، ونتنياهو يصارع الآن، فهو يسعى لإطالة أمد الحرب للحفاظ على مصالحه السياسية. "عودة عناصر حماس إلى شمال غزة رسالة لنتنياهو أن أكبر أهدافه - القضاء على حماس - لم يتحقق". ويعتقد المحلل السياسي عدنان الصباح أن ظهور علامات تشير إلى عودة سيطرة حماس في مدينة غزة وشمال القطاع رسالة بأن الحركة ما زالت موجودة وستبقى مشاركة في حكم غزة حتى بعد انتهاء الحرب. وقال الصباح "حماس ترى أنها في حال غابت عن المشهد فستكون بمنزلة من يتآمر على ذاته وتنفذ إرادة إسرائيل". وأضاف متحدثا عن احتمال اجتياح الجيش الإسرائيلي لرفح "رفح منذ البداية كانت الفزاعة، فهي تتعرض لقصف بشكل يومي دون اجتياح بري... منطقيا إسرائيل لا تريد اجتياح رفح، لأنها لا تدرك نتائجه". وتابع قائلا "إسرائيل بدأت القتال في بيت حانون شمال قطاع غزة منذ أشهر، وما زالت تقاتل هناك، وعادت عناصر حماس إلى المنطقة رغم أن إسرائيل أكدت سيطرتها وإنهاء وجود حماس، لكن الآن نرى عناصر حماس حاضرين عسكريا، وفي إطار سلطوي، وإسرائيل لن تدخل رفح بالصورة التي تروج لها".
في ركن هادئ داخل أحد المطاعم شمال العاصمة الأردنية، استقرت الطالبة العمانية سها ليس لتناول الطعام وحسب وإنما لاستذكار دروسها أيضا، فهي تتردد على هذا المطعم باستمرار بعدما وجدت فيه ضالتها المنشودة لأنه لا يفتح أبوابه إلا للنساء فقط. تقول سها (27 عاما) إن توفير مكان للفتيات مكنها من الدراسة خارج إطار المكتبة والقاعات الجامعية والمنزل، وتحول إلى ما يشبه الملاذ الآمن على حد قولها، لتناول الطعام بعيدا عن المطاعم المختلطة، التي ترى أنها لا توفر لها الخصوصية والراحة اللازمتين لمجرد تناول وجبتها اليومية. لا تفضل سها ارتياد المقاهي المختلطة حيث تشعر أن حريتها مقيدة، إضافة إلى أنها نشأت في بيئة محافظة يندر فيها الاختلاط بين الجنسين، وهي متمسكة بتلك التقاليد المجتمعية رغم الانفتاح الذي وجدته في الأردن بالمقارنة ببلدها الأم سلطنة عمان. قالت سها "إلى جانب لذة الطعام والحلويات في هذا المطعم، يمكن للفتاة أن تجلس دون أن تتحرج من طريقة جلوسها وتتناول طعامها بحرية دون الحرج من نظرات من حولها" خاصة للفتيات اللاتي يرتدين بالنقاب أو الخمار. ![3bce6065-a089-413f-a02c-8c94b71f025d.jpg](https://dx6nmerofdgzj.cloudfront.net/prod/3bce6065_a089_413f_a02c_8c94b71f025d_087abf9abe.jpg) المصدر: AWP - زهور تزين نافذة مطعم (ديليش) بالأردن الذي لا يستقبل سوى النساء ولا يفتح أبوابه للرجال بهدف توفير مساحة من الراحة للراغبات في الخصوصية (21 أبريل نيسان 2024) لا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لأم إياد فهي زبونة دائمة هي وبناتها لمطعم (ديليش) لما يوفره من راحة وحرية للنساء وأطفالهن. وقالت "تستطيع السيدة هنا تناول وجبتها بأريحية واصطحاب أطفالها الرضع، على عكس المطاعم المختلطة التي لا تشعر فيها الأم براحة كبيرة". وأضافت أم إياد وهي في الخمسينيات من العمر "ضحكة طبيعية بصوت مرتفع، أو حركة عفوية غير مقصودة، يمكن أن تضع المرأة في موقف محرج، وهو ما يجعل من فكرة وجود مطاعم مخصصة للنساء فقط أمرا جيدا". أما بيان التي اكتفت بذكر المقطع الأول من اسمها فقالت إن زوجها كثير السفر، وعندما يكون خارج البلاد تفضل أن تخرج مع صديقاتها وأطفالهن إلى هذا المكان كي تحظى بخصوصية خاصة وأن العديد من مرتادي المطاعم والمقاهي ينزعجون من صخب الأطفال. وقالت "المكان مهيأ لاستقبال الأطفال ولا نشعر بانزعاج أحد منهم"، وهو ما يناسب العديد من الأمهات. وتابعت أنها تفضل ارتياد الأماكن المختلطة حين يكون كل أفراد الأسرة مجتمعين لكن حين يسافر زوجها تحبذ قضاء وقت في مكان مخصص للسيدات. وعن مولد الفكرة تقول تسنيم صاحبة المطعم إنها لاحظت رغبة لدى الفتيات وخاصة الطالبات في وجود مكان مخصص لهن، فاختارت شارع الجامعة الأردنية المكتظ بالطالبات المغتربات لتنفيذ مشروعها لتوظف طاقم عمل من النساء بالكامل. وترى تسنيم أن إقبال الفتيات على المكان "لافت"، خاصة وأنه ويوفر للطالبات والأمهات وقتا خاصا "بعيدا عن المقاهي المكتظة وروائح الدخان والنارجيلة". ![7f213815-b082-4e4c-b3bf-32566d2ebf5b.jpg](https://dx6nmerofdgzj.cloudfront.net/prod/7f213815_b082_4e4c_b3bf_32566d2ebf5b_54ce359f19.jpg) المصدر: AWP - نساء يقضين بعض الوقت في مطعم (ديليش) بالأردن الذي لا يستقبل سوى النساء ولا يفتح أبوابه للرجال بهدف توفير مساحة من الراحة للراغبات في الخصوصية (21 أبريل نيسان 2024) ولفتت صاحبة المطعم إلى بعد آخر يتجاوز الخصوصية وهو أن بعض الفتيات في الأردن لا تسمح لهن خلفياتهن الاجتماعية بالاختلاط، إلى جانب على سبيل المثال "المنتقبات الأكثر محافظة من ناحية الخروج إلى الأماكن العامة". لكن بعيدا عن خصوصية المكان ومساحة الحرية التي يمنحها للإناث، هناك من يرى عكس ذلك، إذ ترى آية وهي في العشرينيات من العمر أن متعة الخروج من المنزل تتمثل في الوجود بين الناس والاحتكاك والتعارف، لذلك فهي تفضل المطاعم المختلطة. وقالت إن الباحثات عن الهدوء والخصوصية يمكن أن يجدن ذلك في المنزل، ويتناولن الطعام بعيدا عن أعين الآخرين، معتبرة أن قرار الخروج من البيت يعني الرغبة بالاندماج بين الناس وليس الانعزال في أماكن مغلقة. وترى آية أن الزمن تغير ولم تعد القيود الاجتماعية القديمة مسيطرة في هذه الأيام، مؤكدة أنها لم تتعرض لموقف محرج أو إساءة في أي مطعم أو مقهى من قبل. وبحسب نقابة أصحاب المطاعم ومحال الحلويات يتجاوز عدد المطاعم في المملكة 20 ألفا، توفر وظائف لأكثر من 100 ألف أردني بصورة مباشرة فضلا عن الوظائف اللوجيستية والمرتبطة بها بصورة غير مباشرة. وأظهر آخر مسح لدائرة الإحصاءات العامة عام 2020 أن حجم إنفاق الأردنيين على المطاعم والمقاهي يتجاوز 315 مليون دينار. _(الدولار يساوي 0.71 دينار أردني)_

أثير الإذاعات.. وسيلة الفلسطينيين لتوجيه رسائل لذويهم المعتقلين في السجون الإسرائيلية

لم تجد أم فلسطينية وسيلة لطمأنة ابنها الأسير في أحد السجون الإسرائيلية غير اللجوء إلى أثير إذاعة فلسطينية محلية. بصوت معبأ بالحزن الدفين تقول "أنا والدة الأسير أحمد مهند. كيفك ابني؟ شو أخبارك؟". يخيم الصمت لبرهة وهي تحاول لملمة مشاعرها المختلطة بين الأمل والخوف، ثم تقول "ابني إحنا مناح (بخير)، بنحاول نتواصل مع المحامي كل يوم حتى نعرف ظروفك ووضعك". يتكرر الصمت، قبل أن تطرح سؤالا تعلم أن موجات الأثير لن تعود بالرد عليه "كيفك ابني؟". وتدرك الأم مجددا حقيقة مكالمتها المنقوصة، وتكمل "الأخبار اللي بنسمعها من الأسرى اللي بتحرروا مش مبشرة، يا ريت تحاول تطمنا عنك بأي طريقة". وتظل تهدي ابنها كلماتها المعبأة بحنان الأم والحنين، تقول له كما لو أنه في أحضانها "كنت وما زلت سبب فخر لنا، وسنبقى نصبر وننتظر حتى يرتفع صوتك مرة أخرى بيننا". تقول أم أحمد لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنها كانت تلجأ للإذاعة لطمأنة ابنها على حالها، وكان يخبرها عند كل زيارة لها للسجن أنه استمع لرسالتها عبر الإذاعة. لكنها بعد أحداث السابع من أكتوبر تشرين الأول لم تتمكن من زيارته ولا تعرف إن كانت رسائلها الأسبوعية عبر الأثير تصل إليه. ### \* مجهولو العدد والمصير يلجأ الفلسطينيون إلى محطات الإذاعات المحلية في محاولة لإيصال صوتهم لأبنائهم على أمل أن تكون هناك أجهزة مذياع في السجون تلتقط أصواتهم المارة عبر الأثير. ويقول خالد أبو منصور الذي خرج أخيرا من أحد السجون الإسرائيلية إن الأوضاع في السجون بالغة الصعوبة والتعقيد، وإن العقوبات التي فرضتها السلطات الإسرائيلية على المعتقلين شملت مصادرة أجهزة المذياع في كثير من السجون. يحاول أبو منصور أن يصف في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي مدى قسوة الظروف منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول وكيف يُحرم المعتقلون من أبسط حقوقهم. قال "كانت هناك أجهزة تلفاز ومذياع، وكلها تمت مصادرتها في سجون كثيرة". وأضاف "كنا ننتظر البرامج المتعلقة بالأسرى ورسائل الأهالي بفارغ الصبر، كان يسود جو من الصمت في كل السجون لحظة بث برنامج يحمل رسائل من أهالينا، لكن بعد 7 أكتوبر حتى هذه الطريقة سلبتها إدارات السجون". ويؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمعتقلين قدورة فارس لوكالة أنباء العالم العربي، أنه بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول مارست السلطات الإسرائيلية إجراءات غير مسبوقة بحق المعتقلين الفلسطينيين. واتهم إسرائيل بتنفيذ سياسة الإخفاء القسري بحق عدد كبير من المعتقلين خاصة أولئك الذين اعتقلوا من قطاع غزة. وأشار إلى أنه حتى المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر لا تتمكن من زيارة المعتقلين، وفي أحيان قليلة يتمكن محامون من لقاء بعض الأسرى وبصورة غير منتظمة، وربما اقتصر اللقاء على المحاكمات التي يُمنع حتى أهالي المعتقلين من حضورها. وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في إحصائية نشرتها أمس الأحد إن إسرائيل تعتقل حاليا تسعة آلاف و500 فلسطيني، بالإضافة لآخرين اعتقلوا من قطاع غزة وما زالوا مجهولي العدد والمصير، وسط توقعات بأن العدد الإجمالي يزيد عن 12 ألفا.

الحراك الدبلوماسي الروسي مع السودان.. هل يحمل في طياته مصالح متبادلة؟

شهدت الساحة السياسية السودانية في الآونة الأخيرة حراكا دبلوماسيا واضحا مع روسيا، كان أحدث علاماته زيارة وفد روسي كبير يقوده المبعوث الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إلى مدينة بورتسودان الساحلية يوم الأحد في زيارة رسمية تستغرق يومين. وتأتي زيارة المدينة التي يتخذها الجيش عاصمة مؤقتة بعد أيام من لقاء مدير جهاز المخابرات السوداني إبراهيم مفضّل مع نائب وزير الخارجية الروسي على هامش الاجتماع الدولي الثاني عشر للممثلين رفيعي المستوى المسؤولين عن القضايا الأمنية، والذي أُقيم في العاصمة موسكو الأسبوع الماضي، حيث تناولا الأوضاع السياسية في السودان. كما اجتمع وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم مع بوغدانوف في العاصمة الروسية في 15 يناير كانون الثاني الماضي، وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تنشيط التعاون المشترك؛ كما تطرق إلى ضرورة تفعيل اللجان المشتركة ووضع خطط للدفع بالعلاقات الاقتصادية بينهما إلى مستويات أعلى. وأكد بوغدانوف لدى وصوله إلى مدينة بورتسودان يوم الأحد أن روسيا تعتبر مجلس السيادة هو الممثل للشعب السوداني. وقال إن روسيا تقدر العمل المشترك في العلاقات السياسية والإنسانية والاقتصادية، مؤكدا الإبقاء على قنوات التواصل مفتوحة بين البلدين "بما يعزز الصداقة بين شعبينا وتطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين". كما بحث المبعوث مع عضو مجلس السيادة السوداني ونائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي أمس الأحد العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا. ونقل إعلام مجلس السيادة عن الكباشي تأكيده انفتاح السودان على كل مبادرات حقن الدماء "ولكن في إطار الشرعية والرؤية السودانية التي تضمن وتحفظ حقوق الشعب السوداني كاملة". من جانبه أوضح وزير الخارجية السوداني المكلف حسين عوض في تصريح صحفي أن المبعوث الروسي أكد على دعم بلاده للسودان في مواجهة كل ما من شأنه تهديد سيادته ومصالح شعبه. والتقى بوغدانوف اليوم الاثنين برئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الذي أعرب عن رغبة السودان في ترقية العلاقات مع روسيا وتعزيزها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين. \* المصالح المتبادلة ويرى مراقبون أن الزيارة تخدم مصالح الجانبين، فروسيا تبحث عن موطئ قدم في الأراضي السودانية، خصوصا على شواطئ البحر الأحمر، وتسعى كذلك للاستفادة من موارد البلاد مقابل توفير الدعم العسكري للجيش السوداني الذي يخوض صراعا ضاريا مع قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام. ويعتقد الخبير العسكري عمر أرباب أن روسيا تسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب في هذه المرحلة مستفيدة من حالة الوهن الناجمة عن الصراع الذي يعصف بالدولة السودانية. وقال لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "هذه الأوضاع مثالية للاستفادة من الموارد السودانية، ويتضح هذا من خلال الزيارات.. خصوصا قضية المعادن والمواقف الدولية وما إلى ذلك". وأضاف "قضية التسليح حاضرة في هذه الزيارة، خصوصا أن الحكومة السودانية تعاني من العقوبات". وقال إنه يمكن لروسيا أن توفر السلاح المطلوب للجيش، غير أن هذا ربما يُعقد العلاقات بين السودان وأوكرانيا التي قال إنها "فاعلة في الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع وتلعب دورا بارزا لصالح الجيش". وأوضح الخبير العسكري "لا أدري كيف سيستطيع الجيش الموازنة بين هذه العلاقات". وذكر أرباب أن الحصول على قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر شرق السودان من الخيارات الاستراتيجية التي تتشبث بها روسيا بقوة باعتبار أنها ستكون بوابة لأفريقيا وستحفظ مصالحها في القارة. ولفت إلى أن الدور الغربي الذي بدأ يتحرك تجاه الصراع في السودان دفع روسيا لمحاولة ترسيخ موطئ قدم لها بالمنطقة. ويرى أرباب أن هذا يعكس "تعقيدا" في العلاقة بين الجانبين، فالجيش لا يستطيع أن يمنح روسيا قاعدة في مثل هذه الأوضاع باعتبار أن هذا يمكن أن يكون له ارتدادات سياسية كبيرة وربما يقود إلى تدخلات دولية تجعل من السودان ساحة صراع كبيرة "تنذر بشرر عظيم". وأضاف "لا أريد أن أكون متشائما، لكن السيناريوهات يمكن أن تتجه إلى احتمالات أشد كارثية من الوضع الماثل، وأتمنى ألا يحدث ذلك". \* قاعدة عسكرية أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، صلاح الدين الدومة، قال إن الزيارة تهدف لتوطيد العلاقات بين روسيا والجيش السوداني، وتجيء في وقت تعلم فيه الحكومة الروسية  أن هذه "هي اللحظة الذهبية التي يمكن أن تأخذ فيها أغلى الأشياء بأقل تكلفة. التقى الهدفان في مكان واحد". وأضاف في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي "لكن المهم هو القضايا الاستراتيجية الكبيرة مثل بناء قاعدة عسكرية على ساحل البحر الأحمر"، مشيرا إلى أن مثل هذه الأشياء لا يمكن أن تحدث إلا بتوقيع اتفاقية بين الدولتين يصادق عليها البرلمان، وهو غير موجود منذ سقوط نظام عمر البشير في أبريل نيسان 2019. ويعتبر الفريق محمد بشير سليمان، المحلل العسكري والضابط المتقاعد بالجيش السوداني، أن السودان بموقعه الاستراتيجي وبعده الجيوسياسي والاقتصادي في المنطقة العربية والقرن الأفريقي وبامتلاكه ساحلا بحريا متميزا على البحر الأحمر يُعتبر "مجالا حيويا للصراع الدولي لأجل تحقيق المصالح الحيوية والاستراتيجية ومتطلبات الأمن القومي، ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل وعلى المستوى الدولي". وأضاف "ذلك ما يؤكده الواقع الماثل الآن حيث الوجود العسكري المتزايد للولايات المتحدة وحلفائها في سواحل البحر الأحمر من أجل حماية إسرائيل، والذي يهدد السلام والأمن الدوليين في إطار أبعاده الإقليمية المعلومة، ليبرز في ذات الوقت الحضور والمسعى الروسي المتواصل لإيجاد موطئ قدم على شواطئ البحر الأحمر من خلال السودان". وأردف قائلا لوكالة أنباء العالم العربي "مسعى روسيا للحصول على قاعدة على السواحل السودانية ظل متصلا منذ عهد النظام السابق، ولا شك أنه لن يتوقف في ظل الصراع القائم الآن بين الدولتين الكبيرتين الولايات المتحدة وروسيا اللتين يجري بينهما صراع مباشر وغير مباشر في الحرب الروسية الأوكرانية والتي يمتد أثرها من خلال منظمة فاغنر الروسية ذات الارتباط الوثيق بالحرب التي تدور رحاها الآن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع"، مؤكدا أن المنظمة تقاتل إلى جانب الدعم السريع. وقال إن السودان يبحث من جانبه عن مناصرين خصوصا من بين الدول الكبرى، ليس فقط لتأمين متطلبات القتال اللازمة لإدارة هذه الحرب بما يمكنه من الانتصار على قوات الدعم السريع "بل لتفكيكها... ولإسناد السودان في المحافل الدولية حماية له من القرارات الأممية الجائرة"، على حد وصفه. ومضى قائلا "من المعلوم أن أي دولة من دول العالم الثالث تحتاج لمساندة قوة عظمى قادرة على تأمين مطلوبات الحرب، وإلا فالهزيمة واردة. "لذلك أحسب أن خطوة السودان في دفعه بذلك الوفد الأمني الرفيع لزيارة موسكو تسير في الاتجاه الصحيح، حيث أعقبتها مباشرة وفي زمن وجيز زيارة الوفد الروسي الرفيع برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي، وذلك ما يعني نجاح زيارة الوفد السوداني لموسكو، وتأكيدا على جدية الدولتين في توطيد العلاقات بينهما عبر تحقيق المطلوب من كل طرف تجاه الآخر". أما عن إمكانية أن تقدم روسيا رؤية في إطار المساعي التصالحية بين الطرفين المتحاربين في السودان، فهو يرى أن ذلك غير وارد الآن، وإن حدث فمجاله ضيق ومحدود باعتبار أن منبر جدة التفاوضي أصبح الجهة الوحيدة التي حددتها الحكومة السودانية للتفاوض، وفي ذات الوقت لم ترفضها قيادة الدعم السريع.

الأخبار

  • الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٥:٤٤:٤٩ م
  • اجتماع عربي أوروبي في الرياض يبحث مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية

  • قال بيان صادر عن اجتماع عربي أوروبي في العاصمة السعودية الرياض إن الاجتماع بحث مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الدول التي لم تفعّل ذلك بعد، وتوقيت وسياق هذا الاعتراف. وذكرت وكالة الأنباء السعودية يوم الثلاثاء أن اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن ال...

  • الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٥:٤٤:٤٦ م
  • وزير خارجيّة الأردن يبحث مع بلينكن منع أي هجوم إسرائيلي على رفح الفلسطينية

  • قالت وزارة الخارجية الأردنية يوم الثلاثاء إن الوزير أيمن الصفدي بحث مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن الجهود المبذولة لخفض التصعيد في المنطقة ومنع أي هجوم إسرائيلي على مدينة رفح الفلسطينية. وأضافت الوزارة في بيان على منصة (إكس) أنّ الصفدي ناقش مع بلينكن أيضا "التدهور الخطير والتصعيد في الضفة الغربية، ...

  • الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٥:٤٤:٣٧ م
  • مفوض الأونروا: لم يُطلب من سكان رفح بجنوب غزة إخلاء المدينة حتى الآن

  • أكد فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) يوم الثلاثاء أنه لم يُطلب من سكان رفح في جنوب قطاع غزة إخلاء المدينة حتى الآن. غير أن لازاريني أشار في تصريحات، نشرتها الوكالة الأممية على منصة إكس، إلى أن هناك اعتقادا بأن عملية الإخلاء قد تحدث إذا لم ي...

  • الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٥:٤٤:٢٣ م
  • الشرطة الإسرائيلية تعلن مقتل مسلح تركي بعد طعنه جنديا في القدس

  • قالت الشرطة الإسرائيلية يوم الثلاثاء إن القوات الأمنية قتلت مسلحا تركيا دخل بسكين إلى البلدة القديمة في القدس وطعن جنديا في حرس الحدود بالقرب من باب الساهرة. وأوضحت الشرطة في بيان أن أفراد حرس الحدود في المكان تعاملوا مع المهاجم الذي قالت إنه سائح تركي، مشيرة إلى أن الجندي الإسرائيلي أصيب بجروح نقل ...

الصور

اختيارات المحررين

  • الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٩:٢٢:١٢ ص
  • المدير الإقليمي لمنظمة (الإنسانية والإدماج) لـAWP: الأسلحة غير المنفجرة في غزة تمثل خطرا على مستقبل القطاع

  • اقرأ المزيد
  • الاثنين، ٢٩ أبريل ٢٠٢٤ في ٨:٠٠:٤٣ م
  • مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية لـAWP: رئيس الأركان التركي ونظيره المصري ناقشا التعاون الدفاعي وإنشاء مصانع للأسلحة في مصر

  • اقرأ المزيد
  • الاثنين، ٢٩ أبريل ٢٠٢٤ في ٧:٠٤:٤٦ م
  • ما بين حماس وإسرائيل.. أوراق ضغط في المفاوضات

  • اقرأ المزيد
  • الاثنين، ٢٩ أبريل ٢٠٢٤ في ٥:٥٤:٤٠ م
  • مركز للأطراف الصناعية في جنوب لبنان يساعد جرحى القصف الإسرائيلي

  • اقرأ المزيد
  • الأحد، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:٠٤:٠٦ م
  • قصص التجار.. حكايات يرويها فنانون موهوبون في مراكش ضمن فعاليات ثقافية

  • اقرأ المزيد