ولد الشيخ الغزواني الأوفر حظّا في انتخابات رئاسة موريتانيا بدعم الموالاة لكنّه يواجه منافسة شرسة
الرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزواني - المصدر: الوكالة الموريتانية للأنباء
  • نواكشوط

  • الاثنين، ١٠ يونيو ٢٠٢٤ في ٦:٣٠ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ١١ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٠٥ ص

ولد الشيخ الغزواني الأوفر حظّا في انتخابات رئاسة موريتانيا بدعم الموالاة لكنّه يواجه منافسة شرسة

(وكالة أنباء العالم العربي) - ثلاثة أسابيع تفصل الموريتانيّين عن التصويت في الانتخابات الرئاسية المُزمع إجراؤها في 29 يونيو حزيران الجاري، والتي يتنافس فيها سبعة مرشحين، بينهم خمسة محسوبون على الجناح المعارض للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الطامح للفوز بولاية جديدة.

ويرى مراقبون أنّ هذه الانتخابات ستحتدم فيها المنافسة بين الغزواني ومرشّحي المعارضة، الذين يمتلكون قاعدة شعبيّة كبيرة تجعل طريقه غير مفروش بالورود.

بدا ذلك جليّا حين بدأ مرشحو المعارضة جولة في ولايات الداخل لحشد المؤيدين وتسويق خطابهم الانتخابي واستقبلهم الآلاف من أنصارهم، ما دفع بقيادات المعسكر الموالي لولد الشيخ الغزواني إلى انتقاد الاستراتيجيّة التي تتبعها حملته في هذه الانتخابات.

ومع بدء العد التنازلي لموعد الحملات الانتخابيّة، التي من المقرر أن تنطلق يوم 14 يونيو حزيران المقبل، يُبقى السؤال الأبرز مطروحا حول حظوظ كلّ من المرشحين السبعة في هذه الانتخابات، وما إذا كان مرشحو المعارضة سيتمكّنون من الوصول إلى رأس هرم السلطة.

ولد الشيخ الغزواني، الذي تولى قيادة الأركان العامة للجيش أكثر من 10 سنوات وشارك في آخر انقلابين عسكريّين قبل انتخابه رئيسا للبلاد عام 2019 خلفا لمحمّد ولد عبد العزيز القابع في السجن على خلفية إدانته في قضايا فساد، كان أوّل من أودع ملفّ ترشّحه، سعيا لتمديد بقائه على رأس السلطة لخمس سنوات مقبلة.

استقطاب المعارضة

حين وصل ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم، كانت موريتانيا تشهد حالة استقطاب حاد بين الموالاة والمعارضة، التي اتّخذت مواقف راديكاليّة من نظام ولد عبد العزيز؛ لكنه اتّخذ نهجا مغايرا عن سلفه، وفتح قنوات تواصل مع المعارضة في محاولة لإشراكها عبر لقاءات مع قياداتها والسعي لتنفيذ بعض مطالبها.

ويرى الصحفي أحمد عبد الله أنّ ولد الشيخ الغزواني نجح في مهمة استقطاب بعض رموز المعارضة، ومن بينهم زعيم المعارضة أحمد ولد داداه، ورئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) محمد جميل منصور.

لكنّه قال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنه إذا كان الرئيس الحالي قد نجح في تنقية الأجواء السياسية "فإنّ هناك ملفّات فشلت حكومته في معالجتها، بينها الفساد ومكافحة البطالة".

وما زال ولد الشيخ الغزواني يواجه في هذه الانتخابات خصوما من المعارضة يتصدّرون المشهد السياسيّ الموريتاني، وذلك بفضل خطابهم الذي يُلامس شريحة واسعة من المواطنين، خاصة من الشباب الذين هاجر الآلاف منهم في السنوات الأخيرة إلى الولايات المتحدة.

هذا الخطاب يتبنّاه المرشح المعارض بيرام الداه اعبيد، الذي يُنافس على كرسي الرئاسة للمرّة الثالثة ويعتبره محلّلون منافسا قويّا لولد الشيخ الغزواني؛ فهو حقوقيّ يُدافع عن شريحة الحرّاطين (الأرقاء السابقين) وكان قد حلّ في المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسيّة الماضية.

منافس شرس

برز بيرام الداه اعبيد خلال السنوات العشر الأخيرة بسبب مواقفه المُطالبة بحقوق الحراطين الذين عانوا من الاستعباد لقرون طويلة، وتبنّيه خطابا رافضا "لكلّ البنى السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة، التي يعتبرها تدعم وتكرّس الرقّ وممارسات استعباد شريحة الحرّاطين"، بحسب عبد الله.

دخل الداه اعبيد السجن عدّة مرات نتيجة خطابه المثير للجدل؛ إلا أنّ ذلك الخطاب زاد شعبيّته، خاصّة بين أبناء شريحة الحرّاطين الذين يصنّفونه بأنه "رمز للانعتاق".

غير أنه في السنوات الأخيرة انتهج خطابا وسطيّا، وابتعد عن الخطاب الراديكالي السابق، في محاولة لاستقطاب فئات أخرى من المجتمع وتغيير الصورة النمطيّة عنه بهدف كسب دعمهم في الانتخابات، وفقا لما يراه عبد الله.

وقال الكاتب الصحفيّ الموريتاني إنّ الداه اعبيد "يُعدّ من القادة البارزين في المعارضة الذين نجحوا في الحفاظ على شعبيّتهم بل وزيادتها... فقد أثبت التزامه الثابت بخطّه المعارض للأنظمة وتفاعله المستمرّ مع القضايا التي تهمّ الموريتانيين".

أضاف "هذه الصفات جعلت منه صوتا قويّا ومؤثّرا في الساحة السياسيّة، وهو ما يظهر جليّا في دعم الناس المستمرّ له"، معتبرا أنّ حظوظ بيرام في الانتخابات الرئاسيّة كبيرة "لنجاحه في كسب تأييد فئات واسعة من المجتمع بفضل خطابه الوسطيّ الذي اعتمده مؤخّرا".

مغامرة تواصل

من بين المرشّحين للانتخابات الرئاسيّة حمّادي ولد سيدي المختار، مرشّح حزب التجمّع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الإسلامي، الذي لم يكن معروفا على الساحة السياسيّة وبرز مع اختياره رئيسا للحزب نهاية عام 2022.

وفضّل (تواصل) هذه المرّة الخروج عن نهجه المألوف، حيث اعتاد منذ عام 2009 دعم مرشّح من خارج الحزب في الانتخابات الرئاسيّة، لكنّه قرر الدفع برئيسه في الانتخابات المقبلة، وهو خيار كانت تدعمه أغلب قيادات الحزب.

ويأتي ترشيح ولد سيدي المختار في وقت يعيش فيه الحزب أزمة وخلافات أدّت إلى استقالة أحد رموزه المؤسسين، وهو محمد جميل منصور، بعد انسحاب قيادات أخرى.

ويرى عبد الله أنّ الحزب كان مطالبا بترشيح حمّادي ولد سيدي المختار "حتّى يُثبت لخصومه أنّه ما زال حزبا قويّا قادرا على المنافسة في الانتخابات" لكنّه في الوقت ذاته يعتبر أنّ هذه الخطوة "مغامرة تُنذر بتراجع الحزب أكثر، ذلك أنّ المرشّح غير معروف على الساحة السياسيّة، مقارنة ببقيّة المرشّحين للرئاسيّات".

وتوقّع عبد الله أن يحلّ مرشح (تواصل) ثالثا بعد العيد ولد محمدن، الذي يخوض السباق الرئاسي لأوّل مرة.

الحصان الأسود

بدأ ولد محمدن مسيرته المهنيّة كمحام مدافع عن حقوق الإنسان؛ وترافع في العديد من القضايا التي تتعلق بالدفاع عن نشطاء سياسيين وحقوقيين، وبعض الفئات الهشّة وضحايا الرق.

المرشح الرئاسي، الذي كان قياديّا سابقا في تجمّع (ميثاق الحراطين) المدافع عن حقوق الرقيق وعضوا نشطا في حزب (التكتّل)، اكتسب شهرة كبيرة بفضل مواقفه الداعمة لضحايا الرقّ والمتشدّدة ضد الفساد والأنظمة المتعاقبة في موريتانيا.

كما انضمّ ولد محمدن إلى حزب (جود) المعارض وفاز بمقعد برلمانيّ في الانتخابات التشريعيّة الماضيّة.

ويرى عبد الله أنّ هذا المرشّح يتمتّع بفرص قويّة لتحقيق المفاجأة في هذه الانتخابات، نظرا لقدراته على استقطاب العديد من الشباب بفضل خطابه الذي يُركّز على انتقاد الفساد وهجرة الشباب.

وفسّر الصحفيّ المتخصص في الشؤون السياسيّة رأيه بأنّ ولد محمدن "استطاع بناء قاعدة دعم واسعة بين الفئات الشبابيّة والمثقفين، مما يعزز من فرصه في تحقيق نتائج ملموسة في السباق الرئاسي".

قوميّات أفريقية تنافس

يتنافس في هذه الانتخابات أيضا مرشحون من القوميّات الأفريقية، أبرزهم الطبيب أوتوما أنتوان سليمان سوماري، الذي يقدّم ملف ترشحه للمرة الأولى، مستهدفا الناخبين بخطاب يجمع بين المهنيّة والواقعيّة.

دخل سوماري السباق الرئاسيّ برؤية تهدف إلى قيادة موريتانيا نحو مستقبل جديد بعيدا عن السيطرة العسكرية، وفقا لما يقوله مناصروه. ويرى عبد الله أنّ المرشّح يمثّل فئة تشعر بأنها "مهمّشة سياسيّا واجتماعيّا" وأن خطابه الذي يركز على إنهاء الهيمنة العسكرية وتحقيق العدالة الاجتماعية يلقى قبولا واسعا بين هذه الفئة

أمّا في الجنوب المحاذي للسنغال، يبرز بامامادو بوكار با كمرشّح قوي يحظى بدعم القوميّات الأفريقية ويتمتع بخبرة قانونية وحقوقية.

وقال عبد الله إنّه "ورغم ظهوره الإعلامي الذي ما زال محدودا، فإن المصادر تشير إلى تحضيرات مكثّفة لإطلاق حملته بشكل رسمي، مع وعود بتقديم رؤى سياسية جديدة تتماشى مع تطلّعات السكّان المحلييّن".

ويقف في الوسط ببين هؤلاء المرشحين المتنافسين محمد الأمين المرتجي الوافي، طارحا نفسه على أنّه يقود تيّارا مستقلّا وسطيّا غير موال للنظام ولا معارض له يرفع شعار "نتسامى على الثنائيّات معارضة وموالاة؛ ننتقد مكامن الخلل في الأداء الحكومي".