تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية يثير تساؤلات حول ثقة الموريتانيين في العملية الانتخابية
ناخب موريتاني في أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة نواكشوط يدلي بصوته في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة (29 يونيو حزيران 2024)
  • نواكشوط

  • الأربعاء، ٣ يوليو ٢٠٢٤ في ٩:٢٦ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٣ يوليو ٢٠٢٤ في ٩:٢٦ ص

تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية يثير تساؤلات حول ثقة الموريتانيين في العملية الانتخابية

(وكالة أنباء العالم العربي) - فاز الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني بفترة رئاسية ثانية بعد حصوله على حوالي 56 بالمئة من الأصوات كما كان متوقعا في الانتخابات التي جرت هذا الأسبوع، لكن نسبة المشاركة التي تجاوزت بقليل 55 بالمئة كانت الأدنى في الانتخابات الرئاسية منذ بدء التعددية الحزبية في مطلع تسعينيات القرن الماضي.

ومن بين ما يزيد على 1.9 مليون موريتاني يحق لهم التصويت، أدلى أقل من 1.1 مليون بأصواتهم، ومن بينهم 53 ألف صوت باطل، وفقا للجنة الوطنية للانتخابات.

وعلى الرغم من التوقعات بنسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات الرئاسية، خاصة في ظل التفاعل الجماهيري الكبير مع التجمعات الانتخابية في مختلف المدن الموريتانية، أثار تراجع نسبة المشاركة تساؤلات حول مدى ثقة الموريتانيين في النظام السياسي.

وقال الصحفي مصطفى سيديا إن نسبة المشاركة المتدنية تعكس تحديات متعددة تواجه البلاد، ومنها حالة الإحباط العام بين الناخبين والشعور بعدم جدوى التصويت.

وأبلغ سيديا وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الناخبون يشعرون بأن أصواتهم لن تؤدي إلى تحسين الوضع السياسي أو الاقتصادي للبلاد، مما دفعهم لعدم المشاركة"، مشيرا إلى وجود إحباط بين الموريتانيين نتيجة عدم وجود تغييرات ملموسة رغم الوعود الانتخابية المتكررة.

وقرر أسلمو (26 عاما) عدم المشاركة الانتخابات الرئاسية هذا العام، بعد أن شعر بخيبة أمل ويأس واليأس جراء معاناته من البطالة التي يرزح تحت وطأتها منذ سنوات.

وقال أسلمو الذي عرف نفسه باسمه الأول فقط "الوجوه السياسية  تتكرر مرارا دون أن نلمس أي تغييرات في حياتنا اليومية أو في مستقبل البلاد".

وأوضح قائلا إن الوضع الاقتصادي الصعب لعب دورا في قراره، مضيفا "البطالة مرتفعة، وفرص العمل قليلة، والأسعار في ارتفاع مستمر".

وتابع قائلا "في ظل هذه الظروف، يبدو أن السياسيين بعيدون كل البعد عن فهم معاناتنا اليومية، ولا أرى أي بوادر لتحسن الأوضاع بغض النظر عن نتائج الانتخابات".

ويعيش غالبية سكان موريتانيا، الذين يبلغ عددهم حوالي خمسة ملايين، في فقر مدقع على الرغم من ثروات البلاد من الوقود الأحفوري والمعادن.

وإلى جانب الأوضاع الاقتصادية، عبر العديد من الناخبين كذلك عن شكوكهم في نزاهة العملية الانتخابية نفسها.

ومضى الصحفي سيديا قائلا "في ظل التقارير العديدة التي تتحدث عن تلاعب بالنتائج وممارسات غير شفافة خلال العمليات الانتخابية، أصبح الكثيرون يشعرون بأن أصواتهم لا تحسب بشكل عادل، وهذا يؤدي إلى تراجع في إقبالهم على المشاركة السياسية".

ووصف المرشح بيرام الداه اعبيد، الذي حل ثانيا وراء الغزواني بعد حصوله على 22.1 بالمئة من الأصوات، الانتخابات بأنها "مزورة"، ودعا إلى عصيان مدني سلمي.

وخرج العشرات إلى شوارع العاصمة نواكشوط للاحتجاج تلبية لدعوة اعبيد، الذي جاء ثانيا وراء الغزواني في انتخابات 2019 أيضا، مما دفع السلطات الأمنية إلى شن حملة اعتقالات.

تفاوت

بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية في موريتانيا 62.66 بالمئة في 2019، مقابل  56 بالمئة في 2014، وهي انتخابات قاطعتها العديد من أحزاب المعارضة في ذلك الوقت.

ومع ذلك، فإن الانخفاض في نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة يظهر تحولا في مواقف الموريتانيين تجاه العملية الانتخابية.

وقال الإعلامي حسام خلف إن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية هي مؤشر حيوي على صحة الديمقراطية في أي بلد، مضيفا أن التفاوت في نسبة المشاركة الانتخابية في موريتانيا في السنوات الأخيرة تعكس التحديات التي تواجه النظام السياسي وثقة الناخبين فيه.

وتابع قائلا "ارتفاع نسبة المشاركة إلى 62.66 بالمئة في 2019 جاء نتيجة للخطاب السياسي الذي اعتمده المرشحون آنذاك"، مشيرا إلى أن هذا الخطاب كان يركز على قضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية وضرورة تعزيز الديمقراطية وتحسين الحكم السياسي.

كما عزا ارتفاع نسبة المشاركة في 2019 إلى تعطش الموريتانيين للتغيير بعد سنوات من حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

وأردف بالقول "انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة يشير إلى عدم الرضا الواسع عن أداء النظام السياسي والتحديات التي ما زالت تعيق العملية الديمقراطية في البلاد".

وتعهد ولد الشيخ الغزواني في أول خطاب له بعد فوزه بالاستمرار في "سياسة الانفتاح والتشاور مع جميع الأطراف".

وقال الغزواني رئيس أركان الجيش السابق "التنافس الإيجابي خلال الحملة الانتخابية جعلها تتسم بالهدوء" مؤكدا التزامه بأن يكون رئيسا لموريتانيا "دون تمييز"، وتعهد بمواصلة "سياسة اليد الممدودة ونهج التهدئة والتشاور مع كافة الفرقاء خدمة لمصالح الشعب الموريتاني".

ورفض اعبيد الاعتراف بالنتائج قائلا إنها لا تعبر عن "إرادة الشعب الموريتاني الذي صوت للتغيير".

وقال ولد اعبيد "نتائج الانتخابات الأولية... لا تعني لي شيئا، وأنا أرفضها جملة وتفصيلا".

من جانبه، قال المرشح أوتوما سوماري إن محاضر النتائج التي حصلت عليها حملته مطابقة لتلك التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية للانتخابات.

ويلزم مصادقة المجلس الدستوري على النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات لإقرارها نهائيا.