• بيروت

  • الجمعة، ٧ يونيو ٢٠٢٤ في ١٠:٣٠ ص
    آخر تحديث : الجمعة، ٧ يونيو ٢٠٢٤ في ١٠:٣٠ ص

طلاب جنوب لبنان على أبواب الامتحانات الرسميّة بعد سنة دراسيّة تحت القصف والنزوح

(وكالة أنباء العالم العربي) - بدأت السنة الدراسية في لبنان بنهاية سبتمبر أيلول الماضي، وبعد أيامٍ قلائل اندلعت المناوشات العسكريّة بين جماعة حزب الله والقوات الإسرائيلية بجنوب لبنان، لتضطر وزارة التربية لاتخاذ مجموعة من الإجراءات تماشيا مع الأوضاع المستجدة.

فقد دعا وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي إلى إقفال المدارس والمعاهد الواقعة في المناطق الحدودية الجنوبية. أما بالنسبة للمناطق المُتاخمة للمناطق الحدودية، فتُرِك التقدير لمدير المؤسسة بقرار فتحها أو إقفالها.

كانت سنة صعبة على كثير من الطلاب في جميع المراحل، وبخاصة طلبة الجنوب الذين عانوا القصف والنزوح واعتمدوا على تعليم عن بُعد ربما فقدوا فيه الكثير من التركيز أو غابت عنهم معلومات لم تُتح لهم فرصة تحصيلها أو استيضاحها.

من هؤلاء ليلى عيسى، طالبة الثانوي التي نزحت مع عائلتها من بلدة حولا بجنوب لبنان قبل سبعة أشهر واستقرت في بيت جدها ببيروت، وتستعد الآن لامتحانات الشهادة الرسميّة في نهاية الشهر الحالي.

وتقول ليلى لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "خرجنا من بلدتنا، وتوقفنا عن تلقي التعليم المباشر ولجأنا إلى التعليم عن بُعد من خلال حضور الحصص الدراسيّة عبر الإنترنت. وعلى الرغم من الجهد المبذول من الأساتذة، لم تساعدنا عوامل عديدة في الحصول على المعلومات الوافية".

وتتابع "بعض الأساتذة موجود في الجنوب، وهناك ضعف بشبكة الاتصالات والإنترنت مما يؤثّر على جودةِ الصوت والصورة، فلا تكون الحصة الدراسيّة كاملة. يضاف إلى ذلك انقطاع الكهرباء وعدم قدرة جميع الطلاب على الدخول والمشاركة بسبب الأعطال التقنية التي تواجههم".

وتضيف "عدد أفراد العائلة في منزلي سبعة، وهو ما لا يسمح بتوافر الهدوء والأجواء المناسبة للدراسة، إضافة لكون شقيقي طالب شهادة إعدادية أيضا".

وتؤكد ليلى أن حديثها مع زملائها في الدراسة يوضح أنهم بحالة نفسية غير مستقرة لا تساعدهم على التركيز في دراستهم، مما يزيد من توترهم وخوفهم من عدم تحصيل علامات مُرضية.

صعوبة التحصيل

حددت وزارة التربية مواعيد امتحانات رسمية موحّدة تبدأ في 24 يونيو حزيران وتنتهي في 27 من الشهر لشهادة الإعدادية، أما شهادة الثانوية العامة فتبدأ في 29 يونيو حزيران وتنتهي في الخامس من يوليو تموز.

وقال عباس عطوي الطالب بالمرحلة الثانوية من عيتا الشعب بجنوب لبنان والذي يعيش حاليا بالضاحية الجنوبية لبيروت "تحديد موعد الامتحانات الرسمية دون مراعاة ظروفنا العامة يعتبَر إجحافا".

وأعطى مثالا للضغوط النفسية الهائلة قائلا "قِسم من عائلتي وأصدقائي يقيم في الجنوب، وأحيانا أكون جالسا بغرفتي أدرس ثم أسمع صوت أهلي يتحدثون عن قصف قريب من أقربائنا. أتوقف عن الدراسة وينتقل تركيزي لمعرفة أحوالهم".

وواصل حديثه لوكالة أنباء العالم العربيّ قائلا "نحن بعيدون عن القصف ومشاعرنا مضطربة، فكيف بالطلاب الذين ما يزال بعضهم في المناطق الجنوبيّة ويسمعون يوميا أصوات القصف والطيران والمسيّرات فوق بيوتهم؟".

وأضاف "أتعلم عبر الإنترنت، ولكن لم نستطع تحصيل كامل المنهج بسبب عدم قدرة الأساتذة على متابعة إعطاء الدروس لأسباب تقنية أو شخصية. فهل يُعقل أن أتقدم لامتحان يشمل كافة المنهج ونحن لم نتعلمه بشكلٍ كامل؟".

الدراسة في الجنوب

رغم الأوضاع الأمنية الخطيرة، لا تزال عائلات عديدة مقيمة بالجنوب وترسلُ أولادها إلى المدارس لاستكمال تعليمهم.

وفي الشهر الماضي أصابت غارة إسرائيلية سيارة في منطقة النبطيّة مما أدى إلى مقتل قائدها محمد علي فران، وهو أستاذ في ثانوية حسن كامل الصباح، وتسببت أيضا في إصابة ثلاثة طلاب كانوا داخل حافلة مدرسية كانت على الطريق لحظة الاستهداف.

وقال علي مرتضى، الطالب بالمرحلة الثانوية في بنت جبيل، "نواجه تحدياتٍ وظروفا قاسية، ومع استشهاد الأستاذ (محمد علي فران) بقيتُ لعدة أيام لا أستطيع إكمال دراستي حزنا على وفاته".

وتابع "الظروف التي نمرُ بها ليست سهلة علينا. والأمر لم يعد مرتبطا بمنهج يجب دراسته، ولكن بالظروف الاجتماعية والنفسية التي تواجهُنا".

وأعلنت وزارة الصحة أن عدد النازحين بلغ حتى نهاية مايو أيار 94 ألف نازح، فيما بلغ عدد الإصابات 1600 وعدد الوفيات من المدنيين 400.

وتُعد مدينة صور الوجهةَ الأولى للنازحين من القرى الجنوبية لقُربِها الجغرافي من المناطق الحدودية.

ومن بلدة كفركلا نزح الطالب بالثانوي جهاد طويل مع عائلته، ونزلوا في أحد مراكز الإيواء في صور لشهرين إلى أن استأجروا شقةً سكنية مع أولاد عمهم في المدينة.

يقول "حالة النزوح والتنقل أثّرت على قدرتي على متابعة المنهج الدراسي، فتوقفتُ فترة في أثناء انتقالي من بلدتي، ثم تلاها انتقالي للسكن بمكان آخر، وكلها فترات انقطاع أدت لتأخري دراسيا".

ويضيف "حين ينقطع الإنترنت، أتلقى الدرس عبر رسائل نصيّة على تطبيق واتساب لمساعدتنا على اللحاق بالمنهج. وهنا الصعوبة، فالمواد العلمية تحتاج تحليلا وفهما، وهي ليست أدبية تعتمد على الحفظ".

تكافؤ الفرص

ويرى البعض أن هناك غيابا لتكافؤ الفرص بين طلاب الجنوب والطلبة في بقية أنحاء لبنان نظرا لاختلاف أوضاع هؤلاء وأولئك تعليميا ونفسيا.

وقال منير الخليل، عضو رابطة التعليم الثانوي في الجنوب، لوكالة أنباء العالم العربي "هناك حوالي 25 مدرسة أغلقت أبوابها بشكلٍ كامل في الجنوب، وطلابها إما انتقلوا للتعلم عن بُعد أو انتقلوا لمدارس أخرى، ومنهم من نزح مع عائلته إلى مراكز إيواء في مدينة صور جنوبا فتلقى تعليمه في ذات المركز الذي هو بالأصل مدرسة".

وتابع "لم يتلقَ طلاب الجنوب التعليم المناسب، وتحديدا من تابع حصصهُ الدراسية عن بُعد. وكلنا يعرف تردي شبكة الإنترنت وانقطاعها لعدة مرات في اليوم مما يُضعف المحتوى المقدم من قبل الأستاذ فيشعر الطالب بالملل واليأس في المتابعة".

وبحسب النشرة الإحصائية الصادرة عن المركز التربوي للبحوث والإنماء، للسنة الدراسية لعام 2023، بلغ عدد طلاب لبنان مليونا و79048 طالبا، منهم 83799 طالبا مسجلا في محافظة النبطية بالجنوب و127930 طالبا مسجلا في محافظة لبنان الجنوبي.

وتوجد 2780 مدرسة بلبنان، منها 251 مدرسة في النبطية، و301 في لبنان الجنوبي.

وشدد الخليل على ضرورة إجراء تعديلات في أسلوب الامتحانات وفتح المجال أمام الأسئلة الاختيارية لكل طلاب الثانويات اللبنانية، بحيث يتمكن الطالب أيا كان مكانه من استبعاد سؤال أو أكثر لم يتمكن من تحصيله بشكل جيد.

وأشار إلى أن هذا يرجع لسببين "الأول أن الأساتذة لم تلحق إعطاء كامل المنهج، والثاني الضغوط النفسية التي مرّ بها الطلاب مما يتوجب مراعاة ظروفهم".

وقال "في الأيام المقبلة هناك سعي مع وزارة التربية لإصدار تعديلات على الامتحانات تتناسب مع الظروف التي واجهناها خلال السنة الدراسية".