تفاقم أزمة مياه الشرب مع تدفق مئات الآلاف من النازحين من رفح على دير البلح ومواصي خان يونس
AWP - نازحون فلسطينيون ينتظرون دورهم للحصول على المياه الصالحة للشرب من محطة مياه في قطاع غزة (15 مايو أيار 2024)
  • غزة

  • الخميس، ١٦ مايو ٢٠٢٤ في ٨:٥٣ ص
    آخر تحديث : الخميس، ١٦ مايو ٢٠٢٤ في ٨:٥٣ ص

تفاقم أزمة مياه الشرب مع تدفق مئات الآلاف من النازحين من رفح على دير البلح ومواصي خان يونس

(وكالة أنباء العالم العربي) - تفاقمت أزمة مياه الشرب بصورة لا سابق لها في مناطق النزوح الجديدة في دير البلح ومنطقة مواصي خان يونس بقطاع غزة التي تستقبل مئات الآلاف من النازحين الفارين من رفح.

يضطر النازحون إلى قطع مسافات طويلة والانتظار لعدة ساعات حتى يتمكنوا من توفير الحد الأدنى من كميات مياه الشرب المطلوبة، سواء بالحصول عليها من مصادرها التي توزعها مجانا أو شرائها من الباعة الذين رفعوا أسعار بيع الغالون سعة 16 لترا من شيكلين اثنين إلى ما يصل إلى خمسة شواكل في بعض الأحيان.

ويمكن مشاهدة طوابير طويلة للنازحين أمام أي منفذ لمياه الشرب، سواء كان محطة مياه ثابتة أو صهاريج متنقلة، خاصة وأن بعض مناطق النزوح الجديدة ومنها المواصي تفتقر إلى مصادر مياه كافية من الآبار أو محطات التحلية، ولا تحتوي إلا على بعض الآبار ومحطات المياه الصغيرة التي أقامها عدد قليل من المقيمين فيها قبل الحرب.

وتشهد محطة تحلية المياه الرئيسية التابعة لسلطة المياه الفلسطينية على شاطئ دير البلح في وسط قطاع غزة اكتظاظا غير مسبوق للنازحين الراغبين في الحصول على المياه، الذين يحضرون لتعبئة الغالونات الصغيرة أو براميل المياه الكبيرة التي تحملها شاحنات وعربات تجرها الدواب، فضلا عن الصهاريج التي يتم استخدامها للوصول إلى مناطق النزوح البعيدة عن محطة المياه.

الفلسطيني محمود عبد الحميد الذي يقيم الآن على طريق الرشيد الساحلي في دير البلح بعد نزوحه من رفح التي أمضي فيها أربعة أشهر نازحا من شمال القطاع، يصف الحصول على مياه الشرب بأنه "التحدي الأكبر أمام العائلات النازحة التي لم تتخيل أن تصل إلى مرحلة العطش".

يوضح عبد الحميد (52 عاما) أنه كان يواجه صعوبات جمة في الحصول على المياه في مكان نزوحه السابق في رفح، لكن هذه الصعوبات لا تقارن بالواقع الحالي، الذي يتحول فيه الحصول على كمية قليلة من المياه إلى مشكلة كبيرة، على حد قوله.

وقال عبد الحميد الذي أبدى قلقه من إمكانية الحرمان التام من مياه الشرب في ظل تدفق أعداد ضخمة من النازحين على منطقة المواصي "وصلنا لمرحلة يساورنا فيها الشك إزاء إمكانية توفير المياه، حتى أصبحنا نخطط لكيفية الحصول عليها من اليوم السابق وأي أماكن يكون توفيرها أقل ازدحاما من غيرها".

وأضاف "يتحول الحصول على المياه إلى معركة يومية ولا يمكن الاستسلام للهزيمة فيها، لأن ذلك يعني العطش وحرمان الصغار حتى من كوب ماء يروي عطشهم في ظل الحرارة المرتفعة".

c797dba7-6c66-4c48-9a7c-665ee8295f3e.jpg

المصدر: AWP - نازحون فلسطينيون يستخدمون غالونات على عربات تجرها الدواب للحصول على المياه الصالحة للشرب من محطة مياه في قطاع غزة (15 مايو أيار 2024)

وبينما لم تكن مصادر المياه المتوفرة تكفي أعداد النازحين السابقين الذي كانوا يحصلون عليها بشق الأنفس قبل مجيء أعداد إضافية من النازحين من رفح هربا من العمليات العسكرية الإسرائيلية، تفاقمت الأزمة إلى حد عدم قدرة الكثير العائلات على توفير احتياجاتها من المياه.

ويشكل الحصول على المياه جزءا أساسيا من البرنامج اليومي للعائلات النازحة التي تضطر إلى توزيع أبنائها على أكثر من جهة لضمان توفير المياه وحتى لا يصلون إلى نهاية النهار دون تعبئة قنينة أو اثنتين سعة لتر ونصف اللتر على الأقل.

عائلة مصطفى قرابة التي كانت توفر المياه يوميا عبر تعبئة غالونين سعة عشرة لترات لكل منهما من محطة تحلية قريبة من مكان نزوحها توزع المياه مجانا، فشلت خلال الأيام الأخيرة في الحصول على الكمية نفسها. ويوم الاثنين نفدت إمدادات المياه قبل أن يصلها الدور.

يذكر قرابة (38 عاما)، النازح في منطقة شمال المواصي منذ خمسة أشهر، أنه لم تمر عليهم أيام أصعب من الأيام الحالية بالنسبة لأزمة المياه، كون أعداد النازحين زادت عدة أمثال وبقيت مصادر المياه محدودة من دون زيادة تتناسب مع النازحين الجدد.

يؤكد الأب لأربعة أطفال أنه بدأ يفكر مليا في كيفية التعامل مع أزمة المياه خلال الأيام المقبلة مع استمرار وصول المزيد من النازحين، خصوصا وأن المحطة التي يمكن تعبئة المياه منها لا ضمان أن يصل إلى دوره فيها قبل نفاد الكميات المتوفرة.

وقال "من غير المقبول تركنا نواجه مصيرنا وحدنا والجميع يتفرج علينا، بالحد الأدنى ساعدونا في توفير مياه الشرب، أطفالنا يعطشون قبل دخول فصل الصيف، فكيف سيكون حالنا إذا ما اشتدت الحرارة أكثر منذ ذلك؟".

ويعتبر قرابة أن أزمة المياه هي الأخطر في قطاع غزة لأن معظم النازحين عانوا من أمراض بعد استخدام مياه غير صحية، مشيرا إلى أن البعض يمكنه شراء المياه المحلاة الصحية بصعوبة بالغة، لكن الغالبية العظمي لا تستطيع ذلك بشكل يومي.

وتنتشر على نطاق واسع الأمراض المرتبطة بالمياه الملوثة بين النازحين، وفقا للسلطات الصحية في قطاع غزة، بينما تتفاقم أزمة توفير المياه الصحية مع وضع النزوح واسع النطاق من رفح دون ترتيبات مسبقة كما كانت تزعم إسرائيل.

ويؤكد الناشط في العمل الإغاثي بمنطقة المواصي ياسين جابر أن المؤسسات الإنسانية لم تكن مستعدة لنزوح هذه الأعداد الهائلة، سواء على صعيد توفير المياه أو الاحتياجات الغذائية الأخرى، مؤكدا أن إسرائيل فاجأت الجميع بالطلب من سكان مناطق واسعة في رفح بالنزوح دون أن تتوفر أي مقومات للحياة في مناطق النزوح الجديدة.

وتوقع جابر الوصول إلى مرحلة العطش إذا ما استمر تدفق النازحين دون أن يقابل ذلك توفير مصادر جديدة للمياه.

وقال جابر لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الأزمة مركبة لأن نسبة الأملاح في مياه الآبار بالمنطقة مرتفعة جدا ولا يمكن شربها، لذلك غالبية الآبار بحاجة إلى محطات تحلية".

وطالب الناشط الإغاثي المنظمات الأممية والمحلية بالإسراع في حفر المزيد من آبار المياه وتركيب محطات تحلية لتوفير المياه للنازحين "حتى لا نصل لمرحلة عطش غير مسبوقة خلال أيام"، مشيرا إلى أن الفترة الحالية تشكل بداية ارتفاع درجات الحرارة قبل دخول فصل الصيف "فإلى أين ستصل الأزمة إذا ما استمرت الأمور على حالها دون حلول؟".