• دمشق

  • السبت، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:١٣:١٩ م
    آخر تحديث : السبت، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:١٣ م

سوريّون يشكون ارتفاع أسعار الخضَر والفاكهة بسبب التصدير لتأمين العملة الصعبة

(وكالة أنباء العالم العربي) - تقف الأربعينيّة السورية ملاك عند لوحة إعلانات على الطريق أمام مطعم للمأكولات الغربية وسط العاصمة دمشق تعرض صورا لشطائر ووجبات مختلفة من اللحوم، مستعيدة ذكرياتها قبل نحو عام وقت آخر مرة اشترت فيها لحما.

كانت تلك المرة الأخيرة في رمضان قبل الماضي؛ وكان سعر الكيلوغرام الواحد من لحوم الأغنام وقتها 70 ألف ليرة؛ أمّا اليوم، فبات سعر الكيلوغرام الواحد يتجاوز 220 ألف ليرة (حوالي 16 دولارا أميركيا)، في حين وصل سعر الدجاج إلى 50 ألفا.

قالت ملاك، التي تعمل في تنظيف المنازل، في حوار أجرته معها وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "لم نعد نشتري لحما ولا دجاجا؛ صرنا نشاهدهما بالمجلّات والإعلانات ونشتهيهما، وأصبحت نباتيّة تقريبا بحكم الضرورة لا الاختيار".

لكنّ يبدو أن ارتفاع أسعار الخُضر والفاكهة أيضا بات يهدد الصحة الغذائية للبعض في سوريا. ويعزو متخصصون هذا الارتفاع في أسعار السلة الغذائية النباتية إلى الاتجاه للتصدير بهدف توفير العملة الصعبة.

من شرفة منزلها الآيلة للسقوط في منطقة باب شرقي، والمدعّمة بأعمدة خشبية، قالت السورية رغداء محمد (40 عاما) "اعتدنا أن نقول إنه بوسعنا أكل الخبز والبصل بدلا من اللحوم؛ إلّا أن أسعار البصل والخُضَر ارتفعت بشكل غير مسبوق أيضا... الأرز غال، وكذلك الزيت والشاي والحبوب والمعلبات؛ كل شيء ارتفع ثمنه، ولا يمكننا سوى شراء الضروري جدا".

وكشف محمد يحيى الخنّ، رئيس جمعيّة اللحامين في دمشق، عن أنّ أسعار اللحوم الحمراء ارتفعت بنسبة تزيد على 150% خلال شهر رمضان الماضي مقارنة مع سابقه؛ وعزا هذا الارتفاع في أسعار لحوم الأغنام إلى قرار السماح بتصديره.

وقال الخنّ في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "لو لم يتمّ فتح باب التصدير، لبقي سعر الغنم الحي كما كان قبل قرار التصدير، أي بحدود 55 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد؛ لكن بعد القرار، أصبح سعر الكيلوغرام 85 ألفا".

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار لحوم الأغنام نتيجة لقرار السماح بتصديرها خلق زيادة في الطّلب على لحوم الأبقار كبديل، وهو ما أدّى إلى ارتفاع أسعارها أيضا إلى 190 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.

* الخضر والفاكهة أيضا

وقالت المُعلّمة فرات، التي تعمل في إحدى المدارس الحكومية بدمشق، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ اللحوم الحمراء والبيضاء لم يصبحا وحدهما خارج موائد الكثير من الأسر السوريّة "بل حتى الخضروات والفواكه والمواد الغذائية باتت أيضا شبه محظورة بعد الارتفاع الكبير في ثمنها أخيرا".

فرات، التي لا يتجاوز راتبها الشهريّ 400 ألف ليرة، تشير إلى أن تكلفة إعداد طبق واحد من سلطة الفتّوش يكفي لعائلة مكونة من خمسة أفراد "لا تقلّ عن 60 ألف ليرة"، بينما كان يتكلّف قبل عام نحو 20 ألفا فقط.

وذكرت أنها بدأت تعاني أعراض سوء التغذية بسبب انخفاض قدرتها الشرائية في ظل تدنّي الأوضاع المعيشية والأجور، ملقية باللائمة على التصدير. وقالت "لا أحد يلتفت إلى حالنا؛ فتأمين الدولار أهم من صحة المواطن. لو كان الهواء بأيديهم، لرفعوا سعره أيضا".

وتعاني شريحة كبيرة من السوريين بسبب عدم القدرة على تأمين القوت اليوميّ، في ظلّ فجوة كبيرة بين الأجور وأسعار السلع المختلفة، إذ إن الحدّ الأدنى الرسمي للأجور في البلاد يبلغ 278 ألفا و910 ليرات سورية.

وذكرت صحيفة (قاسيون) المحليّة أنّ البلاد شهدت تغيرات معيشيّة واقتصاديّة كبيرة بين شهري رمضان من العام الماضي وهذا العام، حيث ارتفع السعر الإجمالي للسلة الاستهلاكية من 242 ألف ليرة سورية إلى 610 آلاف و500 ليرة، أي إنها ارتفعت بنحو 152.2في المئة.

* دعم خزينة الدولة

بدوره، قال رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق عبد العزيز المعقالي في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن التضخم في أسعار السلع الغذائية خاصة بلغ منذ بداية العام حتى اليوم قرابة 40%، مرجعا هذا الصعود إلى التصدير.

وبينما اعتبر المعقالي أنّ استمرار تصدير الخضر والفاكهة دون توقف خلال شهر رمضان قد أثّر سلبا على الأسعار المحليّة، فقد قال إن التصدير يدعم خزينة الدولة ولكن يجب أن يكون بعد تأمين احتياجات السوق المحلية بشكل يتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين.

كما أشار المعقالي إلى ضعف في الرقابة التموينيّة على التجّار والأسواق، قائلا إن بعض التجّار يعمدون إلى تبديل الأسعار والتلاعب بها بشكل مستمر.

من جهته، أوضح محمّد العقاد، عضو لجنة تجّار ومصدري الخضر والفاكهة في دمشق، أنّه يكون الاعتماد في تصدير الخُضَر على الموسم المحليّ، مستبعدا أنّ يكون للتصدير أي علاقة بارتفاع أسعار هذه السلع الغذائية.

واعتبر العقّاد أنّ التصدير لا غنى عنه، بغض النظر عمّا إذا كان هناك فائض في الإنتاج أم لا، حيث إنّ الدولة بحاجة إلى العملة الصعبة الواردة عن طريق التصدير، فضلا عن أنّ التصدير يساعد المُزارع على تصريف إنتاجه وسدّ كلفة الإنتاج، بحسب وصفه.

وأرجع العقاد ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة في السوق المحليّة إلى شُحّ الكميّات بسبب إحجام بعض المزارعين عن الاستمرار في الزراعة، حيث إنّ ما يبيعه المزارع لا يغطّي التكلفة العالية للإنتاج ومستلزماته والمتمثلة في المحروقات وأجور النقل واليد العاملة.

وتوقّع عضو لجنة تجّار ومصدري الخضر والفاكهة أن تتقلّص الزراعة بشكل أكبر خلال العام القادم وترتفع الأسعار أكثر من العام الحالي إذا لم تتدخّل الحكومة وتدعم الزراعة بشكل أكبر.

* وضع المزارعين والمواطنين

وحذّر العقّاد من أن يبقي دعم المزارعين مقتصرا على ما هو عليه اليوم "حتى لا نضطّر إلى استيراد الخضروات والفواكه في الأعوام القادمة" واصفا وضع المزارع بالسيّء ووضع المواطن بأنه أسوأ.

لكنّه قال إن وضع المصدّرين "ممتاز"، موضّحا أنّ الصادرات اليوم في أفضل حالاتها مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي نتيجة للطلب الكبير على المنتجات السورية.

بشير المأمون (64 عاما)، وهو بائع خُضر في سوق باب سريجة بدمشق، لم يعد يعرض أسعاره على لافتات للعموم خشية نفور زبائنه.

وقال "الوضع صعب جدا... الناس يمرّون أمام صناديق الخضروات يسألون عن الأسعار ويُكملون طريقهم، لأنهم يبحثون عن أدنى الأسعار حتى لو كانت السلع من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو حتى خضروات ذات جودة منخفضة".

أمّا بالنسبة للفاكهة، فقد أشار البائع إلى إحجام المواطنين عن شرائها بشكل كبير، قائلا إن "الذي يتجرأ من الناس على شراء الفواكه، يكتفي بربع كيلوغرام من نوعين أو ثلاثة أنواع فقط".

أضاف "أمّا القادر منهم، فيشتري نصف كيلوغرام من كل نوع بأحسن الأحوال؛ فسعر الكيلوغرام الواحد من العوجا (اللوز الأخضر) سجل 35 ألف ليرة؛ وسعر التفاح 15 ألف ليرة، والبرتقال 10 آلاف ليرة، والموز 25 ألف ليرة... الأسعار بكلّ مكان مرتفعة مو بس عنّا وما بتوفّي معنا غير هيك".

(الدولار الأميركي يُساوي 13400 ليرة سورية)