• رام الله

  • الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ في ١٠:٤٢:٢٠ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ في ١٠:٤٢ م

بعد قرار مجلس الأمن.. هزة سياسية في إسرائيل تهدد عرش نتنياهو

(وكالة أنباء العالم العربي) - منذ تصويت مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية على قرار يدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة حتى نهاية شهر رمضان وإطلاق سراح المحتجزين دون شروط، تعيش إسرائيل تحت وقع الصدمة من عدم استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) لمنع صدور القرار الذي أيده 14 عضوا في حين امتنعت واشنطن عن التصويت لأول مرة منذ بدء الحرب.

وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت حق الفيتو سابقا على مشاريع قرارات مماثلة تدعو لوقف الحرب في قطاع غزة.

ورغم إصرار المسؤولين في إسرائيل على عدم الالتزام بقرار مجلس الأمن والتأكيد على استمرار الحرب، فإن محور تركيزهم ينصب حاليا على العلاقة المتوترة بين إسرائيل والولايات المتحدة، محملين المسؤولية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وفي حين يصف محللون إسرائيليون نتنياهو "بالطفل المدلل لدى والديه"، فقد واجه انتقادات قاسية بسبب قراره منع وفد إسرائيلي من إجراء مباحثات كانت مقررة مسبقا في واشنطن، وذلك إثر موقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن.

وهاجم عضو مجلس الحرب بيني غانتس قرار نتنياهو، وقال في بيان "ليس من الصواب أن يسافر الوفد وحده، بل سيكون من الأفضل لرئيس الوزراء أن يسافر هو نفسه إلى الولايات المتحدة ويعقد حوارا مباشرا مع الرئيس جو بايدن وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية".

وقال غانتس إن العلاقة الخاصة بين إسرائيل والولايات المتحدة هي ركيزة لأمن إسرائيل وعلاقاتها الخارجية، وإن الحوار المباشر مع الإدارة الأميركية "رصيد أساسي" يجب عدم التنازل عنه حتى عندما تكون هناك تحديات وخلافات.

* إصرار إسرائيلي على مواصلة القتال

انتقد غانتس قرار الأمم المتحدة الداعي لوقف إطلاق النار وقال "إن على دولة إسرائيل التزاما أخلاقيا بمواصلة القتال حتى إعادة المختطفين وإزالة التهديد الذي تمثله حماس؛ وهذا ما سنفعله".

وأضاف "قرار مجلس الأمن ليس له تأثير يذكر من ناحية العمليات علينا؛ وعلى أي حال سوف نستمر في الاستماع إلى نصائح الأصدقاء وسنفعل ما هو صائب من أجل إسرائيل".

زعيم المعارضة يائير لابيد انتقد أيضا نتنياهو واتهمه "بخلق أزمة سيئة من خلال إدارته السيئة". وقال في بيان "هناك سؤال واحد ينبغي لنا أن نطرحه على أنفسنا بشأن الأزمة التي صنعها نتنياهو مع الولايات المتحدة، هل هي جيدة لإسرائيل أم سيئة؟".

وتابع "الإجابة القاطعة هي سيئة لإسرائيل، وسيئة للأمن، وسيئة للاقتصاد".

وقال لابيد إن الأزمة مع الولايات المتحدة كان من الممكن إدارتها بشكل مختلف. وأضاف "مسموح في بعض الأحيان أن تقول ‘لا‘ للأميركيين، لأن إسرائيل بالفعل دولة مستقلة ولسنا بحاجة إلى إذن من أحد للدفاع عن أنفسنا؛ لكن من الأفضل إبقاء الخلافات في غرف مغلقة، ومن الأفضل تنسيق كل شيء مع أكبر قوة في العالم وأهم حليف لنا".

وشدد على أن نتنياهو تصرف بشكل لا مسؤول وأن ردود أفعاله لا يمكن فهمها أو تفسيرها، مضيفا "هو يسرّع هذه الأزمة فقط من أجل كسب الوقت وصرف النقاش عن قانون التجنيد الشائن".

وكان نتنياهو قد قطع وعدا للأحزاب الدينية بإقرار قانون يعفي اليهود المتدينين من التجنيد الإلزامي إذا ما منحوا حكومته الثقة في الكنيست وانضموا إليها. ويثير مشروع القانون جدلا في إسرائيل، إذ ترفضه المعارضة كما يرفضه جزء من أركان الائتلاف الحكومي.

* مواجهة عن وعي؟

المحللة في هيئة البث الإسرائيلية دانا فايس هاجمت هي الأخرى قرار نتنياهو منع توجه الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن لإجراء مباحثات هناك، وقالت "السؤال المطروح هو ما إذا كان رئيس الوزراء قد دخل في المواجهة عن وعي، وما إذا كان يريد المواجهة مع الولايات المتحدة".

وكشفت فايس أن إدارة بايدن أبلغت إسرائيل مسبقا بكيفية تصرفها خلال التصويت في مجلس الأمن، ورغم ذلك وجَّه نتنياهو إنذارا للولايات المتحدة يهدد فيه بإلغاء زيارة الوفد إذا ما لم تستخدم واشنطن الفيتو ضد القرار.

وأضافت أن إسرائيل كانت تعلم بموقف الولايات المتحدة "لكن هذا لم يمنع رئيس الوزراء نتنياهو من إصدار بيان الليلة الماضية أصدر فيه إنذارا".

وتابعت "هذه ليست مجرد مواجهة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بل هي المواجهة التي يسعى نتنياهو إلى تحقيقها مع بايدن. فإسرائيل أمام سلة من الخيارات للتعبير عن استيائها من القرار الأميركي، وهذه ليست المرة الأولى التي يختار فيها نتنياهو عن وعي إلغاء زيارة وفد لواشنطن، رغم أن بايدن شخصيا هو من طلب إرسال الوفد".

وبحسب فايس، فقد اتخذ نتنياهو القرار بمفرده ولم يتشاور مع وزير الدفاع يوآف غالانت أو الوزير بيني غانتس أو حكومة الحرب، مبررة الانتقادات الشديدة لقراره.

* حالة من "الفوضى"

اتهم ناحوم برنيع، المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرنوت، نتنياهو بخلق حالة من "الفوضى" مع الولايات المتحدة، وقال "الفوضى التي أحدثها نتنياهو أدت إلى تفاقم الأزمة المتفاقمة أصلا بين الحكومتين".

ووصف برنيع ما حدث بأنه كان "عملا طفوليا يقترب من الغباء".

وأضاف "كيف كان نتنياهو يفكر؟ هل كان يظن أنه إذا أخرج اثنين من مسؤوليه من الطائرة ومنعهما من التوجه لواشنطن، ستشعر أمريكا بالذعر؟ هل من الآن فصاعدا ستستخدم حق النقض ضد أي اقتراح مناهض لإسرائيل في الأمم المتحدة؟".

ويشدد برنيع على أن بايدن يبحث حاليا عن مصلحته الانتخابية، وقال "إسرائيل عبء انتخابي في حملة انتخابية صعبة، ولا يستطيع بايدن تحمل المزيد من الصور القاسية وموجة أخرى من الاحتجاجات، في حين يهدد الجناح اليساري في حزبه بالتخلي عنه ومعه الملايين من الناخبين الشباب".

ويرى المحلل السياسي جهاد حرب أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة مختلفة تماما عن العلاقة المتوترة بين بايدن ونتنياهو. وقال لوكالة أنباء العالم العربي "إذا غضب أب من ابنه، فقد يطرده إلى خارج المنزل لكنه لا يتخلى عن حمايته".

وشدد حرب على أنه رغم عدم استخدام الولايات المتحدة حق الفيتو، فإن إسرائيل تعرف أن واشنطن لن تتخلى عن حمايتها، ولذلك كانت نبرة المسؤولين الإسرائيليين عالية في رفض القرار وتطبيقه والإصرار على مواصلة العمليات العسكرية.