قطاع الرخام بالمغرب يعاني بطء النمو لضعف البنية التحتية وقلة الاستثمارات
شواهد قبور رخامية في مدينة فاس المغربية
  • الرباط

  • الجمعة، ٥ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٣٤ م
    آخر تحديث : الاثنين، ٨ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٤٢ ص

قطاع الرخام بالمغرب يعاني بطء النمو لضعف البنية التحتية وقلة الاستثمارات

(وكالة أنباء العالم العربي) - يتمتع المغرب بوجود كميات وفيرة من الرخام الطبيعي ذي الجودة العالية والألوان المتميزة التي تجعله مصدر جذب للمشترين في الداخل والخارج، إلا أن هذا القطاع يواجه صعوبات ومعوقات تؤثر على نموه وتبطئ من تطوره من أهمها ضعف البنية التحتية وقلة الاستثمارات.

فالطرق الجبلية غير الممهدة تصعّب عمليات النقل والشحن وتزيد من تكاليف الإنتاج، وقلة الاستثمارات في هذا القطاع تُعطل تطوير التقنيات اللازمة لتحسين الإنتاج كما ونوعا.

ويتضح من تقرير حول مقالع الرمال والرخام نشرته لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن على موقع مجلس النواب المغربي أواخر الشهر الماضي أن المغرب لديه 2920 محجرا تتركز أساسا في الدار البيضاء وفاس وبني ملال ومراكش.

ونقل التقرير عن وزير التجهيز والماء نزار بركة أن أغلبية هذه المحاجر محاجر حصى ورمال، وأن مقالع الرخام هي الأقل نسبة. وقال إن 16 في المئة من المقالع هجرها الكثير من عمالها وإن 27 في المئة متوقفة، مشيرا إلى أن أغلبها يوجد في إطار الملكية الخاصة، حيث أن ملكية الدولة لا تمثل سوى اثنين في المئة.

وتقع معظم محاجر المغرب في مناطق جبال الأطلس بشمال البلاد. وأشار الوزير في التقرير إلى قلة المحاجر بالمناطق الجنوبية.

ثروة غير مستغلة

ويقول عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالعاصمة الرباط، إن المغرب غني بالرخام غير أن سوء حالة الطرق الجبلية التي يمكن من خلالها إيصال الرخام إلى المستهلكين بالمدن يعيق القطاع بقوة. ويؤكد "المغرب لديه العديد من مناجم الرخام إلا أنها غير مستغلة بسبب البنية الطرقية الضعيفة".

ويضيف "القطاع الخاص حتى لو أراد الوصول إلى مناجم الرخام فلن يمكنه تجهيز الطرقات. إمكانيات المغرب في هذا الجانب ضعيفة للغاية، وكان من الممكن أن يستغني المغرب عن استيراد الرخام لو أنه قام بفتح الطرقات وتهيئتها".

ويشير الكتاني في حوار مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إلى أن المغرب يستورد الرخام أساسا من إيطاليا، ويؤكد أن في مقدوره تحقيق اكتفاء ذاتي من الرخام ذي النوعية الجيدة لتوافره على الجبال الكثيرة في مناطق جبال الأطلس المتوسط والصغير والكبير وجبال الريف، لولا أنه يفتقر للبنية الطرقية اللازمة.

يقول "تبقى هذه الثروة غير مستغلة بشكل كافِِ لأسباب تخص الطرقات، حتى أن منطقة الحوز تُعد خير نموذج على ذلك بعد أن أظهر حادث زلزال العام الماضي أن المناطق الجبلية تفقد أحيانا تواصلها تماما مع المدن بسبب عدم كفاية شبكة الطرق".

وحول قلة محاجر الرخام مقارنة بمحاجر الرمال، قال الكتاني "السبب في ذلك دوما هو ضعف البنية الطرقية"، موضحا "مقالع الرمال تصل إلى البحر بسهولة ولا تحتاج لإمكانيات أو بنى طرقية خاصة، غير أن عملية نقل الرخام من الجبال تتطلب معدات وتهيئة طرقية صلبة بالإضافة إلى تكاليف باهظة".

عائق النقل والشحن

ورغم أن محاجر المغرب تحوي كميات ضخمة من الرخام بألوان وخصائص متميزة، ويجري تصديره إلى العديد من دول العالم لجودته وتنوعه واستخدامه في عدة مجالات كالبناء والديكور الداخلي والفنون، فإن بعض المناطق التي  توجد بها هذه المحاجر تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة للنقل والشحن، مما يؤثر بدوره على التكاليف وعلى القدرة التنافسية ويؤدي إلى قلة الخدمات اللوجيستية المتخصصة وإعاقة عمليات التخزين والتوزيع.

ولفت وزير التجهيز والماء في التقرير المقدم إلى لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن إلى أن القطاع في حاجة لمعدات متطورة ومراقبة فعالة للنهوض به. ودعا إلى حماية المنتوج الوطني وحماية القدرة الإنتاجية الوطنية من المنافسة الخارجية.

وتواجه مقالع الرخام ضغوطا قوية أيضا فيما يتعلق بالتأثير السلبي لعمليات الاستخراج على البيئة المحلية، مما يفرض قيودا تنظيمية وتشريعية صارمة.

وأشار الوزير إلى وجود 175 شركة للرخام "تشغل أكثر من 2330 كفاءة مغربية"، واعتبر أن قطاع المحاجر فرصة لتوفير فرص العمل وللتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ونسب نفس التقرير إلى ممثل وزارة الصناعة والتجارة المغربية قوله إن قطاع المقالع في المغرب يعتبر بمثابة "اللبنة الأولى لصناعات مواد البناء"، ومن ثم فإن تطوير قطاع مواد البناء يرتبط ارتباطا وثيقا بتطوير المقالع.

التصدير والاستيراد

يستورد المغرب الرخام من دول معروفة بإنتاجه مثل إيطاليا وإسبانيا وتركيا لتلبية الطلب المحلي على أنواع متنوعة ذات جودة عالية. وإلى جانب القدرة التنافسية القوية لنوعيات الرخام المستورد، فإن تكاليفه تنافسية أيضا مقارنة بالإنتاج المحلي.

وعلى الصعيد الآخر، يصدّر المغرب الرخام إلى دول أوروبية وعربية وأفريقية.

وأشار ممثل وزارة الصناعة والتجارة في تقرير لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن بمجلس النواب إلى أن الإنتاج الوطني من الرخام لم يرتفع في السنوات الأخيرة إلا بشكل طفيف، على الرغم من النمو القوي في الاستهلاك الوطني، وهو ما أدى لتعويض هذا الفارق بالرخام المستورد.

وبلغ إجمالي واردات المغرب من الأحجار الطبيعية الخام والمصنعة خلال سنة 2019 ما مجموعه 1.346 مليار درهم، مقابل صادرات بلغ حجمها حوالي 187 مليون درهم.