نازحو جنوب قطاع غزّة ووسطه يخشون تكرار سيناريو الجوع مع شحّ المساعدات التي تصلهم
المصدر: AWP - النازحة الفلسطينيّة سناء أبو القمبز بين الخيام والعرُش التي تسكنها عائلتها وأقاربها في دير البلح وسط قطاع غزّة وخلفها إحدى حفيداتها. الثلاثاء، 14 مايو أيار 2024
  • غزة

  • الأربعاء، ١٥ مايو ٢٠٢٤ في ١٠:٤٧ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ١٥ مايو ٢٠٢٤ في ١٠:٤٧ ص

نازحو جنوب قطاع غزّة ووسطه يخشون تكرار سيناريو الجوع مع شحّ المساعدات التي تصلهم

(وكالة أنباء العالم العربي) - تشكو الأربعينيّة الفلسطينيّة سناء أبو القمبز من عدم حصول عائلتها على أيّ مساعدات إغاثيّة من الجهات الأمميّة أو اللجان المحليّة المكلّفة بتوفير المساعدات منذ نزوحها الجديد إلى دير البلح من مدينة رفح قبل نحو أسبوع.

تُحصي سناء (49 عاما) كميّات الطعام المتوفّرة لدى عائلتها وعائلات أبنائها وبناتها وأقاربها الذين يشاركونهم السكن في عرُش وخيام، لتحسب عدد الأيام التّي يُمكن أن تكفي فيها هذه الكميّات الضئيلة دون الحاجة لشراء المزيد من الأسواق، التي تضاعفت الأسعار فيها منذ إغلاق المعابر وتوقّف تدفّق المساعدات من الخارج.

بعد ذلك، تعيد الأمّ لولدين وثلاث بنات توزيع الطعام على الأيّام عبر تقليص الكميّات المخصصة لكلّ يوم، علّ ذلك يكون حلا يحول دون عودة أسرتها إلى أيّام الجوع الأولى في بداية الحرب الدائرة منذ أكثر من سبعة أشهر.

وتخشى سناء، التي لها من الأحفاد ستة بينهم رُضّع، أن يطول أمد إغلاق المعابر وتوقف دخول المساعدات بعدما سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي دون وجود بديل لإدخال المساعدات إلى مناطق جنوب ووسط القطاع الذي يعيش فيه نحو مليونيّ فلسطينيّ، جلّهم نزحوا بسبب الحرب.

كانت السيدة الأربعينية قد نزحت من حيّ الشجاعيّة شرق مدينة غزة، وظلت تتنقل من مكان إلى آخر ستّ مرّات خلال الحرب حتى وصلت أخيرا إلى دير البلح. وخلال رحلة النزوح الشاقة تلك، عاشت تجربة الجوع والتزاحم من أجل الحصول على المساعدات دون فائدة، مع عدم القدرة على شراء ما يتوفّر من السوق.

ولأنها لا تحتمل العودة إلى مربّع الجوع من جديد، فقد اتّفقت مع الجميع على الترتيب الجديد لتوزيع وجبات الطعام اليوميّة، والذي سيشمل وجبتين للكبار وثلاث وجبات للصغار عند الحاجة.

مخاوف الجوع

وعلى الرغم من إدخال إسرائيل شاحنات تحمل الطحين والسولار المخصّص للمخابز في مدينة غزة عبر حدودها مع القطاع بالتنسيق مع برنامج الأغذية العالمي ووكالات أمميّة ذات صلة، فإنّ مناطق الوسط والجنوب ما زالت محرومة من أيّ مساعدات.

ولم يُعلَن بعد عن أيّ ترتيب يضمن إعادة تدفّق المساعدات من خارج القطاع إلى هذه المناطق. لذلك، يسود انطباعٌ عامٌ بين النازحين بأنّهم أمام شبح جوع مُحدق قد يُصبح واقعا حقيقيّا خلال فترة وجيزة في ظل بدء نفاد ما كان متوفرا لديهم من مخزون دون وجود بدائل.

وتتزايد التحذيرات التي تُطلقها جهات أمميّة ومؤسّسات أجنبيّة ولجان إغاثة محليّة من العودة من جديد إلى حالة التجويع وسط القطاع وجنوبه كما كان الحال في الشمال، إذا استمر توقّف إدخال المساعدات أياما إضافيّة، خصوصا في ظلّ حالة النزوح الكبيرة من رفح نحو خان يونس ودير البلح ومناطق أخرى وسط القطاع.

88e69117-8662-43c4-a49f-41678a75cc53.jpg

المصدر: AWP -  داوود الأسطل، المسؤول بإحدى لجان الإغاثة الرئيسة في مواصي خان يونس بقطاع غزّة، ومن خلفه مخازن إغاثية تبدو شبه خالية من المساعدات. الثلاثاء، 14 مايو أيار 2024

وبحسب داوود الأسطل، المسؤول بإحدى لجان الإغاثة الرئيسة في مواصي خان يونس، فإنّ العمل الإغاثي الميدانيّ المعتمد على تقديم المساعدات الغذائيّة والاحتياجات الأخرى للنازحين قد توقّف جرّاء عدم تدفّق شاحنات المساعدات من خارج قطاع غزة منذ ثمانية أيّام بعد سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح.

وقال الأسطل في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن حجم المساعدات التي كانت متوفّرة قبل توغّل الجيش الإسرائيلي في شرق رفح كان شحيحا وبالكاد يكفي النازحين، محذرا من أنّ هذا يعني حدوث أزمة كبرى قد تُفضي إلى مجاعة إذا توقّف تدفّق المساعدات لفترة أطول.

نقص كبير

وأوضح المسؤول الإغاثيّ أنّ عمليّات توزيع المساعدات تعتمد بشكل أساسي على ما يصل من خارج القطاع، والذي عادة ما كان يوزّع أولا بأوّل نظرا لمحدوديّته بشكل عام.

وقال إنّ المساعدات كانت تدخل إلى المعابر مع القطاع ويتم تفريغها في المخازن بشكل يوميّ ثم تتولى اللجان المحليّة توزيعها في اليوم التالي مباشرة. ووفقا لهذه الآليّة، فإنّ المساعدات اليوميّة كانت تكفي ليوم واحد فقط.

أيضا، أشار الأسطل إلى أنّ هناك عدّة مخازن رئيسة تقع ضمن المناطق التي توغّل فيها الجيش الإسرائيليّ، مؤكدا وجود نقص كبير جدا في الأغذية والمياه والأدوية والخيام والاحتياجات الأخرى مع زحف أعداد هائلة من النازحين إلى المواصي والمناطق القريبة منها.

1130e029-9f80-4132-9e94-02f7832cb94b.jpg

المصدر: AWP - أحد مخازن لجان الإغاثة في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة يبدو شبه فارغ من المخزون. الثلاثاء، 14 مايو أيار 2024

وتابع "أستطيع التأكيد أنّ العمل الإغاثي متوقف تماما، ولا يوجد في المخازن أيّ مواد تموينيّة أو أدوية أو احتياجات للإيواء. والطواقم العاملة في مجال الإغاثة الإنسانيّة عاجزة تماما أمام هذا الوضع الكارثي".

أضاف "المتوقّع الآن إذا ما استمرّ منع إسرائيل إدخال المساعدات هو سيناريو التجويع الذي حدث في الشمال، لكن مع فارق كبير ومهمّ للغاية، وهو أنّ من جاعوا بالشمال أعدادهم نحو 400 ألف، بينما في الوسط والجنوب هناك نحو مليونيّ فلسطيني".

وتحدّث الأسطل أيضا عن نقص حاد في مياه الشرب، سواء التي توفّرها الجهات المحليّة أو حتى المياه المعدنيّة المعبأة التي تُطرح في الأسواق وكان بوسع مرضى الفشل الكُلويّ والالتهاب الكبدي الوبائي والأمراض المزمنة شراؤاها.