• القدس

  • الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٨:١٧ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٨:١٧ ص

مسيرة الأعلام.. صبّ لمزيد من الزيت على النار في عيون المقدسيّين

(وكالة أنباء العالم العربي) - في أزقّة البلدة القديمة بمدينة القدس، لا صوت يعلو فوق الحديث عن حالة الترقّب التي يعيشها سكّان البلدة لحدث يتكرر كلّ سنة، لكنه هذا العام يأتي في ظلّ ظروف وملابسات مختلفة بعد مضيّ أكثر من ثمانية أشهر على نشوب الحرب في قطاع غزة الفلسطيني.

ويعتبر المقدسيون مسيرة الأعلام، التي ستنطلق غدا الأربعاء، تجديدا لما يرونه استفزازا إسرائيليا سنويّا، حيث تشق طريقها من القدس الغربية إلى الشرقيّة عبر البلدة القديمة حتى تصل إلى منطقة باب العامود، أحد أبواب المسجد الأقصى. وفي تلك البُقعة، يتجلّى الصراع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين في مشهد معقّد يتداخل فيه التاريخ والدين والسياسة.

ويُضفي الانتشار المكثّف لعناصر الشرطة الإسرائيليّة في المدينة تأهّبا لحماية المسيرة، التي يشارك فيها عشرات الآلاف من المستوطنين، المزيد من الأجواء المشحونة بالنسبة للفلسطينيين، الذين يعتقدون أنّ إسرائيل ماضية في خطط تهويد مدينة القدس بالكامل.

ويرى الناشط المقدسيّ محمد صادق أنّ المسيرة تأتي هذه المرة في ظرفٍ معقّدٍ، بعدما وافقت الحكومة الإسرائيليّة على مطالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي أصّر على إقامتها ووصولها إلى باب العامود.

وأشار صادق إلى أنّ البلدة تحوّلت منذ أمس الاثنين إلى ما يُشبه ثكنة عسكريّة في إطار حالة التأهّب التي أعلنتها الشرطة الإسرائيليّة استعدادا للمسيرة، التي ينظّمها المستوطنون الإسرائيليّون كل عام في ذكرى احتلال القدس الشرقيّة في يونيو حزيران 1967.

حالة احتقان

وقال صادق في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "هناك حالة احتقان كبيرة لدى الفلسطينيين في القدس؛ وهذه المسيرة هي محاولة استعراضيّة من بن غفير وجماعته للزعم بأنّهم يقتربون أكثر من تهويد مدينة القدس"، معتبرا أنّ سماح الشرطة الإسرائيلية بوصول المسيرة إلى باب العامود "إذعان" لبن غفير.

ويعتبر خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري ما يصفُها بالاستفزازات الإسرائيليّة المتواصلة في المسجد الأقصى، والمتمثلة في اقتحامه وتنظيم مسيرة الأعلام وغير ذلك، "صبّا للزيت على النار".

وقال في حديثٍ لوكالة أنباء العالم العربي إنّ "إسرائيل لم تُسقط من حساباتها يوما فكرة تهويد مدينة القدس بالكامل واقتلاع سكّانها منها... كلّ المحاولات الإسرائيليّة كانت تفشل دوما أمام إصرار الفلسطينيّ على البقاء في منزله وأرضه، رغم كلّ المضايقات التي يتعرّض لها".

ويرى صبري أنّ المستوطنين المتطرّفين "يعتقدون أنّ الوضع الحالي يخدمهم في تحقيق أهدافهم من خلال استغلال الحرب على قطاع غزة والانشغال بها، بالإضافة إلى وجود حكومة يمينيّة متطرّفة تنصاع بشكلٍ مباشرٍ لرغبات المستوطنين وتطلّعاتهم ولا ترفض لهم طلبا".

ويشكو أهالي البلدة القديمة من مضايقات يتعرضون لها من المستوطنين يوم المسيرة، التي عادة ما تشهد احتكاكات مع الفلسطينيّين تتحول أحيانا إلى مظاهرات. وفي عام 2021، أطلقت حركة حماس صواريخ باتّجاه القدس بالتزامن مع تنظيم مسيرة الأعلام، وهو ما أدّى إلى تفريقها في حينه.

ثلاثة آلاف شرطيّ

وتتزامن المسيرة هذا العام مع توتّرات إقليميّة بسبب الحرب المستمرّة في قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي، والتي يُخشى اتساع رقعتها في ظل التوترات التي أفرزتها على الحدود اللبنانية الجنوبية والمناوشات بين جماعة حزب الله والقوات الإسرائيلية هناك.

وأعلنت الشرطة الإسرائيليّة يوم الأحد الماضي حشد 3000 عنصر من عناصرها لتأمين المسيرة؛ وقالت في بيان إنّ هذا العدد من عناصر الشرطة وحرس الحدود سيعمل في جميع أنحاء المدينة "للحفاظ على النظام العام وسلامة الأشخاص والممتلكات، وتوجيه حركة المرور، مع التركيز على الأحداث الرئيسيّة التي ستحدث".

كما ذكرت أنّه ستتمّ الاستعانة بقوّات شرطة إضافيّة، وأنها ستسيّر دوريّات راجلة وأخرى بالدراجات النارية، فضلا عن استخدام وسائل مراقبة من الجو والأرض.

وأشار المواطن المقدسيّ أحمد الحسيني إلى أنّ الشرطة الإسرائيلية تُجبر الفلسطينيين في البلدة القديمة على إغلاق محالهم التجاريّة وتمنعهم من الخروج من منازلهم، معتبرا أنها "تتعامل مع الفلسطيني على أنه هو المعتدي وتترك المعتدين الحقيقين يعيثون فسادا في القدس وبلدتها القديمة والمسجد الأقصى".

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أنّ المسيرة ستلتزم بمسارها التقليدي على الرغم من التوترات في غزة؛ لكنها نقلت عن الشرطة حثّها "المشاركين وعامة الناس" على الالتزام يتعليماتها "من أجل تجنّب أي عنف جسديّ أو لفظي والسماح بمرور الفعالية بسلام... أيّ تعطيل أو أفعال عنف ستتعامل معها الشرطة بحزم".

وأشارت إلى أنّه سيتمّ إغلاق العديد من الطرق الرئيسة في القدس أمام حركة مرور السيّارات بعد ظهر الغد، على أن يُعاد فتحها تدريجيّا مع تقدّم المسيرة، بالإضافة إلى وقف عمل القطار الخفيف أثناء المسيرة وإعادة توجيه خطوط الحافلات بحيث لا تتداخل معها.