مسؤولٌ يمنيّ لـAWP: المساعدات الإنسانيّة والمدارس الحكوميّة وسيلتا الحوثيين لتجنيد الأطفال
عبد الحليم الهجري، مدير مكتب وزارة التربية والتعليم في صنعاء المعيّن من قبل الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليّا،
  • عدن

  • الخميس، ١١ يوليو ٢٠٢٤ في ١٢:٥١ ص
    آخر تحديث : الخميس، ١١ يوليو ٢٠٢٤ في ٨:٢٧ م

مسؤولٌ يمنيّ لـAWP: المساعدات الإنسانيّة والمدارس الحكوميّة وسيلتا الحوثيين لتجنيد الأطفال

(وكالة أنباء العالم العربي) - يرى عبد الحليم الهجري، مدير مكتب وزارة التربية والتعليم في صنعاء المعيّن من قبل الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليّا، أن جماعة الحوثي المسلّحة تستخدم المدارس الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرتها والمساعدات الإنسانية كوسائل لتجنيد الأطفال وضمّهم إلى صفوف عناصرها المسلّحة.

وقال الهجري في لقاء أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن جماعة الحوثي "لا تهتمّ بالتعليم إلّا بقدر ما يحقّق أهدافها ويخدم فكرتها؛ ولأجل ذلك حوّلت المدارس إلى شبكات لاصطياد الأطفال واستدراجهم بعدّة وسائل".

وأوضح أنّ الجماعة المسلّحة تقوم بنشاط تجنيد الأطفال عن طريق بعض مدراء المدارس والمعلمين الموالين لها، والذين يشجّعون هؤلاء الأطفال على الانضمام إلى معسكرات تدريب تديرها الجماعة.

أضاف أن من بين الوسائل الأخرى التي اتبعتها الجماعة في هذا الصدد تطويع المناهج الدراسية لتغذية هذا التوجّه لدى الأطفال من خلال إضافة موضوعات تزيّن للأطفال الانخراط في التجنيد، مشيرا إلى أنّ من بين الأمثلة على ذلك قصة تتحدث عن طفل من مدينة صعدة اسمه طومر يُطرح كبطل عظيم على نحو يبهر الأطفال الصغار.

وقال المسؤول الحكومي إن المناهج المدرسية تحوّلت "بعد أن حرّفتها جماعة الحوثي إلى مصدر من مصادر تسميم الأفكار وصناعة القنابل الموقوتة، التي ما تلبث أن تنفجر في وجوه الآباء والأمهات على صورة طفل مشوّه الفكر مغسول الدماغ يؤمن بأنّ من يخالف زعيم الحوثيين أو يرفض السير في طريق الجماعة الطائفي لا يستحقّ العيش ولو كان أبا أو أما".

تشكيل الوجدان

يرى الهجري أنّ المناهج الدراسيّة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أصبحت "وسيلة من وسائل صناعة الكراهية والحقد الطائفي والتجنيد... حيث تعمل جماعة الحوثي على تطبيع الأسلحة والعنف" فيها.

ووفقا لما ذكره، فإنّ الكتب المدرسية في تلك المناطق أصبحت تضمّ صورا لأسلحة وأطفال قتلى وسرديّات عسكريّة بطريقة متكررة في جميع الصفوف، من الصف الأول وحتّى الصف الثالث الثانوي.

وتابع "بالإضافة إلى تحديث المناهج الدراسيّة بهدف دفع خطاب الحوثيّين خلال العام الدراسي، دفع الحوثيّون أيضا ببرامج صيفيّة على الطراز العسكريّ للأطفال يشار إليها باسم المراكز الصيفية".

وأوضح أنّ الأطفال يشاركون من خلال هذه المراكز الصيفيّة في تدريبات إطلاق النار الحيّ، بالإضافة إلى أنشطة كثيرة تستمرّ لأكثر من شهرين كلّ عام، قائلا إن "هذا هو المكان الذي يتعرّض فيه الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عاما لعقيدة الحوثيين".

المساعدات أداة للتجنيد

واعتبر أنّ جماعة الحوثي تعمد أيضا إلى إفقار الأسر عبر قطع الرواتب والتضييق على الأعمال الحرّة والاستحواذ على سلال الإغاثة المقدّمة من المنظّمات الدوليّة والتحكّم في من يستحقها، كوسيلة إضافية للضغط على الأسر من أجل استقطاب الأطفال إلى صفوفها وقبول الأسر بتقديم أطفالها للتجنيد والقتال في صفوف الجماعة، بحسب وصفه.

وقال الهجري "تستغل جماعة الحوثي فقر تلك الأسر، بوضعها أمام خيارات صعبة، ما يجعل ربّ الأسرة يوافق على تسليم ولده للحوثيين لعلّه يستفيد من ذلك في إعالة أسرته؛ ولقد رصدت المنظمّات الحقوقيّة استغلال جماعة الحوثي للمساعدات الإنسانيّة في تحقيق مآربها وتخصيص جزء كبير منها لمن يوافقون على تجنيد أطفالهم".

وتابع "التجنيد الواسع للأطفال في صفوف الحوثيين والزجّ بهم في جبهات الحرب المنتشرة في اليمن كان من نتاجه المآسي التي رأيناها في الأطفال الذين أُسروا في المعارك مع القوات الحكوميّة، ما اضطر الحكومة المعترف بها إلى تكوين مركز لإعادة تأهيل أولئك الأطفال المجنّدين والمتأثرين من الحرب وإعادتهم إلى أسرهم".

ويرى الهجري أنّ هذا "يتطلّب من الحكومة المعترف بها القيام بواجبها في حماية الطفولة من خلال توعية الناس بطرق متعدّدة في مناطق سيطرة الحوثيّين بشأن مخاطر تجنيد أطفالهم، ومخاطبة المنظمات المهتمة بالطفولة للقيام بواجبها في إنقاذ الطفولة في اليمن".

موقف محايد

الحقوقي اليمني توفيق الحميدي، رئيس منظمة (سام) للحقوق والحريات، يرى بدوره أن مسألة تجنيد الحوثيين للأطفال يمكن النظر إليها على مستويين "الأول هو المستوى الحقوقي، من خلال التقارير الحقوقية التي ترتبط بها غالبا لجان التحقيق والمقررين في الأمم المتحدة".

وقال "هذه التقارير دائما ما تدين تصرّفات الحوثيين في ما يخص تجنيد الأطفال واستخدام المدارس كمنصات للتجنيد ونشر الأفكار الطائفية وتغيير المناهج الدراسية والتحريض على العنف" مشيرا إلى أن تجنيد الأطفال في مناطق الحروب والنزاعات يُعدّ جريمة بموجب ميثاق روما واتفاقية جنيف الخاصة بالأطفال أثناء النزاعات.

أضاف "تابعنا أن الأمين العام للأمم المتحدة أدرج في أغلب السنوات الماضية من الحرب في اليمن جماعة الحوثي في اليمن ضمن القائمة السوداء المتعلّقة بانتهاكات حقوق الأطفال الست وفق مبادئ باريس".

وتابع "الأصل أنّ لكلّ طفل الحقّ في التعليم والثقافة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون أيّ إملاء أو ضغوط أو تسيس، وهذا هو ما تخالفه جماعة الحوثي جملة وتفصيلا من خلال استخدام وزارة التربية والتعليم التي يديرها شقيق زعيم الحوثيين".

لكنّه يرى أنّ على المستوى الثاني، وهو الموقف السياسيّ للمجتمع الدوليّ والمنظّمات الدوليّة تجاه ما يتعرض له أطفال اليمن في مناطق سيطرة الحوثيين من تجنيد واستخدام التعليم كمنصات تجنيدهم واستخدامهم بطرق مختلفة "هو موقف محايد غالبا ولا يدين علنا تصرفات جماعة الحوثي تجاه الأطفال والتعليم".

وقال "لذلك أمثلة؛ فالمبعوثين الأمميّين والدوليين لهم مواقف محايدة تجاه تصرّفات الحوثيين، ليس في ما يخصّ الأطفال فحسب بل في ملفّات إنسانيّة واقتصاديّة وسياسيّة".

واعتبر أن "المجتمع الدوليّ، من الناحية السياسيّة، يرى أنّ جماعة الحوثي جماعة منتهكة لحقوق الإنسان عموما؛ لكنه يتعاطى معها أو يرى التعامل معها واقعا بحياديّة وتحت مبررات وحجج إنسانية أو حجج وسيطة تهدف إلى الوصول لحلّ متساوٍ بين الأطراف اليمنيّة".

تجنيد متزايد

كانت منظّمة (هيومن رايتس ووتش) قد ذكرت في تقرير لها نُشر في فبراير شباط الماضي أنّ أنشطة التجنيد في المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين "زادت بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول، بما في ذلك من خلال الكشّافة المدرسية".

وأوضحت المنظمة أنّ مشرفين تابعين لجماعة الحوثي "يأخذون الطلّاب من المدارس إلى مراكزهم الثقافيّة، حيث يُلقون محاضرات على الأطفال حول الجهاد ويرسلونهم إلى معسكرات الجيش والخطوط الأماميّة".

كما وثّقت المنظّمة الدوليّة استخدام الحوثيّين المساعدات الإنسانيّة التي تمس الحاجة إليها لتجنيد الرجال والأطفال ضمن عناصرهم، في الوقت الذي يحتاج فيه نحو 21.6 مليون يمني على الأقل لتلك المساعدات الإنسانية.

وعلى الرغم من توقيع الحوثيين على خطة عمل مع الأمم المتحدة "لإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة" عام 2022، إلا أنّ عمليات تجنيد الحوثيين للأطفال زادت منذ السابع من أكتوبر تشرين الأوّل الماضي، عندما أعلنت الجماعة تدخّلها العسكريّ دعما للفصائل في قطاع غزّة الفلسطيني عبر استهدافات للملاحة في البحر الأحمر.

وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ أكثر من 10.2 ألف طفل في اليمن قُتلوا أو تعرضوا لتشُوّهات، فيما بلغ عدد من جرى التحقّق من أنهم قد تم تجنيدهم منذ بداية الصراع في اليمن قبل أكثر من تسع سنوات نحو 3500 طفل.