• القاهرة

  • الاثنين، ١٠ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٥٧ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ١٠ يونيو ٢٠٢٤ في ٦:٣٠ ص

مصر تسعى لمضاعفة إيراداتها من تصدير الخدمات الرقميّة لكن مسارها لا يخلو من التحديات

(وكالة أنباء العالم العربي) - تسعى مصر لمضاعفة إيراداتها من تصدير الخدمات الرقمية العابرة للحدود إلى ثلاثة أمثال ضمن رؤيتها للفترة من عام 2022 إلى عام 2026، التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وبحسب هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، فإنّ الاستراتيجيّة التي وضعتها مصر لتحقيق هذا الهدف تتضمن تحقيق معدل نموّ سنويّ مركّب يصل إلى 19% خلال تلك الفترة، وتسعى أيضا إلى إضافة 215 ألف فرصة عمل مستدامة على مدار خمس سنوات في قطاع الخدمات العابرة للحدود والخدمات العالية التقنية.

تأتي ضمن هذا الإطار خدمات التعهيد، التي يرى عمرو صبحي، الرئيس التنفيذي لشركة (كونستريكس) لخدمات التعهيد، أنها شهدت نموّا كبيرا خلال السنوات الأخيرة لكنّها ما زالت تواجه تحديات ذكر منها البيروقراطية ونقص المهارات المتخصصة.

وفي إطار سعيها لزيادة صادراتها التكنولوجيّة، وقّعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اتفاقيّات مع 74 شركة عالميّة ومحليّة لتوظيف 60 ألف متخصص في خدمات التعهيد منذ نوفمبر تشرين الثاني 2022 حتّى يناير كانون الأول من العام الجاري، منها أكثر من 20 شركة تستثمر لأول مرة في مصر.

وارتفعت قيمة صادرات مصر الرقميّة خلال العام الماضي إلى 6.2 مليار دولار من 4.9 مليار دولار في عام 2022، بنسبة نموّ بلغت 26.5%؛ وتستهدف وزارة الاتصالات زيادة عدد العاملين في صناعة التعهيد والمهنيين المستقلّين إلى 550 ألفا يصّدرون خدمات رقمية بقيمة تصل إلى تسعة مليارات دولار في عام 2026، وفقا لبيانات الوزارة.

طفرة ولكن

وقال صبحي في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن "صادرات مصر من قطاع التعهيد بلغت نحو 3.7 خلال عام 2023 بنسبة نموّ بلغت 54 في المئة مقارنة مع عام 2022".

وعزا ما وصفها بالطفرة التي حقّقتها مصر في قطاع التعهيد واحتلالها مركز متقدم على مؤشّر الثقة في مواقع تقديم خدمات التعهيد العابرة للحدود في عام 2023 إلى استثمار الحكومة في تطوير البنية التحتية التكنولوجية وتأهيل الكوادر البشريّة المدرّبة لتلبية احتياجات السوق العالميّة.

ويرى صبحي أن الجهود الحكومية الرامية إلى تعزيز القطاع وتنميته "تُسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز مكانة مصر كمركز عالمي لصناعة التعهيد".

لكنّه يعتقد أنه ما زالت هناك خطوات عدّة يجب تنفيذها لتحقيق المستهدف من صناعات التعهيد، منها توسيع برامج التدريب للعاملين في المجال وتحسينها لتشمل المزيد من المهارات التقنيّة واللغويّة".

وقال "رغم المقوّمات القويّة، تواجه صناعة التعهيد بعض التحديات، منها نقص المهارات المتخصصة رغم توفّر القوى العاملة" مشيرا إلى "منافسة قوية من دول مثل الهند والفلبين" تستدعي تحسين مستوى التدريب لتلبية متطلبات السوق العالمية.

أضاف "من الضروري أيضا تعزيز البنية التحتيّة التكنولوجية لضمان توفير بيئة عمل متقدّمة تلبّي احتياجات الشركات العالمية والمحليّة".

من جانبه، قال محمد سعيد، رئيس مجلس إدارة شركة (إي.دي.تي) للاستشارات والنظم، إنه "حتّى تستطيع الحكومة تحقيق 13 مليار دولار صادرات تكنولوجيّة وأكثر من ذلك، يجب أن تهتمّ بتأهيل العنصر البشري من برامج ودورات تدريبية بالإضافة إلى دراسة السوق العالمية لمعرفة احتياجاتها".

أضاف "على المدى الطويل، يجب إعادة النظر في المناهج التعليميّة وتطويرها لتواكب متطلّبات السوق العالمية وليس السوق المحليّة فقط... الخريج من الجامعات المصريّة يحتاج فترة طويلة بعد الدراسة لتأهيله وفقا لاحتياجات السوق العالمية".

ويرى سعيد أنّ قطاع التعهيد في مصر "رغم ما حققه من تطوّر، لكنّ مكانته تراجعت في السوق العالميّة عمّا كانت عليه قبل عشر سنوات... لم نهتمّ بتطوير هذه الصناعة وتدريب العاملين فيها خلال الفترة الماضية لتستطيع المنافسة مع دول كبرى في هذا المجال مثل الهند".

وفي أبريل نيسان الماضي، انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال افتتاحه أحد المشاريع تمسّك الأسر المصرية بإلحاق الأبناء بالكليّات التي تدرّس العلوم التقليدية وحثّهم على أن يولوا اهتماما أكبر للعلوم التكنولوجيّة الحديثة التي تواكب سوق العمل.

وفي الآونة الأخيرة، طرحت الحكومة المصريّة للحوار المجتمعي خطّة لتطوير التعليم في المرحلة الثانوية، تسعى من خلالها إلى النهوض به حتىّ يصبح قادرا على تأهيل الطلاب للمنافسة في سوق العمل الدوليّة.

تحديات إضافيّة

وأشار صبحي إلى أنّ البيروقراطية والإجراءات الحكومية الطويلة تعوق زيادة صادرات التعهيد، قائلا "تواجه الشركات بعض التحديات البيروقراطية والإجراءات الحكوميّة التي قد تعوق سرعة تأسيس الأعمال وتشغيلها".

ويرى صبحي أيضا أنّ هناك تحديات اقتصاديّة وسياسيّة "تؤثّر على جاذبية مصر كمركز للتعهيد وتؤثّر على ثقة المستثمرين، فضلا عن فقدان السيطرة على العمليات، ومخاوف الجودة، ومشكلات أمن البيانات".

وتقوم صناعة التعهيد على تحويل مهام أو عمليات تجاريّة لشركات خارجيّة للقيام بها بدلا من تنفيذها داخل الشركة الأصليّة؛ ويشمل هذا القطاع مجموعة واسعة من الأنشطة، مثل تكنولوجيا المعلومات وخدمة العملاء والمحاسبة والتسويق، وأيضا الإنتاج.

وتهدف الشركات الكبرى من خلال إسناد تلك الخدمات لمتعهّدين في الخارج إلى تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، فضلا عن التركيز على الأعمال الأساسيّة للتك الشركات وتقليل التكاليف والوصول إلى خبرات متخصّصة والاستفادة منها.

وكان السيسي قال الشهر الماضي خلال افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابيّة إن إنشاء مراكز البيانات والحوسبة السحابيّة تُكلّف الدولة مليارات الدولارات، مشيرا إلى أنّ هذه المراكز متقدّمة للغاية وبعضها موجود تحت الأرض ولا يُمكن ضربه بأيّ نوع من القنابل.

وتسعى مصر إلى أن تكون مركزا إقليميا لنقل البيانات عبر جذب العديد من الشركات العالمية لإقامة مراكز البيانات الخاصة بها على أراضيها، خاصة في ظل مرور غالبية كابلات الإنترنت عبر أراضيها ورخص الأيدي العاملة.

وقال السيسي "قبل أن نفعل ذلك ده، كنّا نرسل بياناتنا لتكون موجودة في الخارج، وهذا نظام موجود في الدنيا؛ لكن رأينا أن نجعل بياناتنا موجودة عندنا ونوفّر هذه التكلفة ونحافظ عليها"، مؤكدا أنّ قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعدّ أحد أكبر القطاعات التي توفّر فرص عمل.

ويعدّ إصدار تشريعات لحماية البيانات أحد المطالب الرئيسية للشركات العالمية لإنشاء مراكز بيانات، وهو ما سعت إليه مصر في الآونة الأخيرة، حيث أقرّ السيسي قانونا في يوليو تموز 2020 ينصّ على ضرورة حماية البيانات الشخصيّة للمواطنين؛ لكن هذا القانون لم يدخل حيّز التنفيذ حتى الآن بسبب عدم إصدار لائحته التنفيذيّة.

ويقضي القانون بإنشاء هيئة عامة اقتصادية، تسمى مركز حماية البيانات الشخصية تتبع وزارة الاتصالات وتكون لها الشخصية الاعتبارية، ويكون مقرها الرئيس محافظة القاهرة أو إحدى المحافظات المجاورة لها، وتهدف إلى حماية البيانات الشخصية وتنظيم معالجتها وإتاحتها.