• القاهرة

  • الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ في ٨:٢٩:٠٤ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ في ٨:٢٩ ص

مصر تعول على قطاع الصناعة للوصول إلى حل مستدام لأزمة شح العملة الصعبة

(وكالة أنباء العالم العربي) - تعول مصر على قطاع الصناعة خلال الفترة المقبلة للوصول إلى حل دائم لأزمة شح العملة الصعبة، وسط توقعات بأن تساهم إجراءات اتخذتها الحكومة المصرية في الآونة الأخيرة، ومنها تحرير سعر الصرف، في انتعاش القطاع.

وساهم قطاع الصناعة بما يصل إلى 85 بالمئة من إجمالي صادرات مصر غير البترولية في 2023، وفقا لبيانات وزارة الصناعة والتجارة، ويعد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في مصر إلى جانب إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.

وتسعى مصر خلال العامين القادمين إلى تحقيق معدل نمو صناعي يصل إلى ثمانية بالمئة، وزيادة نصيب الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 20 بالمئة ارتفاعا من 17 بالمئة، وزيادة الصادرات الصناعية بنسبة تتراوح بين 18 و25 بالمئة، لتحقيق الهدف المتمثل في الوصول إلى صادرات بقيمة 100 مليار دولار سنويا، بحسب وزارة التجارة والصناعة.

وأدى نقص العملات الأجنبية إلى تراكم البضائع في الموانئ وتأخير مدفوعات السلع الأولية وإبطاء وتيرة النشاط التجاري في آخر 12 شهرا.

وتراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج، أكبر مصدر للعملة الأجنبية في البلاد، بصورة حادة خلال العام الماضي، بينما فقد الجنيه أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار منذ أوائل عام 2022، عندما بدأت الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

وبعد خفض سعر الصرف الرسمي للجنيه الشهر الماضي إلى حوالي 50 جنيها للدولار من نحو 30.9 جنيه للدولار، قبل أن يرتفع لاحقا إلى حوالي 47.5 جنيه للدولار، قفز تضخم أسعار المستهلكين في المدن إلى 35.7 بالمئة في فبراير شباط، ارتفاعا من 29.8 بالمئة في يناير كانون الثاني على أساس سنوي، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

لكن الأزمة بدأت في الانفراج مع إعلان الحكومة المصرية الشهر الماضي عن مشروع ضخم بالشراكة مع صندوق سيادي إماراتي لتطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط يشمل استثمارات بقيمة إجمالية 35 مليار دولار تصل خلال شهرين.

كما توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة تمويل يمكن أن تصل إلى تسعة مليارات دولار.

وأعلن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عن حزمة تمويل بقيمة 7.4 مليار يورو لمصر، من بينها قروض ميسرة بقيمة خمسة مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو ومنحة قدرها 600 مليون يورو. وفي اليوم التالي، أعلنت مجموعة البنك الدولي أنها ستقدم أكثر من ستة مليارات دولار لمصر على مدى السنوات الثلاث المقبلة لمواجهة أزمة شح العملة الصعبة وعجز الموازنة.

ويرى محمود الفوطي، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات، أن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية تحمل عوامل إيجابية وأخرى سلبية لقطاع الصناعة.

وقال الفوطي لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن تحرير سعر الصرف له تأثير إيجابي على قطاع الصناعة، حيث سيساهم في توفير مستلزمات الإنتاج ويتيح للمصانع العمل بكامل طاقتها.

وحددت الحكومة المصرية 152 منتجا تسعى إلى إيجاد بدائل محلية لها، بهدف جذب استثمارات في تلك المنتجات وتعميق التصنيع المحلي.

وسيمنح خفض قيمة الجنيه ميزة تنافسية للصادرات المصرية في الأسواق الخارجية بحسب الفوطي.

ومضى قائلا "على الرغم من هذه الأجواء الإيجابية، هناك توجس وتخوف من المستثمرين من عودة السوق الموازية للدولار، أو حدوث تقلبات في سعر الدولار مرة أخرى، مثلما حدث في التجارب السابقة لخفض قيمة الجنيه".

وأردف "تحرير سعر الصرف كان ضروريا، فمن غير المعقول وجود سعرين للدولار... لكن القرار جاء متأخرا وتسبب في زيادة التكلفة على الاقتصاد".

* تأثير سلبي

كان رفع سعر الفائدة بواقع 600 نقطة أساس لتصل إلى 27.25 بالمئة من ضمن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في وقت سابق من الشهر الحالي لمحاولة كبح التضخم.

لكن عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات يرى أن قطاع التصنيع يتأثر سلبا برفع أسعار الفائدة، قائلا إنه يؤثر بالسلب على الاستثمار.

وقال الفوطي "رفع الفائدة ووجود شهادات (ادخار) بعوائد تصل إلى 30 بالمئة يؤثر سلبا على الاستثمار، الكثير من المواطنين يلجؤون إلى وضع أموالهم في البنك للحصول على مكاسب عالية دون مخاطر".

وأضاف "ما الداعي للمجازفة بإقامة مشروعات قد تكسب أو تخسر، وهذا سيؤدي إلى انكماش في الأسواق".

وتابع قائلا إن تكلفة الاقتراض أصبحت مرتفعة للغاية، مما قد يؤثر على الرغبة في تطوير المشاريع القائمة أو إقامة مشاريع جديدة.

وأطلقت الحكومة المصرية في يناير كانون الثاني من العام الماضي مبادرة تمويل القطاع الصناعي بقيمة 150 مليار جنيه بمعدل فائدة يبلغ 11 بالمئة.

وقال الفوطي "هذه المبادرات غير مجدية، الأفضل أن يتم خفض سعر الفائدة بشكل سريع لأن في حال استمر هذا الوضع، لن يكون استقرار سعر صرف الجنيه فعالا على قطاع الصناعة".

كما أطلقت الحكومة المصرية حزمة تحفيز للقطاعات الصناعية الرئيسية، وحددت تسعة قطاعات رئيسية ذات أولوية ضمن برنامج إحلال الواردات، من بينها صناعة مواد البناء والصناعات الكيماوية والمنسوجات، قائلة إنها تمثل نحو 19 مليار دولار، أو 23 بالمئة، من فاتورة الاستيراد.

وقال علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد في الأكاديمية العربية للنقل البحري، إن تحقيق الانتعاش في قطاع الصناعة يحتاج إلى مزيد من الوقت والإجراءات.

وأبلغ الإدريسي وكالة أنباء العالم العربي "القرار (خفض قيمة الجنيه) له بعض الآثار الإيجابية، ومنها زيادة تنافسية الصادرات، لكن في الوقت نفسه أدى إلى ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج، وبالتالي زيادة أسعار المنتج النهائي في الأسواق المحلية".

وأضاف الإدريسي "على الحكومة تقديم المزيد من الحوافز للمستثمرين، ووضع خطط وسياسات لإنعاش قطاع الصناعة وتقليل تكلفة الإنتاج. دون اتخاذ خطوات متكاملة ومدروسة، لن يكون هناك انتعاش في قطاع الصناعة. ما يقال حاليا عن انتعاش الصناعة مجرد تصريحات صحفية لا تعكس الواقع".

وبلغت الواردات المصرية حوالي 80 مليار دولار في 2023، نزولا من نحو 94.5 مليار دولار في 2022، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. وسجلت الصادرات غير البترولية 34.4 مليار دولار في 2023، ارتفاعا من 33.9 مليار دولار في العام السابق.

ورفعت مصر الأسبوع الماضي أسعار منتجات الوقود في إطار تنفيذ تعهداتها لصندوق النقد الدولي بجعل الأسعار المحلية أكثر تماشيا مع الأسعار الدولية، وهو قرار قال الإدريسي إن له تأثيرات سلبية على قطاع الصناعة الذي يعتمد على الطاقة.