مخيم نزوح يحتضن أيتام حرب غزة وأمهاتهم في مواصي خان يونس
الأرملة الفلسطينية سماهر الأعرج مع بعض بناتها في العريشة التي يقيمون بها في مخيم البركة المخصص للنازحين الفلسطينيين من الأيتام والأرامل في منطقة مواصي خان يونس في جنوب قطاع غزة (29 أبريل نيسان 2024)
  • غزة

  • الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٣:٠١:٥٨ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤ في ٣:٠٢ م

مخيم نزوح يحتضن أيتام حرب غزة وأمهاتهم في مواصي خان يونس

(وكالة أنباء العالم العربي) - تعيد الأرملة الفلسطينية سماهر الأعرج ترتيب بعض أمتعتها القليلة داخل عريشة صغيرة وهي تحمل رضيعة جارتها التي خرجت للتو لتنظيف بعض الأواني وغسل الملابس المكدسة منذ ثلاثة أيام لعدم توفر المياه.

تضع سماهر (43 عاما) الفرش والبطانيات متراصة فوق بعضها بعضا، وتعلق الملابس القليلة على مسامير مثبتة في الألواح الخشبية التي تستند إليها العريشة لإتاحة المجال أمام بعض أطفالها السبعة للجلوس واللعب داخل المكان الذي يستخدم للنوم والطبخ أيضا.

وقتل الجيش الإسرائيلي زوج سماهر وابنيها الوحيدين، لتبقى وحيدة مع سبع بنات أكبرهن لا تتجاوز 13 عاما.

تعمد سماهر إلى تجهيز القليل من الفول المعلب والخبز المعد على فرن من الطين لإطعام أطفالها، بعدما عجزت عن توفير الخضروات التي توزعها المؤسسات الإغاثية، كما أنها لا تملك مالا يُمكنها من شرائه من السوق.

تسيطر ملامح الحسرة على وجه سماهر وتمتلئ كلماتها بالحرمان والوجع، في ظل نزوحها برفقة بناتها السبع بعد وفاة زوجها في السابع من مارس آذار متأثرا بجراح أصيب بها جراء قصف مدفعي إسرائيلي خلال محاولتهم الفرار من مدرسة أوت إليها العائلة مع مئات آخرين في خان يونس في يناير كانون الثاني.

ولم تقتصر أوجاع الأرملة على فقدان زوجها، لكنها فقدت أيضا ابنها الأكبر محمد (22 عاما) الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي في فبراير شباط، وياسين الذي يصغره بستة أعوام والذي قتل قبل شقيقه بشهر في قصف مدفعي، لتتراكم عليها الأحزان وسط نزوح شتت شمل الأسرة ومزقها.

تقول سماهر إنها لم تحظ بفرصة للبكاء والحزن، وظلت تبحث عن مكان يمكن أن تنزح إليه مع بناتها حتى عثرت على مخيم مخصص للأيتام في مواصي خان يونس بجنوب قطاع غزة.

جاءت سماهر إلى هذا المخيم قبل شهر ونصف الشهر تقريبا، بعدما كانت توزع بناتها على عدد من خيام أقاربها وأقارب زوجها.

توضح سماهر أن حياة عائلتها في وقت الحرب والنزوح كانت قاسية للغاية في وجود زوجها وابنيها الذين كانوا يجتهدون لتوفير بعض متطلبات الأسرة، لكن أوضاعها انقلبت رأسا على عقب بعد مقتل الزوج والابنين، وبقائها بلا سند مع بناتها الصغار.

ووصفت حياتها دون عائل بأنها "عذاب يفاقم معاناة الحرب والنزوح أضعافا مضاعفة"، قائلة إن الحمل ثقيل على الرجال، فكيف يكون حالها وهي وحيدة؟

* الفئات المهمشة والضعيفة

بينما اعتبرت الأرملة وجود أماكن نزوح خاصة بالفئات المهمشة والضعيفة بمثابة حبل نجاة لها، فإنها دعت إلى احتضان الأكثر تضررا وفقدا في الحرب مثل الأيتام والأرامل بشكل أكثر تنظيما وأوسع خدمات.

وقالت سماهر "الذين يكتوون بغياب المعيل يدركون معنى أن تجد مأوى يحتضنك خلال فترة الحرب المميتة، لذلك أنا وغيري من الأرامل نشعر بقيمة مخيم البركة للأيتام".

وأضافت "كنت هائمة على وجهي حتى قدر الله عز وجل لي هذا المكان، المطلوب توفير عشرات المخيمات للحالات المماثلة، ودعمها وتوفير ما تحتاجه هذه الأسر".

ويتكون مخيم الأيتام المقام في شارع الرشيد الساحلي في مواصي خان يونس من مجموعة من العرش الموزعة بشكل طولي، وبينها ساحات للعب الأطفال والتي تستخدمها الأمهات كذلك في غسل الملابس والتنظيف.

المخيم الذي يحمل اسم البركة أقيم ضمن سلسلة مبادرات خيرية بذات المسمى، ويضم 50 عريشة منفصلة تعيش فيها 70 عائلة، كون بعض الأرامل شقيقات، ولهن 350 طفلا يتيما، وفق مدير المخيم محمود كلخ.

وقال كلخ إن المخيم يوفر الإيواء بشكل أساسي، إضافة إلى وجبات الطعام والمياه الصالحة للشرب ومياه الاستخدامات الأخرى، فضلا عن كهرباء محدودة لشحن الهواتف وبطاريات الإضاءة.

وأكد أن إنجازه كان تحديا كبيرا "لأنه تم بجهود ذاتية فردية من أهل الخير دون مساندة أي جمعية محلية أو خارجية".

ويوضح مدير المخيم، الذي يعمل معلما وناشطا إغاثيا، أن الفكرة جاءت بعدما تقدمت مئات الأرامل بمناشدات لتوفير خيام أو مأوى لهن في ظل ارتفاع تكاليف شراء الخيام، فضلا عن أوضاعهن الاجتماعية التي تحتاج إلى أماكن آمنة وبعيدة عن الزحام.

وتوقع كلخ أن تنجح المحاولات خلال الفترة المقبلة في إنشاء مخيم جديد للأيتام أيضا بعد تخصيص قطعة أرض في شمال منطقة المواصي لذلك، ومواصلة العمل على توفير احتياجاته الأساسية، داعيا إلى مساندة هذه الفئة التي تعيش خلال الحرب بلا معيل.

175399f7-c4f1-4d4a-969b-ad1db0fb7ad5.jpg

efd1d45d-9307-4dea-95d2-7dc8c4bae3ba.jpg