مخاوف من نزوح واسع جديد مع تقدم الجيش الإسرائيلي شمال مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة
نازحون فلسطينيون في أحد مراكز الإيواء بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث زادت المخاوف بين النازحين من اجتياح إسرائيلي واسع للمخيم ما قد يضطرهم إلى النزوح مجددا (14 أبريل نيسان 2024)
  • غزة

  • الأحد، ١٤ أبريل ٢٠٢٤ في ٨:٤٨:٣٥ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ١٦ أبريل ٢٠٢٤ في ٩:٥٤ ص

مخاوف من نزوح واسع جديد مع تقدم الجيش الإسرائيلي شمال مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة

(وكالة أنباء العالم العربي) - يسيطر القلق والتوتر على الفلسطيني خليل السراج، مع استمرار تقدم دبابات الجيش الإسرائيلي بشمال مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، خشية اضطراره وأسرته للنزوح تحت وطأة القصف.

يجلس السراج (63) داخل محل خياطة بشارع رئيسي في المخيم الجديد بالنصيرات، ويتبادل أطراف الحديث مع جاريه اللذين يزيدان قلقه بحديثهما عن تصاعد العملية العسكرية الإسرائيلية وإمكانية وصولها إلى منطقتهم في أي لحظة.

ويستمع الرجل عبر هاتفه المحمول لإذاعة فلسطينية بالضفة الغربية تبث أخبار إحدى القنوات الفضائية العربية، ليتابع تطورات تقدم الدبابات الإسرائيلية حتى لا يفاجأ بها أمام منزله كما حدث في شمال قطاع غزة، وأخذ يضرب كفا بكف لعدم قدرته على تخيل إمكانية خروجه مع أولاده وأحفاده الثلاثة عشر من بيته والبحث عن ملاذ آمن آخر في منطقة جديدة.

يقول الرجل إن زوجته وأبناءه لا يتوقفون عن الطلب منه البحث عن مكان جديد يمكن أن يكون مأوى لهم حال اجتياح الدبابات للمنطقة، سواء طُلب منهم النزوح أم لا، غير أنه يصف المخيم بأنه "جزء من حياتي وتفاصيل يومياتي التي لا يمكنني العيش بدونها حتى لو كانت حربا طاحنة".

ويضيف السراج أن الخوف يسيطر على عائلته وعائلات أشقائه وكل سكان المخيم الجديد خشية تعرضهم للقصف والقتل "بشكل جماعي" كما حدث بمدينة غزة وشمال القطاع خلال الفترة السابقة، وفق حديثه، وقال إن مشاهد الجثامين تحت الركام وفي الشوارع خصوصا في مجمع الشفاء الطبي والأحياء السكينة المجاورة له لم تغادر أذهانهم.

ويؤكد الرجل أن الانطباع العام بين سكان المخيم المقيمين أو الذين نزحوا إليه منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، أن الجيش الإسرائيلي لا تضبطه أية معايير قانونية أو إنسانية حال قرر استكمال اجتياح المخيم، ويمكنه تكرار عمليات القصف السابقة في مناطق القطاع الأخرى التي يجتاحها.

ورغم حديث السراج عن تمسكهم بالبقاء في المخيم "حتى آخر رمق" لارتباطه الوجداني والحياتي بكل تفاصيله فضلا عن غياب أي رؤية لتوفير مكان ينزحون إليه، إلا أنه يؤكد أن القرار لدى الجميع هو عدم المخاطرة بأبنائهم وتركهم فريسة للهجمات الإسرائيلية، والنزوح حتى ولو إلى شاطئ البحر أو إلى العراء حفاظا على أرواحهم.

ويقول "لا ننام الليل ولا نستطيع التحرك في النهار ونبقى نتابع كل جديد بخصوص التوغل البري لإسرائيل، خصوصا وأن جيشها على مسافة قريبة من منازلنا فضلا عن تساقط القذائف علينا داخل البيوت والشوارع".

ويتابع قائلا "الجيش على أطراف المخيم ولا يحتاج سوى بضع دقائق لوصول الدبابات لمنازلنا. تخيل أن تعيش في ظل هكذا ظروف وكأننا ننتظر الموت بأي لحظة، نحن في حيرة من أمرنا: هل نغادر الآن ونحافظ على أرواحنا أو ننتظر حتى اللحظة الأخيرة مع مخاطرة كبيرة؟"

كان الجيش الإسرائيلي أعلن الخميس الماضي تنفيذ عملية عسكرية في مخيم النصيرات هاجم خلالها عشرات الأهداف.

ومخيم النصيرات ثالث أكبر مخيم للاجئين في فلسطين بعد مخيمي جباليا والشاطئ، وأنشئ عام 1948، ويقع في منتصف قطاع غزة بين مدينتي غزة شمالا ودير البلح جنوبا.

ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية البرية شمال المخيم انطلاقا من الطريق الذي يدشنه للفصل بين مدينة غزة وشمال القطاع من جهة وبين وسط وجنوب القطاع من جهة أخرى، بعد اجتياحه لقرية "المغراقة" ومناطق أخرى مجاورة للمخيم.

وتتعرض مناطق متعددة بمخيم النصيرات لقصف جوي ومدفعي ممع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من أطرافه الشمالية، مما يتسبب في سقوط مزيد من القتلى والجرحى بين الفلسطينيين فضلا عن تدمير المنازل والمزارع والطرق وغيرها من المرافق العامة والخاصة.

* نزوح متكرر

وتفاقم العملية البرية الإسرائيلية من معاناة وقلق النازحين داخل مخيم النصيرات سواء بالمدارس المخصصة كمراكز إيواء أو النازحين ببعض الخيام والمحال التجارية ونحوها، خصوصا وأن أغلبهم عايش النزوح مرات عديدة انطلاقا من مدينة غزة وشمالها إلى وسط وجنوب القطاع.

ومن بين هؤلاء، سهير البرديني، التي بدأت رحلة نزوحها منذ منتصف نوفمبر الماضي من منزلها بمدينة غزة إلى مخيم النصيرات ثم بعد تعرضه للاجتياح الأول اضطرت للانتقال إلى دير البلح بوسط القطاع، ومنها إلى رفح في الجنوب، قبل أن تعود لمركز إيواء تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالمخيم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه قبل شهرين.

ولا تتصور سهير (35 عاما) إمكانية نزوحها من جديد مع أطفالها الثلاثة، محمد (9 سنوات) وأحمد (8 سنوات) وسيف الذي لم يكمل أعوامه الأربعة، وبدء معاناة جديدة بعد أن استقرت مع عائلتها وعائلات والديها وأشقائها بمركز الإيواء.

وتبدو الأرملة، التي قُتل زوجها في قصف منزل شقيقاته في مدينة غزة في بداية الحرب، في حالة توتر غير مسبوق وهي تفكر فيما هو قادم من نزوح محتمل.

وتتساءل قائلة "هل سنبدأ بالبحث عن الطعام والماء من جديد؟ كيف سأوفر تكاليف النزوح والانتقال لمناطق أخرى؟ وأين يمكن إيجاد مأوى في ظل الازدحام الشديد للنازحين بكل الأماكن البديلة؟"

ويخشى أيضا فادي الكفارنة، النازح من مدينة بيت حانون في شمال القطاع، أن يطال الخطر حياته وحياة أبنائه الثمانية الذين يسعى جاهزا للحفاظ عليهم عبر النزوح المستمر من مكان إلى آخر منذ بداية الحرب، معتبرا أن الحياة بمكان يتوغل الجيش الإسرائيلي على مقربة منه "مخاطرة حقيقية"، خصوصا وأن الجيش اعتاد على استخدام الكثافة النارية كمقدمة لاجتياح أي منطقة.

غير أن الكفارنة (38 عاما) لا يعرف، مثله في ذلك مثل الكثيرين من السكان، إلى أن يمكن أن يتوجه بعد ذلك إذا تزايد القصف وواصلت الدبابات تقدمها.

وتواصل القصف الإسرائيلي صباح اليوم الأحد على مخيم النصيرات، بينما قُتل وأصيب العشرات خلال العملية العسكرية البرية المستمرة منذ عدة أيام شمال المخيم.