• غزة

  • الثلاثاء، ٢ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:٣٥ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:٣٧ ص

مجمع الشفاء ومحيطه في غزة.. دمار ربما أشد من وقع الزلزال

(وكالة أنباء العالم العربي) - ركام، أشلاء، وعظام متناثرة.. هكذا بات المشهد بمحيط مجمع الشفاء الطبي في شمال قطاع غزة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية منه إثر عملية عسكرية متواصلة منذ نحو أسبوعين.

ويحاول سعيد جودة، الذي وصل إلى المكان مع مئات غيره من الفلسطينيين لتفقد آثار ما خلَّفه الجيش بالمكان، وصف ما رآه؛ لكن هول المشهد أعجز اللسان عن الوصف.

يقول "هي أكبر من حرب، هي كارثة غير مسبوقة بكل معنى الكلمة".

فقد أحال القصف المباني إلى ركام وكأن زلزالا ضرب المكان للتو، وكل ما بقي بات أطلالا، وتناثرت الأشلاء في الطرقات.

نبش الجيش قبور الفلسطينيين الذين دفنوا في ساحات المستشفى خلال الحرب، وتناثرت عظام وأشلاء يستحيل معرفة صاحب هذه من صاحب تلك.

كان الفلسطينيون قد دفنوا عشرات الجثث في ساحات المستشفى بعد السابع من أكتوبر تشرين الأول بعدما حوصر المستشفى في وقت سابق، ولم يتمكن الناس من دفن القتلى.

ونبش الجيش الإسرائيلي في أوقات سابقة مقابر أخرى في شمال قطاع غزة بحثا عن إسرائيليين ربما قُتلوا ودُفنوا هناك.

* "أهوال مرعبة"

على بعض جدران ما تبقى من مجمع الشفاء الطبي خطَّ عاملون مذكراتهم اليومية، فكتب أحد هم "صبرا يا أهل الشفاء، فإن فرجكم قريب"، وكتب آخر "لقد حضنت الموت عشقا".

ويقف محمد الجبالي مصدوما من حجم ما رآه من دمار، ويقول إنه شاهد جثثا في الطرقات وقد مرت عليها الدبابات ودهستها.

ويضيف "لم يبق للإنسانية معنى بعد كل ما شاهدناه. نسينا الجوع والحصار الذي تعرضنا له على مدى شهور بعدما شاهدنا كل هذه الأهوال المرعبة".

وقال عبد الرحيم ناجي إن الدمار طال مئات المنازل في محيط المستشفى بالإضافة إلى دمار المستشفى نفسه.

وواصل حديثه لوكالة أنباء العالم العربي "قسم الولادة تم تدمير جزء كبير منه، وكثير من الأقسام طالها الخراب والدمار. أحوال المرضى الذين كانوا في المستشفى تثير الذعر. لا يمكن لإنسان أن يستوعب كل هذا الرعب".

وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين استكمال عمليته في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه.

وقالت الإذاعة الفلسطينية الرسمية إن طواقم الدفاع المدني في غزة عثرت على 300 جثة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المكان، في حين ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش قتل 200 "إرهابيا" في مجمع الشفاء ومحيطه واعتقل نحو 500.

* "لا يوجد متر واحد لم يُقصف"

في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل إن الطواقم لا تزال تنتشل جثامين الضحايا بمحيط المجمع، مؤكدا أنه لم يعد يصلح لأن يكون مركزا طبيا بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي مبانيه كافة.

وأضاف "المباني حُرقت بشكل كامل وتم قصف العديد منها بالصواريخ. لا يوجد متر واحد في مجمع الشفاء لم يُقصف".

وواصل حديثه "هناك عمليات تجريف واسعة بمحيط المجمع، وجميع الأراضي بداخله قد جُرفت كذلك، إضافة لتجريف المقبرة التي كانت بساحة المستشفى". وقال إن الجيش الإسرائيلي نقل الجرحى الموجودين داخل المجمع لأكثر من مبنى رغم عدم قدرتهم على الحركة.

وتابع قائلا إنه وفقا لشهادات الجرحى والمرضى الموجودين في مجمع الشفاء، فإنه لم يصلهم أي طعام أو ماء طوال فترة حصار المجمع التي استمرت 15 يوما. وتابع "العديد من المرضى تعفنت جروحهم وتدهور وضعهم الصحي بسبب عدم تلقي أي علاج طوال هذه الفترة".

كما أشار إلى أن مربعات سكنية كاملة في محيط مجمع الشفاء دمرت بالكامل، لافتا إلى أن العديد من العائلات لا تزال تبحث عن أبنائها تحت الركام وتعجز عن إخراجهم لعدم توفر المعدات.

واعتبر المتحدث أن حصار مجمع الشفاء "من أبشع المشاهد وأكثرها مأساوية منذ السابع من أكتوبر، حيث دُمرت منظومة صحية كبيرة بشكل كامل".

وذكر التلفزيون الفلسطيني أنه تم إحراق مباني مجمع الشفاء وأنه خرج بالكامل عن الخدمة.

وتحدث المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة عن مقتل 400 فلسطيني في مجمع الشفاء ومحيطه خلال فترة اقتحام المجمع، إضافة إلى اعتقال المئات، ووصف ما حدث في مجمع الشفاء بأنه "جريمة ضد الإنسانية والقانون الدولي وكل اتفاقيات حقوق الإنسان".

أما حركة حماس، فقد وصفت ما حدث بمجمع الشفاء الطبي بأنه "جريمة مروعة"، وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتحرك الفوري للدخول إلى مدينة غزة للاطلاع على تداعياتها، وحثت المحكمة الجنائية الدولية على التحقيق فيها.