• بيروت

  • الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٤٣ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٤٣ ص

مهرجانات لبنان الصيفيّة تُحدث انقساما في الآراء بين مؤيّد ومعارض مع استمرار الحرب

(وكالة أنباء العالم العربي) - يقف مجد تقيّ الدين (25 عاما) أمام مكتب لبيع بطاقات حضور الفعاليّات الفنيّة في العاصمة اللبنانيّة بيروت منتظرا دوره للحصول على بطاقات حفل أحد أشهر المطربين العرب، الذي سيُقام الشهر المُقبِل؛ لكنه يُبدي اندهاشه من "تصنيفات جديدة للوطنية" تُطلق على سيحضرون حفلات هذا العام.

يتساءل تقيّ الدين لماذا يعتبر البعض أنّ من يقرّرون حضور الفعاليات هذا العام "لا يهتمّون لأمر الشهداء" وفي المقابل يرى بعض من هُم في معسكره أنّ الطرف المعارض "لا يُحبّ الحياة".

يقول الشاب اللبنانيّ "لكلّ مواطنٍ الحريّة الكاملة في اختيار ما يُناسبه؛ فمن أراد عدم حضور المهرجانات تضامنا مع جنوب لبنان وفلسطين هو مُحقّ؛ ومن يرغب بالترفيه عن نفسه لساعتيْن فقط أيضا له الحق في ممارسة حياته الطبيعيّة".

ويشير تقيّ الدين إلى أنّ ثلاثة من أربعة أصدقاء سيحضر معهم الحفل يعملون ضمن جمعيّات لمساعدة النازحين من جنوب لبنان، قائلا "نسعى لنقدّم أقصى طاقتنا؛ وإن توسّعت الحرب، فسنكون إلى جانبهم... يُمكنني سماع الأغاني وتأييد المقاومة والوقوف ضد الاحتلال".

ووفقا لبائع البطاقات إيلي الخير، فإنّ بعض الفعاليات نفدت معظم بطاقاتها في أيام قليلة بعد الإعلان الرسميّ عن افتتاح بيعها؛ ويقول إن أسعار تلك البطاقات تتباين بحسب اسم الفنان ومكان الفعاليّة "فهناك فعاليات تبدأ أسعارها من 75 دولارا، وأخرى تصل إلى 500 دولار... وهناك فعاليات تبدأ أسعارها من 60 دولارا حتى 200 دولار".

"تضامن واجب"

وتتوالى الإعلانات عن مواعيد إقامة الفعاليات الفنيّة خلال الأشهر المُقبلة من قبل لجان المهرجانات في لبنان، حيث موسم السياحة الصيفية بمختلف المناطق، وسط انقسام في الآراء بين مؤيّد لإقامتها ورافض، في ظل تصاعد المناوشات العسكرية المستمرة بين جماعة حزب الله والقوّات الإسرائيليّة في جنوب لبنان منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي.

وكان هناك اعتقاد بأنّ المهرجانات لن تكون على جدول الأنشطة الصيفيّة هذا العام، خاصّة مع إعلان مهرجانات (بيت الدين) الشهر الماضي تعليق أنشطتها لهذا العام؛ لكنّ هذا الاعتقاد بدأ يتبدد مع إعلان لجنة مهرجانات (بيبلوس الدولية) برنامجها الفنيّ لهذا العام.

وعزت إدارة مهرجانات (بيت الدين) الدوليّة تعليق أنشطة هذا العام إلى استمرار الحرب في قطاع غزّة الفلسطيني، حيث قالت رئيسة لجنة المهرجانات نورا جنبلاط وقتها إنّ المهرجان يأتي هذا العام "في وقت يمرّ فيه جنوب لبنان وأهله بأوقات عصيبة وقاسية، وتعيش فلسطين حالة إبادة جماعيّة متواصلة على مرأى العالم وصمته".

وترى الناشطة السياسيّة جنى ديراني (30عاما) أنّ التضامن مع أهالي جنوب لبنان "واجبٌ علينا؛ فلا يُمكن أن نفرح ونُكمل حياتنا بشكل اعتيادي فيما هناك شهداء وجرحى وبيوت تُدمّر يوميّا".

وقالت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ "المهرجانات كان يُمكن أن تُعلِن تخصيص جزء من أرباحها لدعم العائلات النازحة في جنوب لبنان؛ حينها، يُمكن توظيف الموسيقى والفنّ لخدمة قضيّة إنسانيّة".

لكنّها اعتبرت في الوقت ذاته أنّ "المشكلة في تحويل كلّ مسألة إلى سجال سياسيّ بين فريقين؛ فيُصبح من يؤيّد حزب الله ضدّ الفن، ومن يعارضونه هم الذين يُحبّون الفرح... وهذا تصنيف خاطئ هدفه تسجيل النقاط الحزبيّة فقط".

"الانقسام في الآراء لا يتعلّق بحقّ إقامة المهرجانات من عدمه، إنّما هناك انقسام حادّ لدى العديد من المواطنين؛ فهناك من يريد الاحتفالات، ليس من منطلق دعم السياحة وإنّما لكون الأوضاع في جنوب لبنان لا تعنيه ويهمه أن تبقى محصورة في جغرافيا معيّنة".

وتابعت "في الجهة الأخرى، هناك من يعبّر عن رفضه بطريقة عدائيّة؛ فعلينا ألّا ننسى أنّ العديد من البلدات والقرى تنتظر فصل الصيف لإقامة مهرجانات تؤمّن لها دخلا ماديّا قد لا يتوفّر لها في باقي فصول السنة".

"نوع من أنواع الصمود"

في مؤتمر صحفي نهاية مايو أيار الماضي بمدينة جبيل شمال لبنان، أعلنت إدارة مهرجانات (بيبلوس الدوليّة) إطلاق فعاليّاتها لهذا العام بشكل رسميّ.

كما نشرت إدارة مهرجان (إهدنيَّات الدوليّ) أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ جدول الفعاليات التي ستُقام في منطقة إهدن بشمال لبنان، والتّي تضمّ ستّ فعاليّات فنيّة وغنائيّة ومسرحيّة تُقام في يوليو تموز المقبل.

وأشارت لجنة مهرجانات (بيبلوس الدوليّة) خلال مؤتمر صحفيّ إلى أنّ الفعاليّات ستُقام "لتحدّي الصعوبات وتغليب لغة الفرح والسعادة... والسعي لتوازن ماليّ لهذا الحدث السنويّ في غياب أيّ مساهمة رسميّة أو رعاية خاصّة".

وقال روفايل صفير، رئيس مهرجانات (بيبلوس الدولية)، في حديث لوكالة أنباء العالم العربيّ إن "مهمة اللجنة (المعنيّة بالمهرجانات) هي إقامة المهرجانات، وهو دورنا الطبيعيّ؛ وبالنّظر إلى عدد الاحتفالات الفنيّة والموسيقيّة بين بيروت والمناطق اللبنانيّة، فإنّ هناك حوالي 100 فعاليّة ثقافيّة".

"على الرّغم من الظروف التي نمرّ بها، إلّا أنّ هناك رغبة في الاستمرار بالفعاليّات التي تدلّ على قدرتنا على النهوض، إضافة لطلبات الجمهور بإقامة الحفلات... معظم المشاركين من الفنانين اللبنانييّن، إضافة إلى فنّانين من مصر".

وأشار إلى أنّ المهرجان، الذي يبدأ في 18 يوليو تموز المقبل ويستمرّ حتى 27 من الشهر ذاته، "يضمّ تنوّعا في الفعاليات، في الأنواع الموسيقيّة والغنائيّة، الشرقية والغربية منها.

وتابع "المستفيدون من المهرجانات هم من المتخصصين في الشؤون التقنيّة، كهندسة الصوت والإنارة، والعاملين بالورشات، إضافة إلى عدد من الفئات الشابّة التي تستقبل الزوّار أثناء الفعاليّات، وهذه فرص عمل موسميّة تؤمّن مدخولا (دخلا) للمؤسسات السياحيّة والأفراد".

واعتبر وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصّار خلال مؤتمر صحفي لإعلان انطلاق مهرجانات (بيبلوس الدولية) أن مثل هذه المهرجانات "نوع من أنواع الصمود".

وقال "نحن نُقاوم الموت بالحياة، والبؤس بالفرح؛ وهذه هي ثقافتنا التي نتميّز بها على اختلاف طوائفنا وانتماءاتنا السياسيّة على كافة الأراضي اللبنانية".