مآذن وقباب من القاهرة المحروسة.. معرض يكشف ثراء القيم المعمارية في مساجد العاصمة المصرية
  • القاهرة

  • الأربعاء، ٣ أبريل ٢٠٢٤ في ٢:٢٧ م
    آخر تحديث : الأربعاء، ٣ أبريل ٢٠٢٤ في ٢:٢٧ م

مآذن وقباب من القاهرة المحروسة.. معرض يكشف ثراء القيم المعمارية في مساجد العاصمة المصرية

(وكالة أنباء العالم العربي) - في قصر (الأمير طاز) بحي الخليفة في القاهرة انطلق معرض (مآذن وقباب من القاهرة المحروسة) والذي يُبرز بحسب معماريين قيمة التنوع في عمارة مساجد القاهرة التاريخية بينما يجدد النقاش حول تغييرات يحتمل أن تهدد النسيج العمراني للمدينة.

المعرض ينظمه جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، ويقدم من خلال مجموعة من الصور الفوتوغرافية رحلة تطور طرز تصميم المآذن والقباب من خلال العصور الإسلامية المختلفة، بدءا بالعصر العتيق الأموي والإخشيدي والطولوني، ومرورا بالعصر الفاطمي والأيوبي والعثماني.

وقال رئيس جهاز التنسيق الحضاري محمد أبو سعدة "المعرض يأتي قبل أيام من الاحتفال باليوم العالمي للتراث، لكن رأينا في تنظيمه خلال شهر رمضان فرصة للتفاعل مع الأجواء الروحانية المرتبطة بعمارة المساجد".

ويحتفي العالم بيوم التراث في 18 أبريل نيسان من كل عام.

وذكر أبو سعدة في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن الهدف من المعرض "توثيقي لتأكيد تأثير المآذن والقباب في العمارة الإسلامية وإبراز عناصر التنوع الناتجة عن تعاقب الحقب التاريخية لمصر الإسلامية".

ويشير إلى أن المعرض يمثّل مرجعية مهمة وأرشيفا بصريا يدل على تنوع القيم المعمارية للمساجد من خلال القباب والمآذن، إلى جانب التأكيد على أن القاهرة لا تزال مدينة حية محتفظة بمفرداتها التي تميزها.

ويضم المعرض صورا أرشيفية إلى جانب بعض الصور الحديثة التي التقطت من خلال تسعة مصورين معاصرين مهتمين بالعمارة التراثية، هم علياء نصار وميشيل حنا وجورج فخري وشام توحيد وعمر الرزاز وكريم بدر وآندرو شنودة ودعاء عادل ومحمد عبد الظاهر.

ويقول المصور جورج فخري "شاركت بمجموعة صور لقلعة صلاح الدين ومسجد أحمد بن طولون ومسجد الأقمر بشارع المعز"، ويضيف "تُبرز الصور جماليات هذه المساجد من زوايا متعددة وفي توقيتات مختلفة خاصة وقت الغروب".

ويصف فخري المعرض بأنه "الحدث الذي يكشف عن ثروة معمارية هائلة تحتاج إلى اهتمام وصيانة لكي تبقى محتفظة بقيمتها. وهذه هي رسالة المعرض".

* ثراء وتنوع معماري

وتشير الروائية مريم عبد العزيز التي كانت ضمن من حضروا افتتاح المعرض أمس الثلاثاء إلى أن تجاور الصور القديمة مع المعاصرة يقدم رسائل بالغة الأهمية، كما تلفت إلى أن تركيز منظمي المعرض على عنصرين مهمين في عمارة المساجد، المآذن والقباب، أضفى أهمية خاصة على محتواه.

وتقول إن هناك عناصر يندر الالتفات إلى تميزها، فالمئذنة لها وظيفة واضحة وهي إعلاء صوت الأذان، لكن القباب يمكن أن تكون لضريح أو مدفن، وتشير إلى أن هذا التنوع يمثل عنصر ثراء معماري.

يتزامن افتتاح المعرض مع افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة على أطراف القاهرة، ويجيء في ذروة النقاشات الدائرة خلال السنوات الأخيرة حول ما يتعرض له النسيج العمراني للقاهرة من تحولات.

وترى مريم عبد العزيز أن المعرض يسهم على نحو واضح في إلقاء الضوء على ثروة معمارية أصبحت مهددة، وأن الصور تساعد على لفت الانتباه إلى هذه الثروة بصورة حية.

ويؤكد فنان الخط العربي محمد بغدادي أنه مع ظهور الإسلام ربحت الحضارة الإسلامية وحدة معمارية جديدة متمثلة في المسجد الذي ألهم خيال الفنان لصياغة شخصية معمارية اعتنت بإبراز مختلف العناصر الدالة على هوية المكان الديني.

ويشير بغدادي إلى أن الصور داخل المعرض تظهر حيوية القاهرة "كمدينة من لحم ودم تحمل كل زخم التاريخ وطبقاته الحضارية المختلفة، كما أن توقيت انعقاده يتضمن رسالة مهمة حول ضرورة الاحتفال بما نراه والحفاظ عليه".

ويضيف "لا يمكن تأمل أثر بمعزل عن النسيج العمراني الذي صاغ هويته عبر التاريخ".

ويدعو بغدادي جميع اللجان المعنية بعمليات شق المحاور المرورية الجديدة في القاهرة إلى تأمل المعطيات التي تطرحها الصور المعروضة لعلها تُنبّه إلى القيمة الحضارية لمدينة القاهرة التي تحتل مكانة مهمة على قوائم التراث العالمي.

* إرث من أجيال إلى أجيال

ينوه المصور كريم بدر المشارك في المعرض إلى القيمة التي يمثلها ويعتبره "مبادرة ذكية لجمع عدد كبير من المصورين المهتمين بعمارة القاهرة" التي تخطى عمرها الألف عام ويرى أن هؤلاء "أقرب إلى عشاق أفنوا أعمارهم في تأمل المدينة وتوثيق تفاعل البشر معها".

وينظر بدر إلى مفارقة مهمة من وجهة نظره تتمثل في تزامن المعرض مع افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، موضحا أن المعرض في بعض جوانبه يمثل احتفالا بمدينة جديرة أن تحتفظ بنسيجها العمراني، ويقول "من المهم ألا نتوقف عن طرح جميع التساؤلات المتعلقة بمصير هذا الإرث".

ويضيف "علينا التمسك بتراثنا، فقد ورثناه من أجيال الأجداد، وعلينا أن نتركه للأجيال القادمة وهو في حال أفضل".

ويصف القاهرة بأنها مدينة تحظى بخصوصية فريدة لا ترتبط بتراثها فقط بل وباحتفاظها بتفاصيل الحياة اليومية التي تجعلها مدينة حية لديها القدرة على مقاومة صور التدهور "لتبقى محتفظة بأنماط وطرق عيش مختلفة تزيدها سحرا وجمالا".

* مهمة التوثيق

من جهة أخرى، يبدي المعماري الدكتور طارق والي تحفظه على صور المعرض ويصف بعضها بأنها "صور ميتة"، ويقول إنها رغم ارتفاع قيمتها الجمالية لا تحقق قيمة التوثيق المعماري بطريقة علمية صحيحة.

وحسب رأيه "تفتقد الصور البيانات والمعلومات الدقيقة عن المصورين وعن أسماء بعض المساجد وتوقيتات التصوير والقيم المعمارية التي تمثلها كل مئذنة وقبة".

ويضيف "يبقى المعرض مناسبة احتفالية جيدة، لكنها لا تخدم العلم لأن الصورة لا تروي الحكاية بعناصرها كافة. فالعبرة ليست في تصوير المبنى، بل في تأويل العلامات التي يمثلها".

غير أن المعمارية الدكتورة سهير زكي حواس، الرئيس السابق للإدارة المركزية لجهاز التنسيق الحضاري، ترى أن المعرض يمثل مبادرة مهمة تواجه عمليات فقدان الذاكرة الحضارية للقاهرة.

وتضيف "التوثيق على هذا النحو هو نوع من الإنقاذ من أي مصير يمكن أن يواجه هذه المساجد في المستقبل لأن تراثنا مهدد باسم التنمية، كما أننا نعاني من شق الطرق داخل نطاقات تاريخية ومعمارية".

وتصف المعرض بأنه "صورة من صور التوثيق المرئي تضيف لما هو مدون في الكتب التاريخية".

وتقول حواس "انبهرت من الثراء والتنوع الذي تؤكده الصور في العمارة الإسلامية داخل القاهرة وحدها كأني أفتح كتابا وضعت أوراقه على الجدران كما ينبغي وضعها في ألبوم لوقف أي محاولة للمساس بها".

ويستمر المعرض حتى الرابع من أبريل نيسان.

c8b8f1ff-6936-4042-89af-6cc11e053b40.jpg