ما وراء مناطق المواجهة.. بلدات لبنانية تأثرت اقتصاديا واجتماعيا بمعارك الجنوب
AWP – آثار القصف الإسرائيلي على منطقة الوزاني في جنوب لبنان (27 يونيو حزيران 2024)
  • بيروت

  • الاثنين، ١ يوليو ٢٠٢٤ في ١٢:٠٦ م
    آخر تحديث : الاثنين، ١ يوليو ٢٠٢٤ في ١٢:٠٦ م

ما وراء مناطق المواجهة.. بلدات لبنانية تأثرت اقتصاديا واجتماعيا بمعارك الجنوب

(وكالة أنباء العالم العربي) - خلف مناطق  المواجهة، تقع مدنٌ وبلدات لبنانية لم يصبها القصف حتى اليوم، لكنها تأثرت بالمناوشات العسكرية عبر الحدود بين جماعة حزب الله والقوات الإسرائيلية، سواء بسبب القلق المستمر من إمكانية اتساع رقعة الحرب أو الخوف من استمرار الوضع الأمني على حاله وتأثيره على القطاعات الاقتصادية والسياحية.

ومن البلدات الحدودية في الشرق قرى مزارع شبعا وكفركلا والعديسة وحولا وميس الجبل، وفي الوسط بليدا ورميش ويارون ورامية، بينما تأتي في القسم الغربي بلدات مروحين وعلما الشعب والناقورة. وخلف هذه المناطق تقع حاصبيا وصور وجزين وصرفند وضفاف نهر الليطاني ومنطقة إقليم الخروب وغيرها.

وتفجر قصف متبادل شبه يومي عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي من ناحية وجماعة حزب الله وفصائل فلسطينية مسلحة في جنوب لبنان من جهة أخرى في أعقاب اندلاع الحرب بقطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي.

وفي ديسمبر كانون الأول الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي قصف مثلث إقليم التفاح- جزين- أطراف شرق صيدا، حيث أغارت الطائرات على أحراج تقع بين منطقتي بصليا وسنيا. وحينها هيمن القلق على سكان قضاء جزين من أن تطال المناوشات العسكرية 
منطقتهم.

ويقول جورج حلو، صاحب فندق بمدينة جزين في جنوب لبنان، إن الحركة الاقتصادية تأثّرت بما يحدث جنوبا.

ويوضح قائلا لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "لم نسجل حتى الآن الحجوزات الفندقية التي من المفترض تأمينها في مثل هذا الموسم من كل عام".

ويشير حلو إلى أن المدينة تتميز بموقعها الجغرافي، بكونها بمنطقة وسطى، في الجنوب النبطية وصور، وشرقا مدينة صيدا، وشمالا باتجاه الجبل وبيروت "لنكون مركزًا ومنطلقا للسيّاح".

وتابع قائلا "تنقسم عائلات جزين بين من يعيش فيها طوال السنة ومن يسكن خارجها ويزورها في أيام العطل، وخلال الصيف تنشط الحركة فيها لمناخها المعتدل والنشاطات البيئيّة والثقافية والسياحيّة التي تقام بها".

وأضاف "جزين مدينة لم يصبها أي ضرر منذ أكتوبر تشرين الأول، فهي بعيدة عن مناطق المواجهات، ولم نشهد موجة نزوح كبيرة، ولكن الخوف كوننا لا نعرف أين ومتى يقرر الاحتلال الإسرائيلي أن يستهدف السيارات أو المدنيين".

ويقام في جزين مهرجان سنويّ، يستقطب العديد من الفنانين ويقام خلاله عدد من الفعاليات الفنية. ويرى حلو أن المهرجان، الذي يشكل مردودا اقتصاديا للمدينة وما حولها، سيقام هذا العام "إلا أن برنامج (المهرجان) لم يعلن بعد، وما إذا كان سيكون مختصرا عن السنين السابقة".

منتزهات الليطاني

وعلى مقربة، تقع منطقة نهر الليطاني التي تشتهر بالمنتزهات والمطاعم المنتشرة على طول ضفافه التي تُعتبر وجهة سياحية لمختلف المناطق اللبنانية، وتنشط حركتها خلال فصل الصيف، لكن أصحاب الأعمال لا يبدون تفاؤلا بالموسم الحالي إذا استمرت الأوضاع الأمنية المتوترة جنوبا.

وقال محمد الساحلي، صاحب أحد المنتزهات، لوكالة أنباء العالم العربي "الحركة خجولة حتى الآن وهي مقتصرة على أبناء المنطقة المحيطة، بينما الاعتماد (الأساسي) كان على السيّاح والزائرين".

وتابع "دور المؤسسات السياحيّة المنتشرة في القرى التي يخترقها نهر الليطاني أنها تؤمن فرص عمل لسكانها، إن كان عبر مزارع تربية الأسماك أو المطاعم والمقاهي، والذي شهد تراجعا كبيرا خلال الأشهر الماضية مما دفعنا كأصحاب منتزهات، إلى تحديد عدد الموظفين تبعا لحركة الزبائن".

وأرجع انخفاض النشاط السياحي إلى "الخوف من التنقل عبر الطرقات الرئيسية في جنوب لبنان، فالعديد من الرحلات السياحية كانت تبدأ جولتها من أحد المنتزهات على النهر وتختمها على بحر مدينة صور".

كما أشار الساحلي إلى أن العائلات تفضل المنتزهات "كون الطعام والمشروبات يُسمح للأسرة بإدخالها، على أن يستأجروا عددا من المقاعد والطاولات ونقدم لهم بعض الخدمات، في حين هناك مطاعم اتخذت قرار تقديم الوجبات عبر مطبخها حصرا".

وبدوره يرى خالد المتني، صاحب مقهى على القسم الجنوبي في نهر الليطاني، أن عملهم تضرر بشكل كبير خلال السنوات الأربع الماضية، وليس مع اندلاع الصراع الأخير فقط.

وقال المتني لوكالة أنباء العالم العربي "المعاناة بدأت مع الأزمة الاقتصادية عام 2019، لترتفع أسعار الكهرباء والمازوت ورواتب الموظفين، وخلال صيف العام الماضي استعدنا نشاطنا، لكن منذ انطلقت المعارك في الجنوب، أدركنا أنه في حال استمرارها فسوف تؤثر سلبا على عملنا".

وأضاف "كان يعمل معنا نحو 30 شابا، في تخديم الزبائن والمطبخ والقسم الإداري، الآن لا يتواجد إلا خمسة أشخاص لتأمين المتطلبات بحال حضور الزوار".

وتشكل المنتزهات مقصدا للمغتربين أيضا، ويقول المتني إنهم يشكلون "حضورا دائما في فترة الصيف وينعشون المؤسسات السياحية..نشهد حركة مغتربين قادمين إلى لبنان ولكن حتى اليوم لم نشهد الحركة المطلوبة بسبب خوفهم".

ويقول "بحال وقف إطلاق النار خلال شهر يوليو تموز قد يساعدنا ذلك لاستعادة موسمنا حتى نهاية سبتمبر أيلول، أما اذا استمر حتى نهاية أغسطس آب، فهذا يعني خسارتنا للموسم ولن نتمكن من التعويض إلا العام المقبل". 
     
الحركة التجارية

وفي بلدة صغبين بمنطقة البقاع، يعمل جهاد علّام في زراعة الكرز، وكان الجنوب أحد الأسواق التي يعتمد عليها في تسويق منتجاته، لكن الأوضاع الأمنية تمنعه من التوجه نحو التجار كما اعتاد كل موسم.

وقال علّام لوكالة أنباء العالم العربي "بلدتنا تقع بالقرب من سد القرعون، الذي يعد بوابة نحو الجنوب والبقاع شرقا، وخلال العقود الماضية اعتمدنا على التوجه نحو البلدات الجنوبية مثل مرجعيون وبنت جبيل".

وتابع قائلا "خلال الشهر الحالي يبدأ موسم الكرز، ولكن لن نستطيع تصريفه كما كنا سابقا، فبعض التجار فضّل التريث بالشراء كون أعداد النازحين من القرى ارتفعت، وقد لا يتمكنون من بيعه، وهو ما يدفعنا للبحث عن بدائل جديدة تأخذ وقتا لتأمينها مما يتسبب بكساد المنتجات".

وأشار إلى أن الجنوب والبقاع بينهما تبادل تجاريّ للمنتجات الزراعية، محذرا من أن "استمرار الحرب لشهر إضافي قد يحرم المزارعين والتجار من الاستفادة من موسم الخضار والفواكه الصيفيّة".

وفي منطقة حاصبيا بالجنوب اللبناني أيضا، تراجع النشاط الاقتصادي والسياحيّ بحسب ما ذكره جمال قيس، مالك مؤسسة سياحية للحجوزات الفندقية والشاليهات.

وقال قيس لوكالة أنباء العالم العربي "نشاط منطقتنا يعتمد على المنتجعات والمنشآت السياحيّة الموجودة في المدينة وعلى ضفاف نهر الحاصباني، وهي أحد شريان الحياة لسكان المنطقة الذين يعمل قسم منهم في الزراعة".

وتابع قائلا "تراجع عدد الزبائن قياسا للعام الماضي، ويتحمل أصحاب المنشآت الأعباء المالية".

ويرى أنه كلما ارتفعت وتيرة التصعيد الأمني والتقارير الإعلامية "هذا يؤدي لانخفاض بأعداد الزائرين، الذين يخافون من سلوك طرقات الجنوب، إلا إن كانوا من أهالي المنطقة".

لكن جمال يعتبر أن صمود المؤسسات التجارية هو "مكمل للعمل المقاوم، لأننا يجب أن نحافظ على تماسك مجتمعنا".