كيف تخطط إسرائيل للخروج من غزة في إطار خطة بايدن؟
عشرات الفلسطينيين من سكان جباليا في شمال قطاع غزة يتوافدون إلى المخيم بعد انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي لتفقد الأضرار والدمار الذي نال من بيوتهم وممتلكاتهم بفعل القصف العنيف (30 مايو أيار 2024) - المصدر: AWP
  • نابلس

  • الاثنين، ٣ يونيو ٢٠٢٤ في ٤:٠٠ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٤ يونيو ٢٠٢٤ في ٩:١٩ ص

كيف تخطط إسرائيل للخروج من غزة في إطار خطة بايدن؟

(وكالة أنباء العالم العربي) - لا يزال الحديث داخل إسرائيل دائرا حول الخطة التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الجمعة الماضي والتي تضم ثلاث مراحل تؤدي في نهايتها إلى وقف الحرب في قطاع غزة، ويقول مسؤولون إسرائيليون إنها بالأساس خطة إسرائيلية وليست أميركية.

وبينما يهدد وزراء اليمين المتشدد في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاستقالة إذا ما تم وقف الحرب دون تحقيق أهدافها، يحاول نتنياهو إقناع هؤلاء بأن أي خطة لن تطبق طالما أن أهداف الحرب لم تتحقق، ومنها إنهاء حكم حركة حماس في غزة.

ولهذا الغرض استدعى نتنياهو اليوم الاثنين وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير كي يؤكد له أن أهداف الحرب ما زالت قائمة.

لكن التساؤل المطروح بقوة في إسرائيل هو أنه ما دام مقترح بايدن هو خطة إسرائيلية بالأساس فكيف سيؤدي في نهاية المطاف لإسقاط حكم حماس في قطاع غزة خاصة وأن بايدن أشار إلى أن المرحلة الثالثة ستتضمن وقفا دائما للقتال؟

هذا التساؤل أجابت عنه هيئة البث الإسرائيلية على لسان مسؤولون أكدوا أن إسرائيل تعمل على تجهيز بديل لحماس في غزة من داخل القطاع نفسه.

وقالت هيئة البث مساء أمس الأحد إن إسرائيل أعدت خطة تجريبية للبديل الحكومي لحماس في قطاع غزة، ونوقشت بالفعل في أروقة مجلس الحرب الإسرائيلي في جلسة عقدت في وقت متأخر من الليل.

وأضافت الهيئة "اختيرت جهة محلية تعمل بالتعاون مع المنظمات الدولية لتوزيع المساعدات الإنسانية في المناطق التي يتم القضاء فيها على بقية عناصر حركة حماس".

"البديل"

تتضمن الخطة أيضا تدريب قوات محلية في غزة على يد القوات الدولية مع توفير القدرة والإمكانيات اللازمة لها لفرض الأمن والنظام.

وسيعزل الجيش الإسرائيلي المنطقة لمنع حماس من إيذاء القوات المحلية وذلك من خلال تقسيم قطاع غزة لعدة مناطق، كل منطقة تعمل فيها القوة المحلية تكون معزولة تماما بحيث لا يمكن لعناصر حماس الوصول إليها.

وقال مسؤولون لهيئة البث إن الجيش الإسرائيلي سيتفق مع الحكومة المحلية في غزة على حرية عمله بالقطاع في أي وقت يشاء.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد قال أمس الأحد خلال زيارة لمقر القيادة الجنوبية إن المؤسسة الأمنية تجهز البديل لحكم لحماس.

وقال "عندما نعزل المناطق، سنُخرج رجال حماس منها ونُدخل قوات أخرى إليها، وستكون هناك حكومة أخرى تهدد حماس".

غير أن أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، أكد في تصريحات أدلى بها اليوم الاثنين لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن القيادة الفلسطينية ترفض أي حلول إسرائيلية تفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ولا تضعه تحت السيطرة المباشرة للحكومة الفلسطينية.

وقال مجدلاني "غزة جزء من الأراضي الفلسطينية التي تقع تحت الولاية الجغرافية لدولة فلسطين؛ ومنظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني". وأضاف "من يقرر مصير غزة هو الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية".

وأردف "كل المحاولات الإسرائيلية التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية باءت بالفشل؛ فقد حاولوا مع بعض العشائر والعائلات تشكيل ما يسمى إطارا بديلا أو سلطة بديلة لكن المحاولات فشلت، وستفشل أيضا كل المحاولات التي تقوم بها سلطات الاحتلال بإسرائيل".

"تجارب فاشلة"

ويؤكد مدير مركز القدس للدراسات المستقبلية أحمد رفيق عوض أن إسرائيل تعتمد على "غطرستها" في طرح بدائل لحكم حماس في غزة.

وأضاف في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "إسرائيل تريد عزل الكل سواء كان معتدلا أو متطرفا وفق توصيفها. هي تستبعد أي جهة في غزة تريد إقامة دولة فلسطينية، وبالتالي هم يلجؤون إلى جهات محلية لا تعنيها السياسية. لكن إسرائيل لن تنجح في خططها".

وأكد عوض أن حركة حماس لم تختفِ من الساحة ولم تقل كلمتها الأخيرة، وأن الشعب الفلسطيني في غزة "لن يقبل الإملاءات ولن يكون هناك حكم لجهة لا يوافق عليها أهالي غزة أنفسهم".

وأشار إلى أن ما طرحه الرئيس الأميركي "به الكثير من الغموض"، لافتا إلى أنه لم يتحدث مثلا عن اليوم التالي للحرب، ولم يطرح المرجعيات التي ستتولى تنفيذ مقترحه.

وقال "إسرائيل تريد أن تُبقي احتلالها في قطاع غزة وتريد أن تَبقى في معبر رفح وحتى في محور صلاح الدين، ومصر رفضت النوايا والخطط الإسرائيلية".

ويعتقد الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن إسرائيل جربت خيار تولي العائلات سابقا توزيع المساعدات في قطاع غزة لتقوم بدور حماس، لكنها فشلت في تجربتها المحدودة في حي الزيتون شمال غزة.

وأشار إلى أن ما تطرحه إسرائيل من خيارات ستكون تجارب فاشلة وأن أي جهة ستتولى إدارة غزة لا بد أن تكون مدعومة محليا سواء من السلطة الفلسطينية أو من حماس نفسها.

وأضاف قائلا لوكالة أنباء العالم العربي "عودة السلطة إلى غزة يعني توحيد غزة والضفة الغربية، واستمرار حماس في الحكم يعني الفشل في تحقيق أهداف الحرب. ولا تريد إسرائيل أيا من الخيارين وبالتالي لجأت لطروحات أخرى مثل الاعتماد على الجهات العائلية والمحلية، وهي تجربة فشلت سابقا وستفشل مستقبلا".

أسبوع حاسم

وتقول موران أزولاي، المحللة الإسرائيلية في صحيفة يديعوت أحرونوت، إن أمام نتنياهو أسبوعا حاسما وإن هذا ما يفسر كل الحراك الذي يجري لترتيب الأوراق.

فقد حدد عضو مجلس الحرب بيني غانتس يوم السبت المقبل موعدا للاستقالة من المجلس إذا لم تعتمد إسرائيل خطط اليوم التالي في قطاع غزة بالإضافة لمطالب أخرى.

وكتبت أزولاي في تحليل نشرته الصحيفة "الوضع السياسي في الوقت الراهن يبرز استنتاجا واضحا وهو أن لا أحد في الائتلاف الحالي لديه مصلحة في الذهاب إلى الانتخابات، ولهذا السبب تمسك جميع عناصر الحكومة بالحكم بأيديها وأسنانها".

وأضافت "على الرغم من الخلافات القليلة بين أعضاء الحكومة، فإنهم يعلمون أن الانتخابات الآن يمكن أن تؤدي إلى نتيجة من شأنها أن تستبعد جزءا كبيرا منهم".

ويعتقد الإسرائيليون أن استقالة غانتس ستُعجّل بإجراء انتخابات مبكرة.

تقول أزولاي "التهديد الأول والأكثر إلحاحا للحكومة هو الانسحاب المزمع لمعسكر الدولة من الحكومة يوم السبت المقبل. لكن حتى من دون معسكر الدولة، يمكن لنتنياهو نظريا الاستمرار في ائتلافه الأصلي المكون من 64 مقعدا".

لكنها تشير إلى أن شخصيات سياسية بارزة في المعارضة ومعلقين آخرين يعتقدون أنه بمجرد تنحي غانتس "سينطلق الطوفان وسيتجلى في مظاهرات ضخمة في الشوارع وفي أجواء عامة من شأنها أن تجعل من الصعب على الحكومة الاستمرار".