كتاب ليهودي ومسلمة يتناول معاناة الفلسطينيات تحت الاحتلال الإسرائيلي
غلاف كتاب "ثلاث أمهات وثلاث بنات.. قصص نساء فلسطينيات" (7 يونيو حزيران 2024)
  • القاهرة

  • الجمعة، ٧ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:١٧ م
    آخر تحديث : الجمعة، ٧ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:١٧ م

كتاب ليهودي ومسلمة يتناول معاناة الفلسطينيات تحت الاحتلال الإسرائيلي

(وكالة أنباء العالم العربي) - تعاونت عربية مسلمة تعيش في إحدى قرى فلسطين مع طبيب نفسي وباحث يهودي لإنجاز كتاب يتناول معاناة الفلسطينيات تحت الاحتلال الإسرائيلي؛ لكن الكتاب لا يركز على الجانب السياسي فقط وإنما يذهب ناحية تلمس نبض الحياة اليومية وتفاصيل الملبس والمأكل والعمل المنزلي الذي تمارسه النساء في قلب الصراع.

تعود القصص التي يضمها الكتاب إلى ما قبل 30 عاما، إذ سجَّلها المؤلفان في منتصف التسعينيات. ومع هذا ترى مترجمة الكتاب أمل إسماعيل أن هذه القصص لا تزال صالحة لفهم ما يدور الآن.

وتكتب المترجمة في مقدمتها "الروايات الواردة في الكتاب سُجلت عام 1995، وها نحن في 2024  والمشهد الفلسطيني لم يتحرك إلى الأفضل – إنما للأسوأ – وكل أحلام النسوة بدولة فلسطينية مستقلة وسلام عادل شامل ما زلت معلقة بحبال المستقبل".
 
الكتاب صدرت ترجمته العربية عن دار (غاف) بإمارة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة تحت عنوان (ثلاث أمهات وثلاث بنات.. قصص نساء فلسطينيات). وأشارت مترجمته في المقدمة التي كتبتها إلى علاقتها بالكتاب، مشيرة إلى أن الترجمة كانت ضمن مشروع تخرجها  قبل سنوات، لكن نشرها تعثر إلى أن تمكنت دار (غاف) من الحصول على موافقة الناشر وهو مطبعة جامعة كاليفورنيا التي نشرته ضمن سلسلة معنية بالدراسات الثقافية.
   
يقدم الكتاب لمحة عن الحياة الفلسطينية اليومية تحت الاحتلال الإسرائيلي كما تراها الفلسطينيات، ويكشف عن صور من المشاركة والتفاعلات الاجتماعية التي تجمع عائلات فلسطينية وإسرائيلية على أرض الواقع، ويتيح كذلك التعرف على أحلك الأوقات التي ارتبطت لدى هؤلاء النسوة بمشقة التهجير المستمر عن المنازل التي يجري تدميرها أو تستولي عليها قوات الاحتلال.

اعتمد المؤلفان على صيغة العمل الميداني واللقاء المباشر مع نساء مسلمات، كما ساهما في إنتاج النصوص وساعدت خلفية كل منهما في ذلك، فالمؤلف مايكل غوركن يهودي أبيض وشريكته في التأليف عربية مسلمة لعبت بالقطع دورا في كيفية ظهور روايات النساء وإن ظلت لهن اليد العليا والصلاحية المطلقة على رواية قصصهن.

قصص حياتية

تتطرق روايات النساء المدوَّنة بالعامية الفلسطينية إلى أمور متعلقة بالزواج والحياة الاجتماعية والعلاقة مع رجال العائلة، كما تمس بعض الأمور المرتبطة بمكانة الدين داخل المجتمعات التقليدية، وتُصور الحياة في القرى والمدن الفلسطينية قبل الاحتلال الإسرائيلي وبعده، وتكشف جملة من التحولات في أنماط العمران والشعور العام بالمدينة الفلسطينية وتحديات الهوية سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي.

ويُظهر الكتاب أنه خلال نصف القرن الأخيرة زادت نسب توظيف النساء وأصبحت المرأة قوة عاملة في مجال الصناعة والحداثة، كما ازداد دورهن في المجال العام.
 
وتُظهر الروايات داخل الكتاب الأثر الإيجابي الذي أحدثه التعليم في الحياة الأُسرية. ومن الملاحظ أن جميع الأمهات في الدراسة التي يشملها كن من الأُميَّات واثنتان منهن لم تذهبا قط إلى المدرسة. وفي مقارنة صارخة، التحقت ابنتان بالجامعة وهو ما يعني أن الأمهات غير المتعلمات شجعن بناتهن على الإقدام على ما عجزن عنه، وهو ما أدى أحيانا إلى توسيع الهوة بين الجيلين.

وتركز الكثير من الروايات التي تقدمها النساء داخل الكتاب على التحولات التي نجمت عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت في الثامن من ديسمبر كانون الأول عام 1987، كما تشير إلى هشاشة الوضع الذي أعقب اتفاقية غزة أريحا الموقعة في الرابع من مايو أيار عام 1994 وصعوبة تحقق الآمال في التسوية السياسية للصراع العربي الإسرائيلي.

ويشير المؤلفان إلى أنهما حاولا تصحيح أي تشويه للتاريخ الأصلي، وعملا قدر الإمكان على المحافظة على موضوعية التسجيلات الوثائقية لتجربة النساء الأصلية.

ويحكي مايكل غوركن في مقدمته كيف تعاونت معه في تأليف الكتاب رفيقة عثمان التي استكملت عملية تعليمه التحدث باللغة العربية بعد أن رشحها له أحد أصدقائه، وكيف أنها ساعدته في إجراء المقابلات مع النساء في مهمة يصفها بأنها "غير مألوفة"، وكيف أصبحت مهووسة بعلم الأعراق البشرية شغوفة بخوض غمار تجربة العمل معه في تأليف كتاب مشترك لأنها اعتقدت أن قصتها وقصص النساء الفلسطينيات لم تُروَ رواية وافية.

وفي خاتمة الكتاب تسجل رفيقة عثمان انطباعاتها عن التجربة مؤكدة أن ثقتها في شريك تجربتها كانت في محلها، لكنها تلفت إلى "مشكلة" كونها فلسطينية تعيش في إسرائيل. تقول "نحن الذين نعيش في إسرائيل وأشقاؤنا الذين يعيشون في الأراضي المحتلة نتشارك ثقافة واحدة، لكن مصيرنا السياسي مختلف؛ فنحن نُعتبر أقلية داخل إسرائيل وهذا ما يشعرنا بهويتنا الفلسطينية، ولكن بما أننا لا نقبع تحت الاحتلال، و باعتبارنا مواطنين من الأقلية، فقد طورنا مجتمعا خاصا بنا واستفدنا من عدم فقدان بيوتنا وقرانا".

وقبل هذا الكتاب، نشر غوركن كتابه (أيام العسل.. أيام البصل) عام 1991، كما نشر دراسات حول المعالجين النفسيين التقليديين داخل المجتمع الفلسطيني، ودرس ظاهرة العلاج الروحاني والسحر هناك.