جدل متجدّد.. المعارضة الموريتانيّة تتهم الرئيس باستغلال موارد الدولة في حملته الانتخابية ومؤيدوه ينفون
(وكالة أنباء العالم العربي) - مع اقتراب كلّ استحقاق انتخابي في موريتانيا، يتجدّد النقاش حول مصدر تمويل الحملات الانتخابية وطرق جمع المرشحين والأحزاب السياسية تلك الأموال، وهو ما ينطبق أيضا هذه الأيام على حملات الانتخابات الرئاسيّة قبل أسابيع من انطلاقها.
فقبل أيّام، انتقد المرشح المعارض بيرام الداه ولد اعبيد ما وصفه باستغلال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني موارد الدولة في الانتخابات الرئاسية، واتّهم حكومته بالفساد.
وخلال مؤتمر شعبي، طالب ولد اعبيد أنصاره بالتبرّع لصالح حملته الانتخابية، التي قال إنها لا تملك ما يكفي من المال لإطلاقها، من أجل مقارعة ما وصفه بالنظام "الفاسد" على حدّ تعبيره.
وكان بيرام قد أطلق حملة لجمع التبرعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما فتح النقاش حول المال السياسي في موريتانيا، واستخدامه في توجيه إرادة الناخب.
ولم تعترف المعارضة الموريتانية بنتائج الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها البلاد منذ عام 2009؛ وكانت في كلّ مرّة تبرّر ذلك بأنها انتخابات "غير نزيهة" استُخدم فيها المال السياسي.
فارق في التمويل
وسبق أن دعت المعارضة في الأيام التشاورية حول التحضير للانتخابات الرئاسيّة إلى إصلاح قانوني الانتخابات والأحزاب السياسية وتعديل المادّة المتعلّقة بالتمويل.
وأوضح المصطفى ولد مولود، الناشط في حملة بيرام الداه ولد اعبيد، أنّ تمويل الحملات الانتخابيّة في موريتانيا يعتمد بشكل كبير على الموارد الماليّة المتاحة للمرشّحين من مصادر خاصة أو من دعم الدولة.
لكنه أشار في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إلى أنّ المعارضة ترى وجود ما تصفه بفارق كبير في التمويل الذي تمنحه الدولة للمعارضة، وذلك الذي يحصل عليه المرشّح المدعوم من النظام، قائلا إنّ هذا يُحدث فرقا أيضا في الاقتراع.
وقال ولد المولود إن حملة المرشّح بيرام الداه اعبيد "تعتمد بشكل كامل على تبرّعات أنصاره، مما يعزّز استقلاليتها ويجعلها خالية من تأثيرات المال السياسيّ غير المشروعة".
لكنّه في الوقت ذاته اتهم حكومة بلاده بمنع رجال الأعمال من التبرّع لحملات المرشّحين المعارضين.
الأغلبية الداعمة تنفي
في المقابل، تنفي أحزاب الأغلبية الداعمة لولد الشيخ الغزواني اتهامات المعارضة باستخدام المال العام في حملة الرئيس.
وقالت مريم الشيباني، عضو اللجنة الإعلامية للمرشح ولد الشيخ الغزواني، إن حملته تعتمد بشكل رئيسي على دعم أنصاره ورجال الأعمال الموريتانيين "الذين يؤمنون برؤيته وبرنامجه الانتخابي".
واعتبرت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي ما تثيره المعارضة حول استغلال موارد الدولة لتمويل حملة ولد الشيخ الغزواني "ادعاءات لا أساس لها من الصحة".
كما ذكرت أنّ "النظام الحاليّ لم يطلب من أيّ رجل أعمال عدم دعم المرشحين المعارضين؛ بل على العكس، سعى إلى خلق بيئة سياسيّة هادئة تعتبر خيارا استراتيجيّا بالنسبة له".
لكن الصحفي سيدي محمد شماد يرى أنّ "بعض الشخصيّات السياسيّة والموظّفين الساميين" ضالعون في استخدام المال السياسيّ، في ظل ما يصفه بضعف في الرقابة يسمح باستخدام المال "لشراء الذمم والتأثير على نتائج الانتخابات".
وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن "بعض نشطاء الحملات الانتخابية يقومون بجمع بطاقات التعريف قبل الانتخابات وتسجيلها في مكاتب محدّدة لضمان تصويت الناخبين لصالح مرشّحهم".
أضاف "هذا الأمر حصل في الانتخابات التشريعية والجهويّة والمحليّة العام الماضي، مما يثير مخاوف جديّة حول نزاهة العمليّة الانتخابية في البلاد.
ماذا تطلب المعارضة؟
ومن أجل تجنّب ما يصفونها بالخروقات الماضية، طالب مرشّحو المعارضة في موريتانيا بتوزيع الناخبين داخل مكاتب التصويت بحسب ترتيب الحروف الأبجديّة بدلا من تقسيمهم حسب توقيت التسجيل، كجزء من سلسلة إجراءات تهدف إلى ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسيّة المقبلة.
ويرى هؤلاء المرشّحون أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى الحدّ من فرص التلاعب وتوجيه الناخبين بطريقة عادلة وشفافة.
تشمل مطالب المعارضة أيضا إجراء تدقيق شامل للائحة الانتخابية من أجل حذف أسماء المتوفين واستخدام أجهزة البصمة في جميع مكاتب التصويت لمنع التصويت بالنيابة، فضلا عن تشكيل لجان إشراف تضمّ ممثّلين عن المعارضة على مستوى اللجنة المركزيّة للمشاركة في تدقيق النتائج وتصديقها قبل إعلانها.
أيضا، يُطالب مرشّحون معارضون بضرورة النشر الفوري لمحاضر اللجان عبر إرسال نسخ مصوّرة منها إلكترونيا إلى وكلاء المرشّحين، ومنع دخول آلات التصوير، بما فيها الهواتف الذكيّة، إلى مكاتب التصويت.
واقترحت المعارضة استخدام شاشة مرتبطة بتطبيق بيومتري يعرض صور ومعلومات الناخب بشكل واضح، لضمان التحقق من الهوية بدقة، بالإضافة إلى منح وكلاء المرشّحين ومنسقي العمليات الانتخابية بطاقات رسميّة تُمكّنهم من الوصول إلى مقرّات اللجنة المستقلّة للانتخابات ومكاتب التصويت لتسهيل مهامهم.