• بيروت

  • الأربعاء، ٣ يوليو ٢٠٢٤ في ٩:٢٦ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٣ يوليو ٢٠٢٤ في ٩:٢٧ ص

إسرائيل بين خيارين على الجبهة اللبنانيّة مع دخول حرب غزة مرحلتها الثالثة

(وكالة أنباء العالم العربي) - مع تزايد الحديث عن انتقال الجيش الإسرائيلي إلى المرحلة الثالثة من الحرب التي يخوضها في قطاع غزة الفلسطيني، تزيد التساؤلات أيضا عن انعكاسات هكذا تطوّر على الأوضاع في جنوب لبنان، حيث تجري مناوشات مستمرّة بين الجيش الإسرائيلي وجماعة (حزب الله) اللبنانيّة.

كانت وسائل إعلام إسرائيليّة قد ذكرت أمس الاثنين أنّ قادة عسكريّين يضغطون لاعتماد خطط اليوم التالي للحرب والانتقال إلى المرحلة الثالثة من العمليّات العسكريّة، التي تقول إسرائيل إنّها ستكون أضيق نطاقا وتهدف إلى الحدّ من قدرة حركة حماس الفلسطينيّة على تنظيم صفوفها.

وبينما ذكرت هيئة البث الإسرائيليّة اليوم الثلاثاء أنّ قادة الجيش طلبوا من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مُهلة أربعة أسابيع لإنجاز العمليّات العسكريّة في رفح، قال مسؤولو الجيش إنّ هذه المُهلة مطلوبة لإتمام تدمير الأنفاق المتبقيّة في رفح وفي منطقة محور فيلادلفيا، الذي سيطر عليه الجيش الإسرائيليّ بالفعل في نهاية مايو أيار الماضي.

ووفقا للهيئة، فإنّ هؤلاء القادة العسكريين قد اعتبروا "الإنجاز العسكري كبيرا" بما يتيح لإسرائيل وقف القتال إذا اضطرّت إلى ذلك، سواء للشروع في صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين أو التحرّك في الشمال ضدّ جماعة (حزب الله) اللبنانيّة.

وكان المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قال في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) اليوم إنّ الجيش بينما يواصل حربه ضد حركة حماس في قطاع غزة يعمل على مواصلة "تطوير وتحسين" جاهزيته لحرب في منطقة الشمال، في إشارة إلى جبهة جنوب لبنان.

اتساع الجبهة أم ضبطها

لكن أستاذ العلوم السياسيّة مجدي مكرزل استبعد أن تقرر الحكومة الإسرائيليّة توسعة الحرب باتّجاه لبنان في المرحلة المُقبِلة.

وقال مكرزل في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنّ "الإسرائيلي، على الرغم من المواقف التصعيديّة، ما زال يشير إلى أهميّة الوصول إلى حلٍّ سياسيّ، وهو ما صدر عن نتنياهو ووزير الدفاع (يوآف) غالانت بضرورة إيجاد ترتيبات سياسيّة أوّلا بوساطة أميركيّة".

أضاف "دور المبعوث الخاص للرئيس الأميركي (جو بايدن) آموس هوكستين ما زال قائما؛ والجميع على استعداد لتبادل الرسائل والاقتراحات معه".

ويرى مكرزل أنّ الرأي الإسرائيليّ الداعم للحرب على لبنان يعتبر أنّ "عمليّة محدودة ستردع حزب الله وتدفعه للقبول بتراجع قوّاته شمال نهر الليطاني؛ ولكن هذه الحسابات قد لا تكون دقيقة، فالردّ سيكون كبيرا من قبل المقاومة؛ حينها، هل سيكتفي الإسرائيلي بأيّام قليلة من القتال ليخرج منها بصورة المنكسر، أم سيوسّع حربه أكثر دون نتائج مضمونة لنهايتها؟"

ويعتبر الأستاذ الجامعيّ أنّ تصريح رئيس هيئة الأركان الأميركيّة المشتركة الجنرال تشارلز براون بأنّ قُدرة واشنطن في الدفاع عن إسرائيل إذا تعرّضت لهجمات من حزب الله قد تكون محدودة "هو إشارة لعدم الرغبة الأميركية في توسعة الحرب بالمنطقة".

وقال "التحذيرات الأميركيّة، كون بعض المسؤولين الإسرائيليين يدفعون نحو توجيه ضربات عسكريّة للبنى التحتيّة في الدولة اللبنانيّة وليس الاكتفاء بأهداف لحزب الله... الإسرائيلي في المرحلة الثالثة سيكون أمام وقت مفتوح لتنفيذ عمليّاته المحدودة؛ حينها، إن قرر الدخول في مفاوضات مع حزب الله، فسيتمكّن من السير بها بالتوازي مع خطته العسكرية لخفض التصعيد".

خياران إسرائيليّان

يرى علي سرور، المختص في الشأن الإسرائيلي، أن القيادة العسكريّة الإسرائيليّة تسعى في المرحلة الثالثة من حربها على غزة إلى أن تعتمد على عمليّات عسكريّة محدودة بأهداف تكتيكيّة على المدى الطويل "بعيدا عن مسار الغارات والعمليّات البريّة اليوميّة".

وقال سرور في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ "الخطوات المُقبلة في غزّة، التي يسعى الإسرائيليّ لتحقيقها، هي إيجاد بديل لحركة حماس لحكم القطاع وإدارة إدخال المساعدات وتضييق فرص إعادة الإعمار".

أضاف "يشمل تخفيض التصعيد في القطاع سحب عدد من القوّات الإسرائيليّة، وبالتالي إمكانيّة توجيهها نحو الجبهة الشماليّة مع حزب الله".

وتابع "القيادة العسكرية (الإسرائيليّة) أمام خيارين؛ إمّا التوجّه نحو ضربات جويّة واسعة سيتبعها ردّ من المقاومة، حينها لا معرفة لسقف المواجهة؛ أو الاستمرار بالوضع الحالي اعتمادا على الخطوات التي سيتخذها حزب الله مع تخفيض العمليات العسكرية في غزة".

وأشار إلى أن الأمين العام لجماعة (حزب الله) اللبنانيّة حسن نصر الله ربط منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي الجبهة الجنوبيّة بالتطوّرات في قطاع غزّة، قائلا إن "تراجع حدة المعارك في القطاع قد يؤدّي إلى ضبط الأوضاع الأمنيّة أكثر في الجنوب".

أهداف شعبويّة

يرى سرور أن جماعة (حزب الله) قد وضعت "كافّة السيناريوهات المُمكنة خلال المرحلة المقبلة؛ فلا تعتمد على التصريحات السياسيّة الإسرائيليّة المتناقضة بين من يريد الحرب ومن يرفضها، إنما العين على الميدان العسكري وتطوراته".

ويعتبر أنّ تصريحات الوزراء الإسرائيليين لا تتّفق مع توجّهات القيادة العسكرية "فالساسة يبحثون عن مواقف عالية السقف لأهداف شعبويّة، ولكنهم لا يستطيعون الإجابة على تساؤلات يطرحها المحلّلون والعسكريّون السابقون ومستوطنو الشمال".

وتساءل "ما هو الوضع النفسي لجنود الاحتياط بعد شهور طويلة من القتال في غزة؟ هل لديهم الاستعداد لاستكمال المواجهة مع تنظيم حزب الله (وهو) أكثر قوة من حركة حماس؟ وما هو التقييم الاقتصاديّ والاجتماعيّ لسكّان الشمال وقدرتهم على تحمّل المزيد من أعباء النزوح؟"

ومن وجهة نظره، فإنّ "أكثر ما يخشاه الإسرائيلي، والذي قد يكبح الحرب، هو كيفية تعامله مع جبهة الإسناد من العراق واليمن وإيران في حال اتساع الحرب ضد حزب الله، الذي بدوره يملك ترسانة صواريخ دقيقة ومسيّرات تُمكّنه من إطلاق الآلاف منها يوميّا".

ويرى سرور أنّ نتنياهو يسعى إلى الاستفادة من عامل الوقت؛ وقال إنّ "الإدارة الأميركية دخلت في مرحلة حاسمة بعد المناظرة بين بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب والإحباط من أداء بايدن، مما سيدفع الحزب الديمقراطي للتركيز على شؤونه الداخليّة بشكل أكبر، وهو ما قد يستغلّه الإسرائيليّ لتحقيق أهداف كان الأميركي يحرص على ضبطها، ومنها شنّ حرب على لبنان".

أضاف "الأسابيع المقبلة، والتّي وصفها رئيس مجلس النوّاب اللبنانيّ نبيه برّي بأنّها حاسمة، ستكون في انتظار كلمة نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي في 24 يوليو تموز، والتي من المتوقع أن تُوحي بكيفيّة اتجاه الأمور، والتي تتزامن مع التوقيت الذي وضعه الجيش لإنهاء عمليّاته العسكريّة في رفح".