• الخرطوم

  • الاثنين، ١٥ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:٢٧:٥٠ م
    آخر تحديث : الاثنين، ١٥ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:٢٧ م

حصاد عام من الحرب في السودان.. انهيار النظام الصحي ونزوح الكوادر الطبية

(وكالة أنباء العالم العربي) - مع إكمال الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامه الأول يوم الاثنين، طال الخراب والدمار البنى التحتية ولم يسلم من ذلك النظام الصحي الذي يئن تحت وطأة الضربات الجوية والقصف المدفعي والنهب، لا سيما في العاصمة الخرطوم والمدن الأخرى التي امتد إليها الصراع في إقليمي دارفور وكردفان.

وأدى الصراع المدمر في البلاد إلى خروج 70 بالمئة من المستشفيات من الخدمة، وفقا لوزارة الصحة السودانية، في حين تقول نقابة أطباء السودان إن 80 بالمئة من المستشفيات أصبحت خارج الخدمة، وقتل أكثر من 17 طبيبا بسبب الحرب.

وفي تقرير أصدرته نقابة أطباء السودان في الآونة الأخيرة عن الأوضاع في إقليم دارفور بغرب البلاد بعد تدهور النظام الصحي، قالت إن الكوادر الطبية والصحية تعيش أوضاعا سيئة وتدهورا في بيئة العمل، بالإضافة إلى سوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية وعدم صرف الرواتب منذ ما يقرب من عام، فضلا عن غياب الأمن، مما جعلهم يبحثون عن بدائل لا تخلو من الأخطار في كثير من الأحيان.

وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 8.5 مليون شخص داخل السودان وخارجه وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وفر ما يقرب من مليوني سوداني إلى البلدان المجاورة، ويحتاج حوالي 24 مليون شخص إلى مساعدات ويعاني 18 مليون سوداني من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وتفشت أمراض مثل الحصبة والكوليرا في السودان بعد انهيار النظام الصحي.

وقالت ليلى حمد النيل، مديرة الإدارة الصحية لمكافحة الأوبئة بالإنابة في وزارة الصحة السودانية، إن عددا كبيرا من المرافق الصحية تعرض للانهيار وبعض المستشفيات خرجت عن الخدمة نتيجة نزوح الكوادر الطبية.

وأضافت في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن هناك مناطق يصعب الوصول إليها مثل ولايات إقليم دارفور، عدا مدينة الفاشر، وأجزاء من الخرطوم وكردفان والنيل الأبيض.

وتابعت قائلة "نصل إلى بعض هذه المناطق بطرق مختلفة وبعيدة وصعبة، أما الولايات الآمنة في شمال وشرق البلاد نقدم فيها خدمات، لكن هناك ضغطا كبيرا عليها بسبب الضغط السكاني والنزوح".

ومضت تقول "نعمل في مجال صحة البيئة وصحة الأم والطفل والتطعيم وأدوية الأمراض المزمنة، وبدأنا في العبور إلى الولايات التي كان الوصول إليها صعبا".

وأوضحت ليلى قائلة إن المستشفيات التي خرجت من الخدمة في أعقاب اندلاع الصراع "بحاجة إلى إعادة تأهيل من حيث البنية التحتية والأجهزة، وتشغيلها يشكل تحديا كبيرا، ولا يمكننا القول إننا سنرجعها للخدمة قريبا".

وبحسب المسؤولة الصحية، فإن المستشفيات والمراكز الصحية التي لم تخرج من الخدمة بعد تعمل بالمتطوعين، وقالت إن الكوادر الصحية "معظمها نزح أو غادر البلاد وإرجاعهم يحتاج وقتا وجهدا"، مشيرة إلى تأهيل عدد كبير من المراكز الصحية في أم درمان، خاصة بعد تقدم الجيش في المدينة.

وأضافت "رسالتنا للكوادر التي خرجت من البلد أننا نحتاج إليكم في الفترة المقبلة في المساعدة في تقديم الخدمة"، وقدرت خسائر النظام الصحي بسبب الصراع بحوالي 12 مليار دولار.

ويشكل انعدام الأمن وانقطاع الاتصالات أكبر التحديات التي تواجه وزارة الصحة في إعادة تشغيل المستشفيات، وفقا لمديرة الإدارة الصحية لمكافحة الأوبئة بالإنابة.

وقالت "لكي نصل للولايات الغربية، خصوصا كردفان، نضطر إلى السير أربعة أيام، وأحيانا لا نستطيع الوصول ونعود أدراجنا بسبب الوضع الأمني، كما أن دخول موسم الأمطار يؤدي إلى قطع بعض الطرق".

* كُلفة بشرية هائلة

حذرت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة من أن الأزمة في السودان أصبحت من أشد الأزمات وأكبرها في العالم، وخلفت كلفة بشرية هائلة بعد مرور عام من الصراع.

ولقي أكثر من 15 ألف سوداني حتفهم منذ بدء النزاع، وفقا لإحصاءات وزارة الصحة.

وكانت معظم الوفيات بين المدنيين نتيجة استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المكتظة بالسكان، ويشكل النساء والأطفال نسبة كبيرة من الضحايا وفقا لمنظمة الصحة العالمية التي رجحت أن يكون عدد الضحايا المبلغ عنه أقل من الواقع.

كما توقعت المنظمة زيادة عدد الوفيات بسبب النزوح وتفشي الأمراض وعدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية، والاحتياجات الصحية للأمهات والأطفال حديثي الولادة وعدم إمكانية الوصول إلى الغذاء والماء الصالح للشرب.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير إن 15 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدة صحية عاجلة، مشيرا إلى أن المنظمة تحققت من 62 هجوما على المرافق الصحية خلال العام الماضي مما أدى إلى مقتل 38 شخصا.

ويعتقد عضو لجنة الاستشاريين والاختصاصيين بتجمع المهنيين السودانيين علاء نقد أن الكوادر الطبية المؤهلة التي غادرت البلاد لن تعود قريبا.

وقال نقد لوكالة أنباء العالم العربي إن أكثر من 17 طبيبا قتلوا جراء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، إما بضربات مدفعية أو طلقات طائشة في جميع ولايات السودان.

وأضاف "الحرب تسببت في دمار البنية التحتية، فكثير من المستشفيات تم قصفها بطيران الجيش، ثمانية منها داخل ولاية الخرطوم... بالإضافة إلى توقف الكثير من المستشفيات في الولايات الأخرى عن العمل، ونهبت أجهزتها الطبية".

وأشار إلى أن بيئة العمل وتقديم الخدمات تأثرت بشكل كبير، خاصة ما يتعلق بالإمداد الدوائي والمستهلكات الطبية وقطاعات مثل التحصين وسلاسل الإمداد، لافتا إلى وجود مشكلة كبيرة من حيث انتشار الأوبئة التي يمكن أن تنشأ جراء انتشار الجثث في الشوارع وتحللها.

وقال نقد "يجب العمل على وقف الحرب في أقرب وقت ممكن لنبدأ في إعمار ما خربته".