حقيبتك على كتفك وأبناؤك بيدك.. فلسطينيّون يتخوّفون من المرحلة الثالثة لحرب غزّة
صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP
  • غزة

  • السبت، ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ في ٣:٤١ م
    آخر تحديث : السبت، ٢٩ يونيو ٢٠٢٤ في ٣:٤١ م

حقيبتك على كتفك وأبناؤك بيدك.. فلسطينيّون يتخوّفون من المرحلة الثالثة لحرب غزّة

(وكالة أنباء العالم العربي) - اضطرّ الفلسطينيّ إياد كمايلة إلى النزوح من خيمته في مواصي خان يونس القريبة من مدينة رفح جنوب قطاع غزّة تحت القصف الإسرائيليّ، واتّجه إلى مناطق أبعد في الليلة قبل الفائتة.

كمايلة، الذي كان قد نزح قبل سبعة أشهر من جنوب مدينة غزة مع عائلته وعائلات أشقائه الأربعة إلى الجنوب، يخشى وجود مؤشرات على الاتنقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب؛ ويرى أنّ هذه المؤشرات تتمثّل في اجتياحات مفاجئة لمناطق بعينها يسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى وتؤدّي إلى نزوح سريع وواسع النطاق.

يحاول الرجل العودة لتفكيك خيمته ونقلها إلى مكان نزوحه الجديد؛ ويقول إن الانطباع السائد بين الفلسطينيين في غزّة هو أنّ المرحلة الثالثة التي كانت إسرائيل قد تحدّثت عنها ستكون أكثر فتكا، مشيرا إلى أنّ جانبا من الخطورة يكمُن في جعل كلّ قطاع غزّة منطقة قتال بدلا من تحديدها ببعض المناطق كما كان في السابق.

95099575-edaf-4272-89a2-99e6fc8510cf.jpg

صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP

صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP

ويصف كمايلة إرهاصات المرحلة الثالثة تلك بأنها "مميتة قياسا على ارتفاع أعداد الضحايا وتوسّع العمليّات المركّزة مؤخرا في مناطق عديدة" معتبرا أن إسرائيل تريد إيهام العالم بوقف الحرب ومراعاة الأوضاع الإنسانيّة للفلسطينيّين لكنها على الأرض تُنفّذ سياسّة "أكثر عدوانيّة من المراحل السابقة".

ويُبدي فلسطينيّون قلقا متزايدا من انتقال الجيش الإسرائيلي لما يسمّيها بالمرحلة الثالثة من عمليّاته العسكريّة في قطاع غزّة، خشية أن تكون أكثر تهديدا لحياتهم وتؤدّي إلى تدمير ما تبقى من مناطقهم السكنية، خاصة في ظلّ اعتقادهم بأنّ العنوان الرئيس لهذه المرحلة يتمثّل في الاجتياحات المباغتة والقصف العنيف.

نزوح متكرّر

ويكشف التوغّل البريّ للجيش الإسرائيلي في حيّ الشجاعيّة شرق مدينة غزّة يوم الخميس الماضي واضطرار السكان الفلسطينيين للنزوح تحت القصف عن الآلية التي يتعامل بها الجيش مع المناطق التي ينوي اجتياحها ضمن المرحلة الثالثة.

تزامن ذلك مع التفاف آليات عسكريّة إسرائيليّة بشكلٍ مفاجئٍ حول خيام النازحين في مناطق كانت مصنّفة بالآمنة في المواصي بين رفح وخان يونس وسط إطلاق نار وقصف مكثّف أدّى إلى مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيّين من جهة واضطرار النازحين إلى الفرار مجدّدا.

ولم يكُن إعلان إسرائيل على المستويين السياسيّ والعسكريّ في الآونة الأخيرة هو الأوّل بخصوص التحوّل إلى العمل بمقتضيات المرحلة الثالثة من عملياتها في قطاع غزة بعد إنجاز ما تصفه بتفكيك كتائب حماس في رفح.

3b4d5768-649f-4875-9f87-4079f6add4d9.jpg

صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP

صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP

تكرر الإعلان ذاته مرّات عديدة منذ نهاية العام الماضي، بُعيد انتهاء المناورة البرية في مدينة غزة وشمال القطاع وخلال اجتياح خان يونس.

ولم تُعلِن إسرائيل موعدا محدّدا للانتقال إلى المرحلة الثالثة؛ لكنّ وزير دفاعها يوآف غالانت قال لصحيفة (وول ستريت جورنال) إنّ الجيش سينتقل لمرحلة ثالثة وصفها بأنها طويلة وتشمل التحوّل من المناورة المكثفة إلى أنواع مختلفة من العمليّات الخاصّة.

ويختصر بعض الفلسطينيين وصف المرحلة الثالثة بعبارة "شنطتك (حقيبتك) على كتفك وأولادك بيديك" في إشارة إلى ضرورة الاستعداد دائما للنزوح المستمرّ والهروب من الاجتياحات والقصف الإسرائيلي في أي لحظة وإلى أيّ مكان دون تحديد مناطق قتال أو مناطق آمنة وفق تصنيفات الجيش الإسرائيلي.

عمليات مركّزة ومحدّدة

ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي أحمد فياض أنّ الفترة الأخيرة عكست "نماذج واضحة" لما تريده إسرائيل في المرحلة الثالثة، معتبرا أنّ من بين هذه النماذج التوغّلات المركّزة من حيث الجغرافيا، والمحدودة من حيث الوقت، كما حصل في جباليا وحيّ الزيتون والشجاعية أمس الأول.

واعتبر فياض أنّ كثافة القصف المركّز في مدينة غزة ذاتها، والذي استهدف عشرات المنازل في الآونة الأخيرة وأدّى إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى الفلسطينيين، سيكون أسلوبا أساسيّا للجيش الإسرائيلي، الذي سينتقل من عمليّات عسكريّة واسعة ومكثّفة إلى عمليّات بريّة وجويّة مركّزة مبنيّة على معلومات استخباراتية.

وعزا الباحث في الشأن الإسرائيلي الإعلان الجديد عن الاستعدادات للتحوّل للمرحلة الثالثة إلى الضغوط العسكريّة الكبيرة وتحوّلات الميدان في الجبهة الشماليّة المتعلقة بجماعة (حزب الله) اللبنانيّة وتوجيه القدرات العسكرية الإسرائيلية وتركّز قواتها إلى هناك خشية تدهور الأوضاع بشكل متسارع.

وقال فياض في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن المرحلة الثالثة تشمل في رأيه جوانب متعدّدة، من بينها التمركز الدائم للجيش الإسرائيلي في محور نتساريم، الذي يفصل الشمال عن الجنوب، واستمرار السيطرة على محور صلاح الدين بمنطقة الحدود الفلسطينيّة المصريّة".

أضاف أنّ هذه المرحلة ستشمل أيضا "اقتطاع مساحات تصفها إسرائيل بالأمنيّة على طول خط الحدود الشرقيّة والشماليّة لقطاع غزّة، مع إبقاء السيطرة العسكريّة والأمنيّة الكاملة على القطاع".

4118032a-2f46-47b7-8552-49e1755cf9c5.jpg

صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP

صورة من مخيّم النصيرات وسط قطاع غزة حيث آثار العمليّة العسكريّة التي حرر خلال الجيش الإسرائيلي 4 محتجزين قبل نحو 3 أسابيع. الجمعة، 28 يونيو حزيران 2024 - المصدر: AWP

لا فواصل بين المراحل

يرى فياض أنّه لا وجود لحدود أو فواصل زمنيّة أو جغرافيّة بين مرحلة وأخرى، وأنّه من الممكن أن تلجأ إسرائيل إلى المضيّ قدما في خيارات المرحلتيْن الثانية والثالثة معا كما يحدث الآن من اجتياحات في رفح وعمليّات مركّزة في معظم مناطق القطاع.

وقال إن توصيف المراحل يرتبط بحجم القوّات ومستوى العمليّات وشكل المواجهة العسكريّة وطبيعة الأهداف بصورة أساسيّة، متوقّعا أن تسحب إسرائيل كلّ قوّاتها وتُبقي على فرقتين اثنتين فقط تختصّان بالقيام بالعمليّات المركّزة في بعض المناطق للتعامل مع الواقع الجديد.

أضاف أنّه في غضون ذلك سيتواصل العمل الاستخباري المكثّف من جانب الأذرع الأمنيّة الإسرائيليّة، سواء جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) أو الاستخبارات العسكرية (أمان)، وبقية الوحدات الاستخبارية الأخرى.

وبينما يعتبر الباحث في الشأن الإسرائيليّ أنّ المخاوف الكبيرة بين الفلسطينيين من المرحلة الثالثة لها ما يبررها في ضوء التجارب التي يعيشونها حاليا مع اعتماد أسلوبي المباغتة والصدمة في مناطق عدّة، فإنّه يتوقع أن يصبح كلّ قطاع غزّة منطقة قتال بعد إنهاء الجيش الإسرائيلي عملياته في رفح.