• بيروت

  • الثلاثاء، ١٤ مايو ٢٠٢٤ في ١٠:٢٧ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ١٤ مايو ٢٠٢٤ في ١٠:٢٧ ص

حلم العودة.. لاجئون فلسطينيون في لبنان يتمنون يومَ يُطلب منهم الرجوع سريعا إلى وطنهم

(وكالة أنباء العالم العربي) - يُتابع الفلسطينيّ جابر الحسيني (50 عاما) تصريحات مسؤولين لبنانيّين حول ضرورة ترحيل اللاجئين السوريّين غير الشرعيين إلى بلدهم، فيُمنّي نفسه بيومٍ يُطلب فيه من الفلسطينيين أيضا العودة سريعا إلى وطنهم.

في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، قال الحسيني "نحن في ذكرى النكبة التي حدثت عام 1948؛ وكلّ عام نتمنّى أن تلوح في الأفق بوادر حلّ لقضيتنا وعودتنا إلى بيوتنا التي نحتفظ بأوراقها الرسميّة، رغم مرور أكثر من سبعة عقود على الرحيل عنها".

وفي الذكرى السادسة والسبعين للنكبة الفلسطينيّة، التّي تحلّ غدا الأربعاء، يعتبر الحسيني أنّ هذا العام يختلف عن سابقيه، نظرا للحرب التي تدور رحاها في قطاع غزّة الفلسطينيّ، والتي يرى أنّ نتائجها ستنعكس على قضيّة اللاجئين.

ويشير قرار الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 إلى حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى أراضيهم التي هُجّروا منها ورفضهم التوطين في البلدان التي نزحوا إليها. وبحسب إحصاء لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا )، فقد بلغ عدد اللاجئين المسجّلين لديها في لبنان 489 ألفا و292 لاجئا.

ووفقا للوكالة الأمميّة، فإنّ حوالي 45% من اللاجئين الفلسطينيين يعيشون في 12 مخيما، ويحصل حوالي 200 ألف منهم على الخدمات التي تقدّمها الوكالة، مثل الصحّة والتعليم.

فلسطين في عيون جيلين

أكثر من سبعين عاما مرّت منذ تاريخ النكبة، وأفرزت جيلين من اللاجئين الفلسطينيين؛ فهناك من عايشوا تلك النكبة مباشرة أو سمعوا بها من آبائهم؛ وهناك أيضا جيل الشباب الذين وُلدوا بعد اللجوء وتواترت إليهم أنباؤها من الآباء والأجداد.

الفلسطينيّ صالح أحمد (78 عاما) كان عمره سنتين فقط عندما خرج من مدينة صفد؛ لذلك، فإنّه يصف نفسه بأنه "من عمر النكبة"، ويرى أنّ جيله عايش كلّ الأوضاع السياسيّة والأمنيّة في ظل اللجوء.

في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي، قال أحمد "في شبابنا، كنّا نعتبر أنّ حلم العودة سيتحقّق خلال أشهر؛ ولكن كنّا نُصدم بالهزائم التي كانت تحلُّ علينا. عشنا الحرب الأهليّة في لبنان، التي ظُُلمنا فيها جميعا من لبنانيين وفلسطينيين؛ فحدثت أخطاء من كلّ الأطراف دفعنا ثمنها".

وعن ذكريات النكبة التي روتها له والدته، قال أحمد "كانت أمّي تصف لي كيف لم أكن أنام كثيرا في الليل من الخوف بعد نزوحهم من بيوتهم بسبب اعتداءات المجموعات الإسرائيليّة حينها وطردها الفلسطينيين من بيوتهم وأراضيهم".

أضاف "تخيّل أن تعيش حياة كاملة بهذا الوصف؛ لا وطن لك تعودُ إليه، ولا دولة واضحة السيادة تلجأ إليها لتحصيل حقوقك... عشت في وطنين؛ فلسطين الذاكرة والحلم والعائلة، ولبنان الذي احتضننا طوال العقود الماضية... حين تتقدم بالعمر، يبقى الانتماء إلى بلدك موجودا؛ ولكن تتحوّل إلى تمنيّات للأجيال المُقبِلة أنّ تحقق عودتها".

أمّا الفلسطينيّ ياسر زيدان (28 عاما)، فبالنسبة له فلسطين "مبنيّة على حكايات الآباء والأجداد، الذين كان لديهم حرص على أن تبقى موجودة في كلّ تفاصيل حياتنا حتى لا ننسى حقّنا بالعودة".

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "حدود حلمي حاليا لا تتجاوز مخيّم صبرا وشاتيلا الذي أسكن فيه، أو التنقّل بين المخيمات كأنّي بين المناطق الفلسطينيّة؛ هذا الشعور أنّك تعيش على أرض، هي في النهاية ليست أرضك، يُفقِدك الشعور بالأمان والحماية".

نازحو غزة

وترى ليلى شاكر، الباحثة في الحقوق القانونيّة للاجئين الفلسطينيّين، أنّ مشاهد نزوح سكّان قطاع غزة منذ نشوب الحرب في القطاع في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي كانت الأكثر تأثيرا في نفوس اللاجئين الفلسطينيين كبار السن.

وقالت ليلى في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن جدّتها البالغة من العمر 87 عاما "ما زالت تحمل لمحات في ذاكرتها عن خروجها من مدينة يافا؛ وحين شاهدت صور المئات من سكّان غزّة يسيرون حاملين أمتعتهم، بدأت بالبكاء، لأنها عاشت هذه المعاناة".

أضافت "الحديث حاليا في لبنان عن حقّ عودة النازحين السوريّين إلى بلدهم ووضع الآليات والضغوط لإعادتهم؛ ولكن بالنسبة للاجئ الفلسطينيّ، فلا إمكانية ولا خطط واضحة؛ مهما كانت صعوبات السوريّين، فإنّ هناك سلطة سوريّة ما تزال موجودة في دمشق؛ أمّا في فلسطين، فهذا الأمر مفقود بسبب وجود الاحتلال".

وترى الباحثة القانونيّة أنّه لابدّ من الاستفادة من "هذه اللحظة التاريخيّة التي تتحرك فيها المؤسّسات الحقوقيّة الدوليّة دعما للشعب الفلسطينيّ، لإعادة طرح حقّ العودة في المسار القانونيّ الدوليّ".

وقالت "نحن شعب أصدرت الأمم المتحدة قرارات تؤكّد حقّنا بالرجوع إلى بلدنا، وهو ما يجب أن نضغط عليه من جديد؛ فلا يكفي إيقاف النّار في غزة، وفي اليوم التالي ننسى اللاجئين".

حلّ الدولتين

وبينما أكدت دولٌ عدّة على ضرورة المضيّ قدما في مسار حلّ الدولتيْن للخروج من أتون الحرب الدائرة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزّة، فإن الكاتب السياسي ياسر الجمّال يرى أنّ إعادة طرح هذا الحلّ دون معرفة مصير اللاجئين الفلسطينيين سيجعله حلّا "ناقصا ودون فائدة".

وفي حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي، تساءل الجمّال "ما هي حدود الدولة الفلسطينيّة التي يريدون اعتمادها، بينما معظم الضفة الغربية تنتشر فيها المستوطنات الإسرائيليّة؟ وكيف سيكون وضعها بالنسبة لقطاع غزة، الذي ينتظر اليوم التالي لانتهاء الحرب وسط تحديات عديدة بالنسبة لإعادة الإعمار وعودة السكّان والسلطة التي ستحكمه؟"

ويخشى جمال أن يكون طرح حلّ الدولتين "مجرّد شعار يتّفق عليه الجميع، ولكن لا يسير به أحد، ليكون هدفه تهدئة الأجواء الإقليميّة"، معتبرا أنّ هناك مخططا إسرائيليّا لم يتبدّل منذ سبعة عقود، يتمثّل في "توطين اللاجئين في البلدان التي لجأوا إليها".

وقال "بالنّسبة للمسؤولين الإسرائيليّين، فمنذ عام 1948 هذا هو الحلّ الطبيعيّ الذي يجب على الدول العربيّة اتّخاذه لإنهاء قضيّة اللاجئين.. وهذا في لبنان يشكّل أزمة، كونه له أبعاد ديمغرافيّة واجتماعيّة".