فلسطيني يعيد تدوير معلبات فارغة من الصاج ويستخدمها في الزراعة بقطاع غزة
الفلسطيني أحمد أبو نصير يجمع معلبات معدنية فارغة من مطبخ مجاور لاستخدامها في زراعة أشتال الأشجار المثمرة وأشجار الزينة والورود في مشتله بدير البلح في وسط قطاع غزة (9 يوليو تموز 2024)
  • غزة

  • الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠٢٤ في ١٠:١٥ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠٢٤ في ١٠:١٥ م

فلسطيني يعيد تدوير معلبات فارغة من الصاج ويستخدمها في الزراعة بقطاع غزة

(وكالة أنباء العالم العربي) - بدت علامات الدهشة على الفلسطيني حمدان إدريس عندما فوجئ بأن أشتال الورود التي وقعت عليها عينيه ليشتريها من مشتل في دير البلح بوسط قطاع غزة مزروعة في أصص مصنوعة من الصاج كانت في الأصل معلبات معدة للطهي مثل الفاصوليا والبازلاء والفول وغيرها.

تنقل إدريس، المقيم في دير البلح مع عائلته العاشقة للورود، بين زوايا المشتل الذي يحتوي على أعداد كبيرة من أشتال الأشجار المثمرة وأشجار الزينة والورود، ليجد أعدادا كبيرة منها غرست في أصص من بقايا معلبات بأحجام مختلفة.

اعتاد الرجل أن يشتري من هذا المشتل الواقع على الطريق الرئيسي وسط دير البلح منذ سنوات، لكنها المرة الأولى التي يشاهد فيها الأشتال داخل أصص من الصاج، بعدما كان يحصل عليها داخل أكياس سميكة من البلاستيك ينتزعها ثم يغرس الأشتال داخل حديقة منزله.

حاول إدريس دون جدوى البحث عن أشتال متنوعة من الورود والريحان والنعناع داخل مظروف من البلاستيك، ظنا منه أنها أيسر في الزراعة وأسرع في النمو، حتى اضطر لشراء الأشتال داخل علب من الصاج بعدما استقصى من صاحب المشتل عن كيفية زراعتها وضمان نجاحها والحفاظ على نموها.

f80fbf2d-04ae-4316-bad4-4e8162a2bb65.jpg

الفلسطيني أحمد أبو نصير يستخدم معلبات معدنية فارغة في زراعة أشتال الأشجار المثمرة وأشجار الزينة والورود في مشتله بدير البلح في وسط قطاع غزة (9 يوليو تموز 2024)

يوضح إدريس (56 عاما) قائلا إنه مع دخول فصل الصيف يحرص على زراعة المزيد من أصناف الورود في حديقة منزله، ليمنح المكان منظرا مبهجا وبث بعض الارتياح في نفوس أبنائه الستة خاصة خلال فترة الحرب، أو استخدام بعضها في الطهي أو المشروبات مثل الريحان والنعناع والزعتر.

يتحدث الرجل عن اضطرار الفلسطينيين في قطاع غزة إلى البحث عن بدائل الأشياء المفقودة أو التي ارتفعت أسعارها في كل جوانب الحياة، ومن ضمنها أصص الأشتال، واصفا ذلك بأنه "تجسيد لقدرة الغزيين على التكيف وابتكار كافة الوسائل التي تعينهم على تجاوز أوضاع الحرب القاسية".

وقال إدريس لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "فوجئت بأن كل الأشتال في أصص من الحديد وإذا بها من مخلفات المعلبات، المهم أنها تصلح للزراعة كما هي، لا بل يقول صاحب المشتل إن نموها أسرع عندما تزرع في الأرض ويعتنى بريها جيدا".

وأضاف مبتسما "في الحرب الكل يحاول أن يتدبر احتياجاته، وهذا المشتل واحد من هذه الحالة العامة، ارتفعت أسعار أكياس البلاستيك السميكة بعد شحها، ولم يعد أمامه فرصة سوى استخدام هذه الفوارغ".

05c8e8ee-d751-4338-a675-d55919388420.jpg

الفلسطيني أحمد أبو نصير يجد ضالته في آلاف المعلبات المعدنية الفارغة في مطبخ مجاور لاستخدامها في زراعة أشتال الأشجار المثمرة وأشجار الزينة والورود في مشتله بدير البلح في وسط قطاع غزة (9 يوليو تموز 2024)

لكن الأمر لا يتعلق بنفاد الأكياس المخصصة لاستخدام الأشتال فحسب، فالفكرة برمتها تشكلت لدى صاحب المشتل أحمد أبو نصير كجزء من عملية منتظمة لتدوير النفايات وتعظيم الاستفادة منها.

ينهمك أبو نصير في اختيار الأحجام التي يحتاجها من بقايا معلبات الطعام من بين كومة كبيرة من الفوارغ التي يوفرها من أصدقائه لمشتله من مطبخ يعد كميات كبيرة من الطعام.

يبدأ صاحب المشتل في فرز المعلبات الفارغة المطلوبة، ثم يقوم بعمل ثلاث أو أربع فتحات في أسفلها بقطعة حديدة صغيرة لتسمح بتسرب المياه إلى التربة ونموها حال نقلها للزراعة في الأماكن المطلوبة لدى المشترين.

ينقل محمود شقيق صاحب المشتل المعلبات بعد تجهيزها إلى مكان آخر لتعبئتها بالتربة الخاصة وغرس الأشتال الصغيرة أو البذور، قبل أن يضعها بأعداد كبيرة إلى جانب بعضها بعضا ثم ريها وتغطيتها بقطعة نايلون شفافة كبيرة توفر درجة حرارة عالية وتسمح بدخول أشعة الشمس.

a44103ae-b1bb-4554-b5e6-7dd831e1f70a.jpg

أشتال الأشجار المثمرة وأشجار الزينة والورود مزروعة في علب معدنية فارغة في مشتل بدير البلح في وسط قطاع غزة (9 يوليو تموز 2024)

وبينما يعرض محمود جزءا من الأشتال الجاهزة للزراعة والمغروسة في فوارغ المعلبات على الرصيف قبالة المدخل الرئيسي للمشتل لتظهر للمارة وتحفزهم على الشراء، لا يتوقف عن الإجابة عن أسئلة المارة حول إمكانية نجاح هذه الأشتال إذا ما اضطروا لانتزاعها من المعلبات وزراعتها مجددا.

يندهش المارة من الفكرة التي يؤكد محمود لهم أنها ناجحة وأكثر فائدة للشتلة طالما حافظت على تربتها الأصلية ولم تخسر أي منها حال انتزاعها لو كانت في أكياس بلاستيك، وعبر للسائلين عن ضمانه نجاح الأشتال التي يتم شراؤها منه.

ويقول أبو نصير إنه نجح في إجراء عملية إعادة تدوير لمخلفات تحتاج إلى تكاليف باهظة لنقلها إلى أماكن تجميع القمامة، فضلا عن أضرارها البيئية إذا ما بقيت في الشوارع، مشيرا إلى أن المعدن مغذي للتربة والأشتال وهو ما يحقق هدفا آخر بالإسراع في النمو، على حد قوله.

راودت الفكرة أبو نصير منذ أن شاهد كميات كبيرة من المعلبات الفارغة داخل ساحة مطبخ مجاور لمشتله وجد القائمون عليه صعوبات في التخلص منها.

وقال أبو نصير "لم أتردد في الاستفادة من هذه الكميات خصوصا وأن لدي خبرة سابقة في الزراعة داخل أصص من المعدن لكنها كانت مكلفة قبل سنوات، أما الآن فهي متوفرة مجانا، فضلا عن تيقني من فائدتها للأشتال لأنها مصنوعة من الحديد وهذا جزء من احتياجات النبات".

وأضاف "المشترون أصبحوا يتقبلون التجربة شيئا فشيئا ويعودون مرات عديدة لشراء أصناف عديدة من الأشتال الصغيرة والكبيرة بعد نجاح التجربة وإعطاء نتائج أفضل من أكياس البلاستيك".