(بهجة رمضان).. معرض تشكيلي يتحايل على تراجع مساحة رسم الكاريكاتير في الصحافة المصرية
لوحة لفنان الكاريكاتير المصري حسن فاروق من معرض (بهجة رمضان) المقام في حي الزمالك بالقاهرة وفيها يصور الالتفاف حول الأراجوز في حي شعبي قديم (26 مارس آذار 2024)
  • القاهرة

  • الأربعاء، ٢٧ مارس ٢٠٢٤ في ٧:٤٧:٣١ م
    آخر تحديث : الأربعاء، ٢٧ مارس ٢٠٢٤ في ٧:٤٧ م

(بهجة رمضان).. معرض تشكيلي يتحايل على تراجع مساحة رسم الكاريكاتير في الصحافة المصرية

(وكالة أنباء العالم العربي) - مع انحسار المساحة المتاحة لرسم الكاريكاتير في الصحافة المصرية، اتجه بعض رسامي الكاريكاتير إلى رسم لوحات تشكيلية تعبيرية وعرضها في معارض جماعية داخل قاعات العرض المختلفة.

ومن بين تلك المعارض التي تعكس مظاهر هذا التحول معرض (بهجة رمضان) الذي تشهده قاعة (آرت كورنر) بضاحية الزمالك في القاهرة، والذي يكشف صورا لتفاعل عدد من التشكيلين مع مظاهر الاحتفال بشهر رمضان.

يُبرز المعرض الطقوس والعادات التي تسربت لتفاصيل الحياة اليومية وأصبحت جزءا من نسيج ذاكرة الناس بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. ويضم لوحات تشكيلية وبعض الرسوم الكاريكاتيرية لنحو 42 فنانا يمثلون أجيالا مختلفة من التشكيليين المصريين.

ومن أبرز الفنانين المشاركين جورج البهجوري، وجلال جمعة، ومحمد حاكم، وعبد العزيز تاج، وماهر دانيال، وحسن فاروق، وسعيد بدوي، ومصطفى الشيخ، وهاني عبد الجواد.

كما يتسم المعرض بمشاركة واسعة للفنانات حيث يضم أعمال 15 فنانة من بينهن رباب إبراهيم، ولارا محمد، وشيرين جواد، وشيرين عبد الله، وشيماء شافعي، وكريستين جوهري، وشيماء محمود.

* طقوس وعادات

يقول منسق المعرض الفنان سمير عبد الغني "يعكس المعرض تفاعل الفنانين مع طقوس شهر رمضان وعاداته، كما يشير إلى سعي بعض فناني الكاريكاتير للتفاعل مع المناسبة بتقديم رسوم واسكتشات تتسم بالمرح لتأكيد وجودهم بعد تقلص المساحة المتاحة لرسم الكاريكاتير في الصحافة المصرية".

وتركز اللوحات المعروضة على مظاهر الاستعداد للشهر الكريم وتصور العادات والتقاليد الشعبية الآخذة في الاندثار مثل مدفع رمضان، وزفة رؤية الهلال، وليالي قراءة القرآن في الريف المصري، أو مواكب الموسيقات العسكرية وفرقة حسب الله التي كانت تطوف شوارع القاهرة.

وتعكس لوحات أخرى مشاهدات من داخل الحارة المصرية مثل بائعي الفول المدمس وأشكال الزينة وعربات عرائس الأراجوز، فضلا عن تكدس الناس أمام محال العطارة وفناني الخيامية.

يأتي المعرض ضمن سلسلة من المعارض قام عبد الغني بالإشراف على تنسيقها خلال الفترة الماضية ويؤكد أن الغرض منها تأكيد قدرة فناني الكاريكاتير على رسم لوحات يمكن عرضها في قاعات العرض الخاصة.

ويلفت إلى أنه يوجه بعض الفنانين ناحية رسم موضوعات وثيقة الصلة بمناسبات عامة يلتف حولها الناس وغالبا ما تكون هذه اللوحات محتفظة بالخفة الجمالية وبالبساطة التي يتسم بها فن الكاريكاتير.

ويعد سمير عبد الغني واحدا من أبرز رسامي الكاريكاتير في مصر حاليا، ورسم في عدة صحف ومجلات منها (العربي الناصري) و(الدستور) و(القاهرة) و(روزاليوسف) و(صباح الخير) و(ماجد)، ونال عدة جوائز من نقابة الصحفيين، ثم تحول لرسم كتب الأطفال.

وهو يقول إن غياب المساحات التي كانت مخصصة للكاريكاتير في الصحافة المصرية أحدث "ورطة كبرى" لدى أجيال كاملة من الرسامين اضطرت للتوقف عن الرسم.

* فنانون بلا مورد

يؤكد عبد الغني أن هناك أسماء مهمة أصبحت من دون مورد رزق على الرغم من إمكاناتها الفنية الهائلة، وبالتالي لم يكن هناك حل سوى التحول لرسم اللوحات لتأكيد وجودها وابتكار وسيلة للتحايل على الطريق المسدود وطرق أبواب رزق جديدة.

ويقول الفنان إن المناخ الحالي غير قادر على استيعاب تمرد رسامي الكاريكاتير وجرأتهم في التعبير لذلك لم يعد مرحبا بهم في الصحافة. ويضيف "السقف المتاح لا يسمح بظهور فنانين جدد، ولا وجود لرسم كاريكاتيري يجعلك راضيا لأن الكاريكاتير رأي بالضرورة".

وعرفت الصحافة المصرية منذ ثلاثينيات القرن الماضي ازدهارا واضحا لفن الكاريكاتير على يد فنانين أجانب مثل الإسباني سانتيس أو فنانين أرمن وفدوا لمصر وأبرزهم ألكسندر صاروخان الذي لعب دورا هائلا في تطوير هذا الفن.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي تحمَّل عدد من الرسامين عبء تمصير هذا الفن من خلال رسامي مجلات (روزاليوسف) و(صباح الخير) و(آخر ساعة)، ولمعت أسماء مهمة خلال تلك الفترة منها محمد عبد المنعم رخا، وأحمد طوغان، وصلاح جاهين، وأحمد حجازي، وجورج البهجوري، ونبيل السلمي، وصلاح الليثي، وإيهاب شاكر، ومحيي الدين اللباد.
 
ويشير عبد الغني إلى أن نمو صحافة المعارضة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي وميلاد الصحف الخاصة في العقد الأخير من سنوات حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أسهم في بروز أسماء مهمة أبرزها أحمد عز العرب، وعمرو سليم الذي لعب دورا في تقديم رسامين جدد أبرزهم دعاء العدل، ومخلوف.

ويأسف عبد الغني لتوقف كثير من الأسماء عن رسم الكاريكاتير بحيث لم يعد أمامها سوى رسم اللوحات التعبيرية، ويشير إلى أن معرض (بهجة رمضان) وسيلة من وسائل إعادة الحياة لفن الكاريكاتير "بعد الحصار الذي تعرض له". وأعرب عن اعتقاده بأن فن الكاريكاتير يعيش "حالة انطفاء واضحة"، وأن الطرق أصبحت مسدودة أمام الفنانين الجدد.

ويكشف عن وجود عقبات كثيرة تضعها بعض القاعات التي تتحفظ على عرض الكاريكاتير أو تضع شروطا أمام الفنانين لأنها لا ترغب في الدخول في أزمات من أي نوع، كما تفضل قاعات أخرى عرض أعمال ذات نزعة تجارية قادرة على جلب زبائن "لكنها تسلب الفنان حريته".

ويقول "لا وجود لموقع إلكتروني واحد يهدف لإحياء الصحافة الساخرة وإعادة الاعتبار لفن الكاريكاتير".