باحث يمني لـAWP: رهان الحوثيين على طباعة عملة جديدة محاولة لتخدير المواطنين
من أرشيف AWP - البنك المركزي اليمني فرع تعز (25 مارس آذار 2024)
  • عدن

  • الجمعة، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ في ٩:٢١:٣٢ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢ أبريل ٢٠٢٤ في ٩:٤٩ ص

باحث يمني لـAWP: رهان الحوثيين على طباعة عملة جديدة محاولة لتخدير المواطنين

(وكالة أنباء العالم العربي) - بينما تعاني مناطق شمال اليمن الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي من أزمة نقديّة خانقة بسبب تداول أوراق عملة تالفة ومتقادمة، تواجه الخطط التي أعلنتها الجماعة لطباعة عملة جديدة عقبات داخلية وخارجية، بينما وصف باحث اقتصادي تلك الخطط بأنها "محاولة لتخدير المواطنين والتجّار".

ولفت مراقبون إلى أن تداول تلك الأوراق النقدية التالفة وغير القابلة للاستخدام يضرّ بالاقتصاد المحليّ وصحّة الناس في مناطق سيطرة الحوثيين بينما تواصل الجماعة رفضها دخول الطبعات الجديدة من العملة القادمة من مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن المقسم منذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد قبل تسع سنوات.

في السياق، وصف الباحث الاقتصادي اليمني محمد الجماعي ما نشرته جماعة الحوثي في بيان لها مؤخرا عن جهودها لإيجاد حلول للعملة التالفة بأنها "محاولة لتخدير المواطنين والتجار وايهامهم بحلول قادمة فيما الحل الوحيد هو توحيد السياسة النقدية بين مركزي صنعاء المتمرد ومركزي عدن الرئيس المعترف به دوليا".

* مكابرة سياسية

وقال الجماعي في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن ما أعلنته جماعة الحوثي عن سعيها لإيجاد حلّ للمشكلة بطباعة عملة محليّة للتداول في مناطق سيطرتها بإدخال أجهزة تشكّل في مجموعها مصانع لطباعة العملة إلى صنعاء ليس سوى محاولة منها لإظهار أنها "ناجحة ماليا".

وأشار إلى أنّ الحكومة الأميركية أعلنت مؤخرا فرض عقوبات شملت شركات إيرانية لأنّها كانت تساعد جماعة الحوثي في محاولة طباعة عملات ورقية جديدة فئة خمسة آلاف ريال وألفي ريال.

وأضاف الجماعي أنّ قوات الحكومة المعترف بها دوليا في محافظتي مأرب والجوف أحبطت محاولات متعددة ومتكررة، كان آخرها خلال الأشهر الستة الماضية، لتهريب عملات نقدية من الخارج إلى مناطق سيطرة الحوثيين، كما أحبطت محاولات متعددة لتهريب أجزاء طابعات لعملات نقديّة.

وأشار إلى أن جماعة الحوثي أخرجت سنويا منذ اندلاع الحرب عام 2014 قرابة 20 مليار ريال يمني من صندوق التالف في البنك المركزي بصنعاء وفرضت تداولها تجاريا لتغطية العجز النقدي لديها، بينما تمنع دخول العملات الجديدة المطبوعة بعد عام 2016 من قبل الحكومة المعترف بها دوليّا.

وكانت الحكومة المعترف بها دوليا قد نقلت البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء عام 2016 الى العاصمة المؤقتة عدن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء عسكريا.

وأشار الجماعي إلى أن إحصائيات سابقة للبنك المركزي في صنعاء بينت أن حجم التالف في العملة اليمنية بلغ في عام 2013 أكثر من 18 مليار ريال ثم ارتفع في الأعوام اللاحقة إلى 20 مليار ريال سنويا تُورد إلى صندوق التالف، مضيفا "تجرأ الحوثي، رغم المخاطر المتعددة، وقام بإنزال هذه المبالغ التالفة لسد فجوة السيولة، وهي أيضا محاولة من الجماعة للمكابرة السياسية أمام الحكومة المعترف بها".

* معركة النقد

وكانت جماعة الحوثي قد قالت في بيان لها مؤخرا إنها تبذل جهودا لحل مشكلة تقادم وتلف العملة الوطنية الورقية التي "نتج عنها مشاكل اجتماعية واقتصادية". وجاء بيانها بعد أيام من خطوة اتخذها البنك المركزي في عدن، قائلا إنها تهدف إلى تصحيح المسار الاقتصادي والحفاظ على قيمة الريال في مناطق سيطرة الحكومة.

فقد قرر البنك المركزي في عدن إيقاف عدد من البنوك الأهلية ومحال الصرافة الخاصة في مختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها، وقرر أيضا توحيد مسار الحوالات النقدية وإيقاف التحويل الى مناطق سيطرة الحوثيين عبر عدة بنوك ومحال صرافة.

وأوضح الجماعي أن "المعركة النقدية" بين الحكومة والحوثيين دخلت مرحلة جديدة أواخر عام 2019 عندما قررت جماعة الحوثي حظر التعامل بالطبعة الجديدة من الريال اليمني الصادرة عن البنك المركزي في عدن مما دفع الجماعة إلى إخراج الكثير من العملات القديمة التالفة ‘لى الأسواق للتعامل بها وإجبار التجار على تداولها.

وأضاف أنّ جماعة الحوثي "حاولت أن تظهر أمام التجار ورجال الأعمال بمظهر القوة من خلال العملة المهترئة وبقدرتها على تثبيت قيمة الدولار والريال السعودي والعملات الأجنبية مقابل الريال (اليمني) بالقبضة الأمنية والعقاب بالإغلاق والمصادرة لمن يخالفها من التجار".

وشكك الجماعي في قدرة جماعة الحوثي التي لا تملك العملة المحلية على تغطية السوق بالعملة الأجنبية، قائلا "لذلك، عملت جماعة الحوثي على فرض سعر العملات الأجنبية أمام الريال اليمني إجباريا، وبعد ذلك فرضت أسعارا إجبارية لأسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات، وهو ما أضر بالتجار وانعكس على سلعهم وعلى تجارتهم".

وأشار إلى أن المصدر الرئيسي للعملات الأجنبيّة في مناطق الحوثيين اليوم هو تحويلات المغتربين خارج اليمن، متهما الحوثيين بـ "القرصنة عليها وإعطائها ثلث سعرها الحقيقي، وبالتالي لم يستطع المواطن أن يستفيد منها".

وأكد الخبير الاقتصادي اليمني أن "تقادم العملة مشكلة لا يحلها إلا توحيد السياسة النقدية بين مركزي صنعاء المتمرد ومركز عدن الرئيس المعترف به دوليا، وكل المحاولات التي تبذلها جماعة الحوثي لسد الفجوة النقدية خاسرة أمام تدخلات الحكومة المعترف بها وقدرتها على السيطرة على سوق الصرف من خلال إجراءاتها".

* "الكارثة الأكبر"

وبحسب الجماعي، فإن جماعة الحوثي "تمارس قراراتها الاقتصادية على أساس قرارات حرب". واعتبر أنّ ما اتخذه الحوثيون من قرارات بتثبيت سعر الصرف ومنع تداول العملة الجديدة "الكارثة الأكبر على اليمنيين منذ الانقلاب الحوثي على الدولة".

وأوضح أن تثبيت سعر العملة يحتاج إلى "دورة مصرفية" يذهب في إطارها النقد إلى البنك المركزي ثم يعود، مضيفا أن الواقع هو أن البنك المركزي في صنعاء لم يعد سوى "غرفة مقاصة ولجنة مدفوعات" وأن جماعة الحوثي تعتمد على المواطنين بفرض "جبايات وزكوات وضرائب وجمارك وغيرها فيما لا تعود بها كرواتب لموظفي الدولة".

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن "الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي وصل إلى منعطف خطير جدا لا يمكن معه أن تعود الحياة الاقتصادية إلى التعافي ما لم تسعفه الاتفاقات أو الهدن".

ودعا الحوثيين إلى الاستفادة من الخطوات التي اتخذها البنك المركزي في عدن مؤخرا كفرصة لإنقاذهم من "هذه الدوامة" من خلال عقد اتفاقات مع الحكومة المعترف بها والخروج من المأزق لكنهم لا يريدون ذلك، على حد قوله.

وتجاوز سعر صرف الدولار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة 1500 ريال يمني، بينما أجبرت الجماعة الحوثية البنوك وشركات الصرافة على التعامل بسعر صرف لا يتجاوز 560 ريالا للدولار الواحد وثبتت هذا السعر منذ تسع سنوات حتى اليوم.

وكان البنك الدولي قد قال في تحديث اقتصادي في يناير كانون الثاني الماضي إن الوضع الاقتصادي اليمن شهد تفاقما إضافيا في عام 2023 بسبب الحصار الذي فرضته جماعة الحوثي على صادرات النفط والذي أثر بشدة على توفر السيولة بالعملات الأجنبية، كما فاقم الصعوبات الاقتصادية القائمة، ومنها وضع المالية العامة للحكومة المعترف بها دوليا.

وقال البنك إن ذلك أدى إلى انخفاض سعر الصرف إلى "أدنى مستوياته تاريخيا" في سوق عدن، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، على الرغم من التراجع الذي شهدته أسعار السلع الأولية على مستوى العالم.

وحذّر البنك الدولي من أن "الاعتماد على تحويلات المغتربين وتدفق المعونات إلى البلاد يترك اليمن عرضة للعوامل الخارجية".

وأوضح أن التوصل إلى "تسوية سلميّة وعادلة تعالج العوائق الاقتصادية والمظالم المرتبطة بالصراع والقضايا الهيكلية" أمر بالغ الأهمية من أجل تحقيق التعافي والاستقرار الدائم في اليمن.