• بغداد

  • الاثنين، ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣ في ٣:٥٤:٥٧ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣ في ٣:٥٤ ص

استياء شعبي من سيطرة عائلات السياسيين على المشهد الانتخابي في العراق

(وكالة أنباء العالم العربي) - لم يخف أحمد الخفاجي، الذي يسكن في حي الكرادة في بغداد، امتعاضه من صورة أحد المرشحين في الانتخابات المحلية العراقية التي تعقد اليوم الاثنين لأول مرة منذ عقد من الزمن.

يقول الخفاجي لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "انظر إلى هذا المرشح الشاب ابن منطقتنا، أبوه كان عضو مجلس محافظة... ولم يقدم أي خدمة بلدية للحي طيلة عمله في المجلس المحلي، واليوم يقدم ابنه ليخلفه في الموقع وكأنه ملكية شخصية".

ويضيف بنبرة متهكمة "كنا سئمنا هيمنة الأحزاب خلال السنوات الماضية، لكن يبدو أننا سندخل في نفق العوائل".

غادر الخفاجي منزعجا وهو يردد "حسبنا الله ونعم الوكيل".

يلقي استياء الخفاجي وغيره من العراقيين الضوء على التذمر من سيطرة عائلات بعينها على العملية السياسية في العراق، عشية انتخابات مجالس المحافظات التي تعقد في 15 محافظة من أصل 18 محافظة عراقية، باستثناء محافظات إقليم كردستان الثلاث.

وتوضح الدعاية الانتخابية للمرشحين، سواء في الشوارع أو على وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الرسائل النصية، ترشح أقارب لنواب في البرلمان وسياسيين. ومن بين هؤلاء حسان نجل وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي رئيس تحالف الحسم، كما ترشحت سندس نصيف شقيقة النائبة في البرلمان عالية نصيف، ونور ابنة النائبة شذى العزاوي، وعمار القيسي شقيق النائب محمود حسين القيسي، وحميد المساري شقيق النائبة عائشة المساري، وغيرهم.

وقال المحلل السياسي علي جبار "ما يحصل في العراق ويظهر جليا في انتخابات مجالس المحافظات هي ظاهرة العوائل المسيسة"، محذرا من أنها "مرحلة خطيرة ستقضي على أي منجز ديمقراطي في العملية السياسية في فترة ما بعد الدستور الدائم 2005".

وأضاف "المسارات المنحرفة لأي عملية سياسية هناك بوصلة توجهها وتتحول إلى أداة هدم لمقدرات الدولة والأسس السياسية والمجتمعية، ومنها الانتقال إلى منظومة العوائل".

وتابع "هذه المنظومة مهمتها تجريد العملية والنظام السياسي من كل القواعد السليمة وإخضاع  البلد إلى سطوة فكر الاستيلاء على المناصب وسباق التربح المادي".

ويحق لأكثر من 16 مليون عراقي التصويت في الانتخابات المحلية التي يتنافس فيها 39 تحالفا و29 حزبا وما يقرب من ستة آلاف مرشح على 275 مقعدا في مجالس المحافظات، منها 70 مقعدا للنساء.

وعقد أمس السبت التصويت الخاص في الانتخابات، والذي يشمل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ونزلاء السجون والراقدين في المستشفيات والنازحين، الذين تقدر أعدادهم بأكثر من 1.5 مليون.

ويعتقد رامي العزاوي، المرشح عن تحالف السيادة، أن المنافسة في الانتخابات ستكون صعبة في ظل دعم شخصيات سياسية لمرشحين من عائلاتهم.

وقال لوكالة أنباء العالم العربي "هذا أمر صعب المهمة علينا كثيرا. هذه العوائل متمكنة ماديا وتمتلك ماكينة انتخابية لها خبرة واسعة في حصاد الأصوات".

وأضاف العزاوي "عملنا خلال فترة الترويج على استغلال حالة التذمر لدى الكثير من القبائل تجاه سياسيين نكثوا عهودهم معهم".

وكانت جمانة الغلاي، المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات الاتحادية، قد أبلغت وكالة أنباء العالم العربي في سبتمبر أيلول بأن مجلس المفوضين قرر إبعاد الموظفين في المفوضية، الدائمين والمتعاقدين، من أقارب المرشحين حتى الدرجة الرابعة عن مراكز التسجيل والمكاتب الانتخابية.

وأضافت المتحدثة "القرار يشمل موظفي الاقتراع في المراكز الانتخابية حيث سيتم إيقافهم عن العمل يوم التصويت".

وتقام الانتخابات المحلية دون مشاركة التيار الصدري، بعدما دعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أنصاره الشهر الماضي لعدم المشاركة في العملية الانتخابية.

وكان لأنصار التيار الصدري 73 مقعدا في البرلمان العراقي الحالي الذي انتخب في 2021، لكن في يونيو حزيران من العام الماضي، أعلن الصدر انسحابه من البرلمان والسياسة بعد فشل تحالفه مع قوى سنية وكردية في تشكيل الحكومة وعدم تمكنهم من حشد الأغلبية المطلقة التي نص عليها الدستور.

وتعد انتخابات مجالس المحافظات الخطوة الأولى في رسم الخارطة السياسية للبلاد، كونها تمثل اللمسات الأولى للتحالفات السياسية من خلال ائتلافات تشكيل الحكومات المحلية للمحافظات وقياس قوتها في السيطرة على مفاصل الدولة والمجتمع ومدى إمكانية تطويع مواردها المادية والبشرية في الانتخابات البرلمانية.

وأجريت آخر انتخابات محلية في العراق في 2013، ومع اجتياح تنظيم داعش للأراضي العراقية في العام التالي، واصلت مجالس المحافظات عملها حتى صدر قرار بإلغائها في 2019 تحت ضغط احتجاجات شعبية في الشوارع.

وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في كلمة عشية التصويت الخاص إنه يأمل أن يشارك الشعب العراقي بقوة في انتخابات مجالس المحافظات "التي تمثل حلقة من حلقات النظام الإداري الديمقراطي".

وأضاف "مرت عشر سنوات على آخر انتخابات لمجالس المحافظات... مجالس المحافظات ركن أساسي في نظامنا الديمقراطي القائم على اللامركزية، التي تمثل مرحلة مهمة من مراحل التحول الإداري في العراق".

وتابع قائلا "مجالس المحافظات مفصل تحتاجه الحكومات المحلية، التي تمثل الذراع التنفيذية الثانية في الدولة بعد الوزارات".