• عدن

  • الأربعاء، ٣ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:١٠ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٣ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:١٠ ص

الظلام يخيّم على مساكن اليمنيين في رمضان وسط ظروف معيشيّة صعبة ونقص خدمات أساسية

(وكالة أنباء العالم العربي) - في طابور طويل، يقف اليمني سلمان علي لليوم الثالث على التوالي، منتظرا دوره لتعبئة سيارته التي يشغّلها بالأجرة لنقل الركاب مقابل أجر زهيد يمكّنه من إعالة أسرته النازحة.

الشاب، البالغ من العمر 30 عاما، كانت أسرته قد استقر بها الحال في محافظة مأرب وسط اليمن بعد نزوحها من محافظة ريمة غرب البلاد قبل نحو تسع سنوات بسبب الحرب الدائرة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي المسلحة.

ثلاثة أيام مرت وهو ينتظر بالقرب من محطة الوقود، ولم يأت بعد دوره للحصول على 40 لترا فقط من الوقود، وما زال عليه الانتظار ربما ليوم أو اثنين آخرين حتى يصل إلى مضخة المحطة التابعة لشركة النفط اليمنية (حكومي).

وكانت الشركة قد اتّخذت قرارات متعددة قبل سنوات في سبيل منع ما تقول إنه تهريب للوقود لبيعه في السواق السوداء أو في مناطق سيطرة الحوثيين بمبالغ أكبر من المحددة في محافظة مأرب المنتجة للنفط والغاز.

يعكس هذا المثال أحد أوجه استقبال اليمنيين لشهر رمضان بكثير من الصعوبات والتحديات، التي يبقى أبرزها نقص الخدمات الأساسية ومن بينها المشتقات النفطية والانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه.

* أزمة بنزين

في لقاء مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، قال سلمان إنه منذ بداية شهر رمضان لم يحصل سوى على 40 لترا من البنزين، عمل بها خلال الأيام الماضية لتوفير نفقات الشهر؛ وكان عليه في كل مرة يريد فيها التزود بالوقود الانتظار لمدة لا تقل عن خمسة أو ستة أيام بسبب الازدحام الشديد.

رغم ذلك، فإن الشركة الحكومية بحسب سلمان كانت قد فرضت على جميع مالكي سيارات الأجرة الحصول على 40 لترا فقط بفاصل زمني يبلغ أسبوعا كاملا بين المرة والأخرى، بالإضافة إلى مراقبة وتتبع عدادات السيارات حتّى لا يذهب مالكوها لبيع البترول في السوق السوداء.

ويُباع اللتر الواحد من البنزين مقابل ألف ريال (حوالي 0.6 دولار أميركي) في السوق السوداء، فيما يحصل عليه السائق من المحطة الحكومية لقاء 350 ريالا فقط بعد ارتفاع سعره الشهر الماضي.

وكان اللتر الواحد يباع رسميا مقابل 175 ريالا فقط في محافظة مأرب.

تحديات الحصول على المشتقات النفطية في المحافظات الخاضعة للحكومة زادت من معاناة السكان والنازحين بشكل كبير، في الوقت الذي يعانون فيه من نقص الكثير من الخدمات والاحتياجات الأخرى مثل الغذاء والكهرباء والمياه.

فاطمة، الأم لخمسة أطفال، أصبحت وجبة إفطارها وأطفالها منذ بداية رمضان قطعا من خبز جاف معد بطريقة بدائية على نار الحطب وبعض التمرات التي حصلت عليها من فاعل خير وماء مالح من بئر قريبة من منزلها المعتم في مدينة لحج جنوب غرب البلاد.

وتقول فاطمة "أدركت منذ بداية شهر رمضان أن هذا الشهر سيكون أصعب من أيّ وقت سابق بعد انقطاع التيار الكهربائي عن الحي المهمش الذي أسكنه وعشرات الأسر، والمكون من عشش خشبية وبنايات غير مسقوفة بسبب الحرّ الذي تشهده المنطقة صيفا وعدم استقرار خدمة الكهرباء في المحافظة منذ اندلاع الحرب".

* الفانوس بديلا

تعدّ خدمة الكهرباء في اليمن عامة مشكلة تؤرّق السكّان والنازحين البالغ عددهم أكثر من أربعة ملايين نازح في المحافظات الشرقيّة والجنوبيّة للبلاد، والتي زادت من أعباء العيش ومنغصاتها؛ لكنها ليست الوحيدة التي يشكو منها المواطنون.

وتُرجع السلطات سبب انقطاع التيار الكهربائي إلى نقص كميّات الديزل المخصص لتشغيل محوّلات الكهرباء في المحافظات.

وبحسب تقرير للأمم المتحدة نُشر أواخر فبراير شباط الماضي، فإن نقص الطاقة في اليمن وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وتفاقم بسبب النزاع بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي ومحدوديّة الوصول إلى موارد الطاقة.

ألقى هذا الأمر عبئا ثقيلا على النازحين، الذين أصبحوا يعتمدون فقط على الفوانيس والمصابيح الكهربائية للتنقل ليلًا.

وقال علي سنان، المعلم الحكومي في محافظة عدن التي اتخذتها الحكومة المعترف بها دوليا عاصمة مؤقتة لها، إنّ "غياب الخدمات الأساسية يزيد من المعاناة التي لا تطاق، ويمثل غياب التيار الكهربائي أكبر مشكلة تؤرق حياة السكان في رمضان".

وأشار أيضا إلى أنّ غلاء المعيشة الذي زاد حدة خلال رمضان نتيجة لتبعات التصعيد العسكري في البحر الأحمر من قبل الحوثيين، قائلا إن "أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل جنوني".

أضاف "لم تعد لدينا القدرة على شراء ما نحتاجه؛ وهناك الكثير من الأسر في عدن لا تستطيع توفير وجبة الإفطار لأطفالها وتعتمد على مساعدات الجيران. ولم تعد هناك منظمات تقدّم معونات، وكأن الحرب قد انتهت".

* تآكل القدرة على الصمود

ونشرت مفوضية شؤون اللاجئين تقريرا لها في أواخر مارس آذار الماضي، أكّدت فيه أنّ الصراع الذي دخل عامه العاشر أدى إلى تفاقم نقاط الضعف وتآكل القدرة على الصمود وقدرة السكان والنازحين اليمنيين على التكيّف.

وأوضح التقرير أنه مع انخفاض إمكانيّة الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش وقلة الخيارات المتبقيّة، يلجأ الكثيرون إلى آليات التكيّف الضارة من أجل البقاء.

وأشار التقرير إلى أن من بين تلك الآليات تخطي وجبات الطعام والتسرب من التعليم وتشغيل الأطفال والحصول على القروض والانتقال إلى مأوى أقل جودة والزواج المبكر.

وبحسب المنظمة الدولية، فإن فرص كسب الدخل محدودة في اليمن، وتتكون إلى حد كبير من وظائف غير رسمية وخطيرة؛ وقالت إنّ 48.6% من السكان اليمنيين لا يذكرون أي مصدر للدخل، فيما يقول 41.5% إنّ دخلهم الشهري أقل من 50 دولارا أميركيا.

وتظهر تقييمات المفوضية السامية للأمم المتحدة أن 69.6% من اليمنيين يعتمدون على الديون لتلبية احتياجاتهم الأساسية، و46.4% يخفّضون الإنفاق على المواد غير الغذائية الأساسية، و41.1% يخفضون الإنفاق على الرعاية الصحية والدواء.

في المقابل، يبيع 10.8% أصولهم الإنتاجية، بينما يتسرب 11.9% من الأطفال من المدارس. ويستطيع 11% فقط من النازحين في الداخل شراء أطعمة أقل تفضيلا أو أرخص أو ذات جودة أقل، أو يقللون أحجام الوجبات اليومية أو عددها الوجبات، بحسب المنظمة.

(الدولار الأميركي يُساوي 1600 ريال يمني)