• بغداد

  • الأربعاء، ١٠ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٠٧ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ١٠ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٠٧ ص

التجاوزات والاستثمارات العشوائيّة خطر يهدّد الواجهات النهريّة في العراق

(وكالة أنباء العالم العربي) - على مرّ الزمن، تمتّع سكان بغداد والكثير من العراقيين بإطلالات ساحرة على ضفاف نهري دجلة والفرات اللذين يخترقان المدن ويشطرانها إلى شقيّن؛ لكن تلك الهبة باتت مهددة، ليس بسبب مخاوف الجفاف، وإنما بسبب كثرة التجاوزات والمشاريع الاستثمارية على جانبي النهرين.

وعلى الرغم من توقف هذه المشاريع على رخص رسمية يعود إيرادها للدولة، فإن معظمها تظهر كتجاوزات بحسب مسؤولين وخبراء اقتصاد، لأنها إمّا تكون عائدة لشخصيّات وأحزاب نافذة أو يُغّض عنها الطرف بسبب ما يقولون إنها رشا وفساد إداري.

المتحدث باسم أمانة بغداد محمد الربيعي قال بدوره في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن كوادر الأمانة ودوائر البلدية في عموم العاصمة أطلقت حملة لرفع كافّة التجاوزات على ضفاف نهر دجلة، والتي استغلّها البعض كمشاريع مطاعم ومقاه وغير ذلك.

وأوضح أنّ جهود أمانة بغداد "نجحت في رفع الكثير من تلك التجاوزات والحملة ما زالت مستمرّة... المشاريع الاستثماريّة على نهر دجلة تتطلّب موافقات ورخصا قبل إنشائها، وأي تجاوز على أكتاف النهر يتم رفعه؛ كما أنّ هناك عقوبات ماليّة تُفرض على المتجاوزين".

أضاف "الواجهات النهرية ملك عام ولا يجوز التجاوز عليها؛ كما أن حملة أخرى جرت لمتابعة هذه التجاوزات في بعض مناطق أطراف بغداد، حيث تم تحويل بعضها إلى مشاريع سياحية لبعض المواطنين، مثل المزارع وغيرها".

تجاوزات "واضحة"

من جهته، حذّر المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية العراقية خالد شمال من أن تجاوزات المطاعم والمحال والمنشآت السياحية الموجودة على مسار النهر تؤثر على مرور أي موجة فيضانية وتقيّد تدفق المياه، فضلا عن زيادة نسبة التلوث بسبب مخلّفات المطاعم. وأشار إلى إزالة 20 مطعما في بغداد تجاوزت على نهر دجلة.

ووصفت عضو مجلس محافظة بغداد نورا الجحيشي التجاوزات على الواجهات النهرية في مناطق مختلفة من العاصمة بأنها "واضحة وكبيرة" قائلة إن استغلال تلك الواجهات في بعض المشاريع السياحيّة من مقاه ومطاعم تشكّل "ملفا مهما يجب التصدي له بحزم... بعيدا عن أي ضغوطات أو محسوبيات".

أضافت الجحيشي في حديث لوكالة أنباء العالم العربي أن "مجلس محافظة بغداد سيعمل من خلال تشكيل لجان فرعية من رؤساء الوحدات الإدارية وغيرهم على متابعة رفع التجاوزات على الواجهات النهرية بالتعاون مع فرق أمانة بغداد وقيادة عمليات بغداد وغيرها من الدوائر المعنية".

وتابعت "إجراءات رفع تلك التجاوزات يجب أن تشمل الجميع ولا تستثنى جهات وشخصيات محددة؛ فالقانون يجب أن يشمل الجميع. وسنبقى في مجلس محافظة بغداد متابعين لهذا الملف، لأن هذه الممارسات تمثل تجاوزا خطيرا على الأملاك العامة".

ويتهم مزارعون جهات نافذة تتبع مليشيات مسلحة ونواب بالتجاوز على ضفاف نهر دجلة من أجل توسعة أراضيهم.

الغالبية بدون موافقات

يمنع القانون الذي تم تشريعه عام 2000 تشييد أي بناء أو منح إجازة بناء في منطقة مقطع النهر حتى عمق 15 مترا، وهي المسافة المحددة من الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري في وزارة الري ضمن حدود مدينة بغداد؛ لكن بعد عام 2003، أصبح التجاوز على حوض نهر دجلة في بعض المناطق يصل إلى عمق 20 مترا.

وقالت عضو لجنة الإعمار والخدمات البرلمانيّة مديحة الموسوي في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ مجلس النواب "متابع ومراقب لحالات التجاوز على الإطلالات النهرية في بغداد، وكذلك في المحافظات الأخرى؛ كما أن هناك اهتماما حكوميا برفع تلك التجاوزات خلال المرحلة المقبلة".

أضافت "الجهات المختصة في أمانة بغداد ودوائر البلدية في بغداد وباقي المحافظات وكذلك فرق وزارة الموارد المائيّة تعمل بشكل يوميّ على رفع تلك التجاوزات، إذ لا يمكن السكوت عنها لأنّه سيدفع للمزيد من التجاوز على الأملاك العامة واستغلالها للاستثمار السياحيّ، بعيدا عن الموافقات الرسميّة".

وبينما أشارت إلى أنّ "هناك الكثير من المشاريع السياحيّة والاستثماريّة لديها موافقات رسميّة وبحسب الإجراءات الأصولية تكون على الواجهات النهرية، وهذا أمر طبيعي ولا إشكال فيه" فقد ذكرت أنّ غالبيّة المشاريع الموجودة دون موافقات "وبعضها يتم بسبب تغاضي فرق المراقبة عن التفتيش، وهذا بسبب بعض الرشا وغيرها من قضايا الفساد المالي والإداري".

وأحصت وزارة الموارد المائيّة العراقيّة في يونيو حزيران الماضي أعداد التجاوزات التي تمت إزالتها من على ضفاف الأنهار، والتي بلغت بحسب تأكيداتها نحو 25 ألف تجاوز، من بينها ثمانية آلاف بحيرة أسماك.

وقال الباحث في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني لوكالة أنباء العالم العربي إن "الواجهات النهرية، خاصة في مناطق الدورة (جنوب بغداد) والمناطق القريبة منها، تعاني من تجاوزات كبيرة من قبل أصحاب بعض المزارع الذين حولوا تلك الأراضي الى مشاريع سياحيّة واستثمارية".

أضاف "هذه التجاوزات لا تكون من قبل مواطنين، بل من قبل جهات وشخصيات نافذة؛ ولهذا لا تتم محاسبتهم أو رفع تلك التجاوزات... هذا الأمر واضح أمام كلّ الجهات الحكوميّة والرقابيّة؛ ورغم ذلك، لم تفعل شيئا. سبب هذا الصمت إمّا النفوذ السياسيّ أو الفساد المالي".