• بغداد

  • الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٤٤ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٤٤ ص

الصراع على النفوذ بين القوى السياسية العراقية مستمر في سنجار بعد 7 أعوام من تحريرها

(وكالة أنباء العالم العربي) - بعد أكثر من سبعة أعوام على تحرير سنجار العراقية من قبضة تنظيم داعش الذي اجتاحها في أغسطس آب 2014، ما زالت المدينة تتنازعها أحزاب وفصائل مسلحة وإرادات إقليمية.

وسنجار هي أكبر مدينة في قضاء سنجار، أي الوحدة الإدارية بموجب التقسيم الإداري المعتمد في العراق، في غرب محافظة نينوى بشمال العراق.

تتوزع مناطق النفوذ في القضاء على أكثر من قوة، ويمتد الصراع على إدارته من الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى الجارتين تركيا وإيران، بسبب موقعه المحوري الذي يربط البلدان الثلاثة مع سوريا.

وعلى الرغم من وجود اتفاق على إدارته بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل منذ أربعة أعوام، فإن الاتفاق لم ير النور، الأمر الذي أبقى القضاء في عدم استقرار وحال دون عودة النازحين.

وقال النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "بغداد وأربيل وقعتا سابقا اتفاق سنجار الذي يهدف إلى تطبيع الأوضاع في القضاء وإعادته إلى وضعه الطبيعي، لكن ثمة إرادات سياسية منعت تطبيق هذا الاتفاق رغم أهميته".

وأضاف خليل الذي شغل منصب قائمقام سنجار لست سنوات "أطراف سياسية وجماعات مسلحة تسيطر على قضاء سنجار، ولا تريد استقرار القضاء أمنيا، وتريد أن تبقى مدينة سنجار تحت نفوذها بعيدا عن سيطرة الحكومة الاتحادية لأغراض سياسية وانتخابية وحتى قضايا تجارية واقتصادية وأمنية".

وتابع قائلا "أي تقاسم في إدارة قضاء سنجار يجب أن يكون باتفاق وتوافق كل الأطراف السياسية الفاعلة هناك، وعدم تهميش أو إقصاء أي طرف، لأن أي تهميش سيؤثر على الاستقرار الأمني والسلم المجتمعي، لذا يجب أن يدفع الكل باتجاه الاستقرار وبمشاركة الجميع".

وأرجأ مجلس محافظة نينوى يوم الأحد التصويت على انتخاب قائمقام لقضاء سنجار حتى الجلسات المقبلة للمجلس، وعزا نائب رئيس المجلس محمد الجبوري في تصريحات لوسائل إعلام محلية التأجيل إلى "غياب التوافق بين الكتل السياسية داخل المجلس".

وزار رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني سنجار أمس الاثنين، وقال إن القضية "تشكل إحدى القضايا الرئيسة في المفاوضات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية".

ويتضمن اتفاق تطبيع الأوضاع في سنجار الذي وقعته بغداد وأربيل في أكتوبر تشرين الأول 2020 محاور إدارية وأمنية وأخرى خاصة بإعادة الإعمار، مما يمنح الحزب الديمقراطي الكردستاني نفوذا واسعا في المنطقة الممتدة حتى الحدود السورية، ويمكنه من كبح جماح حزب العمال الكردستاني الذي يعتبر سنجار منطقة انطلاق عملياته داخل أراضي تركيا وسوريا.

لكن الاتفاق لم ير النور بسبب رفض الحشد الشعبي - وهي فصائل مسلحة معظمها شيعية - وفصائل أيزيدية تابعة له عودة الحكومة المحلية إلى سنجار لارتباطها بالحزب الديمقراطي الكردستاني.

ودأبت تركيا على شن غارات جوية بطائرات حربية وطائرات مُسيرة على أهداف في المنطقة لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.

وتعرضت محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار لهجمة شرسة من تنظيم داعش في 2014، مما أدى إلى نزوح حوالي ثلاثة ملايين عراقي داخل البلاد وخارجها، غالبيتهم اتجهوا إلى إقليم كردستان في شمال العراق، وخاصة الأيزيديين، وهم أقلية دينية كان أغلبهم يتركز في سنجار.

اتفاقات سياسية

يقول عائد الهلالي عضو الإطار التنسيقي - التحالف الشيعي الرئيسي في العراق - إن كل شيء خاضع للاتفاقات السياسية "وعلى الجميع احترام تلك الاتفاقات، واحترام ما يمثله اتفاق الأغلبية، وملف إدارة سنجار يجب أن يحسم كبقية الملفات عبر الاتفاق والتوافق ووفق مقتضيات المصلحة العليا".

وأبلغ الهلالي وكالة أنباء العالم العربي "الاتفاق الحاصل بشأن إدارة سنجار سيكون عبر منح منصب القائمقام إلى المكون الأيزيدي، ومنصب مدير ناحية الشمال من نصيب (حزب) الاتحاد الوطني الكردستاني، ومنصب مدير ناحية القحطانية من نصيب الإطار التنسيقي، ومنصب قائمقام تلعفر (في غرب نينوى) للتركمان".

وأضاف "هذا الاتفاق تم وهو قيد التنفيذ في مراحله الأخيرة، رغم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لديه مرشح لمنصب قائمقام سنجار وهذا حق طبيعي له، لكن تبقى الاتفاقات السياسية هي المتحكم بالمشهد، وهذه هي العملية الديمقراطية التي تدار عبر الاتفاقات وتشكيل تحالفات الأغلبية".

وإلى جانب القوات الأمنية، تكتظ سنجار بآلاف المسلحين التابعين لحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني وفصائل مرتبطة بالحشد الشعبي، بالإضافة إلى فصائل مسلحة أخرى بعضها من الأكراد السوريين.

وقال القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي "عملنا طيلة الفترة الماضية على إيجاد اتفاقات سياسية تهدف إلى إعادة الأوضاع لطبيعتها في سنجار، حيث تم التوصل إلى اتفاق بشأن ذلك، وستكون هناك إدارة جديدة للقضاء تمثل الجميع وتعمل على إعادة الأوضاع كما كانت سابقا".

وأضاف السورجي أن قضاء سنجار يحتاج إلى اهتمام حكومي وسياسي من أجل ترتيب أوضاعه وإعادة النازحين وإعادة الإعمار.

وتابع قائلا "هذا ما سنعمل عليه إذا ما تشكلت الإدارة الجديدة خلال المرحلة المقبلة، والتي ستكون مدعومة من أغلب القوى الفاعلة في العراق".

وكان قضاء سنجار، الذي يقع غربي الموصل مركز محافظة نينوى وثاني أكبر المدن العراقية، الأشد تضررا من اجتياح تنظيم داعش لأجزاء كبيرة من العراق وسوريا في 2014.

وتعرض سكان سنجار، التي تقع على بعد حوالي 50 كيلومترا من الحدود السورية، لعمليات قتل ونهب وسبي، وما زال بعضهم يبحث عن أماكن مئات الفتيات والنساء اللاتي أخذهن مقاتلو التنظيم سبايا.

ووسط هذه الصراعات على إدارة القضاء، يعاني أهالي سنجار، ومنهم العائدون إليها بعد سنوات من النزوح في مخيمات بإقليم كردستان، إهمالا وترديا في الخدمات.

وبعد تحرير الأراضي العراقية من قبضة التنظيم في نهاية عام 2017، عاد الأهالي إلى مناطقهم الأصلية، باستثناء حوالي 200 ألف، غالبيتهم من الأيزيديين، ما زالوا يقطنون 24 مخيما، منها 23 في إقليم كردستان.

وأعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية إيفان فائق جابرو الأسبوع الماضي عودة أكثر من 300 نازح إلى مناطقهم في سنجار، قالت إنهم كانوا يسكنون خارج المخيمات في مجمع شاريا بمحافظة دهوك في إقليم كردستان.

وقالت وزارة الهجرة والمهجرين في فبراير شباط إنها تنوي تنفيذ خطة إغلاق جميع مخيمات النزوح داخل البلاد بحلول نهاية يوليو تموز المقبل.

ولا يعتقد الباحث السياسي محمد علي الحكيم أن الصراع الداخلي أو الخارجي على قضاء سنجار أمر جديد.

وقال الحكيم "الإطار التنسيقي ومن معه من فصائل مسلحة مع استمرار سيطرة حزب العمال الكردستاني على مناطق واسعة من القضاء... وهذا بهدف تحقيق أجندة سياسية وانتخابية وكذلك أجندة إقليمية".

وأضاف "الاتفاق السياسي الجديد على تقسيم إدارة قضاء سنجار سوف يخلق مشاكل سياسية جديدة، وهذه المشاكل ربما يكون لها ارتدادات حتى على الوضع السياسي بصورة عامة في العاصمة بغداد، خصوصا وأن الحزب الديمقراطي الكردستاني والأطراف الإقليمية والدولية الأخرى سيكون لها رأي معارض بالسيطرة الكاملة على القضاء من قبل طرف ومحور معين".