السلطة الفلسطينية تعيش إرهاصات "الانهيار" وتتجه نحو إنهاء الانقسام وإعلان دولة تحت الاحتلال
رفع أعلام النرويج (يمين) وأيرلندا (وسط) وإسبانيا على مبنى بلدية رام الله في الضفة الغربية تقديرا لاعترافها بالدولة الفلسطينية (24 مايو أيار 2024)
  • رام الله

  • الجمعة، ٣١ مايو ٢٠٢٤ في ٤:٢٠ م
    آخر تحديث : الأحد، ٢ يونيو ٢٠٢٤ في ٨:١٨ ص

السلطة الفلسطينية تعيش إرهاصات "الانهيار" وتتجه نحو إنهاء الانقسام وإعلان دولة تحت الاحتلال

(وكالة أنباء العالم العربي) - عاد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إلى رام الله أمس الخميس من العاصمة الإسبانية مدريد محملا بمزيد من الأعباء رغم عودته بوثيقة اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية واستقباله كرئيس وزراء دولة معترف بها رسميا.

وفي إطار جولته، زار رئيس الوزراء بروكسل حيث حضر اجتماعا وزاريا دوليا وعرض خطة إصلاح تهدف إلى تحسين الوضع في المناطق المتضررة جراء الحرب الإسرائيلية  أثنى المانحون عليها؛ إلا أنه لم يحصل على وعود فعلية تبشر بحلحلة قريبة للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالسلطة الفلسطينية.

وقال مصدر لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "عاد رئيس الوزراء بلا دفع أو التزام أو حتى وعد بحلحلة الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها السلطة الفلسطينية بسبب استمرار القرصنة الإسرائيلية على الأموال الفلسطينية"، مشيرا إلى أموال المقاصة، وهي أموال الضرائب والجمارك التي تجبيها نيابة عن السلطة الفلسطينية.

وأشار المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بات "يشعر بالإحباط" وأنه يعتقد أن  نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو تقويض السلطة الفلسطينية ويرى أن "نزع الكيانية السياسية الفلسطينية" بات ملموسا.

لكن مصدرا حكوميا فلسطينيا كان أقل تشاؤما وأكد لوكالة أنباء العالم العربي أن هناك تحركا من عدة أطراف لتوفير دعم مالي للحكومة من أجل تمكينها من توفير الخدمات الضرورة وتغطية التزامات الرواتب.

وعن الفترة الزمنية التي قد تشهد بعدها الحكومة الفلسطينية حلحلة لأزمتها المالية قال المصدر الحكومي "كل طرف حسب آلياته؛ قد تكون أسبوعا أو أسابيع".

وسُئل إن كانت الحكومة قد وضعت خططا لمواجهة قرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الخاص بعدم تمديد علاقات التعامل النقدي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، فأجاب "سلطة النقد (الفلسطينية) تتابع هذا الملف، والحكومة والقيادة تدعمانه سياسيا".

إجراءات إسرائيلية تدفع إلى انهيار السلطة الفلسطينية

اتخذت إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر تشرين الثاني الماضي سلسلة من الإجراءات الاقتصادية التي تضيّق الخناق على السلطة الفلسطينية، فكثفت اجتياحاتها وعملياتها العسكرية في مدن الضفة الغربية ومخيماتها، وسط تهديدات من وزراء اليمين في حكومة نتنياهو.

فبعد إعلانه عن قرار بوقف التعاملات المصرفية مع البنوك الفلسطينية، هدد سموتريتش بتحويل مدن الضفة إلى خراب في حال تواصل التصعيد في المنطقة، وقال في تسجيل مصور خلال زيارته مستوطنة قرب طولكرم شمال الضفة الغربية ونشرته وسائل إعلام إسرائيلية أمس الخميس "رسالتنا للجيران في طولكرم ونور شمس والشويكة وقلقيلية أننا سندمركم كما فعلنا في غزة إذا استمر إرهابكم".

وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لوكالة أنباء العالم العربي "واضح جدا توجه نتنياهو والحكومة المتطرفة في إسرائيل لاستمرار حجز وسرقة أموال المقاصة".

وتابع "نتنياهو قرر بعد السابع من أكتوبر وقف وجود أي كيانية فلسطينية، وهو يعمل بشكل جدّي لإسقاط السلطة الفلسطينية وتقويض حدود سيطرتها وإمكانياتها".

وأضاف "نتنياهو يريد إدارة مدنية صغيرة تشبه روابط القرى في غزة والضفة وبشكل منفصل، ولذلك يعمل على إسقاط الكيانية السياسية الفلسطينية (السلطة الفلسطينية)، ونحن نعيش واقعا صعبا لكننا لن نستسلم".

واستطرد "السلطة تعيش إرهاصات ما قبل الانهيار، لكننا بثباتنا وقرارنا السياسي لن نستسلم أو نرفع الراية البيضاء".

وواصل حديثه قائلا "استمرار قرصنة أموال المقاصة بقرار سموتريتش وتَبَنِِ كامل من نتنياهو يعني استمرار الأوضاع الصعبة الحالية التي نُحمّل المجتمع الدولي تداعياتها، وهذه المحاولات تهدف لتقويض وإسقاط السلطة".

وحول إمكانية إنفاذ قرار سموتريتش وقف العلاقات المصرفية، قال "هذا القرار ما زال قيد النقاش الإسرائيلي كونه يؤثر بشكل مباشر على القطاع الخاص الإسرائيلي، لذلك لا أعتقد أنه سيُنفذ".

الأزمة المالية الأكبر

يرى محللون ومختصون بالاقتصاد أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها السلطة الفلسطينية حاليا هي الأزمة المالية الأكبر والأعقد في تاريخها.

وكان البنك الدولي قد حذر في أحدث تقاريره من "الانهيار المالي" للسلطة الفلسطينية، مرجعا ذلك إلى نضوب تدفقات الإيرادات والانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي بسبب الحرب على قطاع غزة المستمرة منذ شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي.

وكشف مجدلاني عن توجه منظمة التحرير الفلسطينية لإعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال حيث وصل عدد الدول التي اعترفت بفلسطين إلى 148 دولة وذلك بعد انضمام إسبانيا والنرويج وأيرلندا، لكنه أشار إلى تعذر حدوث ذلك إلا بتوافق فلسطيني داخلي.

وقال إن الخيار الوحيد الذي بات أمام كل الأطراف هو إعلان إنهاء الانقسام الفلسطيني إلى الأبد ووحدة النظام السياسي الفلسطيني وتحصين الجبهة الداخلية الفلسطينية.

كما كشف عن وجود اتصالات مع حركة حماس لكنه قال إنها "لم تصل لنوعية الاتصالات المطلوبة"، مشيرا إلى أن لقاءات بكين القادمة ستكون محورية وستشكل منعطفا مهما للقضية الفلسطينية.

وكانت حركتا فتح وحماس قد عقدتا لقاء في التاسع والعشرين من أبريل نيسان الماضي واتفقتا على ضرورة تعزيز الوحدة الداخلية وإنهاء الانقسام. ودعت بكين الأطراف الفلسطينية للقاء ثان خلال شهر يونيو حزيران لاستكمال المباحثات الداخلية.

وأوضح مجدلاني أن المباحثات في الصين ستتضمن ثلاثة محاور هي "التوافق السياسي لأنه الأساس لرسم خطتنا وتحركنا السياسي، والإعلان الرسمي عن إنهاء الانقسام ووحدة النظام السياسي الفلسطيني بما يشمل الحكومة الفلسطينية دون مشاركة حماس بها، وبحث الشراكة السياسية في إطار منظمة التحرير".

التهجير

يرى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أن "التهجير" من الضفة والقطاع يأتي على رأس خطة الحكومة الإسرائيلية ثم خلق كيانات إدارية صغيرة تتبع الإدارة المدنية الإسرائيلية لإدارة أوضاع من يتبقى من الفلسطينيين بعد الضغط لتهجيرهم.

لكنه يرى أن بإمكان الفلسطينيين التصدي لهذه المخططات وإفشالها من خلال "تمتين جبهتنا الداخلية وعقد وحدة وطنية حقيقية وإنهاء الانقسام الفلسطيني وإعلان وحدة النظام السياسي الفلسطيني".

كما كشف مجدلاني عن مشاورات وتحضيرات لعقد المجلس المركزي الفلسطيني خلال الشهرين القادمين، لكنه نفى أن يكون عقد المجلس المركزي لتغيير تركيبة النظام الفلسطيني أو تكليف نائب لرئيس السلطة، مشيرا إلى أن هذا حق حصري للمجلس التشريعي الفلسطيني.

غير أنه لم يستبعد حدوث تغييرات في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وانتخاب أعضاء جدد في اللجنة.

من جهة أخرى، أظهرت نتائج استطلاع للرأي العام أجراه مركز القدس للإعلام والاتصال (JMCC) بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أن 62.1% من الفلسطينيين المشاركين في الاستطلاع يرون أن الأزمة المالية الحالية لن تؤدي إلى انهيار السلطة مقابل 33.4% توقعوا أن تؤدي الأزمة إلى انهيار السلطة و4.5% لم يكن لديهم جواب.

وحمَّل 54% من المستطلعين إسرائيل مسؤولية الأزمة المالية، بينما حمَّلها 28.1% على السلطة الفلسطينية نفسها، وألقى 12.2% بالمسؤولية عنها على للدول المانحة.