السكينة وحياة الريف الهادئة تجذبان الزوار لبلدة فالوغا بجبل لبنان
بحيرات صناعية على المرتفعات الجبلية ببلدة فالوغا في جبل لبنان لتخزين المياه والاستفادة منها في الزراعة
  • بيروت

  • الاثنين، ٣ يونيو ٢٠٢٤ في ٧:٣٥ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ٣ يونيو ٢٠٢٤ في ٧:٣٥ ص

السكينة وحياة الريف الهادئة تجذبان الزوار لبلدة فالوغا بجبل لبنان

(وكالة أنباء العالم العربي) - بعد ستة أشهر من نزوحها مع عائلتها من منطقة بنت جبيل بجنوب لبنان، زارت زينب فقيه (23 عاما) بلدة فالوغا في جبل لبنان، حيث شاركت في جولة مع مجموعة سياحية قادمة من العاصمة بيروت.

كان هذا هو أول نشاط ترفيهي تشارك فيه زينب منذ نزوحها من الجنوب. قالت "خلال الأشهر الماضية انتقلت مع عائلتي إلى بيت أقارب لنا ببيروت، ولم أشارك في نشاطات اجتماعية أو ترفيهية بسبب الأوضاع الأليمة التي تمر بها منطقتي".

وتواصل حديثها "لكن مع إصرار والدي على الخروج من المنزل والمشاركة بإحدى الفعاليات التي لا يكون فيها أجواءٌ صاخبة وتكون خارج المدينة، قررت مع إخوتي أن نزور مناطق في جبل لبنان".

وتضيف في حديثها لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "رأينا إعلانا عن زيارة إلى بلدة فالوغا، وأُعجبنا بالمناظر الطبيعية فيها، فسجلنا أسماءنا في الجولة".

وخلال رحلة زينب، انصب الحديث على جمال البلدة وبيئتها الجبلية النظيفة، وتذكَّر الأخوة قرى جنوب لبنان التي تضم تنوعا طبيعيا بجبالها وغاباتها، والتي تشهد قصفا إسرائيليا حاليا.

أحد المشاركين في الرحلة، علي رحيّل، يعتبر القرية مقصدا دائما للزوار مع بداية فصل الصيف، حين تبدأ الثلوج المحيطة بالمنطقة بالذوبان وتميل درجات الحرارة إلى الاعتدال.

ويقول رحيل (30عاما) إن فالوغا وغيرها من القرى المحيطة بها مثل حمانا والشبانية وصوفر تشكل ملاذا لسكان المدن هربا من الضجيج وضوضاء العمل "وبها تستطيع قضاء وقت في الغابات والبيوت القديمة".

ويضيف "حاجتنا للقرية لم تعد فقط لقضاء يوم العطلة، إنما نعيش في بيروت في هواء غير نظيف بسبب مولدات الكهرباء التي يُقدر عددها بحوالي تسعة آلاف مولد، فالقادم من الجبل يستطيع رؤية غمامة سوداء فوق المدينة، هذه من أبرز العوامل المساهمة بالإصابة بالسرطان".

الموارد الطبيعة

تبعد بلدة فالوغا عن بيروت مسافة 36 كيلومترا، وتقع على ارتفاع 1250 مترا، وتنتشر فيها غابات الصنوبر والسنديان وينابيع المياه، ويستطيع الناظر من قممها الجبلية رؤية البحر ومدينة بيروت رغم المسافة البعيدة.

من سكان المنطقة جورج الحاج الذي يزرع أرضه بالكرمة (العنب)، تلك التي تشتهر بها بساتين بلدته وتعد من الزراعات التقليدية فيها، ويتحدث لوكالة أنباء العالم العربي عن أهمية الزراعة في تنشيط الحركة الاقتصادية لأبناء البلدة والمحافظة على بيئتها.

قال "تُقدم البلدية دعما للمزارعين للمحافظة على زراعة العنب، مثل تقديم الغراس مجانا للراغبين بزراعتها".

وتابع "خلال السنوات الماضية كانت هناك حملات تشجير واسعة وتحديدا للأشجار التي تتناسب مع منطقتنا والتي تعد جزءا من هويتها التراثية مثل شجر السنديان".

ويشرح كيف أن الهدف من التشجير هو حماية الغطاء النباتي الأخضر الموجود، والعمل على تأمين استدامته من خلال عملية الزرع المنتظمة، مشيرا إلى المنظر الجمالي الذي تمنحه الأشجار داخل البلدة وعلى جانبي الطرقات وفي التلال الجبلية في كل فصول السنة.

ويلفت كذلك إلى انتشار ينابيع الماء بكثافة حيث أن الثلوج تغطي المنطقة في الشتاء؛ وفي الصيف تفيض المياه التي اختزنتها الجبال ثلوجا.

ويقول "أقيمت بحيراتٌ صناعية فوق الجبال للاستفادة من مياه الثلوج في الزراعة وسقاية الأشجار، وهي تقدم منظرا جميلا للزائرين".

93385e53-2799-4836-a14b-c99b0569b3fd.jpg

على ارتفاع 1250 مترا تقع بلدة فالوغا في جبل لبنان مطلة على العديد من القرى المحيطة

النشاطات السياحية

تضع المجموعات السياحية بلدة فالوغا ضمن برنامجها في الجولات بالقرى اللبنانية، سواء بالنسبة للسياحة الداخلية للبنانيين، أو للوافدين العرب والأجانب.

وتقول المرشدة السياحية سارة سكاف لوكالة أنباء العالم العربي "المنطقة الممتدة بين عاليه وبحمدون وحمانا وصولا إلى فالوغا وغيرها من القرى المحيطة كانت المصيف الأساسي للسيّاح الخليجيين وبخاصة القادمين من الكويت، والذين كان معظمهم يستأجر شققا سكنية بدلا من الإقامة في الفنادق".

وتلفت سارة إلى تراجع أعداد السياح العرب القادمين إلى فالوغا بسبب الأوضاع السياسية في السنوات الماضية، لكنها تقول "رغم هذا الانقطاع فإن التواصل بين أبناء البلدية والبلدان الخليجية ما زال مستمرا".

وتضيف "استثمر سكان البلدة بطبيعتهم وتاريخهم في النشاطات السياحية، فيقام سوقٌ داخل البلدة لدعم الصناعات المحلية، كما يُقام مهرجان (صيف فالوغا) الذي يستضيف عددا من نجوم الغناء".

وأعلنت البلدية عن استكمال فعالياتها لهذا العام عبر المهرجان والنشاطات المقامة وسط الطبيعة، وستبدأ من 30 يونيو حزيران وتستمر حتى 28 يوليو تموز.

وترى المرشدة السياحية أن أكثر النشاطات التي يُقبل عليها اللبنانيون هي السير في الطبيعية لخوض تجربة التنقل بين الغابات والصعود إلى التلال.

الدور التاريخي

يوضح الأستاذ والباحث بالتاريخ سمير الخوري أن لدى بلدة فالوغا محطات مهمة في التاريخ اللبناني.

ويقول لوكالة أنباء العالم العربي "في هذه البلدة رُفع العلم اللبناني لأول مرة عام 1943 في زمن الانتداب الفرنسي".

ويتابع "عُثر على أنقاض كنيسة قديمة على قمة جبل، وأعيد تسميته على أساسها ليصبح جبل الكنيسة، كما تم العثور على آثار تعود إلى العهد الروماني".

ويضيف "بسبب غزارة الينابيع العذبة في البلدة، تم بناء أشهر معامل لتعبئة المياه في لبنان".

ويلفت الخوري إلى أن البلدة، كما غيرها من قرى جبل لبنان، شهدت اضطرابات في فترة الحرب الأهلية التي دارت من عام 1975 إلى عام 1990، وذلك نتيجة للتنوع المذهبي والطائفي فيها.

ويؤكد أن سكان البلدة عملوا في السنوات التي تلت الحرب على عقد المصالحات بين أبناء الجبل وترسيخها.