القصف الإسرائيلي يجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح من جنوب مواصي خان يونس
نازحون فلسطينيون يحملون أمتعتهم على سيارات ويتركون جنوب مواصي خان يونس بحثا عن أماكن أكثر أمنا هربا من القصف الإسرائيلي (30 يونيو حزيران 2024) - المصدر: AWP
  • خان يونس

  • الاثنين، ١ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٠١ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ١ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٠١ ص

القصف الإسرائيلي يجبر آلاف الفلسطينيين على النزوح من جنوب مواصي خان يونس

(وكالة أنباء العالم العربي) - يوجّه الفلسطيني ياسر زنون بعض أبنائه وأبناء شقيقه لتعميق الحفر للألواح الخشبية التي ستحمل النايلون والأقمشة الخاصة بعريشتين يقومون بنصبهما خشية تعرضهما للسقوط أو تقتلعهما الرياح الشديدة في مكان نزوحهم بمنطقة كثبان رملية مرتفعة على مقربة من شاطئ البحر في مواصي خان يونس في قطاع غزة.

يسيطر الإرهاق على الرجل الذي نزحت عائلته وعائلتا ابنيه المتزوجين إضافة لعائلة شقيقه على عجل للنجاة من وابل كثيف من الرصاص والقذائف المدفعية التي يطلقها الجيش الإسرائيلي على خيام النازحين المنتشرة في المتنزه الإقليمي لبلدية خان يونس في جنوب المواصي المصنفة بأنها "آمنة" وفقا لإسرائيل.

بيد أن هذه العائلات وآلاف العائلات الأخرى أجبرت على النزوح خلال اليومين الماضيين بعد وصول الرصاص والقصف العشوائي إلى خيامهم ومقتل وإصابة العشرات منهم، مما دفعهم إلى البحث عن مناطق أخرى بعيدة عن أماكن تمركز الدبابات في الأطراف الشمالية لرفح التي تشهد اجتياحا عسكريا إسرائيليا واسعا منذ مطلع الشهر الماضي.

c238142e-6d08-459b-a162-e5a5ec342505.jpg

عائلة الفلسطيني ياسر زنون تعمل على نصب الخيام في منطقة كثبان رملية على مقربة من شاطئ البحر في مواصي خان يونس بعد نزوحها مجددا هربا من القصف الإسرائيلي (30 يونيو حزيران 2024) - المصدر: AWP

يجلس الرجل على الأرض محاولا أن يستظل من بأشعة الشمس اللاهبة بشجرة مرتفعة بعد أن تصبب عرقا وهو يعمل على إنزال الأمتعة من الشاحنة إلى الأرض، بينما لا يخفت صوته وهو يحث الشبان على السرعة في الحفر لنصب العريشتين.

وشوهدت طوابير طويلة من النازحين الذين يحملون أمتعتهم على سيارات أو شاحنات صغيرة، والبعض على عربات تجرها حيوانات، وهم يفرون من مخيمات النزوح الواقعة جغرافيا في مواصي خان يونس وليس رفح وتصنف وفق الجيش الإسرائيلي بأنها آمنة.

عائلات زنون التي نزحت في المرة الأولى من حي البرازيل في شرق رفح قبيل اجتياح الجيش الإسرائيلي للأجزاء الشرقية من المدينة الحدودية إلى مواصي خان يونس، لكن بعد أقل من شهرين اضطروا إلى النزوح مجددا إلى مناطق في وسط المواصي بحثا عن الأمان المفقود.

يوضح زنون قائلا إنهم عاشوا أوقاتا عصيبة وهم يشاهدون الرصاص يتطاير بين خيامهم والقتلى والإصابات على مقربة منهم، ليقرروا النزوح مجددا خشية محاصرة الدبابات الإسرائيلية لهم وعدم القدرة على الانتقال لأي مكان.

لكنه كان نزوحا مميتا كما يؤكد زنون الذي يملك 15 حفيدا، قائلا إن أفراد أسرته اضطروا للزحف على بطونهم بين الخيام حتى وصلوا إلى منطقة منخفضة أسفل تلة رملية ظلوا يحتمون بها حتى هدأ إطلاق الرصاص ثم فروا من المكان على الأقدام بما فيهم الأطفال والنساء.

قضت العائلات ليلتها الأولى في العراء بعدما تركت أمتعتها خلال عملية الفرار، حتى تيقنوا صباح اليوم التالي بأن الجيش الإسرائيلي تراجع قليلا عن المنطقة فأسرعوا لتفكيك خيامهم هناك ونقلوها بشاحنة صغيرة استأجروها بأكثر من مئتي دولار إلى مكان يبعد حوالي خمسة كيلومترات.

وقال زنون لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "عشنا جحيم النزوح وكدنا أن نفقد حياتنا لولا رعاية الله، وسنبقى نحاول النجاة طالما بقينا على قيد الحياة، لن نستسلم للقصف والموت المجاني رغم أن تكلفة ذلك قاسية علينا معنويا وماديا".

وإذا كانت عائلات زنون حظيت بفرصة في مواصي خان يونس المكتظة بمئات الآلاف من النازحين عبر قطعة أرض صغيرة وفرها لهم صديق، فإن كثيرين لم يتمكنوا من إيجاد مساحة لنصب خيامهم، فانتقلوا إلى مدينة خان يونس المدمرة حيث يقيمون بين ركام مبانيها المهدمة.

55c23391-b112-47d0-96ec-a14b90fe6a47.jpg

عائلة الفلسطيني ياسر زنون تعمل على نصب الخيام في منطقة كثبان رملية على مقربة من شاطئ البحر في مواصي خان يونس بعد نزوحها مجددا هربا من القصف الإسرائيلي (30 يونيو حزيران 2024) - المصدر: AWP

وبعد ساعات من البحث دون جدوى عن مكان في المواصي، انتهي المطاف بعائلة عبد القادر أبو يوسف للنزوح في حي مدمر كليا تقريبا على أطراف خان يونس، حيث نصبت الأسرة الخيام لبدء رحلة نزوح جديدة هي السابعة منذ أن تركت مكانها الأصلي لأول مرة في شمال قطاع غزة قبل سبعة أشهر.

ينتقل أبو يوسف، الأب لخمسة، للإقامة برفقة عائلات أشقائه الأربعة لعلهم يفلحون في الشد من أزر بعضهم بعضا وسط ظروف نزوح بائسة، بعد أن أنهكهم النزوح المستمر ماديا ومعنويا.

يكرر أبو يوسف (42 عاما) بغضب السؤال الذي يتردد على ألسنة جميع النازحين "وين نروح؟" في إشارة إلى كثرة التنقل بين المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين النازحين، قبل أن يستهدفها بالقصف ويجبر النازحين على الرحيل مجددا.

يذكر الرجل أنهم نزحوا قسرا من الشمال إلى الجنوب باعتباره منطقة آمنة، لكنهم تنقلوا في الجنوب مرات عديدة بين النصيرات وخان يونس ورفح ثم المواصي التي تركوها في الآونة الأخيرة، واصفا النزوح بأنه "حرب أخرى لا تقل ضراوة عن القصف والصواريخ".

bf0a72b3-807a-459e-a8d8-cd8fc79e2fe0.jpg

نازحون فلسطينيون يحملون أمتعتهم على عربات تجرها الحيوانات ويتركون جنوب مواصي خان يونس بحثا عن أماكن أكثر أمنا هربا من القصف الإسرائيلي (30 يونيو حزيران 2024) - المصدر: AWP

يداعب أبو يوسف ابنه مصطفى الذي لم يكمل أعوامه الثمانية مع بعض الصغار وهم يلهون بين الأمتعة المتناثرة في المكان، لعله يفلح في تخفيف حالة الخوف المسيطرة عليهم بعدما عاشوا ساعات طويلة من الرعب الناتج عن القصف ودوي الانفجارات في محيط المكان الذي نزحوا منه.

ومضى يقول "ما أن نتدبر أمورنا في مكان ونعرف كيف نوفر الطعام والماء والاحتياجات الأخرى، حتى ننزح إلى منطقة جديدة".

وأضاف "تبلغنا إسرائيل ماذا تريد منا وإلى أين تعمد لإيصالنا بدلا من كل هذا العذاب المستمر منذ تسعة أشهر".