• الجزائر العاصمة

  • الخميس، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤ في ١١:٠١:٤٥ ص
    آخر تحديث : الخميس، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤ في ١١:٠٢ ص

القمة الجزائرية التونسية الليبية في العاصمة تونس.. قمة فرضتها التحديات

(وكالة أنباء العالم العربي) - أثارت قمة تشاورية استضافتها العاصمة التونسية هذا الأسبوع وضمت الرئيس التونسي قيس سعيد وضيفيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي اهتماما كبيرا نظرا للتحديات المتعددة التي تواجه الدول الثلاث.

كانت القمة التي انعقدت بقصر قرطاج يوم الاثنين الماضي هي أول لقاء ثلاثي بعدما اتفقت أطرافها على هامش القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز بالجزائر في مطلع مارس آذار الماضي على الاجتماع الدوري كل ثلاثة أشهر.

والملفات التي تجمع الدول الثلاث كثيرة ومتنوعة خاصة ما يتعلق منها بالبعد الأمني في ما يتعلق بالهجرة غير المشروعة، ومكافحة الجريمة المنظمة، إلى جانب الملفات الاقتصادية والاستثمارية.

واتفق القادة خلال القمة على "تنسيق الجهود لتأمين الحدود المشتركة من أخطار وتبعات الهجرة غير النظامية وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة، وتنمية المناطق (الحدودية)، وتوحيد المواقف في الخطاب مع مختلف الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية بين الدول في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية جنوب الصحراء".

ودعوا إلى إقامة مشاريع واستثمارات كبرى في مجالات منها إنتاج الحبوب والعلف وتحلية مياه البحر "بهدف تحقيق الأمن المائي والغذائي للبلدان الثلاثة".

كما وقعوا اتفاقا للتعجيل بتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين ليبيا وتونس والجزائر، وتطوير التعاون في مجال المناجم والطاقة المتجددة والنظيفة، وتذليل الصعوبات التي تواجه تدفق السلع والبضائع، وزيادة التجارة البينية، وإقامة مناطق تجارية حرة، وتسهيل حركة الأفراد.

* البعد الأمني والهجرة غير الشرعية

تحدث نائب البرلمان الجزائري أحمد صادوق، الذي يترأس المجموعة البرلمانية لحزب حركة مجتمع السلم، عن الملف الأمني وأشار إلى أن بعض دول الساحل وبعض المناطق الجنوبية لليبيا أصبحت مرتعا لجماعات الجريمة المنظمة والاتجار بالأسلحة والمخدرات وغيرها مستغلة الاضطراب الذي تعانيه البلاد.

وقال "هذه التهديدات الأمنية الجديدة أصبحت تهدد كيانات واستقرار الدول الثلاث"، وهو ما يجعل اجتماع هذه الدول ضرورة واجبة.

وشدد زعماء تونس والجزائر وليبيا عقب اجتماعهم  التشاوري على "الرفض التام للتدخلات الأجنبية في الشأن الليبي"، ودعوا في بيان تلاه وزير الخارجية التونسي نبيل عمار إلى "دعم الجهود الرامية إلى التوصل إلى تنظيم انتخابات (في ليبيا) بما يحفظ وحدتها".

وتوقع صادوق أن تصبح الدول الثلاث قوة اقتصادية مهمة ومحورية في المنطقة إذا ما نجح هذا التكتل، خاصة أنها تقابل جنوب أوروبا، مشيرا إلى أن التكتل يمكن أن يرقى أيضا إلى مجالات التعاون والتنسيق العسكري.

ولفت إلى الصعوبات التي تواجه ليبيا تحديدا، والتي تعاني تدخلات أجنبية في أراضيها وسياستها الداخلية، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى الاستناد إلى "جار موثوق فيه وقوي" يمكن أن يدعم الرؤية الليبية لحل الأزمة في البلاد.

وقال إن التحديات التي تواجه هذه الدول جدية وليست ثانوية "لذلك وجب عليها أن تقف كثلاثي في مواجهتها، وأن تسعى للحل الداخلي، سواء بالنسبة لليبيا أو حتى تونس التي تتعرض لنوع من عدم الاستقرار واهتزاز الاقتصاد".

وفيما يتعلق بالملف الاقتصادي قال صادوق لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن الدول الثلاث تتشابه في أولوياتها الاقتصادية، موضحا "اقتصاديات الدول الثلاث في طريق النمو وبحاجة لتعضيد وتقوية".

* الاتحاد المغاربي

أكد صادوق أن هذا التكتل ليس موجها ضد أي جهة أو دولة، ولا يهدف لتفكيك الاتحاد المغاربي الذي قال إنه يبقى الإطار المرجعي للتكامل بين دول المغرب العربي الخمس.

وكانت تقارير إعلامية قد شككت عشية الإعلان في الجزائر عن ميلاد هذا التكتل في أن هناك رغبة لدى الجزائر لإقامة اتحاد مغربي دون المغرب، وهو ما نفاه الرئيس الجزائري مؤكدا أن التكتل "ليس موجها ضد أي طرف".

وقال صادوق إن هذا التكتل "يأتي لمعالجة ملفات محددة ومشتركة وبينية، ويأتي في سياق الفراغ الذي يعيشه الاتحاد المغاربي منذ 35 عاما، حيث لم يحقق أهدافه ولم تتحرك آلياته ومؤسساته".

وأضاف أن الشعوب المغاربية كانت تطمح للوحدة وللتنسيق ولأن تكون قوة في جنوب المتوسط اقتصاديا وعسكريا وأمنيا ودبلوماسيا وسياسيا.

وعن عدم مشاركة موريتانيا، إحدى دول اتحاد المغرب العربي، في هذا التكتل قال صادوق إنه ليس هناك ما يحول دون التحاقها، وهو ما توقع أن يحدث حين ترى موريتانيا نجاح هذا التكتل وتحقيقه الأهداف المطلوبة.

* حوار استراتيجي

الباحث والخبير في القضايا الأمنية والجيوسياسية بالجامعة الجزائرية أحمد ميزاب وصف القمة بأنها بمنزلة "الحوار الاستراتيجي".

وقال لوكالة أنباء العالم العربي "الاجتماع الثلاثي قام بتشخيص ومناقشة وتحليل طبيعة الوضع على المستوى الإقليمي والدولي وانعكاساته على الدول الثلاث وكيفية التعاطي مع مختلف التحديات والرهانات والتحقيق الأمثل لاستقرار هذه الدول".

وخلص القادة المجتمعون إلى التأكيد على أهمية التنسيق والعمل على خلق آليات التعاون، والبحث عن أنجع البرامج والشراكات التي يمكن من خلالها تعزيز الشراكة ومقومات مفهوم الأمن والاستقرار وتوحيد الصف ووجهات النظر في التعاطي مع العديد من الملفات.

ولفت ميزاب إلى البيان الختامي للقمة والذي تناول مسألة الهجرة غير الشرعية واتفاق الدول الثلاث على تأمين حدودها للتصدي لهذه الظاهرة.

وقال إن الجزائر وتونس وليبيا تسعى إلى العمل المشترك لأن يكون الصوت واحدا في إطار مناقشة هذا الملف مع الضفة الأخرى من البحر المتوسط، انطلاقا من تحديد حجم التحديات سواء المتعلقة بمنطقة الساحل وتصاعد التهديدات الأمنية أو بالتحولات العالمية.

ويرى ميزاب أن الدول الثلاث تعمل على خلق "نظام مناعة لها من مختلف التداعيات والصدمات الناجمة عن حالة الانهيار والانفلات التي تشهدها منطقة الساحل الإفريقي وانعكاساتها على دول المنطقة، خاصة الجزائر وليبيا التي لها حدود شاسعة مع دول الساحل والتي قد تتأثر بمختلف التحولات والتداعيات التي تعرفها هذه المنطقة".

وأضاف "خلصت قمة الحوار الاستراتيجي إلى ضرورة التحرك الاستباقي، لذلك وُصف العمل بالمناعة".

واستطرد "قادة الدول الثلاث يسعون إلى وضع مجموعة من الإجراءات في إطار التنسيق وتبادل المعلومات والتعاون للحيلولة دون انعكاس الأوضاع التي تعرفها منطقة الساحل على بلادهم".

واختتم حديثه قائلا "هم يدركون جيدا طبيعة الأخطار والتحديات الأمنية والتوقيت المفصلي الذي يجتمعون فيه وأهمية التوجه بشكل مشترك نحو الأمام في بعث شراكات وبرامج تنموية مشتركة، في ظل تحولات إقليمية وعالمية متسارعة".