• صنعاء

  • الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٣٩ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٥ يونيو ٢٠٢٤ في ٥:٣٩ ص

النساء في سجون الحوثيين أوراق ضغط سياسية واجتماعية في الصراع باليمن

(وكالة أنباء العالم العربي) - في قلب مدينة صنعاء العتيقة حيث تتشابك الأزقة الضيقة وتتداخل حكايات المهمشين، عاشت أميرة حياة هادئة مع عائلتها الصغيرة قبل أن تنقلب رأسا على عقب على يد جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن منذ تسع سنوات وتقاتل قوات الحكومة المعترف بها دوليا.

اقتحمت قوات جماعة الحوثي منزل أميرة فجرا قبل أربع سنوات وألقت القبض عليها أمام أطفالها الصغار بعد اتهامها بالتعاون مع "جهات معادية"، لتدفع على مدار عامين ثمن صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.

تنقلت أميرة بين سجون الحوثيين الذين لم يسمحوا لها برؤية أطفالها. ألجمت العادات والتقاليد القبلية في اليمن أفواه ذويها، ففي مجتمع تعد فيه سمعة المرأة شرف العائلة، أصبح سجن أميرة وصمة عار على جبين قبيلتها، مما أجبرهم على التزام الصمت خوفا من النظرة الدونية للمجتمع.

لم تستسلم أميرة لليأس، وقالت لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنها ظلت تقاوم "بصبر أيوب".

وبعد عامين من المعاناة، أطلق الحوثيون سراحها بعد وساطة قبلية، ثم سافرت في نهاية المطاف إلى القاهرة مع أطفالها الثلاثة "هربا من جحيم صنعاء".

وقالت أميرة إنها تعرضت في السجن لتعذيب جسدي بالإضافة إلى التهديد بالاغتصاب من قبل المحققين الحوثيين في ليالي تحقيق طويلة في عدد من سجون الجماعة المخصصة للنساء.

وذكر تقرير صادر عن فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن الدولي العام الماضي أن النساء المحتجزات في سجون الحوثيين "يتعرضن للتعذيب وغيره من صور سوء المعاملة، ويتعرضن أيضا للاعتداء الجنسي، وفي بعض الحالات يخضعن لفحص العذرية، وكثيرا ما يمنعن من الحصول على السلع الأساسية، بما في ذلك منتجات النظافة الصحية النسائية".

وقالت أمة السلام الحاج رئيسة رابطة أمهات المختطفين اليمنية لوكالة أنباء العالم العربي إن جماعة الحوثي ارتكبت انتهاكات بحق النساء في سجونها، من الاعتداء الجسدي إلى الحرمان من الغذاء والدواء و"تلفيق اتهامات" تدفع الأهالي إلى الصمت بسبب الوصمة المجتمعية.

وأضافت أن الرابطة وثقت اختطاف 140 امرأة في سجون الحوثيين، بينهن اثنتان حكم عليهما بالإعدام.

وتابعت قائلة "من الصعب في بلد مثل اليمن رصد الانتهاكات (بحق) المرأة... التي تعرضت للاختطاف والسجن بسبب التعتيم الأسري والخوف من العار، لذلك مئات النساء مختطفات ولا يعلم أحد، وتعمل أسرهن على إخفاء أي معلومات حتى عن الأقارب عن مصير بناتهن.

"بل إن كثيرا من الأسر تنكر أمام (المنظمات) أن لديهم ابنة تعرضت للاختطاف خوفا من العار والتهم التي تلفقها جماعة الحوثي بحق النساء".

وبحسب أمة السلام، وثقت الرابطة قتل امرأة على يد أسرتها بعد إطلاق سراحها من سجون الحوثيين عقب حبسها لمدة عام، مشيرة إلى أن غياب وإنكار المعلومات الخاصة بالسجينات لدى جماعة الحوثي "معضلة واجهتها الرابطة لرصد الانتهاكات الحوثية وعدد المختطفات في سجون الحوثيين".

ولم يتسن الحصول على تعقيب من جماعة الحوثي.

وأوضحت رئيسة رابطة أمهات المختطفين قائلة إن أعدادا كبيرة من النساء اللاتي أطلق سراحهن من سجون الحوثيين سافرت إلى خارج اليمن أو تم تهجيرهن قسرا إلى خارج البلاد، أو خارج مناطق سيطرة الحوثيين، ضمن شروط الإفراج.

واشترط الحوثيون على النساء اللاتي عدن إلى منازلهن في مناطق سيطرة الجماعة عدم ممارسة أي عمل حقوقي أو حتى الخروج من المنازل في بعض الحالات، وفقا لأمة السلام.

وقال محمد العمدة، رئيس الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان، لوكالة أنباء العالم العربي إن فريق المنظمة وثق 4282 انتهاكا - من القتل إلى التعذيب - ارتكبتها جماعة الحوثي في اليمن بحق النساء خلال الفترة من 21 سبتمبر أيلول 2016 وحتى أول مارس آذار 2022 في 17 محافظة يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأضاف العمدة "اليمن أصبح بلد المتناقضات، حيث حرمت المرأة من المساواة في الحقوق والوظيفة، فيما حصلت على المساواة في القهر والظلم والقتل والتنكيل".

من جانبه، قال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي إن العديد من التقارير التي أصدرتها منظمته ومنظمات محلية ودولية أخرى، من بينها الأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، كشفت أن الحوثيين يمارسون بشكل منهجي اختطاف النساء واستخدامهن كأوراق ضغط سياسية في الصراع مع الحكومة اليمنية.

وأضاف الحميدي أن منظمة سام وثقت في تقريرين شهادات من نساء تعرضن للاحتجاز دون محاكمة والتعذيب على يد الحوثيين، فضلا عن القيود التمييزية التي يفرضها الحوثيون على تنقل النساء في مناطق سيطرتها، مما يمثل انتهاكا صارخا لحقوقهن الأساسية.

وتابع الحقوقي اليمني قائلا "على الرغم من النصوص القانونية والأعراف القبلية التي تحمي المرأة، يعرض الحوثيون النساء لكثير من المخاطر، بعضها لإجبار أسرهن على دفع فدية مالية، أو إطلاق سراح مقاتلين حوثيين مقابل إطلاق سراح المختطفات، أو فرض نمط معين من الشكل النسوي المتفق مع فكر ومعتقد الثقافة المذهبية للحوثيين".

وأوضح الحميدي قائلا إن هذه الممارسات "تخلق مناخا مشحونا بالخوف داخل المجتمع، مما يدفع الناس إلى الامتثال لتعليمات الحوثيين خوفا من خطف النساء، كما  يدفع العائلات والمجتمعات للانحناء لمطالب الحوثيين لتجنب هذا العار في مجتمع ذكوري ما زالت فيه معاني الشرف الاجتماعي هي الأعلى".