• طنجة

  • الاثنين، ١ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:٠٦ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ١ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:٠٦ ص

المغرب يسعى لإنعاش تجربة السينما بإنشاء عشرات القاعات الجديدة

(وكالة أنباء العالم العربي) - شرع مالك قاعة سينما (ليتيسيا) في الدار البيضاء بالمغرب في تجديدها وصيانتها لجذب المزيد من الزوار، غير أن الاقبال ما زال ضعيفا مقارنة بسنوات مضت.

شيدت قاعة سينما (ليتيسيا) في خمسينيات القرن الماضي، وما زالت تحتفظ بطابعها التقليدي وتعرض كافة أنواع الأفلام، لكنها تأثرت بتراجع الإقبال على السينما، شأنها شأن معظم قاعات السينما في المغرب.

وقال محمد سولامي، الذي يعمل مشرفا على قاعة سينما (ليتيسيا) منذ أكثر من عشر سنوات، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الثقافة السينمائية لدى الناس قلت، معظم الزوار من كبار السن أو الأجانب المقيمين في المدينة، خاصة أن السينما تعرض في الغالب أفلاما غربية"، مشيرا إلى أن معظم قاعات السينما في المدينة أغلقت أبوابها بالفعل، ومنها سينما (الكواكب) و(البيضاء) و(الزهراء).

الطالب الجامعي إبراهيم معروف المقيم في الدار البيضاء يقول إنه لم يعد يجد سببا في الذهاب إلى السينما لأن معظم الأفلام يمكن مشاهدتها عبر منصات البث الرقمي على الإنترنت.

وفي مواجهة التحديات التي تواجه قاعات السينما في المغرب في ظل وانتشار منصات البث على الإنترنت والصعوبات الاقتصادية التي جعلت من مشاهدة الأفلام في السينما ترفا لا يمكن لكثيرين تحمله، أطلقت الحكومة المغربية في وقت سابق من الشهر الحالي المرحلة الأولى من مشروع إنشاء 150 قاعة سينما جديدة في كافة أنحاء البلاد.

وقال وزير الثقافة المغربي المهدي بنسعيد إن مبادرة افتتاح 150 قاعة سينما تهدف إلى "تعزيز الصناعة الثقافية والسينمائية من خلال توفير البنية التحتية الضرورية للفنانين والمنتجين والمخرجين لعرض وترويج أعمالهم السينمائية على المستوى الوطني".

وأضاف الوزير "هذا المشروع الذي يستهدف على الخصوص المدن الصغرى والمتوسطة يكرس الحقوق الثقافية للمغاربة من خلال (تسهيل) ولوج القاعات السينمائية خاصة للشباب".

غير أن الناقد السنيمائي إدريس الجعيدي قال إن التوصيات الخاصة بالقاعات السينمائية في المغرب بقيت "حبرا على ورق" منذ تسعينيات القرن الماضي.

وأبلغ الجعيدي وكالة أنباء العالم العربي "مع بداية الألفية الثالثة بدأنا نستشف وضعية خاصة بالقاعات السينمائية على أساس أن ذروة القاعات وقمة أوجها كانت عام 1980 حيث كان في المغرب 241 قاعة، وفي عام 1985 بلغت 247 قاعة، وكانت مبيعات التذاكر تفوق 32 مليون تذكرة، في حين وصلت الإيرادات إلى 131 مليون درهم".

وبحسب الجعيدي، بدأ عدد القاعات السينمائية في التناقص منذ عام 1985، إذ تراجع عام 1990 إلى 226 قاعة، وفي عام 1995 كانت هناك 185 قاعة، ومنذ 1998 إلى الآن تقلص العدد إلى أن وصل ما بين 40-50 قاعة فقط.

وعزا الناقد السينمائي تراجع أعداد المتفرجين في قاعات السينما بالمغرب لأقل من مليون سنويا إلى جائحة فيروس كورونا التي أرغمت ملاك القاعات على إغلاقها، على حد قوله.

كما حمل الجعيدي ملاك قاعات السينما غير التابعة لوزارة الثقافة، أو ما يطلق عليهم في المغرب الخواص، بعض المسؤولية في تراجع أعداد القاعات السينمائية في البلاد.

وقال الجعيدي "الخواص الذين كانوا يملكون القاعات السينمائية ثم التوزيع لم (يستعدوا) المستقبل وبقوا في وضعية تأمل، ودائما كانوا يرددون خطابات ترتكز بالأساس على أن الدولة يجب أن تقلص الضرائب، ولم يكن هناك استثمار في المستقبل".

وأضاف "في اعتقادي هناك انعدام تصور لسياسة ثقافية شاملة تضمن ترويج الفيلم وتسمح للمتفرج بأن تكون له إمكانية متابعة أخبار عرض الأفلام بالقاعات السينمائية في مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمكتوبة".

ويرى أن المؤسسات المرتبطة بقطاع التوزيع لم تفكر في الاستثمار في قاعات سينمائية ملائمة للمتفرجين.

وتابع قائلا "في البداية كانت هناك بعض الوسائط السمعية البصرية التي نافست السنيما في الثمانينيات والتسعينيات ومن بينها التلفزيون الذي أثر على (حجم الحضور) في القاعات السنيمائية وأصبح يحل محل السينما.

"ظهور القنوات الفضائية في بداية التسعينات خلق جوا من المنافسة، ثم مسألة الأقراص المدمجة حيث برزت في الساحة العديد من الأفلام التي كانت تلج السوق الداخلي قبل أن عرضها، وكان المتفرج يلجأ إلى اقتنائها والاستغناء عن السينما".

وأردف "المسؤولون عن القطاع لم يفكروا في إدماج القاعات السينمائية في المخططات المعمارية للمدن، وحتى الأقراص المدمجة التي كانت تباع بثمن زهيد جعلت المتفرجين يلجؤون إلى مشاهدة أفلام حتى قبل أن تعرض في القاعات السينمائية، وهو ما خلق نوعا من المنافسة غير العادلة".

وقال الناقد السينمائي إن "المسألة الموضوعية والمنهجية في الإعلان عن افتتاح 50 قاعة سينمائية بالبلاد والحديث عن التخطيط لافتتاح 150 قاعة هو السؤال عن المقاييس التي اعتمدت عليها وزارة الثقافة في فتح هذه القاعات، وما إن كانت هناك دراسات وبحوث ميدانية أو استشرافية أجريت لبلورة خطاب 150 قاعة سينمائية".

وأوضح السيناريست والناقد السنيمائي خالد الخضري أنه يجب أن يتوفر لكل عشرة آلاف مشاهد قاعة سينمائية واحدة على الأقل، وقال لوكالة أنباء العالم العربي "إذا طبقنا هذا الرقم على المغرب، سيتبين أن عدد القاعات السينمائية الموجود حاليا بالبلاد غير كاف إطلاقا بحيث لا يكاد يتجاوز عدد القاعات السينمائية بالبلاد 40 قاعة وهذا رقم مخيف".

وعلى الرغم من تراجع الإقبال على السينما في المغرب في السنوات الأخيرة في ظل تغير عادات المشاهدة وتفضيل الغالبية الاعتماد على البث الرقمي، لا يعتقد سعيد العلمي أن هناك بديلا لقاعة السينما.

وقال العلمي البالغ من العمر 44 عاما "الأجواء التي تكون في القاعة السينمائية لا يمكن أن تعيشها في البيت، فأحيانا ألجأ لمشاهدة فيلم ليس لأنه معروض بالسينما فقط، بل لأن متعة مشاهدته رفقة زوجتي أمر مختلف وفيه شغف خاص".

وأضاف "صحيح لم تعد القاعات السينمائية كما عهدتها سابقا حين كنت طفلا أرافق والدي لمشاهدة أحدث الأفلام الأميركية، غير أنني ما زلت أحتفظ ببعض الذكريات عنها وأحب تكرارها مع أسرتي".