الكهرباء تضع حكومة العراق أمام تحد للوفاء بوعود رئيس وزراء البلاد
صورة أرشيفية - محطة توليد الكهرباء في الرطبة غرب العراق (30 مارس آذار 2024) - المصدر: AWP
  • بغداد

  • الجمعة، ٣١ مايو ٢٠٢٤ في ٨:٢٣ ص
    آخر تحديث : الأحد، ٢ يونيو ٢٠٢٤ في ٨:١٨ ص

الكهرباء تضع حكومة العراق أمام تحد للوفاء بوعود رئيس وزراء البلاد

(وكالة أنباء العالم العربي) - يفجّر صيف العراق الساخن أزمة كهرباء موسميّة، تعدّ اختبارا سنويّا للوفاء بوعود حكوميّة تطلق في أجواء شتوية بشأن الاستعداد بتجهيزات أفضل لمواجهة حرارة الجو القادمة.

وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني قد أعلن أمس الخميس افتتاح وتشغيل 200 محطة كهرباء في مناطق ومدن البلاد المختلفة، بواقع 48 محطة نقل للجهد الفائق والعالي و152 محطة للتوزيع ضمن المرحلة الأولى من حزمة مشاريع لحلّ اختناقات شبكات الكهرباء.

لكن نوّابا عراقيين أبدوا عدم ثقتهم في وعود الحكومات المتعاقبة، وأكدوا عزم البرلمان مناقشة وزير الكهرباء في خطة الصيف.

وقال داخل راضي، عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن العراق سجل تراجعا ملحوظا في تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة "رغم كل الوعود الحكومية بتوفير الطاقة خلال هذا الفصل".

أضاف "ساعات التجهيز تختلف من منطقة إلى أخرى في بغداد، وكذلك من محافظة إلى أخرى؛ وثمّة مناطق يتم تجهيزها بساعات قليلة جدا، إضافة إلى وجود الأعطال شبه اليومية في المحوّلات وغيرها، والتي تستغرق صيانتها أياما بعدما ترد حولها شكاوى من مواطنين في مناطق مختلفة".

وأوضح أن لجنة الكهرباء والطاقة ستعمل خلال اليومين المقبلين على استضافة وزير الكهرباء وكبار المسؤولين في الوزارة لمناقشة خطة عملها لفصل الصيف "التي من المفترض أن تكون قد دخلت حيّز التنفيذ منذ منتصف الشهر الحالي".

وعود لا تتحقق

وتكررت في السابق وعود مسؤولين عراقيين بصيف مختلف من حيث التزويد بالطاقة الكهربائيّة، غير أن تلك الوعود لم يتم الوفاء بها.

وفي العام الماضي، أكد السوداني أنّ صيف عام 2023 سيكون مختلفا بتجهيز الطاقة الكهربائية للمواطنين، وهو ما لم يحدث بحسب آراء بعض البرلمانيين والخبراء.

وهذه المرّة، عاد السوداني مع وزير الكهرباء زياد علي فاضل، الذي أكد أن ساعات التجهيز بالكهرباء ستزداد مع بداية صيف هذا العام، بينما قال البرلمان إن الصيف سيكون "باردا" في إشارة إلى تحسّن الطاقة.

وقال النائب المستقلّ كاظم الفيّاض في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن "الوعود الحكوميّة بشأن تحسّن تجهيز المواطنين بالطاقة الكهربائيّة خلال فصل الصيف دائما ما تكون وعودا غير صادقة وغير قابلة للتنفيذ، وقد اعتدنا على هكذا وعود منذ سنين طويلة".

أضاف "الحكومات العراقيّة المتعاقبة، وكذلك الحالية، لم تجد أيّ حلول حقيقيّة لأزمة الكهرباء رغم صرف الأموال الطائلة على هذا الملفّ ورغم كلّ التعاقدات مع الشركات الأجنبيّة... المشكلة في الإدارة والتخطيط، وكذلك الشبهات في التعاقد".

ولا يتوقع النائب أيّ تحسن في تزويد المنازل بالطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف "خاصّة أنّ تراجع التجهيز أصبح واضحا جدا مع ارتفاع درجات الحرارة، لاسيما في مناطق الجنوب والوسط، وهذا قد يدفع إلى غضب شعبي كبير في الشارع".

ويدفع الحر مع انقطاع الطاقة الكهربائية في بعض الأحيان مواطنين إلى الاحتجاج، إذ تصل درجات الحرارة أحيانا إلى 50 درجة مئويّة؛ حدث ذلك في الصيف الماضي، عندما خرجت مظاهرات غاضبة في محافظتي واسط وكربلاء ومناطق في محافظات أخرى احتجاجا على تردّي وضع الطاقة الكهربائية.

الغاز المحلي لا الإيراني

ويرى خبير الطاقة مازن السعد أنّ حل أزمة الكهرباء بشكل نهائي "يتوقف على تزويد محطات الكهرباء بالغاز المحليّ وليس الغاز الإيراني المستورد، الذي لا يكفي لتشغيل كل المحطات؛ ولهذا هناك تراجع في التجهيز".

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن "العراق ما زال يعتمد بشكل كلّي على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء؛ ورغم تحرّكه لإيجاد مساعد للغاز الإيراني باستيراده من دول أخرى، إلا أنّ هذا الحراك ما زال غير موجود على أرض الواقع وتنفيذه ربّما يتطلّب سنين طويلة".

ويتوقّع السعد أنّ أزمة الكهرباء سوف تستمرّ مع استمرار استيراد الغاز "خاصة أنّ الكميات المرسلة من الغاز الإيراني تتقلّص مع كل فصل صيف؛ وهذا يؤثّر على تجهيز الكهرباء في العراق، لأن إيران تحتاج إلى ذلك الغاز محليّا، وبعض الأحيان التراجع يكون بسبب مشاكل فنية أو ماليّة".

ويعتمد العراق على محطات الكهرباء الغازيّة؛ إلّا أنّه يزوّدها بالغاز المستورد من إيران، الذي تنخفض حصته منه مع بداية فصل الصيف لأن إيران تحتاجه محليّا.

ويحاول العراق استثمار الغاز المحلي؛ غير أن هذه العمليّة تحتاج وقتا طويلا. وأكدت لجنة النفط في البرلمان أنّ العراق ما زال بحاجة إلى الغاز الإيراني، لأن استثمار الغاز المحلي يحتاج وقتا لتهيئة المعدات اللازمة وتشغيل الحقول مع دخول محطات غاز إلى مراحل الإنتاج.

وأوضحت اللجنة أن الطلب على الطاقة الكهربائية في تزايد على الرغم من إعلان وزارة الكهرباء أنّ إنتاجها كاف؛ غير أنّها أشارت إلى الحاجة لخطّة توزيع، لأن المُشكلة تكمُن في المهدر من الطاقة.

تطوّر في الإنتاج

وكان وزير الكهرباء العراقي قد وقّع في وقت سابق عقد توريد الغاز مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية لمدة خمس سنوات بمعدلات ضخ تصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميا.

لكن كميات ذلك الغاز تتفاوت بحسب حاجة المنظومة، لصالح إدامة زخم عمل محطات الإنتاج ومواكبة ذروة الأحمال والطلب المتزايد على الكهرباء إلى حين تأهيل حقول الغاز الوطنية.

المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي أكّد بدوره لوكالة أنباء العالم العربي أنّ "هناك تطورا كبيرا في الإنتاج وارتفاعا سوف ينعكس بشكل كبير على تجهيز الكهرباء للمواطنين".

وقال "هذا الصيف سيكون أفضل من الصيف الماضي من حيث تجهيز الكهرباء؛ وما زلنا عند وعدنا بهذا الأمر".

أضاف "العمل مستمر في إكمال مشاريع الربط الخليجي للكهرباء؛ ونهاية السنة الحالية، سيتم تشغيل عدد من تلك المشاريع، ولا يوجد أي توقّف بهذا المشروع المهم الذي سيؤدي إلى استقرار المنظومة الوطنية بشكل كبير جداً".

وتابع "محطّات الكهرباء ما زالت تعمل على الغاز الإيراني، ولا يوجد لدينا أيّ بديل عنه في الوقت الحالي؛ ونعمل مع طهران على الالتزام بتجهيز العراق بالحصّة المتّفق عليها من الغاز، من أجل استمرار الطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف".

واختتم حديثه قائلا إن "الوضع حتى الآن تحت السيطرة ولا مشاكل في قطاع الكهرباء واستيراد الغاز".