البرغوثي.. صاحب "الشرعيّات الثلاث" قد يغيّر مسار اليوم التالي للحرب في غزة
صورة إرشيفية لمروان الرغوثي. المصدر: صفحة مروان البرغوثي على موقع فيسبوك
  • رام الله

  • الجمعة، ٣١ مايو ٢٠٢٤ في ٥:٥٧ م
    آخر تحديث : الجمعة، ٣١ مايو ٢٠٢٤ في ٥:٥٩ م

البرغوثي.. صاحب "الشرعيّات الثلاث" قد يغيّر مسار اليوم التالي للحرب في غزة

(وكالة أنباء العالم العربي) - مع كل حديث عن تطوّرات جديدة في صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بين حركة حماس الفلسطينيّة وإسرائيل، يعود اسم مروان البرغوثي لتصدّر المشهد من جديد، وتُطرح التساؤلات حول الدور الذي يُمكن أن يلعبه إذا أصّرت حماس على إدراج اسمه ضمن قائمة من تطالب بالإفراج عنهم.

فالبرغوثي، عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح الفلسطينيّة، الذي يقضي عقوبة بالسجن خمس مؤبدات و40 سنة في السجون الإسرائيليّة منذ أكثر من 20 عاما، يُطلق عليه قياديّون في الحركة لقب "صاحب الشرعيات الثلاث".

ويعتقد جمال حويل، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، أن البرغوثي سيكون ضمن أي صفقة محتملة لتبادل الأسرى والمحتجزين.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "وفق معايير المقاومة التي أعلنتها، كالعمر والمؤبّدات، ومن رفضت إسرائيل الإفراج عنهم سابقا، فإن مروان تنطبق عليه هذه الشروط... سمعنا من الجميع أنّ مروان سيكون على رأس قائمة الأسرى المُفرج عنهم في الصفقة".

أضاف "حماس تُدرك أنّ مروان حاجة للشراكة الوطنيّة؛ وبحسب ما علمناه، فإنّ حماس رفعت (أدرجت) اسم مروان وسعدات (الأمين العام للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين أحمد سعدات)... وهم مصرّون على ذلك".

لكن عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس كان قد رفض الشهر الماضي تأكيد الأنباء التي تحدثت عن طرح اسم البرغوثي على قائمة من تطالب الحركة بالإفراج عنهم أو نفيها؛ وقال لوكالة أنباء العالم العربي إن "ملف الأسرى حسّاس للغاية ويؤثّر على عائلة ومحبّي أيّ أسير وكذا الأسير نفسه؛ لذلك لن نصرّح بأيّ تفاصيل إلا بعد الاتفاق عليها".

شرعيّات ثلاث

ويُعدّ التساؤل الأبرز الذي يُطرح في أوساط السياسيين هو ما إذا كان إطلاق سراح البرغوثي سيغيّر شيئا في خطط اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، التي لم ترتسم معالمها بعد لدى أي من الأطراف.

لكن حويل، المقرّب من البرغوثي، قال في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي إنّ الرجل "يمتلك شرعيّة انتخابيّة لانتخابه عضوا في المجلس التشريعيّ، وشرعيّة تنظيميّة لفوزه بأعلى الأصوات في انتخابات اللجنة المركزيّة لحركة فتح، وشرعيّة نضاليّة نظير دوره في الانتفاضة وتعرّضه للسجن".

وأضاف "أنا على قناعة تامّة بأنّنا سنعيش مرحلة جديدة في حركة فتح يكون فيها تدافع الأجيال هو الأمر الطبيعي؛ فالرئيس (الفلسطيني) أبو مازن لن يستمرّ رئيسا للحركة مدى الحياة، وبالتالي نحن بحاجة الى نفس جديد وبحاجة إلى روح جديدة بالحركة، وقناعتي بأنّ مروان البرغوثي سيكون له دور كبير جدا في لمّ الشمل الفتحاوي ولمّ الشمل الوطني".

ويعتقد حويل أنّ إصرار حركة حماس على إدراج البرغوثي ضمن المفرج عنهم في صفقة التبادل المتوقعة يؤكّد أهميّة حضوره على الساحة السياسية.

وحول إمكانية موافقة البرغوثي على إبعاده إلى غزّة حال الإفراج عنه، قال حويل "غزّة هي جزء من الوطن، وهي خزّان الثورة الفلسطينيّة؛ وأبو القسام (البرغوثي) يعتبر غزة مثل جنين والوطن واحدا موحّدا؛ لكنّ موافقة مروان للذهاب هناك من عدمه تعود لمروان نفسه".

ماذا قد يتغيّر؟

ويرى حويل أنّ الإفراج عن البرغوثي إن حدث "سيؤدّي إلى استعادة حركة فتح وهجها وروحها وحيويّتها في الشارع الفلسطيني"؛ كا يرى أنه بعد وقف إطلاق النار في غزة والانسحاب الكامل من القطاع، ستكون هناك ضرورة ملحّة لأن يكون هناك نظام سياسي فلسطيني واحد للشعب الفلسطيني والعودة إلى الوحدة الوطنية.

وقال "البرغوثي تجاوز العمل التنظيمي إلى عمل وطنيّ شامل؛ وبالتالي، ستكون هناك تغييرات تنظيميّة داخليّة؛ وستكون هناك أيضا تغييرات وطنيّة فلسطينيّة باتجاه الوحدة الداخليّة ودفع قيادات جديدة لهذه الحركة من أبناء الحركة الأسيرة الذين سيُفرج عنهم، وهم قيادات وكوادر مهمّون جدّا، مثل عضو المجلس الثوري زكريا زبيدي والكثير من قيادات هذه الحركة".

أضاف "كافّة الأمور المستقبليّة يجب أن تكون على قاعدة الشراكة الكاملة... الوحدة الوطنيّة قانون الانتصار؛ ولأنّنا شركاء في الدمّ، فيجب أن نكون شركاء في القرار؛ ولأننا شركاء في الميدان، فيجب أن نكون شركاء في البرلمان؛ هذه قواعد عامة يطرحها البرغوثي".

ويراهن حويل على دور البرغوثي في تحقيق تلك الوحدة الوطنية المأمولة، قائلا إنّ الرجل "الذي استطاع أن يصيغ وثيقة الأسرى لتحقيق الوحدة من داخل سجون الاحتلال، عنده القدرة وبقيّة إخوانه في الحركة على أن يصيغوا وثيقة جديدة تعزّز هذه الوحدة للشعب الفلسطيني".

ويرى حويل أنّ البرغوثي لديه قناعة بأنّ شكل النظام السياسيّ الفلسطينيّ "لا يُمكن تحديده إلا من خلال الديمقراطيّة الفلسطينيّة التي تؤمن بالانتخابات، وتؤمن بالتعددية الفكريّة، وتؤمن بالتعدد السياسي، وتؤمن في الوقت نفسه بالشراكة في العمل بغضّ النظر عن نتائج الانتخابات".

كما يرى أنّ البرغوثي لديه قناعة بأنّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة "فيها ترهّل كبير جدا، وأنّه يجب إعادة تفعيلها وإعادة معالجة بعض الخلل من خلال مشاركة الكلّ الفلسطينيّ في هذا الجسم... اليوم التالي في غزة لابدّ أن يرافقه تغيير في الجسم السياسيّ من خلال استعادة الوحدة الوطنية".

وقال "البرغوثي يؤمن بالتعامل مع أبناء الشعب على أساس المواطنة، وليس على أي أساس آخر؛ وبالتّالي، فإنّ القضية هي قضية مؤسسات وأن يكون أيّ عمل فلسطيني يقوم على عمل مؤسساتي سليم لمواجهة التحديات المستقبليّة".

في السياق، قال عضو في اللجنة المركزية لفتح رفض نشر اسمه "نعم، سيختلف كلّ شيء إذا تمّ الإفراج عن مروان البرغوثي؛ داخل فتح ستختلف الأوضاع؛ وداخل مراكز القُوة في السلطة الفلسطينية ستتغير الأحوال".

لكن مصدرا مقربا من الرئاسة الفلسطينية قلّل من ارتدادات الإفراج عن البرغوثي على النظام السياسي الفلسطيني وفتح.

وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، لوكالة أنباء العالم العربي "مروان جزء من النظام السياسيّ الفلسطينيّ ومسؤول في الخليّة الأولى لحركة فتح؛ وبالتأكيد فور الإفراج عنه سيتولّى مسؤوليّات كبيرة تتناسب مع تاريخه النضالي والوطني؛ ونحن نطالب وطالبنا بالإفراج عنه في كلّ المراحل".

أضاف "الحالة الفلسطينيّة تمرّ بمرحلة دقيقة جدا؛ ووجود الأخّ مروان في هذه المرحلة سيكون رافعة إضافيّة لجهود القيادة الفلسطينيّة الدوليّة والمحليّة لوقف العدوان عن شعبنا في غزّة والضفة ووقف مخطّطات التهجير وتحقيق الوحدة الوطنيّة الفلسطينيّة تحت إطار منظّمة التحرير الفلسطينيّة".

ثلاثة تصوّرات لغزة

عبد الله عبد الله، نائب المفوض العام للعلاقات الدوليّة في حركة فتح، أشار بدوره إلى وجود عدة تصورات لليوم التالي للحرب في قطاع غزة، قائلا "أميركا لديها تصور؛ ومنظّمة التحرير الفلسطينية لديها تصور؛ ونتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) لديه تصور" لكنه اعتبر أن هناك تناقضا بين التصوّرين الفلسطينيّ والإسرائيلي.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي "ما تريده إسرائيل هو تكريس فصل غزّة عن الضفة الغربية وإنهاء حلم الدولة الفلسطينية... تصوّر منظمة التحرير يتمثّل في الإصرار على أن يكون قطاع غزة جزءا من الدولة الفلسطينيّة المرتقبة إلى جانب الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة، لتكون هذه المكوّنات الثلاثة هي الأرض التي تُقام عليها الدولة الفلسطينيّة".

أضاف "مروان البرغوثي قائد فلسطينيّ وقائد في الانتفاضة الثانية وله وزنه السياسيّ والنضاليّ؛ لكنّ في الوقت ذاته، حتّى الآن لم تُحلّ قضيّة الأسرى ذوي الأحكام العالية الذين سيتم الإفراج عنهم... إسرائيل إمّا تريد نقلهم إلى قطاع غزة أو إبعادهم إلى الخارج".

ومع تزايد الحديث عن إطلاق سراح البرغوثي، ترددت تقارير إعلاميّة عن طلب تقدّمت به السلطة الفلسطينيّة لعدم إطلاق سراحه؛ لكن مصدرا في السلطة نفى لوكالة أنباء العالم العربي صحة تلك الأنباء، واعتبر أن هدفها "إظهار حالة غير موجودة من الخلاف بين قيادة حركة فتح".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية عن مصدر فلسطيني وصفته بالسيادي القول إن ما أشيع حول تقديم شخصيّات قياديّة رسميّة طلبا إلى إسرائيل لعدم إطلاق سراح البرغوثي "لا أساس له إطلاقا... هذا الخبر مجرد فبركات واهية وشعوذة من بعض وسائل الإعلام المشبوه".

وتشير تقديرات بعض المحللين إلى أنّ إسرائيل ربما تُناور في قضيّة الإفراج عن البرغوثي، وربّما تكون تستخدمها لابتزاز السلطة الفلسطينيّة، وبالتالي يتم تسريب مثل هذه الأنباء لإظهار السلطة في صورة من يرفض الإفراج عن البرغوثي في محاولة لتشويه صورتها.

في المقابل، يُمكن القول بأنّ حركة حماس تعوّل على البرغوثي كورقة توازن بين حماس وفتح؛ وإذا نجحت الحركة في إطلاق سراحه، فسيحفظ الرجل لها هذا الفضل، وهي ربما تُدرك أنه لم يعد بإمكانها حكم قطاع غزة في ظلّ المتغيّرات الجديدة بعد الحرب.

تعقيدات محتملة

وإذا أصرّت إسرائيل على إطلاق سراح البرغوثي مع شرط إبعاده إلى قطاع غزّة، فستكون بذلك تسعى إلى إضعاف حضوره، كون دائرة صُنع القرار لدى حركة فتح موجودة في رام الله، وبالتالي سيكون بعيدا عن هذه الدائرة وهو ما يجعله على موقف متناقض مع قيادة فتح في رام الله.

وتدرك إسرائيل أنّ شعبية البرغوثي الحقيقية في الضفة الغربية لا في غزّة؛ وبالتالي، فإنّ إبعاده إلى غزة يعني أنه لن يحظى بالشعبية المنتظرة التي يتوقّعها من وجهة نظرها.

وإذا نجحت إسرائيل في خلق حالة توتّر بين البرغوثي وقيادة حركة فتح، فإنّ هذا ربّما يعني أنّ أسهمه الشعبيّة لن تواصل ارتفاعها.

وستلاحق البرغوثي أيضا مجموعة من التعقيدات قد تؤثر على شعبيته إمّا سلبا أو إيجابا، خاصّة أنّ إسرائيل على الأرجح لن تُعطيه مساحة للتحرّك، وبالتالي قد يؤثر هذا على إنجازاته وطبيعة اتصالاته المتوقّعة.

أما في حالة خروج البرغوثي إلى الضفّة، فإنّ هذا سيؤدّي إلى دمجه بشكل أو بآخر في النظام السياسيّ القائم ولن يكون بوسعه العمل خارج الإطار الرسميّ وربما يتحوّل إلى مُعارض داخل حركة فتح كما هو ناصر القدوة ومحمد دحلان، وهذا ضمن سياسة البرغوثي مستبعد لأنّه يسعى إلى توحيد حركة فتح لا إلى زيادة الانقسامات داخلها.