الأزمات السياسية في إسرائيل تضفي المزيد من الغموض على مصير قطاع غزة
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الثالث من اليسار) خلال اجتماع حكومة الحرب بمقر الجيش في تل أبيب 13 أبريل نيسان 2024 (المصدر: مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي)
  • تل أبيب

  • الأربعاء، ٢٩ مايو ٢٠٢٤ في ٣:٥١ م
    آخر تحديث : الخميس، ٣٠ مايو ٢٠٢٤ في ٨:٥٢ ص

الأزمات السياسية في إسرائيل تضفي المزيد من الغموض على مصير قطاع غزة

(وكالة أنباء العالم العربي) - بلغت الخلافات السياسية في إسرائيل ذروتها في الأيام القليلة الماضية، ولم تعد تقتصر فقط على الحكومة والمعارضة، بل امتدت أيضا إلى أصحاب التوجهات السياسية المشتركة.

وبينما تشتعل الخلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعضو حكومة الحرب بيني غانتس، فإنه يواجه مشاكل أيضا داخل حزبه ليكود، وعلى رأسها الخلاف مع وزير الدفاع يوآف غالانت، وتقول وسائل إعلام محلية إن الاثنين لم يتحدثا إلى بعضهما بعضا منذ أكثر من أسبوعين.

وقبل عشرة أيام، منح غانتس مهلة لنتنياهو حتى الثامن من يونيو حزيران لوضع خطة من عدة نقاط للحرب في قطاع غزة، وقال إن "أقلية صغيرة سيطرت على قرار إسرائيل وتقود البلاد إلى المجهول"، متهما بعض السياسيين الإسرائيليين بالتفكير في مستقبلهم فقط مما يعني أن "هناك حاجة لتغيير فوري".

وتطالب المعارضة بالإطاحة بالحكومة الحالية وتشكيل حكومة جديدة إذا تعذر في الوقت الحالي التوجه لانتخابات مبكرة.

وتتمحور الخلافات الإسرائيلية حول الحرب على قطاع غزة وتداعياتها ومستقبل القطاع، والمفاوضات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حول صفقة تبادل المحتجزين، فضلا عن قضية إعفاء اليهود المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية وفقا لتعهد من نتنياهو للأحزاب الدينية مقابل موافقتها على الانضمام إلى حكومته اليمينية.

ويتهم حزب معسكر الدولة، الذي يقوده عضو مجلس الحرب غانتس، حكومة نتنياهو بتقديم الاعتبارات السياسية الحزبية على الاعتبارات العملية.

وقال الوزير عن حزب معسكر الدولة هيلي تروبر اليوم الأربعاء في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية إن الحكومة لا نتخذ قرارات استراتيجية وعملية لأسباب سياسية.

وأضاف تروبر "في المراحل الأولى من الحرب، فضل مجلس الوزراء الاعتبارات العملية على الاعتبارات السياسية، لكن في الآونة الأخيرة اختلطت الاعتبارات السياسية مع الاعتبارات الوطنية".

وتابع قائلا "مثلا في قضية اليوم التالي (للحرب في غزة)، لم يتم اتخاذ قرارات استراتيجية لأن نتنياهو يدرك أنه سيكون من الصعب عليه الحفاظ على ائتلافه مع الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش اللذين يفكران بشكل مختلف عنه".

ويرفض حزب معسكر الدولة بقاء إسرائيل في قطاع غزة، وقال الوزير تروبر "عندما تنتهي العملية العسكرية، يجب أن نخرج من القطاع"، ودعا إلى "العمل الجاد لإيجاد بديل".

وردا على سؤال حول إمكانية التوصل لاتفاق مع حماس لإطلاق سراح الرهائن، قال تروبر إنه لا يوافق على "أي ثمن في العالم"، لكنه أشار إلى أنه "لا سبيل لإعادة المختطفين دون دفع ثمن باهظ. أنا مستعد لتحمل وقفا مؤقتا للقتال".

وذكرت تقارير صحفية أن إسرائيل سلمت أحدث مقترحاتها لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن إلى الوسطاء أمس الثلاثاء، وهي قضية خلافية أخرى في إسرائيل.

وينقسم أعضاء حكومة الحرب حول شرط حماس إنهاء الحرب من أجل عقد صفقة، ويعتقد بعض الوزراء أن هذا البند قابل للتفاوض، لكن نتنياهو ومؤيديه يقولون إن الموافقة على هذا الطلب هو إعلان هزيمة أمام حماس.

ويقول خالد معالي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن نتنياهو يهرب من الأزمات بالمزيد من العمليات العسكرية في قطاع غزة.

وأبلغ معالي وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "نتنياهو الذي يعرف أنه فقد تأييد الوسط له يريد أن يقول لليمين المتطرف أنه الأكثر دموية اتجاه الفلسطينيين في غزة، وهو ما يتماشى مع مطالب الوزيرين بن غفير وسموتريتش، وبالتالي هو يذهب إلى أقصى اليمين لتوفير الحماية لحكومته من السقوط".

وأضاف "نتنياهو في مأزق كبير جدا، لو كان منتصرا ولديه إنجازات لما أقدم على المجازر التي يرتكبها في رفح، لكنه وصل إلى النقطة الحرجة في الداخل الإسرائيلي وبالتالي يهرب باتجاه المزيد من العمليات في غزة".

حراك مكثف

نقلت القناة 13 في هيئة البث الإسرائيلية أمس الثلاثاء عن مصادر سياسية القول إن نتنياهو يخطط لحل حكومة الحرب لمنع انضمام الوزيرين اليمينيين بن غفير وسموتريتش إليها.

ويأتي ذلك بعد أن هدد عضوا حكومة الحرب غانتس وغادي آيزنكوت بالانسحاب إذا لم يضع نتنياهو خطة من عدة نقاط للحرب في غزة بحلول الثامن من يونيو حزيران.

وفي حال انسحاب غانتس وآيزنكوت، فإن نتنياهو سيكون ملزما بتعويضهما بوزيرين من الحكومة الموسعة، في وقت يطالب فيه بن غفير وسموتريتش بالانضمام لحكومة الحرب.

ومن جانب آخر، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أمس الثلاثاء أن المعارضة في إسرائيل تقود حراكا مكثفا لإسقاط حكومة نتنياهو.

ونقلت الهيئة عن مسؤولين في أحزاب المعارضة أن لقاء سيعقد اليوم الأربعاء لمناقشة خطط الإطاحة بحكومة نتنياهو بمشاركة أحزاب (هناك مستقبل) بزعامة يائير لابيد و(إسرائيل بيتنا) بقيادة أفيغدور ليبرمان و(أمل جديد) الذي يتزعمه جدعون ساعر.

وأضافت المصادر "تم اتخاذ قرار بتكثيف التحركات لإسقاط الحكومة والتنسيق مع مختلف الأحزاب لهذا الغرض".

ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية، تسعى قيادات أحزاب المعارضة إلى ضم غانتس إلى هذا التحرك حتى قبل الموعد النهائي الذي حدده لنتنياهو في الثامن من يونيو حزيران.

وبحسب وسائل إعلام محلية، لم يتحدث نتنياهو إلى وزير دفاعه غالانت منذ أكثر من أسبوعين بعدما هاجم وزير الدفاع في مؤتمر صحفي نتنياهو وانتقد خططه حول استمرار الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة بعد الحرب.

وفي المقابل، يتهم نتنياهو وزير دفاعه بتسريب تفاصيل اجتماعات أمنية حساسة، وفقا لهيئة البث الإسرائيلية.

ودعا غالانت قبل أسبوعين نتنياهو إلى اتخاذ قرار بشأن مسألة "اليوم التالي" للحرب في قطاع غزة. وقال وزير الدفاع "أدعو رئيس الوزراء إلى إعلان أن إسرائيل لن يكون لها سيطرة مدنية على قطاع غزة ولن تحتفظ بنظام عسكري في قطاع غزة".

كما يعارض غالانت إقرار قانون يتبناه نتنياهو يعفي اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية في الجيش، ويرغب وزير الدفاع في وجود إجماع في مجلس الوزراء على مثل هذا القانون قبل طرحه للتصويت في الكنيست.

ويثير القانون المزمع غضب أحزاب المعارضة في إسرائيل.

وأمس الثلاثاء حذر 130 من كبار رجال الاقتصاد في إسرائيل في رسالة جماعية من الخطر الوجودي على الدولة بسبب ما أسموه إصرار الحكومة على إعفاء اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية.

وبحسب الرسالة التي كشفت تفاصيلها القناة 12 في هيئة البث الإسرائيلية ووقع عليها مسؤولون سابقون في وزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي "الجمع بين سياسات الحكومات الإسرائيلية ومعدل النمو المرتفع للسكان اليهود المتشددين يقود البلاد نحو الهاوية ويعرض الاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي للخطر بشكل وجودي بما في ذلك المجتمع الديني المتشدد نفسه".

ويرى الموقعون على الرسالة أن الشعور بعدم المساواة في الخدمة العسكرية سيدفع الكثيرين لمغادرة إسرائيل.

وجاء في الرسالة "السكان الذين سيبقون في إسرائيل سيكونون أقل تعليما وأقل إنتاجية، و وبالتالي فإن العبء على ما تبقى من السكان المنتجين سوف يتزايد، وهو ما سيشجع على المزيد من الهجرة من إسرائيل".

ويعتقد المتخصص في الشؤون الإسرائيلية حمد الله عفانة إن إسرائيل لم تشهد أزمات بهذا الحجم منذ سنوات.

وقال عفانة إن نتنياهو يحاول حل أزماته داخل حكومة الحرب من خلال المبادرة إلى حل الحكومة بعد المهلة التي منحها له غانتس لتلبية العديد من المطالب المتعلقة بالحرب على غزة، وكذلك قضية تجنيد اليهود الحريديم.

وأضاف "نتنياهو يريد أن يظهر أنه هو من يبادر بحل مجلس الحرب وليس بسبب تهديد غانتس بالانسحاب منه".

وبحسب عفانة، يواجه غانتس هو الآخر المزيد من الضغوط من الشارع في ظل إخفاقه في التأثير على قرارات حكومة الحرب، بما في ذلك إبرام صفقة تبادل المحتجزين مع حماس.

ويعتقد الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن نتنياهو لا يكترث حاليا بإجراء انتخابات مبكرة إلا اذا تحسن وضعه في استطلاعات الرأي "وهذا يمكن أن يحدث إن قدم شيئا كبيرا للإسرائيليين، مثل إبرام صفقة تخرج كل المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة".