الاحتجاجات والشغب.. ظاهرة تتكرّر في انتخابات رئاسة موريتانيا والبعض يعتبرونها تنفيسا عن غضب سببه الفقر والبطالة
فرقة من مكافحة الشغب تُحاصر مناصرين للمرشّح بيرام الداه اعبيد في مقر حملته بالعاصمة الموريتانية نواكشوط. الاثنين، 1 يوليو تموز 2024
  • نواكشوط

  • الجمعة، ٥ يوليو ٢٠٢٤ في ٩:٥٣ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ٨ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٤٢ ص

الاحتجاجات والشغب.. ظاهرة تتكرّر في انتخابات رئاسة موريتانيا والبعض يعتبرونها تنفيسا عن غضب سببه الفقر والبطالة

(وكالة أنباء العالم العربي) -  ما إن أعلنت اللجنة المستقلّة للانتخابات في موريتانيا يوم الاثنين الماضي فوز الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بولاية جديدة بعد حصوله على 56.12% من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم السبت الماضي، حتّى خرجت مظاهرات غاضبة تحوّلت إلى أعمال شغب.

ليلة رعب عاشها الموريتانيّون إثر خروج مظاهرات متزامنة في عدد من المدن مساء أمس الأوّل، حيث أغلق المحتجّون الطرق وأشعلوا النيران في الإطارات، لتتدخل بعد ذلك قوّات الأمن بإطلاق الغاز المسيّل للدموع من أجل تفريق المتظاهرين.

وأسفرت المواجهات بين المتظاهرين وقوّات الأمن عن مصرع ثلاثة محتجين في مدينة كينيدي، جنوب البلاد، وإصابة عدد من رجال الأمن بجراح خطيرة؛ لكن الهدوء عاد ليسود في العاصمة الموريتانيّة نواكشوط بعد يومين من تلك الاحتجاجات الغاضبة.

توقّفت الاحتجاجات وأوقفت السلطات مئات المتظاهرين في نواكشوط وعدد من المدن، وفقا لما ذكرته وسائل إعلام محليّة؛ لكن تلك الاحتجاجات أعادت التذكير بالأحداث العنيفة التي عاشها الموريتانيون عام 2019 بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسيّة التي فاز فيها محمد ولد الشيخ الغزواني أيضا.

وأصبحت أعمال الشغب التي تصاحب كلّ موسم انتخابيّ رئاسيّ أشبه بالظاهرة التي تثير قلق الكثير من الموريتانيين، وتدعو للتساؤل حول أسبابها المرتبطة بالممارسات الانتخابية.

تشكيك

ويرى الكاتب الصحفي محمد سالم ولد الشيخ أنّ تكرار الاحتجاجات التي تتحوّل إلى أعمال شغب مع كلّ موسم انتخابيّ يُمكن أن يُعزَى إلى عدّة عوامل رئيسة تتشابك فيما بينها لتُشكّل هذا الوضع المتأزّم.

واعتبر ولد الشيخ في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أنّ هناك شعورا واسعا بين أنصار المرشّح بيرام الداه اعبيد بعدم الثقة في نزاهة العمليّة الانتخابيّة، قائلا إنّ "هذا التشكيك يتغذّى على تقارير حول التلاعب في نتائج الانتخابات والتدخّلات السياسيّة، مما دفع أنصار هذا المرشح إلى النزول للشارع للتعبير عن رفضهم للنتائج".

أضاف "هذا التشكيك عبّر عنه ولد اعبيد في عدّة خرجات إعلاميّة، اتّهم فيها النظام بالتدخّل في العمليّة لصالح المرشّح محمّد ولد الشيخ الغزواني وتزوير النتائج".

وكان ولد اعبيد، الذي حلّ ثانيا في الانتخابات الرئاسيّة بحصوله على 22.10% من الأصوات، قد عبّر عن رفضه نتائج تلك الانتخابات ودعا أنصاره إلى العصيان المدنيّ للاحتجاج على ما وصفها بـ "المهزلة الانتخابيّة".

ووصف ولد اعبيد الانتخابات بأنّها شابتها خروقات وعمليّات تزوير أدّت إلى التلاعب في نتائجها، متّهما اللجنة الوطنيّة المستقلّة للانتخابات بسرقة أصوات الناخبين؛ كما اعتبر اللجنة لا تعبّر عن إرادة الشعب الموريتانيّ.

48fe73ee-1f37-42a1-8796-37745e0aa469.jpg

سيارة تابعة للشرطة تُغلق الطريق وتُحاصر مقرّ حملة المرشّح بيرام الداه اعبيد في العاصمة الموريتانيّة نواكشوط. الاثنين، 1 يوليو تمّوز 2024

تكرار الأحداث

ويرى الأستاذ الجامعي موسى ولد محمد الأمين أنّ الاتهامات بالتزوير والتلاعُب في النتائج تكرّرت في هذه الانتخابات كما كانت في عام 2019، مما أدى إلى تجدّد الاحتجاجات.

لكنه اعتبر أيضا أنّ تكرار الاحتجاجات يشير إلى مشكلات هيكليّة عميقة في النظام السياسيّ والاجتماعيّ للبلاد، وأنّ هناك شعورا واسع النطاق بين الموريتانيين بعدم الثقة في نزاهة العمليّة الانتخابيّة.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنّ "التهميش الاقتصاديّ والاجتماعيّ يلعب دورا كبيرا في هذه الاحتجاجات" معتبرا أن المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن استيائهم يعانون من الفقر والبطالة.

أضاف "الانتخابات غالبا ما تكون مناسبة للتعبير عن هذه المشاعر، خاصة إذا شعر هؤلاء بأنّ العملية الانتخابية لا تمثّلهم بشكل عادل".

وكان المرشح بيرام الداه اعبيد قد قال في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء إن هذه الاحتجاجات كانت متوقّعة طالما أنّ "الطبقة السياسيّة الفاسدة التي تحكم زوّرت إرادة الشعب الموريتاني" على حد تعبيره.

ونفى ولد اعبيد أن يكون هؤلاء المحتجون يقفون خلف أعمال الشغب، قائلا إنّه رجل سلميّ لم يدعُ يوما إلى الاعتداء على المدنيّين وإن ولد الغزواني "لا يمكنه أن يزايد عليّ في السلمية، لأنه قاد عدّة انقلابات عسكرية آخرها كان على الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس مدني منتخب".

واعتبر ولد اعبيد ما وصفه بأنّه "فقر ممنهج ونهب للثروات الوطنية وتهجير للشباب إلى الخارج" من أشكال العنف التي "لا يُمكن التغاضي عنها".