أهالي غزة يخشون تكرار سيناريو العملية الإسرائيلية "الدامية" في مخيم النصيرات
فلسطينيون يقفون فوق ركام المنازل التي خلفها توغل قوة إسرائيلية في مخيم النصيرات انتهى بالإعلان عن تخليص 4 أسرى إسرائيليين كانوا محتجزين لدى حركة حماس (8 يونيو حزيران 2024) - المصدر: AWP
  • غزة

  • الثلاثاء، ١١ يونيو ٢٠٢٤ في ٤:٢٤ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ١١ يونيو ٢٠٢٤ في ١١:٢٢ ص

أهالي غزة يخشون تكرار سيناريو العملية الإسرائيلية "الدامية" في مخيم النصيرات

(وكالة أنباء العالم العربي) - يخشى الفلسطينيون من تكرار سيناريو مخيم النصيرات بوسط غزة الذي قالت وزارة الصحة في القطاع إنه أسفر عن مقتل 274 وإصابة 698 آخرين جراء إطلاق النار الكثيف والقصف الجوي العنيف المصاحب لعملية إسرائيلية لتحرير أربعة محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.

ويسود انطباع عام بين أهالي غزة بأن إسرائيل لن تتورع عن قتل المزيد من الفلسطينيين متى توفرت لها أي فرصة لإطلاق سراح محتجزين جدد، بصرف النظر عن حجم الخسائر البشرية المتوقعة، خصوصا وأن عملية النصيرات جرت في منطقة تكتظ بالمقيمين والنازحين دون أن يكون لذلك أي اعتبار لدى إسرائيل.

ويستذكر سكان القطاع أيضا حادثة رفح التي قتل فيها عشرات الفلسطينيين خلال تحرير اثنين من المحتجزين، إذ يرون أن إسرائيل لن تتردد في تحقيق أهدافها المتعلقة بإطلاق سراح محتجزيها، ما يعكس احتمال سقوط مزيد من القتلى في أي وقت دون أن تعبأ إسرائيل ببعض المواقف الأممية أو العربية المنددة بقتلها لأعداد كبيرة من الفلسطينيين.

وما زالت حالة الرعب تسيطر على أبو محمد الذي نجا بأعجوبة من موت محقق خلال اللحظات الأولى لاقتحام الوحدات الخاصة الإسرائيلية للشارع والمنزل المستهدف في المخيم، حيث أصيب بعدة طلقات في أنحاء متفرقة من جسده ليتم نقله بعد انسحاب الإسرائيليين إلى مستشفى العودة بالمخيم ثم مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح بوسط القطاع قبل أن يُنقل إلى مستشفى ناصر في خان يونس بالجنوب.

يتحدث الرجل البالغ من العمر 48 عاما عن استهداف الإسرائيليين لكل من كان في طريقهم بالرصاص، ما أدى إلى تساقط العشرات في لحظات معدودة، لافتا إلى أن الرصاص والقصف الجوي ودوي الانفجارات كان في كل مكان بطريقة أحدثت حالة رعب غير مسبوقة بين الفلسطينيين.

ويقول أبو محمد إنه لم يكن يتوقع ولو للحظة واحدة أن ينجو هو أو أي من أفراد عائلته في ظل كثافة النيران وشدة القصف، وعبر عن خشيته من تكرار السيناريو الإسرائيلي الذي شهده مخيم النصيرات في مناطق أخرى بالقطاع، بما يعني سقوط عشرات أو مئات الضحايا في لحظات.

يصف الرجل ما حدث بأنه "السيناريو الدموي المرعب" الذي لا يتخيل تكراره بأي منطقة أخرى، ويؤكد على أنه ما زال في حالة صدمة من هول اللحظات القاتلة والمشاهد المؤلمة التي عاش تفاصيلها.

ذات المخاوف تتكرر على ألسنة الفلسطينيين في كل مناطق نزوحهم لاعتقادهم الجازم بأن إسرائيل تتصرف وكأنها خارج منظومة القانون الدولي الإنساني وأي معايير لحقوق الإنسان، بما يشكل خطرا يهدد حياتهم في أي لحظة بتكرار ذات السيناريو من القتل والتدمير وفق تقديرهم.

يتحدث نبيل سليمان عن نزوحه مع عائلته المكونة من سبعة أفراد من الشمال باتجاه الجنوب مرات عديدة قبل وصولهم إلى مخيمات النازحين في دير البلح بحثا عن فرص لنجاة أبنائه، لكن أكثر ما يقلقه الآن هو احتمالية تكرار عمليات القتل التي اقترفها الجيش الإسرائيلي في النصيرات.

فيتساءل سليمان (58 عاما) قائلا "إذا كان هذا الكم الكبير من الضحايا سقطوا في مخيم النصيرات وداخل حي سكني مقام من الأبنية والمنازل، فكيف الحال لو كان المشهد مع الخيام المكونة من القماش؟ كم من الأبرياء ستزهق أرواحهم دون ذنب؟".

وبينما يؤكد الرجل على أن إفلات إسرائيل من العقاب القانوني طوال هذه العقود الماضية، لا سيما على ما ارتكبته خلال الحرب الأخيرة، يشجعها على المزيد من القتل طالما أنها لن تدفع الثمن ولن يُحاكَم مسؤولوها السياسيون والعسكريون، فإنه يعتبر أن قتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين لتحرير محتجزين إسرائيليين أمر متوقع في أي لحظة.

فيقول "ما حدث في النصيرات وقبلها في رفح يعني أننا أمام استمرار المجازر الإسرائيلية بحقنا، خصوصا وأن العالم يهنئ إسرائيل بعودة أربعة محتجزين ولا يكترث للخسائر البشرية الهائلة بين الفلسطينيين".

ويضيف "استمرار مشاهد الدماء يفقدنا أي إحساس بإمكانية النجاة من هذه الحرب، فمن قتلوا في النصيرات كانوا قد فروا ونزحوا من رفح وقبلها من الشمال وغيرها من المناطق، لكنهم استهدفوا في النهاية".

لا شك أن التفاصيل المروعة لأحداث النصيرات تؤرق بقية الفلسطينيين خشية تعرضهم لأحداث مماثلة في مناطق نزوحهم دون القدرة على النجاة أو مجرد الحصول على فرصة لوصول الجرحى إلى المستشفيات، خصوصا وأن المخيم يضم مستشفى بينما بعض مناطق النزوح بعيدة عن المراكز الطبية.

ولأن النازحة فاطمة أبو لحية تتوقع تكرار سيناريو مخيم النصيرات وبشكل أكثر بشاعة خصوصا في بعض مخيمات النزوح البعيدة، فإنها لا تتمنى أكثر من وقف الحرب بأي طريقة ومهما كان الثمن.

فتقول فاطمة وعلامات التأثر تبدو على وجهها "لا أتخيل مشاهدة أبنائي وأحفادي يُقتلون أمامي ولا أستطيع حمايتهم أو إنقاذهم والذهاب بهم إلى أي مستشفى، نحن أمام مقتلة كبيرة يجب أن تتوقف".

وتتساءل وهي تضرب كفا بكف "أبعد كل هذا النزوح وجحيمه منذ ثمانية أشهر بحثا عن النجاة يمكن أن يتكرر لنا ما حدث بالنصيرات؟"، مضيفة "نحن أمام حرب نفسية وقلق ورعب لا يقل ضراوة عن القصف".