• رام الله

  • الاثنين، ١ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٥٨ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ١ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٥٨ ص

أعراس الضفة الغربية "صامتة" مع استمرار حرب غزة

(وكالة أنباء العالم العربي) - في العرس الفلسطيني بالضفة الغربية، دائما ما كانت تُضاء الساحات العامة وتُعطر الأزقة وتعلو أصوات الزغاريد، وتتناغم الأصوات الشعبية مع ألحان الأرض والتاريخ.

ذلك الاحتفال المهيب، الذي كان يتحدى الزمن والجراح، كان يسبق يوم الزفاف بيوم أو يومين، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لإحياء الليالي بفرحة مترعة بالتراث والأصالة، يلتقي فيها الفن الشعبي بالحنين، ويرسم الفلسطينيون لوحات من البهجة تُعبر عن حياة متجددة رغم كل الصعاب.

لكن، ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، خيم الصمت على أعراس الضفة الغربية، وبدأت تُجرى في ظروف قاسية لا تشبه الاحتفالات في شيء، ولم يعد هناك مكان لتلك الطقوس التي تُشعر الجميع بالدفء والانتماء، إذ غاب الصخب وانطفأت الأنوار وصارت الأفراح تُقام في ظل الألم والخوف، حيث يلتف الأحبة حول العروسين بأعين تدمع وقلوب يعتصرها الحزن.

واختفت أيضا الولائم التقليدية التي كانت تزين طاولات الأعراس بأطباق المنسف الشهي، هذا الطبق الذي يعبر عن كرم الفلسطينيين وروحهم الجماعية.

قاسم سعد من طولكرم الذي كان قد حدد موعد زفافه سابقا في نوفمبر اضطر لتأجيله إلى موعد آخر حدده في هذا الصيف على أمل أن يتمكن من إحياء حفل زفافه وفق ما جرت عليه العادات والطقوس الفلسطينية. وجاء موعد الفرح لكن الحرب على قطاع غزة لم تنته فكان قرار سعد بالتأجيل من جديد.

يقول سعد "أهم ما يميز العرس الفلسطيني هو تفاصيله وتمسكه بالتراث، لكن في ظل الوضع القائم لا يقبل أي شخص أن يحيي زفافه بالاحتفالات، وبالتالي فالجميع أمام خيارين: إما إقامة الزفاف بأجواء صامتة ودون احتفالات أو التأجيل مجددا لحين انتهاء الحرب".

ويضيف لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "لا يمكن أن يقبل أي فلسطيني في الضفة الغربية إقامة حفل زفاف وفق المعهود بينما الناس تُقتل في قطاع غزة، وكذلك الحال هناك عمليات قتل شبه يومية في الضفة الغربية".

ذكريات الماضي

وبينما يوافق والد قاسم نجله الرأي، تذهب الأم إلى رأي آخر، وتريد أن يُزف ابنها إلى عروسه حتى لو كان في ظرف صامت.

تقول أم قاسم لوكالة أنباء العالم العربي "لا نعرف متى يحل الهدوء وأريد أن أرى أولاد ابني قبل وفاتي، لذلك لا أوافقه الرأي في تأجيل جديد".

وتسترجع الأم ذكريات ماضية، وتقول "كانت الأعراس في الثمانينات تقام بدون احتفالات بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، ولم يكن هناك صالات للأعراس حيث كانت تنقل العروس من بيت أهلها إلى بيت زوجها في صمت كامل".

واضطر محمد خالد من مدينة الخليل لبيع 20 خروفا كان قد اشتراها لذبحها يوم زفافه، وقال لوكالة أنباء العالم العربي "زفافي بعد أيام، وكنت قد اشتريت الخراف مسبقا ودفعت ثمنها، لكنني عدت منذ أيام إلى صاحب المزرعة وسألته إذا كان بإمكانه شراء الخراف مني لأني لن أستطيع إقامة الوليمة المعهودة للأقارب والأصدقاء في ظل هذه الظروف".

وأضاف "هنا في الخليل تعتبر الوليمة جزءا أساسيا من حفل الزفاف، وهناك من يذبح أكثر من 20 خروفا، وهذا يعتمد على عدد أفراد العائلة الكبيرة والأصدقاء".

وقال خالد "أشعر بنقص كبير، لأني لا أريد تأجيل حفل الزفاف في ظل ضغوط العائلة لإتمام المراسم، وفي الوقت نفسه لم أتمكن من السير على ذات العادات والتقاليد المعهودة".

الفرق الشعبية

يُحيى الأعراس الفلسطينية عادة فنانون شعبيون من خلال حفلات تقام في الطرقات والساحات العامة، لكن في ظل الوضع الحالي تقتصر الأعراس على عدد قليل من الحضور داخل صالات مغلقة.

ويشعر محمد أسمر من نابلس بالخجل من توزيع بطاقات الدعوة لحفل زفافه المصغر.

ويقول "حتى بطاقات الدعوة نخجل من طباعتها وتوزيعها، فأي فرح هذا الذي سندعو الناس عليه في ظل كل هذا القتل الذي يجري في قطاع غزة".

ويضيف "دعوت بضعة أفراد من عائلتي وعائلة عروسي لإتمام مراسم الزفاف، وكانت الدعوة إما وجها لوجه أو عبر الهاتف".

أما العريس ناصر أبو صلاح من جنين فيقول إنه كان قد وضع ترتيبات كثيرة لتفاصيل حفل زفافه منها إقامة حفل شعبي للرجال، بالإضافة لوليمة الغداء.

وقال لوكالة أنباء العالم العربي "كنا قد رتبنا للسفر إلى ماليزيا لقضاء شهر العسل هناك، لكن كل شيء تغير وألغينا كل خططنا وأتممنا الزفاف بدون حفل تقريبا".

الأعراس التي كانت مصدر دخل للفرق الفنية والفنانين الشعبيين، جعلت هذه الفئة منذ السابع من أكتوبر بلا عمل.

وقال سامح عدنان الذي يعمل في فرقة للدبكة الشعبية إنه لم يحيي أي حفل في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر.

وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي "الفرق الفنية كلها وكذلك الفنانين لا يمكن أن يقبلوا إحياء حفلات في ظل الوضع القائم وعمليات القتل التي تجري في قطاع غزة".

وقال عدنان "هذا هو مصدر دخلنا الوحيد، لكننا مثل أصحاب العرس لا نقبل أن نقيم الحفلات طالما هذه الحرب وعمليات القتل مستمرة".