• القاهرة

  • الأربعاء، ١ مايو ٢٠٢٤ في ٥:٠٨:٥٧ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ١ مايو ٢٠٢٤ في ٥:٠٨ ص

(فن الشارع).. كتاب يكشف أسباب انتشار موسيقى الراب في العالم العربي

(وكالة أنباء العالم العربي) - على الرغم من الانتقادات التي تتعرض لها فرق موسيقى الراب على الصعيد العربي تحت زعم مسؤوليتها عن إفساد الذوق العام، فإنها تمكنت في المقابل من تحقيق جماهيرية واسعة معتمدة على قوة حضورها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويشير التمثيل الواسع لمغني الراب في الفعاليات الكبرى إلى ما حققته تلك الفرق من نجاح، لكن هذا النجاح لم يكن كافيا لدفع الكتابات النقدية للتعامل مع تلك الظاهرة.

ويكتسب كتاب (فن الشارع.. حكايات عن كتابة الراب والموسيقى) أهمية في ظل سعيه لإيجاد الفكرة التي تقوم عليها تجارب مغني الراب، كل على حدة، وفي الوقت نفسه يعمل على تأصيل الظاهرة بقدر كبير من التيسير الهادف إلى تعريف الجمهور بتاريخها.

يتناول الكتاب، الصادر عن دار صفصافة للنشر من تأليف الروائي سيد عبد الحميد، أسباب حضور موسيقى الراب على المنصات الإلكترونية وانعكاسها على الشارع في مصر، كما لا يغفل العوامل الاجتماعية والثقافية والسياسية التي عززت من انتشار هذه الموسيقى في مصر.

كما يحاول الكتاب اكتشاف خريطة انتشار الراب في الدول العربية وعناصر الاختلاف والتشابه في كل بلد.

ويحدد المؤلف موجات لموسيقى الراب، معتبرا أن الموجة الأولى امتدت من 2003 إلى 2007، جاءت الثانية بين 2009 و2014 مستفيدة من انتفاضة 2011 في مصر، وأخيرا الموجة الثالثة الممتدة إلى الآن وتتسم بانتشار ما يسمى بموسيقى التراب.

ويرى المؤلف أن موسيقى الراب تمثل جزءا من ظاهرة ثقافية، لذلك لا يمكن فصل نصوصها عن تطورات المشهد الأدبي في مصر، واصفا هذا النوع من الموسيقى بأنه كتابة أدبية مغامرة تعتمد على عوامل موسيقية تسهم في خروجها في شكل نهائي كأغنية.

* واقع كابوسي

يلاحظ عبد الحميد التقاطعات بين عالم موسيقى الراب باعتباره عالما خياليا مع الحياة الواقعية المفروضة بلا تمييز، فموسيقى الراب، على حد قوله، جاءت من موهوبين انبثقوا من الهامش ثم استوعبهم المتن نظرا لجسارتهم الإبداعية، لكنها تحمل كذلك إشارات إلى واقع كابوسي.

ويقول عبد الحميد "موسيقى الراب هي الأكثر تعبيرا عن هؤلاء الشباب في صورتها المعقدة المحصورة ظاهريا في هجاء الآخرين والتفاخر المفرط بالذات، أو في صورة أعمق نحو محاولة الخروج من الاكتئاب أو نمطية التعبير عن الذات من قبل جيل نشأ في واقع متأزم".

وأشار إلى أن اعتماد نصوص موسيقى الراب على تفاصيل حياتية شخصية يؤكد هذا الجانب باعتبارها محاولة تعبير عن أزمة الذات في تفاعلها مع المحيط العام، لذلك تحفل أيضا بهجاء لأعداء ربما لا وجود لهم في محاولة لتخطي حدود تلك الذات.

وتشيع في أغاني الراب سمة الهجاء، حيث يقوم المغني بذم خصومه والحط من قدر منافسيه.

ويشدد الكتاب على أن أحد أسباب شيوع موسيقى الراب في بلد ما تعود إلى رغبة من يقدمونه في تخطي مركزية العاصمة، وعلى الرغم من تنوع الخلفيات الطبقية لصناع هذه الموسيقى، فإن المؤلف يرى أن غالبيتهم يعبرون عن إيمانهم بتمثيل الطبقات المقهورة اجتماعيا، لذلك يعد نجاحهم الجماهيري نجاحا لأبناء تلك الطبقات المهمشة كافة.

وبحسب الكتاب، لا تنفصل موسيقى الراب عن الحياة الواقعية في أي مجتمع "لأن التجربة الحياتية للفرد تنعكس على نوعية ما يقدمه من فن، مع الوضع في الاعتبار أن مغنى الراب يسعى إلى التعبير عن شيء من التعدد في الشخصيات التي يعبر عنها، وهذه أحد جوانب الإغراء في اللعبة التي تقوم على تغيير الجلد".

ويلاحظ عبد الحميد أن موسيقى الراب استحوذت على المشهد تماما، وانتقلت من الهامش إلى المتن وأصبحت المجرى الرئيسي في الموسيقى القائمة، وبالتالي سيطرت على الذوق العام وأصبح نجومها هم أبطال إعلانات العلامات التجارية الكبرى.

ويشير المؤلف إلى أن أحد عناصر قوة موسيقى الراب تأتي من إيجابية جمهورها، قائلا إنه "جمهور فاعل قادر على توجيه المغني ونقده وتصويب خياراته الفنية وتطويرها طيلة الوقت، كما يفضل نجوم موسيقى الراب التوقف في لحظات متكررة، إما تعبيرا عن أزمة شخصية أو بسبب مشكلة تتعلق بالقدرة على التفاعل مع الجمهور".