أهون من الخيام.. عائلة فلسطينيّة تعود للعيش بين الركام في خان يونس رغم المخاطر
المصدر: AWP - الفلسطيني عاهد أبو سعادة وزوجته ينظران من الطابق الثالث في منزلهم المدمر إلى المباني المهدّمة في خان يونس بقطاع غزة. الثلاثاء، 30 أبريل نيسان 2024
  • خان يونس

  • الأربعاء، ١ مايو ٢٠٢٤ في ٨:٥١:٣١ م
    آخر تحديث : الأربعاء، ١ مايو ٢٠٢٤ في ٩:٠٨ م

أهون من الخيام.. عائلة فلسطينيّة تعود للعيش بين الركام في خان يونس رغم المخاطر

(وكالة أنباء العالم العربي) - لم يُطِق الفلسطينيّ عاهد أبو سعادة أن ينتظر طويلا؛ فقرر العودة إلى منزله في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس بقطاع غزة، على الرغم من الأضرار البالغة التي تعرّض لها بفعل القصف واحتراق مكوناته الداخلية.

عشرة أيام كاملة ظل عاهد خلالها يعمل على إزالة الركام والتنظيف المبدئي، قبل أن ينقل عائلته التي كانت نازحة في مدينة رفح الفلسطينية إلى منزله المهدمة أجزاء منه.

كان أبو سعادة قد نزح في الأيام الأولى للحرب إلى مدرسة قريبة تطلّ على شارع صلاح الدين؛ لكن بعد أن طلب الجيش الإسرائيلي إخلاء المدرسة، توجّه إلى مدرسة أخرى غرب خان يونس. تكرر الطلب، فانتقل عاهد إلى مستشفى ناصر، ثم اضطر للمغادرة إلى رفح بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي المستشفى.

وتشهد بعض مناطق خان يونس، خصوصا الشرقيّة والجنوبيّة، عودة محدودة لسكانها على الرغم من غياب الخدمات الأساسية اللازمة للحياة اليوميّة في المحافظة التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي قبل نحو شهر. ويرى هؤلاء أن العيش وسط الركام أهون من العيش في الخيام في رفح ومواصي خان يونس.

ويمهّد هؤلاء لعودتهم بالبحث عن مصادر المياه في بعض الآبار التي لم يجرّفها الجيش الإسرائيلي؛ كما يحاولون توفير مولّدات كهربائيّة لتشغيلها.

ولا تخلو هذه العودة من المخاطر؛ فالقصف الجوي والمدفعي من جانب الجيش الإسرائيلي على أنحاء متفرقة في المدينة لم ينقطع بعد انسحابه؛ كما أنه لم يعلن السمّاح بعودة النازحين إلى المدينة.

* مخاطر جمّة

في رفح، كان أبو سعادة قد تنقّل رفقة زوجته وأبنائه وأحفاده بين ثلاث مناطق داخل المدينة. كان ذلك يحمل مشقة كبيرة ويكلّفه مبالغ طائلة لنقل الخيام والأمتعة والمستلزمات، فضلا عن الافتقاد إلى أدني مقوّمات الحياة، وهو الأمر الذي دفعه إلى المجازفة واتخاذ قرار العودة.

يدرك الرجل أن هذه العودة دون سماح الجيش الإسرائيلي بذلك تحمل مخاطر كبيرة تهدد حياة عائلته بأكملها؛ لكنه يرى أن الأكثر خطورة هو استمرار النزوح والتشتّت والقبول بهذا الواقع دون حراك.

وقال أبو سعادة في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "عشنا الأمرّين خلال النزوح، وكنّا ننتظر اللحظة التي ننتهي من هذه النكبة حتى انسحب الاحتلال؛ والآن، عُدنا نستند إلى بقايا الحوائط ونشتمّ رائحة حياتنا ما قبل الحرب؛ هذا أخفّ وطأة علينا من النزوح المميت".

أضاف "كلّ العائلة لم تتردّد ولو للحظة واحدة عندما شاورتهم في العودة إلى المنزل، وكان خيارهم العودة مهما كانت صعوبات الحياة، وهذا ما كان. أتوقّع أن يحذو حذوي الكثيرون لاحقا".

4827bddd-6f78-4885-b90b-0f69f9e24d74.jpg

المصدر: AWP - الفلسطيني عاهد أبو سعادة أثناء تنظيف الطابق الثالث في منزله المدمر في خان يونس بقطاع غزة وتبدو المباني الأخرى مهدّمة. الثلاثاء، 30 أبريل نيسان 2024

كان الرجل وزوجته جالسين في الطابق الثالث المهدمة جدرانه، ينظران إلى المباني والشوارع المدمّرة أمامهما؛ لكنهما قالا إن مأساة ما يشاهدانه ليل نهار أخفّ وطأة عليهما من مشاهدة الخيام والكثبان الرمليّة طوال تلك الأشهر.

أشار الرجل إلى سقف منزله المخترق جراء القصف، وتحدث عن اضطراره إلى توفير المياه عبر نقلها من مصدر قريب، فضلا عن تجهيز الخبز على النار وإعداد الطعام بوسائل بدائية؛ لكن على الرغم من ذلك، فقد عبّر عن شعوره بالارتياح لأن طواقم متخصصة تعمل على توصيل المياه في الشارع الذي يسكنه.

* إصلاح بالإمكانات المتاحة

وتشهد المنطقة جهودا متواصلة من قبل سلطة المياه الفلسطينية لإصلاح وصيانة ما يُمكن بالإمكانات المتاحة، بهدف توصيل المياه العذبة إلى خان يونس من الجانب الإسرائيلي، من أجل تسهيل حياة الفلسطينيين في حالة إذا ما سمح الجيش الإسرائيلي لهم بالعودة إلى المدينة.

وقال محمد أبو جامع، المشرف بسلطة المياه، إنّ المرحلة الأولى من صيانة الخط الناقل للمياه من الجانب الإسرائيلي عبر المنطقة الحدوديّة إلى خان يونس أُنجزت قبل إتمام إصلاح الخط الناقل بين المدينة وبلدة بني سهيلا شرقها.

وأوضح أنّ المرحلة الحالية تتعلق بتوصيل المياه للخطوط الرئيسية في البلدة من أجل توفير المياه في بعض الأحياء السكنيّة، على أن تُستكمل في بلدتيّ عبسان الكبيرة والجديدة لاحقا، مشيرا إلى ضخّ 300 كوب في الساعة كمرحلة تجريبية على أن تتضاعف هذه الكميّة بعد استكمال مراحل إصلاح الخطوط لاحقا.

230e3543-b9c6-4564-9adb-4dd799d292ad.jpg

المصدر: AWP - الفلسطيني عاهد أبو سعادة وزوجته واثنتان من بناته أثناء تنظيف الطابق الثالث في منزلهم المدمّر في خان يونس بقطاع غزة. الثلاثاء، 30 أبريل نيسان 2024

أضاف "تسير عمليّات إصلاح الخطوط الناقلة والرئيسة عبر شركة مقاولات محليّة؛ ويتم العمل بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي... حجم الدمار كبير للغاية ويحتاج جهودا غير مسبوقة".

وعلى مقربة من المكان، تعمل آليات على إزالة أكوام كبيرة من ركام المباني من أحد الشوارع الرئيسة، في محاولة لفتحه أمام الفلسطينيين الراغبين في تفقّد منازلهم أو مناطق سكنهم وبحث إمكانية العودة إليها لاحقا.

ويتكرّر مشهد فتح بعض الشوارع الرئيسية التي تُغلقها أكوام هائلة من الركام في خان يونس بجهود فرديّة وتطوعية، كون البلديات غير مخوّلة بالعمل خشية استهداف طواقمها.

وأدت عمليّات القصف الجوي الإسرائيلية من حين لآخر على مناطق في خان يونس إلى مقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين ممن كانوا يحاولون تفحّص إمكانية عودة الحياة في مناطقهم السكنية المدمّرة.