وسط غموض بشأن تمديد قانون "قيصر" لعقوبات سوريا.. ترقب للنتائج على الاقتصاد اللبناني
صورة أرشيفية لشارع تجاري من العاصمة اللبنانية بيروت (6 يوليو تموز 2024) - المصدر: AWP
  • بيروت

  • الثلاثاء، ٢٣ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٤٠ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢٣ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٤٠ ص

وسط غموض بشأن تمديد قانون "قيصر" لعقوبات سوريا.. ترقب للنتائج على الاقتصاد اللبناني

(وكالة أنباء العالم العربي) - أقرّت الإدارة الأميركية في عام 2020، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، قانون (قيصر) الذي فرض عقوبات على الكيانات التي يثبت تعاملها مع الحكومة السوريّة، ضمن سلسلة من العقوبات المفروضة منذ عام 2011 ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وفي يونيو حزيران الماضي، انتهى أجل القانون ولم يصدر عن الإدارة الأميركية حتى الآن أي توضيح حول تمديده أو إلغائه أو إمكانية الاتجاه نحو فرض عقوبات موسعة.

ووضع الغموض بشأن القرار الأميركي لبنان أمام تكهنات بشأن مصير العقوبات، والنتائج المترتبة عليه حال تمديدها أو إلغائها.

وقال فادي نمر، أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة اللبنانيّة، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، إن "قانون قيصر لحماية المدنيّين في سوريا" صدر بهدف "الضغط على النظام السوري ومحاصرته".

واعتبر نمر أنه في حال تمديد القانون فسوف يمتد مفعوله حتى عام 2032، وقد يكون هناك اتجاه لتوسيع العقوبات على الدولة السورية.

وأضاف الأستاذ الجامعي أن القانون "أحدث إرباكا لدى الحكومة اللبنانية خلال السنوات الماضية، وكذلك الشركات الراغبة بالدخول إلى السوق السورية، خوفا من سيف العقوبات المسلط على كل كيان يتعاون مع الحكومة السورية".

وأشار إلى أن "المؤيدين للعقوبات اعتبروا حينها أنها وسيلة ضغط على حزب الله، ستساعد في ضبط عمليات التهريب من لبنان إلى سوريا، ولكن كل المعطيات تشير إلى أن التهريب ارتفع ولم يتراجع".

وتابع نمر قائلا "غياب مفاعيل (قانون) قيصر سيسمح لعدد من السياسيين بالتوجه نحو سوريا، وهم الذين يملكون شركات أعمال في الخليج العربي وأوروبا، ويتجنبون الصدام قانونيا مع الإدارة الأميركية".

وذكر أن مؤشرات عدم تمديد قانون قيصر "تظهر بشكل واضح من خلال اندفاع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعادة الانفتاح على الرئيس (بشار) الأسد، وأحد أسباب هذه الخطوة تعود إلى تجميد القانون حاليا".

فرصة "ذهبية"

واعتبر نمر أن لبنان أمام فرصة "ذهبية" في حالة استمرار الإدارة الأميركية على موقفها بتجميد القانون.

وأوضح قائلا "لبنان من أهم الدول المؤهلة للدخول في إعادة إعمار سوريا، عبر الموانئ (بيروت وطرابلس)، وسهولة حركة الشركات المحلية والأجنبية على أراضيها الراغبة بالعمل مع دمشق".

غير أن نمر يشير إلى حالة "غموض" في التعامل مع القانون، بانتظار كيف ستتجه الأمور في الانتخابات الرئاسية الأميركية "فقد تتغير كل المعطيات بحال وصول الرئيس السابق ترامب إلى الحكم، ومن غير المعروف مسار سياسته تجاه سوري، ونحن (لبنان) بلحظة ترقب كيف ستنعكس علينا".

من جانبه قال نادر الهبر، المختص في الشأن المالي، إن (قانون قيصر) كانت له آثار على الاقتصاد اللبناني، مشيرا إلى تزامن صدوره مع دخول البلاد في أزمة مالية منذ عام 2019، منعت حينها المصارف اللبنانية المودعين من سحب ودائعهم وانهارت الليرة اللبنانية.

وفي مثال على ذلك، قال الهبر لوكالة أنباء العالم العربي "لحل أزمة الكهرباء في لبنان وقّعت الحكومة اتفاقية لاستجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا، وكانت العقبة الأساسية هي مرور الخط عبر الأراضي السورية، ضمن قطاع (المحروقات) تفرض عليه واشنطن عقوبات اقتصادية، وهذه الاتفاقية تحتم على الدولة اللبنانية التعامل مع الحكومة السورية".

وتابع "لم تتمكن الحكومة اللبنانية من استجرار الغاز، كونها في حالة تفاوض مع البنك الدولي للحصول على مساعدة مالية، وأحد أسباب عرقلتها هو الضغط على بيروت لمنع التعاون مع سوريا".

وأوضح الهبر أن سبب الرفض الأميركي هو أنه "بحال مرور خط الغاز في سوريا، فهي ستستفيد منه بنسبة ثمانية بالمئة، وهو ما لا تقبل به واشنطن".

واعتبر أنه "بحال استمر تجميد القانون، فقد نكون أمام مرحلة يمكن الاستفادة منها لاستكمال المشروع وتأمين ساعات تغذية إضافية للكهرباء في لبنان".

"التحايل" على العقوبات

ومنذ عام 2011 فُرضت عقوبات على قطاع النقل في سوريا، مما دفع العديد من شركات الطيران لتغيير مسار رحلاتها، إلى مطار بيروت الدولي.

وقال الهبر "أصبح مطار بيروت هو مطار دمشق الدولي، كون المسافرين من الدول التي منعت طيرانها من الهبوط في سوريا، استخدمت لبنان كممر لها، مثل الدول الاوروبية وأميركا وكندا".

وتابع "شهد المطار (بيروت) حركة كثيفة خلال السنوات الماضية، والتي ستتراجع حتما، مع عودة سوريا لاتحاد الطيران العربي، ورفع العقوبات عن تعامل شركات الطيران معها".

وأشار في الوقت نفسه إلى أنه نتيجة العقوبات على سوريا، توقفت حركة الاستيراد بشكل كبير على مختلف القطاعات، فكانت بيروت أحد الحلول المتاحة "للتحايل على الحصار المفروض على الحكومة السورية".

وأوضح قائلا "اعتمدت سوريا على رجال أعمال سوريين لديهم علاقات ونفوذ في لبنان، ويملكون حسابات مصرفية في مصرف لبنان المركزي، حيث كان يتم عبرهم شراء القمح والمحروقات وغيرها من المواد، فيتم الاستيراد باسم رجل الأعمال والذي بدوره يدخلها إلى دمشق، فلا يرد ذكر اسم الحكومة اللبنانية أو السورية في الأوراق الجمركية كطرفي نزاع".

كان الرئيس السوري قد قال في كلمة بعد الانتخابات الرئاسية عام 2021 إن "التقديرات تشير إلى وجود ما بين 40 مليار دولار و60 مليار دولار من الأموال السورية المجمدة في لبنان".

واعتبر الهبر أن وقف (قانون قيصر) سيؤدي إلى تحرير الحكومة السورية من الاعتماد على لبنان كمنصة للاستيراد، خاصة وأنه منذ عام 2019، تضرر الاقتصادي السوري مثل اللبناني، نتيجة الأزمة المالية والعقوبات، حيث لم تعد الحركة متاحة كما كانت سابقا.

وقال إن الدولة اللبنانية كانت أمام فرصة مهمة "لم تستطع الاستفادة منها منذ عام 2011 تاريخ بدء الأزمة والحرب في سوريا".

وأضاف "لو امتلكنا خطة اقتصادية للاستفادة من الصناعيين والتجّار السوريين، لتمكنا من تنشيط حركتنا المالية، مثل تسهيل عمل صناعيّ حلب السوريين لبناء المعامل وتشغيل اللبنانيين. لكننا لا نملك البنية التحتيّة اللازمة كالكهرباء، والنكايات السياسية تقوض تطوير المشاريع".