• القاهرة

  • الثلاثاء، ٢٣ يوليو ٢٠٢٤ في ١٢:٢٠ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢٣ يوليو ٢٠٢٤ في ١٢:٢٠ م

سباح سوري ينجو من ويلات الحرب ويستعد للمشاركة في الأولمبياد للمرة الثانية وسط أحلام كبيرة

(وكالة أنباء العالم العربي) - نجا السباح السوري علاء ماسو من ويلات الحرب في بلاده، وقطع آلاف الكيلومترات قبل الوصول إلى هولندا، لكن عملية خداع والقدر استقرا به في ألمانيا، حيث يستعد للمشاركة للمرة الثانية في الأولمبياد في فريق اللاجئين، وربما تمثيل الفريق الألماني في ألعاب لوس أنجليس 2028.

واندلعت الحرب في سوريا في مارس آذار 2011 عندما كان يبلغ ماسو من العمر 11 عاما، وفي خضم استعداداته ليكون سباحا، حيث يملك الرقم الوطني في فئة الصغار والصامد حتى الآن.

ولم يجد ماسو مفرا من الرحيل عن سوريا بعد تأثر البنية التحتية لأماكن التدريب في حلب في محاولة للبحث عن ذاته مع شقيقه محمد.

وقال ماسو في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي حيث يستعد للمشاركة في أولمبياد باريس "في الفترة من 2011 وحتى 2015 كنت أتدرب في المنزل أو على دراجة. قررنا الرحيل عن سوريا في نهاية 2015 بسبب الحرب التي كنت نعتقد أنها ستنتهي سريعا، ونعود لحياتنا الطبيعية.

"لكن بعد أربع سنوات من اندلاع الحرب، زاد الوضع سوءا، وكنا من آخر الأفواج التي نجحت في الخروج من سوريا أنا وشقيقي".

وبقي والد ماسو، وهو ضابط سابق في الجيش ومدرب سباحة، في حلب، بينما انتقلت والدته وشقيقته إلى تركيا.

وخرج ماسو من سوريا إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا على أمل الاستقرار في هولندا وهي الوجهة التي اتفق عليها مع شقيقه الذي شارك في منافسات الثلاثي في أولمبياد طوكيو، عندما أصبح هو وعلاء أول شقيقين في فريق اللاجئين.

وكان ماسو يأمل في الاجتماع مع والدته وشقيقته بطلب لم الشمل، لكونه قاصرا في ذلك الوقت. لكن الشقيقين تعرضا للخداع من جانب السلطات الألمانية قبل السفر إلى هولندا.

ويضيف ماسو "هولندا كانت وجهتنا، لكن عندما وصلنا إلى ألمانيا، طلبوا أخذ البصمات في قاعدة للجيش الألماني من أجل فحص السجل الجنائي، وبعد ذلك سافرنا إلى هولندا حيث عشنا.

"بعد ستة أشهر أجرينا المقابلة الأولى لطلب اللجوء لإثبات أننا قادمان من مكان به حرب، أخبرونا أننا قدمنا البصمة في دولة أخرى، ويجب علينا العودة إلى ألمانيا".

ويتابع ماسو الذي احتل المركز 44 من بين 73 سباحا في سباق 50 مترا حرة في أولمبياد طوكيو "قدمنا طلبا وقع عليه ستة آلاف شخص للبقاء في هولندا، لكن بعد ثمانية أشهر كان علينا السفر إلى ألمانيا، والبدء من جديد.

"شعرت بمثل ما شعرت به عند خروجي من سوريا، فبعد تكوين صداقات واندماجنا في المجتمع الهولندي، كان علي أنا وشقيقي ترك كل شيء والبدء من جديد".

لكن ماسو يرى أن القدر وقف بجانبه بالانتقال إلى ألمانيا، حيث حظي بفرص لم تكن لتتاح له في هولندا، ليبدأ فصلا جديدا من حياته.

بداية من الصفر

عندما رحل ماسو عن سوريا لم يكن لديه الطموح لممارسة السباحة، وتحول الشغف بها على هواية، لكن في 2018 بعد استقراره في ألمانيا لاحظ أن الموهبة ما زالت موجودة.

وعاد ماسو إلى التدريبات، غير أنه أدرك مدى حاجته للتضحية والالتزام للوصول إلى المستوى المأمول.

وبالفعل استعاد ماسو مستواه، وفاز بالعديد من الجوائز في ألمانيا، وتعلم من سباحين آخرين، فواحدة من نقاط القوة هو تاريخ البلاد في إخراج سباحين أقوياء.

ويضيف ماسو لوكالة أنباء العالم العربي "مستواي ارتفع في 2019، وتواصلت مع الاتحاد الدولي للحصول على منحة اللاجئين وفرصة للمشاركة في الأولمبياد وهو الحدث الرياضي الأكبر مع كأس العالم (لكرة القدم).

"حصلت على موافقة الاتحاد بعد نحو شهرين ونصف الشهر، وبدأت التدرب مع فرق وهو تدريب مستواه أقل من تدريبي الحالي. الأمر الجيد في ألمانيا هو وجود مركز تدريب أولمبي في كل مدينة، حيث يجتمع كل الرياضيين للتدريب سويا".

ويتابع "هذه التدريبات تخلق بيئة أفضل وتنافسية أقوى، إذ يساهم في تحسن مستوى الرياضي".

لكن العالم توقف في مارس آذار عندما اجتاحه فيروس كورونا، لتقرر اللجنة الأولمبية الدولية تأجيل أولمبياد طوكيو لمدة عام إلى 2021.

وقال ماسو "استفدت من كوفيد بالحصول على عام إضافي للتدريب، وفي 2021 وبدعم من الاتحاد الألماني شاركت في بطولة خلف الأبواب المغلقة بعد تشديد القوانين بسبب الجائحة".

وحصل ماسو على راحة لفترة بعد المشاركة في طوكيو، ليعود بشكل أقوى، وهو ما حدث بتحقيق ثلاثة أرقام شخصية جديدة، وتأهله إلى بطولة العالم في بودابست.

لكن السباح السوري أصيب بفيروس كورونا، ولم تكن مشاركته في بطولة العالم إيجابية، إذ أثر المرض عليه لنحو عام حيث لم يستطع التدرب بشكل جيد ولا المشاركة في بطولات بعد تضرر جهاز المناعة.

وعاد ماسو إلى حوض السباحة بعد راحة أخرى، ففي أبريل نيسان 2023 حقق رقما شخصيا، ونال المركز الرابع في بطولة ألمانيا.

وقال ماسو ضاحكا "المركز الرابع هو الأسوأ، لأنه يقهر الرياضي لأن أول ثلاثة رياضيين هم من يحصلون على ميداليات، فأنا أفضل الحصول على المركز الخامس".

أكثر من مجرد مشاركة في باريس

يستعد ماسو للمشاركة في أولمبياد باريس بهدف تحطيم رقمه الشخصي والحصول على مركز أفضل مما حصل عليه في طوكيو قبل ثلاثة أعوام.

ويرى ماسو أن المشاركة في الأولمبياد تتجاوز فكرة الرياضة، ففي المقام الأول هي إيصال صورة جيدة عن اللاجئين فهم بشر هربوا من ويلات الحروب وأمور أخرى.

ويضيف ماسو "مشاركتي في باريس ليست رياضية فقط، بل هي محاولة لإيصال صورة جيدة عن اللاجئين، فالكثير من المجتمعات لا تتقبل توافد أشخاص لدولهم من ثقافة أخرى، وفي النهاية كلنا بشر والاختلاف يكون بالأخلاق.

"لم يختر أي منا اسمه أو دينه أو أي شيء عند ولادته. هدفنا أكبر من الهدف الرياضي، فنحن نريد التأكيد على أننا أصبحنا جزءا من المجتمع، فعلى سبيل المثال هناك عدد كبير من اللاجئين في مصر وتركيا، وهناك الصالح والطالح في كل مكان، ولا نريد التركيز على السلبيات مثلما تفعل وسائل الإعلام".

ويريد ماسو المساهمة في جعل الآخرين يؤمنون بأنفسهم وإعطاء الأمل للشبان مثلما فعل التونسي أحمد الحفناوي بعد حصوله على ذهبية سباق 400 متر حرة في طوكيو، وفريدة عثمان على مستوى السيدات إذ حازت السباحة المصرية ثلاث ميداليات برونزية في بطولة العالم.

إمكانية تمثيل ألمانيا واستكمال الدراسة

لم يستبعد ماسو المشاركة في لوس أنجليس باسم ألمانيا إذا نجح مسعاه في الحصول على الجنسية إذ يحق له التقديم عليها بعد ثمانية أعوام من استقراره بالبلاد في ظل توقف التواصل مع الاتحاد السوري منذ 2018.

ويقول ماسو لوكالة أنباء العالم العربي "المكان الذي تشعر أنه بيتك فهو بيتك. عشت في ألمانيا ما لم أعشه في سوريا بغض النظر عن الأصدقاء والعائلة، فقد اندلعت الحرب عندما كنت أبلغ من العمر 11 عاما. إذا أتيحت لي فرصة رد الجميل لألمانيا سأفعل ذلك، فرسالتي هي السلامة والمشاركة".

وعندما هرب ماسو من سوريا لم يكن أنهى دراسته المدرسية بعد، وكان يأمل في فعل ذلك في هولندا، لكن ما رأه في أوروبا يختلف عما يحدث في الدول العربية.

وأضاف ماسو "النظرة في أوروبا للدراسة مختلفة تماما عن نظرتنا في الدول العربية. أنهيت المرحلة الثانية من التعليم الثانوي في ألمانيا ويتبقى العام الأخير.

"أحلم بدخول المدرسة المهنية بعد باريس ودراسة المعالجة البدنية، وهو أكثر ما أحببته في نظام التعليم الألماني. ففي المهن اليدوية لست بحاجة إلى دخول الجامعة، ورغم ذلك فالمعالج البدني يأتي بعد الطبيب".

وتابع "أريد مواصلة طريقي في الرياضة بعد نهاية مسيرتي، ولهذا أرى أن العلاج البدني أفضل وسيلة لمعرفة طريقة عمل جسم الانسان والتعافي بعد الإصابات".