قرية مصرية تجذب الأنظار باعتمادها على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء
ألواح الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء فوق مبنى جمعية تنمية المجتمع المحلي في قرية البسايسة بمحافظة الشرقية شمالي القاهرة (9 يوليو تموز 2024)
  • القاهرة

  • الخميس، ١١ يوليو ٢٠٢٤ في ١٢:٥١ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ١٧ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٣٦ ص

قرية مصرية تجذب الأنظار باعتمادها على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء

(وكالة أنباء العالم العربي) - بعد عودته من منحة تعليمية في السويد في أوائل سبعينيات القرن الماضي، أحضر صلاح عرفة أستاذ الفيزياء بالجامعة الأميركية في القاهرة عددا من ألواح الطاقة الشمسية وبطارية لتوليد كهرباء نظيفة واستخدامها في إنارة مصباح واحد في دار ضيافة قرية صغيرة شمالي العاصمة المصرية.

وفي إطار مسعاه لإشراك سكان المناطق الريفية في تحقيق التنمية المستدامة، بدأ عرفة مشروعه في قرية البسايسة في محافظة الشرقية الذي كان يهدف إلى تحويلها من قرية فقيرة ومهمشة إلى مجتمع صديق للبيئة.

ومع مرور عام على بدء خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في مصر عن طريق قطع الخدمة يوميا لمدة تتجاوز الساعتين بسبب نقص الغاز اللازم لتشغيل غالبية محطات التوليد، لا يشعر سكان البسايسة بوطأة الأزمة.

وقال عرفة لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "غالبية سكان البسايسة لم يشعروا بمشكلة انقطاع الكهرباء بسبب الاعتماد على محطات الطاقة الشمسية".

وأضاف أستاذ الفيزياء أن استخدام الطاقة الشمسية في البسايسة لم يكن رد فعل لمشكلة انقطاع الكهرباء، بل بدأت الفكرة في 1974.

في ذلك الوقت لم تكن الكهرباء قد دخلت القرية من الأساس، مما دفعه للتفكير في طريقة تسمح لسكانها بمشاهدة التلفزيون وإنارة مصباح واحد في دار الضيافة الذي يجمع الأهالي في مناسبات مثل الزواج والعزاء.

وتابع قائلا "الموضوع تطور على مدار السنوات إلى أن وصلنا حاليا إلى إنشاء محطتين لتوليد الطاقة الشمسية بالجهود الذاتية لأهالي القرية دون تدخل أو دعم من أي جهة حكومية".

وتضمن برنامج عرفة لتنمية البسايسة عقد دورات تدريبية في الزراعة، وفي كيفية الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية الخاصة بالقرية، بالإضافة إلى تقديم فصول لمحو الأمية. وفي 1983 أسس جمعيتين في البسايسة، واحدة تعمل على توليد الدخل اللازم لتمويل المنظمة الأخرى التي تعمل في تنمية المجتمع المحلي.

ونقل موقع الجامعة الأميركية على الإنترنت عن عرفة قوله "عندما عرف الناس بما أنوي عمله في البسايسة، انتقل الحماس إليهم وأصبحوا راغبين في المشاركة بحيث توجه جهودهم كلها ناحية إحداث نوع من التنمية المستدامة في المناطق الريفية.

"في النهاية وجد كل شخص شيئا يستطيع من خلاله المشاركة وتحمل المسؤولية الكلية للمشروع".

13797d5e-c7ee-4ccd-b504-92cdaf5a1310.jpeg

محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق مبنى جمعية تنمية المجتمع المحلي في قرية البسايسة بمحافظة الشرقية شمالي القاهرة (9 يوليو تموز 2024)

ويوضح أستاذ الفيزياء قائلا إن أهالي القرية لم يتعاونوا مع هيئات حكومية أو مسؤولين في الإدارات المحلية، ويعتمدون في إقامة المشروعات على الادخار الجماعي.

ويقول محمد سليم، عضو جمعية تنمية المجتمع المحلي في البسايسة، إنه بعد إقامة العديد من المشروعات الخدمية في القرية، اتخذ سكانها قرارا بتأسيس جمعية لتكون غطاء لكافة الأنشطة التي يقومون بها.

وأنشأت الجمعية في 2017 محطتين صغيرتين لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية وتوزيع الكهرباء المنتجة وتخزينها في منازل القرية وقت انقطاع الكهرباء بأسعار بسيطة.

وتوجد واحدة من المحطتين فوق مبنى جمعية تنمية المجتمع المحلي في البسايسة، وهي تمد مبنى الجمعية بالكهرباء بالإضافة إلى روضة أطفال ومسجد وحوالي عشرة منازل بسعة عشرة كيلووات.

وأضاف سليم "العديد من أهالي القرية شاركوا في المشروع. بلغت تكلفة المحطة الموجودة فوق مبنى الجمعية نحو 400 ألف جنيه، بينما كانت تكلفة المحطة الأخرى منخفضة لأنها محطة صغيرة، وما يتم جمعه من أموال يستخدم في الصيانة أو في مشروعات أخرى".

وقالت نشوى الباسوسي، مديرة العلاقات العامة في الجمعية، إن المحطة الموجودة فوق مبنى الجمعية تتكون من عشر خلايا من السيليكون لامتصاص أشعة الشمس ثم توليد الكهرباء وتوزيعها على المنازل مقابل اشتراك شهري يبلغ 50 جنيها. ويتم تخزين الفائض واستخدامه وقت الحاجة.

وكشفت أيضا عن مشروع لإنتاج الغاز العضوي من روث الحيوانات، غير أنها قالت إن المشروع توقف مع اقتراب العمران منه وشكوى السكان من الرائحة الناتجة عن مخلفات الحيوانات.
 
وأشارت مديرة العلاقات العامة في جمعية تنمية المجتمع المحلي في القرية إلى وجود مساع لتعميم فكرة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في كافة منازل البسايسة "لكن أحد التحديات التي تواجه السكان هو ارتفاع تكلفة إنشاء المحطات بعد انخفاض قيمة الجنيه في الآونة الأخيرة".

وتستهدف الحكومة المصرية تعظيم استغلال موارد الطاقة الجديدة والمتجددة وتشجيع الاستثمار في هذا المجال، بما يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفقا لبيان سابق للحكومة.

وتسعى مصر إلى الوصول بنسبة مشاركة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42 بالمئة بحلول عام 2030.

وبلغ إجمالي القدرات الإجمالية للطاقة المتجددة نحو 6110 ميجاوات، من أصل نحو 60 ألف ميغاوات حجم إنتاج مصر من الكهرباء، وفقا لبيانات حكومية. وتصل مساهمة الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء إلى نحو 11 بالمئة من حجم الكهرباء المنتجة في مصر والتي تعتمد في غالبيتها على الوقود الأحفوري.

(الدولار يساوي 47.95 جنيه مصري)